المأكولات البحرية المستزرعة من الخلايا
إعداد/ محمد شهاب
كتبت إميلي والتز *
في الأسابيع الماضية، جذبت الشركات العاملة على تطوير الأسماك والقشريات المستزرعة من الخلايا اهتماماً واسعاً، على خلفية ترويج هذه الشركات لمنتجاتها، فضلاً عن توسّعها في أعمالها التجارية في أنحاء العالم، فعلى سبيل المثال، تستعد شركة «بلونالو» لطرح الأسماك المستزرعة معملياً في السوق الأوروبية عبر شراكة أعلنتها في سبتمبر/ أيلول مع الشركة البريطانية لتوزيع الأطعمة المجمدة «نوماد فودز»، وفي الشهر نفسه، وقّعت شركة «أفانت ميتس» صفقة مع المعهد السنغافوري لتكنولوجيا المعالجة الحيوية، بغرض تحسين الجدوى الاقتصادية لإنتاج الأسماك المستزرعة، وفي يونيو/ حزيران، افتتحت شركة «وايلدتايب» غرفة تذوّق مجاورة لمصنعها التجريبي في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، لتقدّم فيها للزوار قطعاً صغيرة من أسماك سلمون استزرعتها معملياً من نوع يمكن أكله نيئاً، كما في حالة السوشي.
وتُظهر هذه الخطوات اهتماماً متزايداً بالأسماك البديلة القائمة على التكنولوجيا الحيوية في إنتاجها، وقد نبعت الخطوات في الأساس من حاجة العالم إلى اتّباع مبدأ الاستدامة في إنتاج المأكولات البحرية واستهلاكها، إذ تُنتج المزارع السمكية نصف المأكولات البحرية المُستهلكة عالمياً، في حين يأتي النصف الآخر من المسطحات المائية الطبيعية عن طريق الصيد، غير أن بعض أنواع الأسماك التي يجري صيدها بتلك الطريقة قد تحتوي على الزئبق والجسيمات البلاستيكية الدقيقة والمواد الملوِّثة من جرّاء التلوث البيئي، كما أن المخزون السمكي في تناقص بفعل كلّ من تأثير التغير المناخي في الأنظمة البيئية والإفراط في الصيد، ومن ناحية أخرى، في الوقت الذي لا يُمكن فيه زيادة حصيلة الأسماك التي يجري صيدها زيادة مستدامة، فإن أعداد السكان حول العالم ومعدلات الطلب على البروتين لا تنفك تزداد، لذا تقول كيفان ماين، نائبة الرئيس المشاركة للشؤون البحثية في مختبر وحديقة أسماك «موت مارين» في مدينة ساراسوتا بولاية فلوريدا الأمريكية: «علينا التفكير في عدد من الطرق المختلفة التي تُمكّننا من التعامل مع هذه التحديات»، وتردف قائلة: «أرى أن النظر في أمر المأكولات البحرية المستزرعة من الخلايا قد يكون من الطرق التي تمنحنا فرصة لتحقيق ذلك».
وثمة أوصاف أخرى تُطلق على المأكولات البحرية القائمة على الخلايا، وهي مأكولات يجري استخلاصها من الأنواع شائعة الاستهلاك من الأسماك (مثل السلمون والتونة)، أو القشريات (مثل السلطعون)؛ إذ تُعرف بأنها مستزرعة، أو خلوية، أو مصنّعة معمليّاً، وعلى الرغم من أن الأسماك المستزرعة تنمو من أنسجة مستمدة من كائنات بحرية، فهي لم تكن قط جزءاً من جسد حيوان حي، يسبح في الماء، ذلك أن لحمها يُصنّع معملياً عن طريق جمع الخلايا من عدد قليل من الأسماك أو القشريات المانحة، ثم زراعتها في مفاعل حيوي، أمّا بالنسبة للأنسجة ثلاثية الأبعاد، كما في حالة شرائح اللحم، فيتطلب استزراعها وجود دعامة متوافقة حيويّاً وصالحة للأكل، لتوفّر البنية اللازمة لنمو الخلايا ونضجها، وينتج عن هذه العملية لحم مصنّع معمليّاً، مكوّن من مزيج من الخلايا العضلية والدهنية، مشابه في مذاقه للحم الأسماك المُصطادة، ولكن من دون أي «مخلّفات» سمكية؛ فهو بلا أشواك، ولا قشور، ولا عيون.
وهذه الاستراتيجية في الاستزراع جرى العمل بها واستغلالها تجارياً بالفعل في المزارع المعملية القائمة على خلايا أنواع أخرى من اللحوم، من بينها لحوم البقر والدجاج، على سبيل المثال، وبدأت عشرات الشركات باستزراع لحوم الحيوانات البرية من الخلايا، كما جذبت بعض هذه الشركات رؤوس أموال مُجازِفة تُقدّر بأكثر من مئة مليون دولار أمريكي لكلّ منها، وفي الصدد نفسه، أصبح لحم الدجاج الذي تُصنّعه شركة «إيت جاست» أول لحم مستزرَع يُطرح في الأسواق عندما وافقت الجهات التنظيمية السنغافورية في ديسمبر/ كانون الأول 2020 على بيعه.
* سيانتفيك أمريكان
ساحة النقاش