نقدم لكم دراسة عن/
مشاعر الاغتراب واضطراب الهوية وعلاقته بالسلوك الإجرامي لدى عينة من الشباب العاطلين عن العمل
نقلا عن........ الدكتور : صالح المهدي الحويج
أستاذ الصحة النفسية بجامعة 7 أكتوبر / مصراته
استشاري الصحة النفسية بمصحة الرحمة طرابلس و مصحتي الحياة السويحلي مصراته
أولاً : مقدمة البحث :
إن رحلتنا الشاقة مع هذا البحث قد بدأت بالعزم على دراسة هذا الموضوع بعد معايشة ومعاناة نفسية ومخاض فكري لمسناه من خلال احتكاكنا العملي والمباشر مع فئة من العاطلين عن العمل ، ووقوفنا على مدى معاناتهم وعمق تجربتهم السلبية ، وإحساسنا بالمشاركة الوجدانية معهم انطلاقاً من كوني إنسان يحمل في داخله سر الإنسانية أو كمختص في مجال الصحة النفسية يعمل قصار جهده لتخفيف المضاعفات النفسية عن هؤلاء وغيرهم من المترددين على المصحة النفسية ، والذي ما لبت أن تطور ونما وتجسد في إشكالية أساسية لبحثنا هذا ، وهي التي ترجمناها إلى فرضيات إجرائية لعلنا نجد الجواب الشافي والمقنع ، معتمدين في الوصول إلى ذلك على اختيارنا لمجال معين وأدوات محددة نستقي من خلالها البيانات المستمدة من المعطيات الميدانية لمجتمع البحث ، ولا شك أن هاته المنهجية العلمية خففت آلام المخاض بولادة جديدة ، دون أن يعني ذلك نهاية المطاف ، فولادة الجنين هي بداية تلمس الطريق ، ورغم أننا حاولنا صادقين بعد كل تمحيص وتفحيص لواقع هاته العينة فهم كل ما يخص واقعهم ، إلا أن صعوبة حالهم ووطأة الأمر عليهم جعلنا نملك الجرأة ونهمس في أذن كل فرد في بلدي الحبيب . أب ، أخ ، أم ، مسؤول وغير مسؤول ، متعلم وغير متعلم مختص في التخطيط أو التعليم .. أو في الأمن .. الخ إننا كلنا مسؤولين عن هذا الواقع الأليم لهاته الفئة لذا لابد من تظافر الجهود ولذا فمشاركتي في هاته الندوة العلمية المتميزة هي خطوة من خطوات تكاثف الجهود التي نحتاجها جميعاً ، لا لمجرد اللقاء فقط ولكن إلى بلورة بعض الأفكار القابلة للنقاش في صيغة مقترحات تخص بعض الإجراءات على مستوى التخطيط التنموي العام أو على مستوى ما تقوم به المؤسسات المختصة من نشاط .
ولاشك أن مجتمعاتنا العربية والمجتمع الليبي واحد منها ، تشهد مرحلة تحول كبرى تتميز بمحاولات الاستفادة والتوفيق ما بين التراث والحداثة أو الأصالة والمعاصرة كما يسميها البعض ، وبقدر ما يدعو ذلك إلى اللحاق بركب المجتمعات المتطورة والمتقدمة فإنه يطرح أيضاً مشكلة المناهج والوسائل المؤدية لذلك التطور والتحول .
ويبقى الإنسان هو الغاية وهو الوسيلة في كل ذلك ، وهو الرأسمال الأساسي في مرحلة التفتح على المستقبل ، ومن هنا تأتي أهمية دراسة كافة جوانب الإنسان من حيث النمو والتفاعل ، في صحته ومرضه ، في سعادته وهمه ، في فرحه وحزنه ، في علاقته بذاته ، وبالآخر في بيته وعمله ، ومن هنا على الخصوص آتت محورية موضوع مشاعر الاغتراب وعلاقتها باضطراب الهوية لدى عينة من المترددين على العيادة النفسية بمصحة الرحمة طرابلس ومصحة الحياة والسويحلي مصراته من العاطلين عن العمل وعلاقة ذلك بسلوكهم الإجرامي .
