يُعد مشروع زراعة 20 مليون نخلة على شبكة الري المصرية ليس مجرد مبادرة تشجيرية، بل هو مشروع وطني متكامل يجسد مبادئ الاقتصاد الأخضر الدائري. هو استثمار طويل الأجل يقدّم حلولًا متعددة للتحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية في مصر، ويستغل الإمكانات الهائلة للنخيل لتحقيق الأمن الغذائي، وتوليد عوائد اقتصادية ضخمة من خلال أسواق الكربون وصناديق المناخ العالمية.
عبقرية الفكرة وعوائدها الاقتصادية
يُقدم هذا المشروع رؤية متكاملة لاستغلال ثروة مصر من النخيل، بتحويلها إلى ما يمكن تسميته "آبار بترول المستقبل". فبدلًا من الاكتفاء بكون مصر أكبر منتج للتمور في العالم مع تصدير نسبة ضئيلة، يهدف المشروع إلى استبدال الأصناف المحلية بأصناف فاخرة مثل المجهول والبرحي، التي تحظى بطلب عالمي مرتفع وأسعار مجزية.
تتمثل الفكرة في زراعة 20 مليون نخلة على مساحة تقدر بـ 55 ألف كيلومتر من شبكة الري والصرف المصرية، بالتزامن مع المشروع القومي لتبطين الترع. هذا التكامل يعظم العائد من البنية التحتية المستحدثة ويحقق أهداف التنمية المستدامة.
الجدوى الاقتصادية المتكاملة:
عوائد التمور الفاخرة: تُظهر دراسات الجدوى أن النخلة الواحدة من صنف المجهول يمكن أن تنتج أكثر من 80 كجم سنويًا. ومع وصول سعر الكيلوجرام في الأسواق العالمية إلى 20-25 دولارًا، يمكن للفدان الواحد (64 نخلة) أن يحقق عائدًا سنويًا يزيد عن 1.5 مليون جنيه مصري.
شهادات الكربون والتمويل المناخي: تُعد أشجار النخيل "بالوعات كربونية" ممتازة. تُشير التقديرات إلى أن النخلة الواحدة تمتص ما يصل إلى 225.58 كجم من الكربون العضوي. مع تنامي أسعار طن الكربون عالميًا، يمكن لمصر تحقيق عائد سنوي قدره 2.1 مليار جنيه مصري من شهادات الكربون وحدها، مما يضمن تمويلًا دوليًا كبيرًا من صناديق المناخ.
مشاريع زراعية إضافية: يتيح المشروع تحميل زراعات أخرى أسفل النخيل، مثل الجوجوبا أو الليمون أو الخروع لتحقيق عوائد إضافية. تُقدر العوائد من زراعة الجوجوبا فقط بحوالي 800 ألف جنيه مصري لكل 1 كيلومتر طولي.
الأثر البيئي والمناخي
يتجاوز المشروع أهدافه الاقتصادية ليقدم حلولًا فعالة لمواجهة التغيرات المناخية، ويساهم بشكل مباشر في تحويل مصر إلى نموذج رائد في مجال الاقتصاد الأخضر.
مكافحة التغيرات المناخية:
تقليل الانبعاثات: يعمل المشروع على امتصاص كميات هائلة من الكربون، مما يساهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين جودة الهواء.
مكافحة التصحر: تُساهم أشجار النخيل في تثبيت التربة ومكافحة التصحر، كما تقلل من حدة الأتربة والملوثات الجوية بنسبة تصل إلى 80%.
توفير المياه: تساعد زراعة النخيل على جوانب الترع في الحد من تبخر المياه، وتُحسن كفاءة الري، مما يوفر كميات هائلة من المياه كانت تُهدر في السابق.
التنمية الاجتماعية والحضارية
يُقدم المشروع رؤية شاملة للتنمية المجتمعية من خلال إنشاء "ممشى نخيل أهل الصعيد علي سبيل المثال"، وهي الاراضي الواقعه بين ترعه الابراهيميه والجيزه وطريق قطار الصعيد والذي يمتد لاكثر من 1000 كم كارا بمعظم محافظات الصعيد وهو مشروع قومي متكامل يهدف إلى تجميل الواجهة الحضارية للمحافظات وتوفير فرص عمل كريمة.
الفوائد الاجتماعية:
توفير فرص عمل: يُتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 7000 وظيفة مباشرة، بالإضافة إلى الآلاف من فرص العمل غير المباشرة في الصناعات التحويلية والخدمية.
القضاء على الفقر: يساهم المشروع في مكافحة الفقر الغذائي والمالي والبيئي، من خلال توفير دخل مرتفع للمزارعين، وتحسين جودة الحياة.
تنمية شاملة: تُستغل الأراضي الشريطية الواقعة بين شبكة الري والسكك الحديدية لإنشاء مرافق خدمية وترفيهية مثل الملاعب، وقاعات المناسبات، ومنافذ بيع المنتجات المحلية والعالمية، مما يُحقق عائدًا إيجاريًا كبيرًا ويُعزز من التنمية المجتمعية.
السياحة الثقافية: يُمكن تحويل "ممشى نخيل أهل الصعيد" إلى مسار سياحي وثقافي فريد من نوعه، يُبرز تاريخ وحضارة وتقاليد محافظات الصعيد، ويجذب السائحين من جميع أنحاء العالم.

