محمد شهاب- المزارع السمكية Mohamed Shihab -Aquacultures

يعرض الموقع الأحدث من ومقالات و صور و مواقع تخص الاستزراع السمكى

رأى باحث فى الوضع الحالى لأمراض الأسماك فى مصر

إعداد/محمد شهاب

 الخطيب يسرى جعفرAlkhateib Yousry Gaafar

شهور و الواحد ساكت عن الرد لانشغالي الشديد أو لانتظاري إن شخص آخر من أساتذتي المتخصصين يرد رد قاطع فى الموضوع ده ... لكن واضح إن انتظاري هيطول و صبري هينفذ و أصبح ردي الشخصي عني و عن زملائي واجب..
الناس اللي بقالها شهور بل سنين بتسأل عن الدكاترة المختصين في أمراض الأسماك عملوا ايه أو بيعملوا إيه مع كم المشاكل المرضية اللى موجودة دي, و ليه مش باينلهم صوت الفترة اللى فاتت ... الناس دول سواء كانوا مربيين عاديين أو زملاء فى مهنة الاستزراع غير مختصين في الأمراض, اتحرك حالهم من مجرد التساؤل إلى التطاول علي المختصين لعدم الرد فى حينه ... و اتحولت المناقشات فى أحوال المهنة من البحث عن حلول و التعاون في تطبيقها إلى نزالات و معارك على مواقع التواصل الاجتماعي, هدفها الشهرة لشخصهم أو التشهير بـ وتجريح الغير و تخليص حسابات قديمة, و التنفيس عن عقد نفسية قديمة أظنها من أيام الطفولة, و شق الصفوف بالإدعاءات العنصرية القميئة ... فهذا زراعي و ذاك بيطري, و هذا متخصص و الآخر مدعي و الأستاذ جامعة و اللا هيئة... و فضحنا نفسنا قدام اللي يسوي و اللي ما يسواش ... و فرجناهم الدكاترة و المهندسين فاضيين لإيه بالضبط بعيد عن حل مشاكل المهنة... و لا حول و لا قوة إلا بالله...
المهم أرجع لصلب موضوعي من تاني ... أمراض الأسماك و الناس عملت و بتعمل إيه... علشان نفهم خليكم معايا واحدة و احدة...
موجود في مجتمعنا المهني مجموعة من المختصين الممتازين كلهم أساتذتنا و فوق دماغنا لكن كل واحد فيهم عامل ( overlapping ) على مجال زميله بعلم أو بغير علم... و كل واحد فيهم عنده حدود بشرية و عوائق صعب يتخطاها.. و نسرد هنا الفئات و الكيانات المتعلقة بشكل أو بآخر بمشاكل الأسماك المرضية ..
-
أول فئة أساتذه الجامعة (سواء أمراض أسماك أو استزراع) كلنا عارفين التزاماتهم الكبيرة في تخريج أجيال جديدة من الطلبة و كم الرسائل العلمية اللى بيشرفوا عليها.. وقتهم الضيق عزلهم بشكل كلي أو جزئي عن المجتمع و المجال إلا من رحم ربه و بيحاول بنفسه ( بأبحاثه اللي محجماها فترات الترقية) أو من خلال تلاميذه (اللى همهم يخلصوا رسايلهم و ينفضّوا) إنه يحتك بمشاكل المجال لحلها أو يمهد لحلها... و بالتالي معاملات معظمهم مع المزارعين في المجال قليلة و بالتالي معظمهم غير معروفين علشان كده ما بنسمعش إلا شتيمتهم أيام المصايب و لأدبهم ما بيردوش... طب عملوا ايه؟... آلاف الأبحاث التطبيقية مكومة على الأرفف ما حدش بيستفيد منها لخلل في معظم نظم خدمة المجتمع الموجودة في قطاع الجامعات... فيه تحصينات كتيرة لأمراض مهمة فى الأسماك من عشرات السنين اتعملت و أهملت لعدم استثمارها .. كل عترات مسببات الأمراض فقدت بسبب انقطاع الاهتمام بيها بعد انتهاء الرسائل أو سفر أصحابها لعدم وجود بنوك عترات لتجميعها و لانقطاع التواصل و الثقة بين الباحثين... أدوية كتيرة مهمة رفضت وزارة الزراعة و وزارة الصحة تسجيلها بسبب إنها من أصول عشبية و نصح أصحابها بتسجيلها فى الصين أو الهند و إعادة استيرادها للسماح بتسويقها... و بالتالى الناس دي أحبطت و انعزلت من سنين كتيرة قبل حصول الكوارث المرضية اللى شوفناها...