فما هي العلاقة بين مشاعر الاغتراب لدى العاطلين عن العمل واضطراب الهوية ؟ وهل للبطالة دور في مشاعر الاغتراب ؟ وهل لذلك علاقة باضطراب الهوية ؟ وما هي أسباب البطالة ؟ وهل هناك علاقة بين البطالة وانحرافات الأفراد والمجتمع ؟ هل هناك علاقة بين مدة البطالة ومشاعر الاغتراب واضطراب الهوية؟ وهل هناك علاقة بين اضطراب الهوية ومشاعر الاغتراب والسلوك الإجرامي ؟
الواقع أن الإجابة على هذه الأسئلة تطرح إشكالات متعددة مازال البحث العلمي في هذا المجال لم يحسم فيها بشكل نهائي نظراً لتعقد الظاهرة وكثرة تشابك العوامل المتداخلة في تكوينها وهذا ما يدعم ضرورة القيام بهذا البحث في المجتمع الليبي .
ثانياً : أهمية البحث ، تنبثق أهمية البحث مما يلي :
1- من دورنا كمختصين في مجال الصحة النفسية يسعون لفهم المشكلات النفسية والاجتماعية من خلال إخضاعها إلى الفهم والتفسير والضبط والتحكم من خلال منهج علمي يخضع الظواهر للقياس حتى يتسنى تقديم تفسير في ضوء النتائج المستخلصة من البحث التي تقدم تنبؤاً لمسار الظاهرة ، يساعد الجهات المختصة في العمل على الإعداد الجيد لكيفية الوقاية والعلاج .
2- تكمن أهمية البحث أيضاً في تناوله لموضوع مشاعر الاغتراب واضطراب الهوية وهي مدخلات للآفات المرضية التي تحدث في الآونة الأخيرة كانتشار المخدرات ، التطرف الديني ، العنف والسلوك الإجرامي .
3- من ندرة الدراسات السابقة في هذا الموضوع على حد علم الباحث .
4- تقديم معلومات مستقاة من المعطيات الميدانية تهم المرشدين النفسانيين والمسؤولين والآباء والمربين.
ثالثاً : المفاهيم الإجرائية :
1- الهوية / الاغتراب :
هي حصيلة لمجموعة من أنساق العلاقات والدلالات التي يستقي منها الفرد معنى لقيمته ، ويضع لنفسه في ضوئها ، نظاماً يشكل في إطاره هويته بحيث تتوفر له ، من جراء ذلك ، إمكانية تحديد ذاته داخل الوسط السوسيوثقافي باعتباره نظاماً مرجعياً على المستوى السلوكي .
والإحساس بالهوية يكتسبه الفرد من خلال نموه النفسي والاجتماعي ، ذلك الإحساس الذي يقوم بدور حيوي في تحديد حوافز الفرد واتجاهاته وردود أفعاله ، لذلك تكتسب الهوية مكانة أساسية في التصرف الفردي فالطاقات والغرائز لم تعد تعتبر كما كان الأمر في الماضي ، منبعاً للأفعال والتصرفات بل أصبحت من وجهة نظرنا بمثابة أنظمة ضابطة للسلوك ، بحيث أن كل سلوك قصدي ينطوي على معنى معين ، ويأتي وليد اختيار مسبق ، ومن التمثلات التي يكونها الفرد عن ذاته وعن القيمة التي يعطيها لنفسه في إطار التقويم الذاتي .
وتحقيق الهوية هو تحديد الفرد لمن يكونه وما سيكونه بحيث يكون المستقبل المتوقع هو امتداد واستمرار لخبرات الماضي ، وتكون خبرات الماضي متصلة بخبرات الحاضر .
أما الاغتراب كما يراه اريكسون هو تشتت الأنا الناتج عن عدم القدرة على صياغة وتطوير وجهة نظر متماسكة نحو العالم وموقف الفرد منه ، ومعظم أشكال الاغتراب عنده تدور حول الانعزال المهني ، والانعزال الشخصي وكلها مؤشرات لمتاعب الهوية وتأزمها وعند فروم هو فقدان الإنسان لذاته المتميزة أو المميزة عن الآخرين تجعله لا يستشعر " آنيته " مما يجعله لا يشعر بالأمان وينتابه القلق والإنسان المغترب هو غريب عن ذاته لا يجد نفسه كمركز لعامله ، إنه خارج عن الاتصال بنفسه كما هو خارج عن الاتصال بالآخرين .
والاغتراب هو فقدان النفس لذاتها والتشيوء بذات ليست هي ذاتها الحقيقية وأن فشل الفرد في تحديد هويته بصورة إيجابية قد تجعله يتخذ لنفسه هوية سلبية لا يقرها المجتمع .
