الأرضة : النمل الأبيض Termites

اعداد مهندس / هاني امبابى

 

الأَرَضة termites حشرات صغيرة أو متوسطة الحجم، تتميز من غيرها من الحشرات بتماثل شفعي الأجنحة. وبسبب هذا التماثل في الشكل والحجم ونظام توزيع العروق في الأجنحة venation فقد أُطلق على هذه المجموعة من الحشرات اسم متماثلة الأجنحة Isoptera. وهي تتميز بميلها للحياة مجتمعة، فهي توجد في مجموعات صغيرة تُعَدّ بالمئات، أو في مجموعات كبيرة تقارب مئات الألوف على شكل مستعمرات. وأهم ما يميِّز هذه المستعمرات اختلاف أفرادها من حيث الشكل ووجود الأجنحة أو عدم وجودها. وهي تختلف عن النمل العادي [ر] ants الذي ينتمي إلى رتبة غشائيات الأجنحة [ر] Hymenoptera، من نواحِ عدة: فالأرضة ذات أجسام رخوة جداً ويغلب عليها الألوان الباهتة، أما النمال فهي ذات أجسام صلبة قاتمة اللون عادة. ولا يتماثل شفعا الأجنحة (عند وجودهما) لدى النمل إذ يكون الشفع الخلفي أصغر من الأمامي، وهو أقل تعرقاً. وعند الراحة يضع النمل أجنحته فوق الجسم بشكل غير متطابق بعكس الأرضة التي يمتد الجناحان لديها متطابقين فوق البطن تماماً. كما يتميز بطن الأرضة باتصاله بالصدر اتصالاً عريضاً مميزاً، على عكس النمل إذ يوجد اختناق واضح بين الصدر والبطن. كما أن قرني الاستشعار لدى الأرضة عقديان أو خيطيان، أما قرنا النمل فهما مرفقيان geniculate.

وأجزاء فم الأرضة من النوع القارض. والتحول فيها من النوع البسيط paurometabolous إذ تمر الأرضة في دورة حياتها بعدة أطوار مميزة، هي: البيضة التي تفقس وتعطي الحورية nymph التي تنسلخ عدة مرات (بين 5 و8 انسلاخات) قبل أن تصل إلى طور الحشرة الكاملة.
ويستغرق الجيل الواحد في بعض الأنواع 4 - 7 أشهر، وقد يمتد في البعض الآخر 16 شهراً. فالأرضة صفراء العنق Calotermes flavicollis (Fabr) (الشكل 1) مثلاً (وهي أكثر الأنواع انتشاراً في الشرق الأوسط) تستغرق في تحولاتها المدد التالية:
الطور المدة

البيضة 50-60 يوماً

الحورية الأولى 11-13 يوماً

الحورية الثانية 13-18 يوماً

الحورية الثالثة 16-18 يوماً

الحورية الرابعة 30-50 يوماً

الحورية الخامسة (الجنود) 14 يوماً

المجموع 4-6 أشهر

مظاهر الأرضة وتعدد أشكالها

من أهم ما يميز مستعمرات الأرضة تعدد أشكالها واختلاف مظاهر أفرادها التي تختلف عنها لدى النمل العادي (الشكل 2). فتُطْلَق كلمة شغالة أو عاملة worker وجند أو عساكر soldiers على ما يوجد من الذكور والإناث من الأرضة. وتعمل الحوريات شغَّالات. أما في النمل العادي فجميع أفراد هذين المظهرين (الشغالات والجنود) من الإناث فقط. وعلى كل حال يميز لدى الأرضة أربع مجموعات من الأفراد.

الأفراد التناسلية (الملوك والملكات): وهي أكثر أفراد المستعمرة نضجاً من الناحية التناسلية، وتتميز بأجنحتها التامة النمو (غير مختزلة أو معدومة)، وبعيونها المركبة النامية، وبلونها القاتم، وبذكورها الواضحة الصغر مقارنة مع الإناث التي قد يصل طول بعض الأنواع الاستوائية منها إلى 7-8 سم. ويمتد عمر الملكات أحياناً عدة أعوام، تضع خلالها آلاف البيوض التي ينتج منها في فصول خاصة أعداد كبيرة من الذكور والإناث الخصبة التي تترك المستعمرة في أسراب لتتسافد ويكوِّن كل زوجين مستعمرة جديدة. ويتم ذلك عادة في مطلع الربيع أو الخريف بحسب النوع.

وتَتَقَصَّف أجنحة هذه الأفراد بعد تزاوجها حتى أن بقاياها تُرى على شكل ثفنات جناحية wing pads.