-
الفئة التانية و هى المراكز البحثية (و أنا فرد منها).. قريبين في وضعهم من الأساتذة الجامعيين من حيث الانشغال و الإحباط و ضيق الوقت و ضياعه فى الأبحاث القريبة أو البعيدة عن مشاكل المجتمع ... بتعاني الفئة دي من قلة الموارد البحثية و التهميش النسبي مقارنةً بالجامعات ... و بُعد أماكن تلك المراكز البحثية النسبي عن مناطق الانتاج مما قلل احتكاكهم بالمزارعين و مشاكلهم ...
-
الفئة الثالثة هي الأطباء و المهندسين المنتسبين للشركات و هؤلاء "إلا من رحم ربي " همهم الأول و الأخير بيع منتجاتهم للمزارع بغض النظر عن أثر هذا المنتج... و قد تفاقمت هذه الأزمة مؤخراً فى الظروف الاقتصادية الراهنة بظهور مركبات عديدة فى الأسواق عديمة الأثر غالية الثمن معظمها معبأ تحت بير السلم ... و المصيبة أن العديد من مكاتب الأدوية عن علم أو جهل و فى غفلة من الرقابة و العلم تنصح المزارع باستخدامها... و بالتالى ضاع السمين بسبب الغث و و فقدت الناس ثقتها فى شركات الدواء بل فى الدواء ككل.
-
الفئة الرابعة و هي ممارسي المهنة سواء كانوا زراعيين أو بيطريين أو علوم ... فقد كل منهم مصداقيتة بنسبة تحدثه فيما لا يفهم فيه ... و هذا لا ينفي أن ببعضهم الخبرة الشخصية للإلمام ببعض الفهم في تخصص الآخر بما أنعم الله عليه ... خصوصاً لا عموماً.. و لن أفصل هذا البند أكثر من ذلك..
---
و يوجد بعض من أفراد الفئات السابقة "و المعروفين لنا جميعاً" ..طلباً للشهرة و المال ظهرت أسطورة "عذراً" الفناكيش التى تحل كل المشاكل ... و بسبب هذه الأخيرة عزف المزارعين عن الدكاترة و كفروا بكل الحلول العلمية النمطية و لجأوا للعلاج بالجهل و تناقلوا الوهم و الأساليب الدجلية لحلول مشكلاتهم..
-
الفئة الخامسة و هي مكاتب بيع الأدوية و المستلزمات... و هي فئة لا يهمها مصلحة المزارع إلا فى حدود استهلاكه لبضاعتها المعروضة "إلا من رحم ربه" ... و نصيحتهم دائماً تتمحور حول تسويق ما يوجد في مخازنهم أو ما يجنون منه هامش ربحيّ أكثر... و فترات الأزمات لمعظمهم عبارة عن أوكازيون للتخلص من كل رواكد مخازنهم على حساب المُزارع... و هؤلاء أحد أهم ركائز البلاء على المهنة..
-
الفئة السادسة مصانع الأعلاف.. و كلنا نعلم دورها المحوري في تعزيز أو تقليل أمراض الأسماك في المزارع .. عن طريق جودة الأعلاف و غشها من عدمه بل وإتاحة الإضافات المانعة و المقللة من الإجهاد و بالتالي الأمراض ... وفى الآونة الأخيرة بسبب الأزمة الإقتصادية لا يستطيع أحد أن يطلب منهم أكثر مما يقدمون ...
