سمك الثعبان

هجرة سمك الثعبان :

إن هجرة سمك الثعبان محط دهشة العلماء ودراستهم، ولكن هجرة سمكة الثعبان تتم على عكس خط هجرة سمك السلمون. فالأول يهاجر من البحار إلى أنهار المياه العذبة، أما سمك الثعبان فعلى العكس يترك المياه العذبة مهاجراً إلى أعالى البحار، وبالضبط إلى منطقة بحر سرغاسو شمال المحيط الأطلنطى، قرب منطقة مثلث برمودا الشهير.

مكان التجمع :

تجتمع ثعابين البحر القادمة من أنهار أوربا وأنهار أمريكا الشمالية وأيسلندا والمغرب، فى منطقة بحر سرغاسو شمال المحيط الأطلنطى، قرب منطقة مثلث برمودا بعد أن إجتازت مياه الأنهار ثم عبرت مياه المحيط الأطلنطى الواسع.

وفى المياه الدافئة والصافية الزرقاء تضع بيوضها وسط تشابك الطحالب البحرية، ويفقس البيض عن أعداد كبيرة من صغار الثعابين كل يسروع يبلغ طوله (5-6 سنتيمتر) تنمو فى المياه المالحة.

وتستمر رحلة صغار الثعابين البحرية مع تيارات المحيط أكثر من ثلاث سنوات ولا تصل إلى الشواطئ إلا بعد أن تصبح ثعابين يافعة فتندفع منطلقة ضد تيارات الأنهار السريعة الجريان، فى طرقها نحو منابع الأنهار مخترقة العقبات وغير عابئة بشئ، لتنمو فى المياه البعيدة عند المصب وتدخل فى الأعماق، وتبقى فى هذه الأنهار إلى أن تبلغ سن النضوج الجنسى 14 عاماً، لتبدأ الرحلة المضادة مع جريان الأنهار فتصل لمصابها ثم بعد أن تتجمع فى جماعات تتوغل فى المحيط الهادى وهى تعاكس تياراته فى رحلة طويلة  مهلكة منهكة تقطع فيها من 4 – 5 آلاف كيلو متر، لتصل إلى بحر سارغاسو وتضع البيض وتموت.

هدف الرحلة :

يبدو أن هجرة هذه الأسماك لها إرتباط وثيق بحاجتها إلى التكاثر فى زمن معين ومكان محدد وربما كان نضج الأعضاء الجنسية وإكتمالها هو الذى يحدد موعد بدء الهجرة ومما يزيدنا حيرة وعجباً، إن ثعابين البحر القادمة من الأنهار الأمريكية تصل إلى بحر سرغاسو وتضع بيوضها فى أماكن محددة خاصة.

وعندما يفقس البيض تكون صغار السمك لكلا النوعين قريبة من التيار الذى سينقلها إلى الجهة التى ورد منها الآباء، فصغار الثعابين الأمريكية تركب تيار الخليج لمدة ستة أشهر كاملة، حتى تصل غلى الشواطئ الأمريكية، والأخرى تركب تيار شمال المحيط، ليوصلها إلى الشواطئ الأوربية.

دور الدماغ والغدد والهرمونات : 

رغم أن هجرة الأسماك لم تدرس كما درست هجرات الطيور، إلا أن الهجرات السلبية المعاكسة لصغار الأسماك من الأنهار إلى البحار، والهجرات الفعالة  الصاعدة من البحار إلى الأنهار، لوضع البيض والتكاثر حيث شغلت تفكير العلماء ووضعتهم فى حيرة من أسبابها ومسبباتها التى تودى بحياة ثمانين فى المائة منها قبل أن تصل إلى هدفها.

وكما ذكرنا فى بداية الحديث لقد حاول العلماء معرفة بواعث هجرات الأسماك فأرجعها بعضهم إلى بواعث هجرة آلية فسولوجية وتشمل كافة أجهزة الجسم فتحدث تبدلات عميقة وخاصة فى ما تحت المهاد البصرى، وفى وظائف الغدد الصماء لاسيما الغدة النخامية وإفرازها الهرمونى، ثم لتبدلات أخرى فى وظائف الكلى والخياشيم وكمية الصوديوم المطروحة.