الأفراد التناسلية الإضافية أو الاحتياطية: وتتميز بأجنحتها القصيرة، وبلون جسمها الأقل دكنة من لون الملوك والملكات، وبعيونها الأصغر نسبياً. وهي ذات قدرة على التناسل بدرجة ملحوظة، ولذلك فهي تعاون الملكات في إكثار أفراد المستعمرة الواحدة. وقد يوجد، إلى جانب الأفراد الإضافية، أفراد تشبهها ولكنها تتصف بالعقم.

الشغالات أو العاملات: وهي حوريات أو حشرات كاملة تتصف بلونها الباهت. وهي عديمة الأجنحة والعيون، وفكوكها صغيرة، وتتصف بالعقم. وتقوم هذه الأفراد التي تمثل الجزء الأكبر من أفراد المستعمرة، بمعظم الأعمال فيها كجمع الغذاء وإطعام الملكات والجنود والصغار (الحوريات) الحديثة الفقس، كما تقوم ببناء الأعشاش والدهاليز والأنفاق والحجرات (الردهات)، وتعنى بمزارع الفطر التي تُنَمِّيها بعض مستعمرات الأرضة.

الجنود: وهي مجموعة من أفراد المستعمرات تتصف بالعقم وبضخامة رؤوسها وفكوكها، وقد تزيد هذه الضخامة على الحدود الطبيعية، مما يؤدي إلى عدم قدرتها على تغذية نفسها، فتقوم العاملات بهذه الوظيفة. وتتصف الجنود بكبر الحجم مقارنة بالعاملات، وقد لا يكون لها عيون. وظيفتها الدفاع عن المستعمرة من الدخلاء، ويتم ذلك باستخدام رؤوسها وفكوكها. ويعد شكل الفكوك ميزة أساسية يتم بها التفريق بين الأنواع (الشكل 3).

عادات الأرضة وسلوكيتها

تتميز أفراد المستعمرة الواحدة بظاهرة تبادل الأغذية ولَعْقِ بعضها أجسام بعض. وتساعد هذه الخاصة على تَعَرُّفِ أفراد المستعمرات الواحدة بعضها ببعض، إذ إن لكل مستعمرة مادة تميزها. ويشتمل غذاء الأرضة على جلود انسلاخها وبراز الأفراد، وعلى الأفراد الميتة والمواد النباتية كالأخشاب ومنتجاتها.

ويحتوي الجهاز الهضمي في الأنواع الابتدائية التي تتغذى بالخشب (وهي الأكثر انتشاراً في إفريقية والشرق الأوسط) على بعض الحيوانات الأوالي Protozoa التي تساعد في هضم السليلوز، في حين توجد أنواع تتغذى بمكوِّنات التربة العضوية soilfeeding Termitinae وتخلو أمعاؤها من هذه الحيوانات، وهي تقوم بتجميع حبيبات التربة، بعد مزجها بمخلفاتها، على شكل أكمات صغيرة على سطح التربة، وبها يُستَدَل على وجودها.

وهناك مجموعات من الأرضة (الأرضيات الضخمة Macrotermitinae) اشتهر عنها استزراعها «حدائق فطرية» ضمن حجر خاصة فوق وسادة من النباتات الممضوغة، التي تستخدمها في تغذية الأفراد التناسلية الملكية والحوريات. وبسبب حاجة هذه المزارع فإنها تقوم بإخراج ذرات التربة فوق سطح الأرض وتبني بها هياكل mounds ذات أشكال وأحجام تختلف باختلاف التربة والمناخ بعد أن تكون قد مزجت ذراتَها بلعاب العاملات .

ومع ذلك يوجد الكثير من الأرضة التي لا يحوي جهازها الهضمي الحيوانات الأوالي التي تقوم بهضم السليلوز، كما لا تلجأ لتنمية مزارع الفطور أو تخزين الغذاء، أو إلى هضم كميات كبيرة من ذرات التراب. ومع ذلك فهي تقوم بالتغذي بالخشب، ولا يعرف حتى اليوم الطريقة التي تهضم بها السليلوز.

الأرضة من الحشرات الشديدة الضرر. ولكونها تتغذى بصورة أساسية بمادة السليلوز فهي تعد منافساً أساسياً للإنسان الذي يستعمل الخشب في الكثير من الأغراض. فهي تقوم بإتلاف أخشاب المباني والجسور وعوارض السكك الحديدية وأعمدة الهاتف، إضافة إلى إتلافها الأثاث الخشبي والأسقف ودعائم الأبنية.