إن تحقيق الهوية بجوانبها المتعددة نفسية اجتماعية ، اقتصادية ، دينية ، سياسية ، جنسية ، ثقافية مطلباً أساسياً من مطالب الفرد الحياتية وكلما نجح الفرد في تحقيق التلاؤم مع المتغيرات والظروف التي يحيا فيها وفي تحقيق قدراً معقولاً من التوافق النفسي الاجتماعي كلما شعر بالرضا واقترب من درجات الصحة النفسية المناسبة والضرورية للحياة ، أما إذا اضطربت هوية الفرد لأي سبب فإنه سيكابد ويعاني مشاعر الألم والقلق والخوف ، وعدم الثقة والمشاعر الاكتئابية والرفض لكل ما حوله وبالتالي معايشة مشاعر الاغتراب.
أما فيكتور فرانكل فيرى أن وجود معنى في حياة الفرد أمر ضروري ومهم لأنه من شأنه أن يجنبه مشاعر الاغتراب ، فإرادة المعنى هو القوة الدافعية الأولية للإنسان وأن أساس إرادة المعنى هو الشعور بالمسؤولية فكل شخص له مهمة ورسالة في الحياة ، ومن يمتلك سبباً يعيش من أجله فإنه يستطيع غالباً أن يتحمل بأي طريقة وبأي حال .
أما هورين فترى في الاغتراب التعبير عما يعانيه الفرد من انفصال عن ذاته وعدم فهمه ماذا يكون في الحقيقة ، ونتيجة لافتقاره عن فهم هويته فإنه يحيا حياة من نسيج تصوره ويفتقد الاهتمام بالحياة ، وهو في جو زائف مع نفسه ومجتمع لذلك يشعر بالعزلة الاجتماعية ، والتشيؤ ، واللامعيارية ، والعجز والقلق ، لذا فإن قهر الإحساس بالاغتراب يستند إلى إحساس قوي بالهوية .
لذلك فإن الفرق ما بين إحساسنا بهويتنا أم شعورنا بالاغتراب يكمن في مدى إحساس الفرد والمجتمع، " بمن هو ومن يكون " ( إحساس الهوية ) ، فعندما يعي الإنسان أنيته وتصبح هذه الأنا هي المحركة لأفعاله ومنجزاتها فذلك هو الوجود الإنساني أما فقدان الإنسان لهذه " الآنية " وعدم الوعي بها وسيطرة أفعاله عليه لتصبح بمثابة إرادة خارجية محركة له في غيبة وعيه ويصبح أقرب ما يكون إلى أشكال الطبيعة فذلك هو الاغتراب وعدم تعيين الهوية .
2- العاطلين عن العمل والبطالة :
العاطلين عن العمل هم الأفراد الذين لم يتحصلوا على فرص عمل وفقاً للتشريعات والقوانين المعمول بها في بلدهم . والبطالة من المشكلات التي تعاني منها كثير من الدول النامية وتشتد وطأة البطالة إذا ما كانت بين الشباب ، وتعرف البطالة بأنها خلو الأشخاص من العمل مع قدرتهم عليه وبحثهم عنه ، بسبب زيادة الأفراد المؤهلين مهارياً ومهنياً للقيام بعمل ما أو مهنة ما عن المعروض في سوق العمل من وظائف تتناسب مع كل فرد من حيث أعداده ومهارته ومرتبه وخلوه من أي إعاقة جسدية أو جسمية أو نفسية تتعارض مع العمل المفروض .
وتتخذ البطالة أشكالاً متنوعة منها البطالة السافرة ، والبطالة المقنعة والبطالة الاختيارية ، البطالة الفنية ، البطالة الموسمية ، البطالة الهيكلية ، وأما العوامل التي تؤدي إلى البطالة فمنها ، التوسع في التعليم الجامعي ، إهمال التعليم التقني والفني في المرحلة المتوسطة ، الزيادة السكانية ، الهجرة من الريف إلى المدينة ، الروتين الإداري ، الوساطة والمحسوبية ، دكتاتورية الإدارة .
والأفراد الذين تمزقهم البطالة نفسياً واجتماعياً واقتصادياً يعانون ضغوطاً نفسية نتيجة صعوبات تحقيق ما يصبوا إليه وعدم ممارسة الحياة العملية وهو ما يهيئ ويخلق أرضية خصبة لمشاعر الاغتراب وتأزم الهوية وهو ما يبرعم كثير من الأمراض النفسية والعقلية والانحرافات السلوكية والاجتماعية المضادة للمجتمع ، وهو ما يحتاج إلى وقاية شاملة وعلاج مناسب يبدأ من التربية التي تساهم في إحداث التفاعل الاجتماعي وفي تشكيل هوية الفرد بشكل سلبي أو إيجابي سواء بتحقيق الهوية أو بتأزم مشاعر الاغتراب للهوية الفردية والهوية الاجتماعية .