فالإفراز الهرمونى الدورى على مدار العام والمؤقت فى فصل معين يفرز بتأثير حادث الغدد النخامية من الدماغ إلى ما تحت المهاد فينشأ عنه إفراز هرمونات الجونادوتروبين التى تحدث يبدلات، فى الإفرازات الجنسية والسلوك الحركى بشكل عام.

وهذا يؤدى لتبدلات فى جهاز تنظيم الإتزان البدنى وتحكم دورات الهجرة السنوية، التمثيل الغذائى الذى يسيطر على هذه الهرمونات التى تنظم كافة أنشطة الجسم، وكذلك فإن الإتزان الهرمونى يخضع لتأثير مباشر من الأحوال المحيطة كظروف الطقس والغذاء وقرب القمر وحالته.

وإن لم يثبت تأثير هذه الأحوال بصورة أكيدة ولعل ما لاحظه العلماء على سمك السلمون فى هجرته العجيبة خضوعه لقوة مسيطرة لا تدرك توجهه توجهاً دقيقاً فى إتجاه محدد مرسوم يضعه نصب عيونه فى رحلته الطويلة لا يحيد عنه مهما كانت الموانع ومنها الموت.

تمتاز عائلة أسماك الثعبان (الحنشان) انها تعيش فى المياه العذبة المائلة للملوحة حتى تمام النضج الجنسى وعند ذلك تهاجر الأمهات إلى المياه المالحة وتضع البيض هناك وبعد فقس البيض تهتجر الصغار إلى المياه العذبة حتى تنضج جنسياً وتتكرر الدورة.

وهناك 19 نوع لثعبان السمك الحنشان منتشرة فى العالم أهمها :

1 – اليابانى أنجويلا جابونيكا (Anguilla Japonica)

2 – الأوربى أنجويلا أنجويلا (Anguilla Anguilla)

3 – الأمريكى أنجويلا روستراتا (Anguilla rostrata)

4 – الأسترالى أنجويلا اوتستراليسautstralis)   (Anguilla

 ويعتبر كل من النوع الأول والثانى من أهم الأنواع المستزرعة، النوع الأول اليابانى (أنجويلا جابونيكا) ينتشر فى اليابان وتايوان وجمهورية الصين وكوريا والفلبين وهذا الصنف يمكن تغذيته على علائق جافة، وكمية العلائق الجافة اللازمة لإنتاج كيلو جرام واحد من لحوم ثعبان السمك من هذا النوع فى حدود 6 كيلو جرام.

أماكن تواجده :

فى اليابان وشرق أسيا وغرب أمريكا وتعيش فى المياه العذبة حيث تدخل الأنهار فى بداية فبراير وحتى مايو وبعد عدة سنوات فى المياه العذبة ومع بداية النضج الجنسى تهاجر الأمهات فى الفترة من أغسطس إلى أكتوبر إلى المياه المالحة وتضع البيض هناك وبعد فقس البيض تهاجر الصغار إلى المياه العذبة حتى تنضج جنسياً وتتكرر الدورة.

الصين هى أكبر منتج له حيث تساهم بما نسبته 70% من إنتاجه من المزارع السمكية وبدأ دخوله الإستزراع السمكى فى السبعينات وزاد جداً وتطور ولكن مع هذا يعتبر مطلوب جداً من قبل المستهلكين حتى أن العرض أقل بكثير من الطلب عليه مما رفع سعره.

الصفات البيولوجية لسمك ثعبان البحر :

طويل وأسطوانى الشكل من الأمام ومضغوط كلما إتجهنا للخلف رأسه طويلة وفكه السفلى أطول من العلوى بقليل، الظهر غامق اللون وفاتح فى منطقة البطن، الصغار تكون شفافة وتسمى ثعابين زجاجية أو شفافة.

زراعة ثعبان السمك :

كانت زراعة ثعبان السمك قاصرة على نظم الإستزراع الموسع ومع التطور فى المزارع السمكية تحولت هذه النظم إلى الإستزراع الشبه مكثف والمكثف حتى وصلت إلى ما هى عليه الآن، وهولندا هى أكبر دولة منتجة لأسماك ثعبان السمك الأوربى يليها الدنمارك وألمانيا، حيث تقوم هذه الدول بإستيراد الثعابين الزجاجية الصغيرة من فرنسا وأسبانيا وإنجلترا والبرتغال واستخدامها فى الإستزراع السمكى، عموماً اتجهت بعض الدول حديثاً إلى إدخال هذا النوع فى المزارع السمكية لديه لمميزاته الكبيرة حيث انه يعيش فى المياه الشروب، سعر الكيلو منه مرتفعاً جداً زيادة الأقبال عليه ترفع من قيمته الإقتصادية كما يسهل الحصول على إصبعياته من البحر.