وتقوم الأرضة بمهاجمة المكتبات وإتلاف ما فيها من كتب ومخطوطات، وتتلف أيضاً مادة الحرير والعظام والجلود. وتسطو على الكثير من سوق النباتات الحية وجذورها كأشجار الغابات والمشمش واللوز والكرمة والسماق وقصب السكر والقطن وغيرها.

ولكن يجب ألا يغيب عن الذهن الدور الكبير الذي تقوم به في تحسين خصوبة التربة الزراعية، إذ تساعد في تحلل الأخشاب المتداعية وتحوّلها إلى مواد تستطيع النباتات الاستفادة منها، إلى جانب استفادة الأشجار مما تفرزه الأرضة من مواد وفضلات ومخلفات انسلاخاتها الغنية بالآزوت. وتقوم الأرضة بتهوية التربة الزراعية بما تبنيه من أعشاش وردهات وما تحدثه من أخاديد.

وتقل إصابة الأرضة للأخشاب كلما ازداد فيها الخشبين (اللجنين). فأكثر أنواع الخشب مقاومة للإصابة تراوح نسبة الخشبين فيه بين 45٪ و52٪، في حين لا تزيد نسبة هذه المادة في الأخشاب التي تتعرض للإصابة الشديدة على 23٪ كما في الصفصاف. وتعود مقاومة بعض أنواع الخشب إلى بعض المواد الطاردة. ومن أهم ما عرف من هذه المواد البينوسيلفين pinosylvin والتِكْتوكينون tectoquinone والكلوروفون chlorophon، إضافة إلى الراتين resin المتوافر في الأخشاب الصنوبرية.

مكافحة الأرضة

تتم الحيلولة دون إصابة الأخشاب بالأرضة بعدة طرائق، من أهمها استخدام الحواجز والعوازل الميكانيكية لمنع وصولها إلى المادة الخشبية المستخدمة في الأبنية، أو تستخدم لهذا الغرض بعض المواد الكيمياوية التي تُحقن حول المباني التي توجد فيها هذه الحشرات. وتعد مادة اللِّنْدين (a-isomer benzen hexachlorin) lindane من أهم المواد المستخدمة اليوم. وتقوم مصانع الأخشاب بتعقيم الأخشاب المصابة، أو التي يشك بإصابتها، بالتدخين وباستخدام مادة بروم المتيل methyl bromide، كما تتم معاملة الأخشاب بمواد كيماوية خاصة تمنع إصابتها، ومن هذه المواد الأكْريوزوت creosote وثاني نترو الفينول dinitrophenol وخامس كلور الفينول pentachlorophenol إلى جانب استخدام مركبات النحاس والكروم والزرنيخ والبور والتوتياء حافظاتٍ للأخشاب تمنع إصابتها بالأَرَضَة الشبكية Reticulotermes lucifugus والأرضة صفراء العنق التي يكثر انتشارها في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط.

تصنيف الأرضة وانتشارها

تضم رتبة الأرضيات نحو 1800- 2000 نوع تنتمي إلى ست فصائل تقسم إلى 13 فُصَيِّلة sub- family. سُجِّل ثلثا أنواعها من القارة الإفريقية وحدها، وتنتمي أربعة أخماسها إلى فصيلة الأرَضيات Termitidae.

ويتم تحديد الأنواع بدراسة الأطوار المجنحة والجنود بصورة أساسية. ومن أهم الصفات المستخدمة في هذا التحديد أجزاء الرسغ وقرون الاستشعار ووجود الفَص القاعدي للجناح وطبيعة الأجنحة والعيون وأشكال رؤوس الجنود ووجود العيون المركبة والبسيطة أو عدم وجودها، وغير ذلك من الصفات.

وتنتشر الأنواع المختلفة للأرضة بين خطي العرض 49ْ شمالاً وجنوباً، ولاسيما في المناطق الاستوائية حيث تهطل الأمطار وتنتشر الغابات. ولكن ذلك لا يمنع من وجود أعداد قليلة منها تأقلمت للحياة في المناطق المرتفعة حيث تنخفض الحرارة بصورة ملحوظة كأعالي جبال هيمالايا في الهند وجبال روكي في أمريكية الشمالية في نصف الكرة الشمالي، وفي بعض القمم المرتفعة من تشيلي وتسمانية وجنوب شرقي أسترالية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.

hanyembaby

مهندس / هاني امبابي 00966548220741

ساحة النقاش

almesalia

http://alafdal.org/%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%81%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d8%b6/

هاني امبابي

hanyembaby
TEL +966548220741 [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,392,849