فالتربية ليست مسألة مهنية فحسب ، وإنما رسالة تعليمية إنسانية نفسية ذات حركة دائمة تستهدف التدريب والتفتح والفهم لمساعدة الإنسان على تنمية إنسانيته والمهارات المرتبطة بها في إطار من الحوار التربوي النفسي الاجتماعي البناء ، فالعملية التربوية النفسية أمر محفوف بالمصاعب المرتبطة بشخصية الآباء والمربين واتجاهاتهم ومستواهم الاجتماعي الاقتصادي الثقافي ، كما هي مرتبطة أيضاً بشخصية الأفراد ونضجهم وطبيعة نموهم وحاجياتهم والوسائل والإمكانات المادية والفيزيقية والثقافية والاقتصادية المتاحة لهم .
3- السلوك الإجرامي :
السلوك الإجرامي هو نمط من أنماط السلوك ينتج عن حالة إحباط ويكون مصحوباً بعلامات التوتر ويحتوي على نية مبيتة أو غير مبيتة ، شعورية أو لا شعورية للإلحاق الضرر مادي أو معنوي بكائن حي أو بديل عن كائن حي .
ويعرفه " شتراوس " بأنه استجابة لمثير خارجي تؤدي إلى إلحاق الأذى بشخص آخر ، وهذه الاستجابة تكون في شكل فعل عنيف مشحون بانفعالات الغضب والهياج والمعاداة ، نتيجة إعاقة أو إحباط.
والسلوك الإجرامي هو نتاج مأزق علائقي بحيث يصيب التدمير ذات الشخص في نفس الوقت الذي ينصب فيه على الآخر لإبادته فتشكل العدوانية طريقة معينة للدخول في علاقة مع الآخر ، ولذا فالسلوك الإجرامي يختلف باختلاف الزمان والمجتمعات في الزمن الواحد ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بثقافة المجتمع ومعاييره وعاداته وقوانينه الموضوعة لتنظيم شئونه .
ويمر السلوك الإجرامي بالمراحل النفسية الآتية : الإحباط ، الأنانية ، السقوط ، العدوانية ، اللامبالاة العاطفية، القيام بالسلوك .
رابعاً : محددات البحث :
يتحدد البحث الحالي بالعينة المختارة من المترددين على مصحة الرحمة طرابلس ومصحتي الحياة والسويحلي مصراته منذ بداية العام 2003 إلى نهاية 2004 وبالمنهج المتبع وبالإدارات المطبقة وبالأساليب الإحصائية المستخدمة .
خامساً : عينة البحث :
لقد تم اختيار عينة البحث من كل المترددين الذين يعانون من البطالة وهم 60 شاب يتراوح أعمارهم من 18 – 40 سنة كلهم من العاطلين عن العمل .
سادساً : نتائج البحث :
من خلال تطبيق دراسة الحالة وبإجراء المقابلة الإكلينيكية وبتطبيق اختيار رورشاخ وتفهم الموضوع الاسقاطيين لفهم الشخصية وبعد تفريغ البيانات وتحليلها إحصائياً توصل الباحث إلى النتائج الآتية كما هي مبينة في الجداول الآتية :
جدول رقم (1)
الشخصية |
النسبة المئوية |
عصابية |
30% |
سيكوباتية |
45% |
أخرى |
25% |
جدول رقم (2) يبين أنماط مشاعر الاغتراب التي يكابدها ويعانيها أفراد العينة علماً بأن كثيراً منهم يعاني من مشاعر اغترابية متعددة أي في أكثر من جانب من جوانب الاغتراب .
جدول رقم (2)
الشخصية |
النسبة المئوية |
اغتراب نفسي |
88% |
اغتراب اقتصادي |
79% |
اغتراب ديني |
20 % |
اغتراب ثقافي |
60 % |
اغتراب اجتماعي |
20 % |
هوية سلبية بدرجة شديدة |
45 % |
هوية سلبية بدرجة متوسطة |
42 % |
ولقد تمظهرت مشاعرهم الاغترابية في انحرافات سلوكية عديدة كانت وفق ما يلي كما يوضحها الجدول
رقم (3) :
جدول رقم (3)
الانحراف السلوكي |
النسبة المئوية |
تعاطي |
30 % |
سرقة |
18 % |
احتيال ونصب |
20 % |
خيانة زوجية |
2 % |
ضرب جسدي |
21 % |
تعنيف نفسي |
46 % |
ابتزاز |
11 % |
افتكاك المرتب من الزوجة ، من الأخت، من الأم، من الأب |
14 % |
أما الأسباب لهاته المشاعر الاغترابية الانحرافات السلوكية فقد تعددت وتشابكت في تأثيرها السلبي على الهوية الإنسانية وأهم الأسباب كانت وفق ما يلي كما هي مبينة في الجدول الآتي رقم (4) .