-
الفئة السابعة بعض المعامل البيطرية النادرة في مجال أمراض الأسماك ... و هؤلاء لا حول لهم و لا قوة "عن تجربة شخصية" فى المجال .. حيث أن قيمتهم منعدمة عند المزارع و لا يتم التوجيه إليهم من المكاتب و المشرفين مخافة كتابة أصناف أدوية لن يكسبوا فيها أو خشية سحب البساط الإشرافي من تحت أقدامهم... و بشكل شخصى ... فأنا لدي معمل خاص منذ 6 سنوات مجهز بأجهزة بملايين الجنيهات و فى قلب أكبر مناطق الأستزراع " سيدي سالم – كفر الشيخ" و لم يدخله إلا 7 عينات (هذا بالنسبة للمعمل الخاص فقط و ليس ككل ) لتشخيص الحالة المرضية على مدار الـ6 سنوات منها ثلاثة لم يتصلوا بعد إحضار العينة لأخذ نتيجة إختبار الحساسية فى اليوم التالى...
-
الفئة الثامنة مُزارع الأسماك البسيط و جاره "الناصح" الذي ينصحه ... بعد أن كفر كلاهما بكل من سبق ذكرهم من الفئات السابقة أن ينقذوه , لجأ المسكين "و الجانى أحياناً فى نفس الوقت" إلى سنده و "ابن كارُه" عديم المصلحة الفعلي من فشله لينصحه ... فرأينا في وسائل علاج الأسماك الأعاجيب... رأينا فناكيش جديدة ... رأينا علاج أمراض الأسماك بالجير و المولاس بل و بالجاز ... و بين ليلةٍ و ضحاها أصبح الجاز إضافة أعلاف... و بعد تجربة كل الحيل و بعد فوات الأوان يلجأ كحل أخير و هو مضطر إلى أحد السابق ذكرهم من الفئات السابقة لكن بتكون مالطا خربت... و لا أنفى عن هذا المسكين السابق ذكره أنه أحد الأسباب الرئيسية فى نشر الأمراض و الإبقاء على ديمومتها فى المزارع ... فهو من كثف أسماكه و لم يراعي إتاحة الحوض الحيوية لأسماكه , وهو من يعلف الأسماك على "السبلة" بعد غلو أسعار الأعلاف و هو يعلم أنها للتسميد و ليس للإطعام المباشر ... و لم يسأل نفسه يوماً عن وفرتها المريبة على الرغم من تراجع الإنتاج الداجنى الملحوظ فى مصر .. بل و يغض النظر عن سيارات "الجامبو" التى تقف ليلاً أمام محطات الصرف الصحي لتحميل الحمأة... و هو نفسه من ينتظر لا يفعل شيئاً حتى يظهر السمك النافق على سطح الماء .. لم يراقب نموه الدوري و لم يلاحظ نقص استهلاكه للأعلاف و لم يرى أعراض المرض كي يبلغ عنها و هى كلها علامات تسبق نفوق الأسماك بأيام كثيرة... و هو الذي يلقي اللوم دوماًعلى المُعالج و هو يعلم أن العلاج يعتبر شبه منعدم الفعالية ما دام السمك قد توقف عن الأكل و هذا ما يحدث قبل النفوق بأيام..
-
الفئة التاسعة و هي الأهم و التى لا يذكرها بسوء و لا يستطيع محاسبتها أحد ... وهي تهاون دولتنا الموقرة مع مصادر التلوث المختلفة و التى تصل فى النهاية إلى مزارعنا و أسماكنا ... و عندما أذكر التلوث فأنا أعنى به أي شئ تواجد فى مياه ري المزارع بشكل غير مرغوب أو بكمّ غير مسموح ... و بالتالي أشير بأصابع الاتهام إلى المبيدات و الأسمدة فى الصرف الزراعى .. و السموم من الصرف الصناعي .. و الملوثات العضوية أياً كان مصدرها و ما كانت تحتويه... و كما نعلم فإن الأسماك مرآة بيئتها .. فهي تتحمل ما لا يطاق من الضغوط ... و لكن إذا أُنهكت قواها أصابها أي ميكروب حتي و لو كانت طبيعته غير ممرضة بالأساس..