مميزات إستزراع ثعبان السمك :

1 – تعتبر من الأسماك ذات الأهمية الإقتصادية الكبيرة للإستهلاك المحلى والتصدير حيث تعتبر من الأطباق الفاخرة فى مصر ومن الأطباق التقليدية فى أوربا واليابان.

2 – تتواجد صغار الحنشان فى المصادر الطبيعية (البحيرات الشمالية المتصلة بالبحر) بكميات كبيرة ويمكن الحصول عليها ونقلها للمزارع بسهولة ويسر.

3 – تستخدم الحنشان بنجاح مع تحقيق أعلى كفاءة إقتصادية فى الإستزراع الأحادى النوع أو الإستزراع المختلط كمحصول رئيسى أو ثانوى.

4 – يعتبر ثعبان السمك (الحنش) من ألد أعداء إستاكوزا المياه العذبة التى تصيب المزارع السمكية وتسبب أضرار كبيرة، فيقوم ثعبان السمك (الحنش) بإفتراس صغارها والقضاء عليها.

أهم المشاكل والعقبات التى تواجه إستزراع الحنشان :

1 – تحتاج تغذية الحنشان إلى علائق ذات محتوى بروتينى عالى يصل إلى أكثر من 50% بروتين مع معدل تحول غذائى كبير يصل إلى 10:1.

2 – إمتداد مدة التربية والإستزراع فى النظام الأحادى النوع مدة طويلة للوصول إلى متوسط وزن 500 – 700 جم للسمكة الواحدة.

3 – تمثل الأمراض مشكلة كبيرة فى إستزراع حنشان الإنجيولا جابونيكا ومن أهم الأمراض مرض اللون الأحمر ومرض الكيلوفلور وهذه الأمراض تقلل من معدلات النمو وتزيد من نسبة النفوق ولذلك يجب التخلص من كل الأسماك المصابة فى بداية التخزين أو أثناء التربية لعدم وجود علاج حتى الآن لهذه الأمراض مع صعوبة المعالجة أثناء التربية والإنتاج.

تغذية الحنشان :

تتغذى الحنشان على عليقة تجارية ذات محتوى بروتين ودهون عالى مخلوطة مع مفروم الأسماك الطازجة الغير إقتصادية بنسبة 2:1 للحصول على نسبة بروتين نهائية 45 – 50% بروتين، تضاف العليقة المخصصة لإستزراع ثعبان السمك فى صورة عجينة توضع على شبكة عائمة بواسطة مواسير بلاستيك على سطح المياه.

فى أثناء عملية الصيد فى المزارع السمكية يمكن الإستفادة من صغار الأسماك (العفشة رخيصة الثمن) فى تغذية الحنشان وذلك عن طريق خلطها مع عليقة تجارية (كمية العليقة = ضعف مفروم الأسماك) يتم تركيبها داخل المزارع للحصول على عليقة مناسبة (45 – 50% بروتين) لتغذية الحنشان.

ويفضل تربية وإستزراع ثعبان السمك فى نظام الإستزراع المتعدد الأنواع المختلط (بلطى – بورى – مبروك) وذلك لتحقيق أعلى استفادة من التوازن البيولوجى لإختلاف طبيعة التغذية لكل نوع، فمن المعروف انه نتيجة لتغذية أسماك الحنشان يكون هناك كميات كبيرة من مخلفات تغذية الحنشان يجب الإستفادة منها عن طريق تربية الأصناف الأخرى معه (بلطى – بورى – مبروك) مع ملاحظة الهدف من الإستزراع ثعبان السمك (محصول رئيسى – محصول ثانوى).

إعداد / أيمن عشـرى

إشراف / منى محمود              

المصدر: مجلة عالم أسماك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - عدد 13 - يوليو/سبتمبر 2010

ساحة النقاش

مكتبة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية

gafrdlibrary
عنوان الهيئة: القطعة رقم (210) بالقطاع الثانى-حى مركز المدينة-التجمع الخامس-القاهرة الجديدة- Email: [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,438,992

اخر إصدارات كتب المكتبة