جدول رقم (4)
السبب |
النسبة المئوية |
البطالــــــــة |
40% خريجي معاهد متوسطة 30% خريجي ثانويات 20% تعليم ابتدائي |
دكتاتورية مدير العمل |
15 % |
الوساطة والمحسوبية |
10 % |
تعيين الأجانب وتجنيب تعيين الليبيين |
8 % |
ضعف الوازع الديني |
20 % |
الإحباط كعائق للبحث عن العمل |
40 % |
الفصل التعسفي عن العمل |
6 % |
عدم القدرة على تحمل المسؤولية ( أبناء مدللين ) |
12 % |
البحث عن العمل المكتبي والإداري فقط |
8 % |
فهو من الناحية الحضارية الثقافية ، مجتمع عربي إسلامي يتمسك بهويته الحضارية هذه وما يرتبط بها من قيم ، وهو إلى ذلك بلد نام يسعى إلى التحرر والتجدد كما أنه من ناحية أخرى يحظى بثروة طبيعية هامة ، من شأنها أن تيسر له النهوض بالمشاريع الطموحة والعميقة التأثير سواء في تنمية الإنسان أو الطبيعة ، ولأن بحثنا يهدف بالخصوص إلى فهم الإنسان وتنمية طاقاته اللامحدودة ، فإن كثيراً من المواصفات السالفة الذكر تجعل من الممكن الاستفادة العملية من الإجراءات المباشرة لنتائج هذا البحث وأمثاله من البحوث في الميادين الإنسانية المختلفة وأن طموحنا لا يقف عند حد نتائج هذا البحث بل يتعداه إلى أن تحفز هذه النتائج باحثين آخرين لتناول موضوعات فرعية أو رئيسية يحيل إليها ويلهم بها هذا البحث ، مع استكمال جوانب أخرى ، واستكشاف أبعاد ما تزال خفية من هذا الموضوع ، وهو ما يدعو أيضاً إلى توعية الآباء المسؤولين والمربين بدورهم حتى لا يكون عرضة للصدفة والاجتهاد القائم على الانطباعات الشخصية أو النزوات الطارئة أو الآراء اللاعلمية أو وجهات النظر الشخصية وهذه التوعية وهذا التبصير يحتاج إلى برنامج وخطة مدروسة تتضافر فيها جهود الجميع لأن البطالة لا تخص فرداً بعينه أو أسرة بعينها وإنما هي عائق لمشروع أي مجتمع وبؤرة تشويه لصورة مستقبله وغده وحاضره،ومنبع للاضطرابات النفسية والسلوك الإجرامي المتنوع.
وهو ما يدعونا إلى تقديم التوصيات والمقترحات الآتية كخطوة من خطوات سبل الوقاية وأفق العلاج.
1- إتاحة الفرصة للعمل بشتى مجالاته .
2- تحسين مستوى دخل الفرد .
3- دراسة الخلل في منظومة النظام التربوي الاجتماعي والثقافي داخل الأسر والمدارس.
4- دراسة مشاعر الاغتراب بصورة أكبر والبحث عن مظاهرها الشائعة في المجتمع .
5- الابتعاد عن النظرة المثالية للحياة .
6- الاهتمام بالجانب الوقائي والاستعانة بالمختصين في علم النفس والتربية الإسلامية .
7- إجراء دراسات أوسع وأشمل على العاطلين عن العمل في ليبيا .
8- تفعيل دور الإعلام في مناقشة قضايا العاطلين .
9- تنبيه القيادات الشعبية والجهات ذات الصلة بواقع هؤلاء الأفراد .
10- المشاركة مع الجهات ذات الاختصاص في فهم هؤلاء الفئة من الناحية النفسية والاجتماعية.
11- إجراء بحوث مستقبلية عن الاغتراب وعلاقته ببعض سمات الشخصية ، الاغتراب وعلاقته بالمستوى الاجتماعي الاقتصادي ، والاغتراب وعلاقته بمشاعر التبلد واللامبالاة ، والاغتراب وعلاقته بالتطرف الديني .
وأخيراً جزيل الشكر وكامل الوفاء والعرفان للأخوة باللجنة الشعبية للأمن العام بشعبية مصراته أميناً وأعضاءاً ولكل المهتمين والمسؤولين ذوي الإحساس الوطني البناء وما هي إلا خطوة صحيحة تتلوها بإذن الله خطوات أخرى نحو العمل الجاد لوقاية المجتمع من كل الآفات والانحرافات .
ساحة النقاش