و الآن بعد أن صدعت دماغكم بالتفاصيل ... أصل إلى سؤالكم الأساسي ... هل و جد "الدكاترة" علاجاً لمرض الأسماك أم لا؟..
و للإجابة علينا مراجعة و فهم المقصود من ذِكري لكل المؤثرات السابقة و ربطها بالواقع المرير الحالي...
-
أولاً ]جب أن ندرك أنها أمراض عديدة و ليست مرض واحد و كل منها له " حرفياً" علاج خاص مختلف بشكل جذري عن الآخر و تختلف الظروف من مزرعة لأخرى و أحياناً من حوض لآخر فى نفس المزرعة.. و بناءاً عليه يجب أن نعود إلى الأسس البديهية و التى تناسيناها فى علاج الأمراض عموماً ... و هى التشخيص السليم و المبكر للمرض فى معمل موثوق فيه و تتبع جذور مسبباته بالزيارة الميدانية لمكان المشكلة و معرفة تاريخ و ملابسات المشكلة... و بعد ذلك تحديد العلاج المنطقي و الفعلي للمياه و الأسماك كلٍ على حده...ثم شراء العلاج المطلوب فقط بدون زيادة أو نقصان و إضافته بجرعاته السليمة و لمده مناسبة لعلاج الأسماك المصابة..
-
كل الأوبئة التى حدثت فى الثلاث سوات السابقة كانت نتائج مترتبة على تلوث المياه في المزرعة مما ثبط من مقاومة الأسماك فأصيبت كيفما اتفق بأي ميكروب متواجد فى محيط الأسماك... و بشكل شخصي فقد عزلت صنوف عديدة من البكتيريا لم تكن مسبقاً تصيب الأسماك ولا هى من مسببات أمراض الأسماك التقليدية بل و منها ما قد يتشارك مع الإنسان و منها أيضاً ما يحمل صفة المقاومة لمعظم المضادات الحيوية ... و بالتالى أصبحنا ننادي بإجراء إختبار حساسية الميكروبات للمضادات الحيوية لكل حالة مرضية على حده كما يحدث فى الإنسان و الدواجن... وعليها فقد مضي زمن أمراض الأسماك التقليدية الجميل بلا رجعة..
-
أثبت استخدام البكتيريا النافعة و البروبيوتك و الفوتوسينسيتيك النفع الكبير فى فترات الوباء كعامل مساعد مع العلاج بالمضادات البكتيرية لتخليص مياة الأحواض من المواد العضوية و إمدادها بالأُكسيجين لمساعدة الأسماك على استعادة تحملها و مقاومتها من جديد.. و قد أثبتت أيضاً دوراً فعالاً فى مقاومة الأوبئة قبل حدوثها..
-
استخدام مضادات الميكروبات الفيتوجينيك فى الأعلاف أخّرَ بشكل كبير حدوث العدوي فى المزارع الملاصقة لمناطق العدوي..
و آخيراً و ليس آخر ... لن تُحل مشكلاتنا بالتراشق بالكلام و التجريح و وصم بعضنا البعض بأن الفئة الفلانية أو العلانية هى سبب المشكلة أو لم تؤدي دورها كما يجب ... و ننظر من منظور ضيق و نغض الطرف عن الصورة الشمولية للأزمة... فكفانا عنصرية .. و لنتكاتف و ليدلي كلُ منا بدَلوه للخروج من الأزمة ...
و السلام ختام...
د. الخطيب يسري جعفر
أستاذ مساعد أمراض الأحياء المائية
المركز القومي للبحوث
كفر الشيخ – 14 نوفمبر 2016

المصدر: فيسبوك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 362 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,908,781