authentication required

عبدالحكيم خليل

folklorarts

بمناسبة الصورة الخاصة بأحد أضرحة أولياء الله الصالحين أبدأ من هنا :

أقول وبالله التوفيق ...

أن كل مكان يمتلك معنى..هذا المعنى قد تضفيه عليه طبيعة المكان الأصلية أو التي من أجلها أُسِسْ .. ومن جانب آخر فإننا نضفي على المكان معنى فيتحول هذا المعنى شيئاً فشيئاً ليمسخ المكان أحياناً ويعلو هو بدلاً عنه , فالأمكنة ـ ممثلة في الأضرحة ـ يظل معناها حاضراً على الدوام ، وما أن تتاح الفرصة من جديد حتى تعاد صياغة المكان ... وفي كلا الحالتين فإنه يلتصق بنا بشكل حميمي يدعونا إلى الاعتقاد التام أن هذا المكان لن يفقد معناه في يوم ما ..وإن بدا أنه يتغير وأن طبيعته بدأت تتشكل من جديد..لأن تأثير البيئة وحياة الناس تدعوهم أحياناً إلى إضافة معان جديدة للأمكنة فيمارسوا على أساس هذه المعاني أعمالاً مختلفة تماماً بما يتلاءم وطبيعة المكان .. ذلك قد يدعو إلى الخوف ..أو إلى تشفير الأمكنة لتصبح منظومة رموز تحتفي بها الناس على أساس آخر ، غير الأساس الذي من أجله أقيمت أو بسببه أسست . لذا فإنه يتحول أيضاً إلى ستار يختبئ خلفه الناس ليلفظوا ما لديهم من أسرار أو حكايات وآمال لا يقدرون على الإفصاح بها من دون أن يتهيأ لهم ساتر مقدس ، يتوافر هذا الساتر كما يصوره الخيال الشعبي لدى أضرحة الأولياء .

ومن المفاهيم المتداولة على لسان الناس مفهوم "الضريح" وماله من مدلولات ثقافية داخل مجتمعنا المصري يسهم في رسم ووصف بعض مظاهر الاعتقاد في أولياء الله الصالحين ...والضريح هو :" الشِقُ في وسط القبر ، وضرح القبر حفره . واللحد في الجانب ، وقال الأزهري في ترجمة لحد : والضريح والضريحة ما كان في وسطه يعنى القبر ، ومثل : الضريح القبر كله . وقيل : هو قبر بلا لحد. وقال الأزهري : سمى ضريحاً لأنه يشق في الأرض شقا"([1]).أما عند(ماوصوليوم) : فالضريح يشير إلى ذلك البناء الذي يضم رفات شخصية بارزة ، ويسمى أيضاً تربة أو مشهداً ، ويبنى الضريح أحياناً مستقلاً ، وأحياناً ملحقاً بالمساجد أو المداراة ، ومعظم الأضرحة عبارة عن بناء مربع أو مستطيل مغطى بقبة ، وتحلى أركان البناء من الداخل تحت القبة بالمقرنصات"([2]). ويعتنى بتشييد الأضرحة بهيئة فاخرة ولاسيما إذا اشتملت على قبور أهل الفضل من المسلمين([3]).



1          ابن منظور (جمال الدين) ، لسان العرب ، مرجع سبق ذكره ، مادة (ضرح) .    

2          (ماوصوليوم) هذه التسمية مستمدة من أسم الضريح الذي أقيم حوالي سنة 352 ق . م في هاليكارناسوس بآسيا الصغرى تخليداً لماوصوليوس والى كاريا ، وكان يعد أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم . وقد شيد السلاطين والحكام في مختلف الأقطار الإسلامية عدداً ضخماً من الأضرحة الرائعة أعظمها تاج   محل . ويعتبر ضريح(هاد ريان) المعروف باسم (حصن سننت انجلو) من أشهر الأضرحة الرومانية . أما في العصر الحديث فتوجد عدة أضرحة شهيرة منها ضريح نابليون بباريس وأغاخان بأسوان بمصر . أنظر : الموسوعة العربية الميسرة ، مرجع سبق ذكره ، معنى ضريح (ماوصوليوم) ، ص1143 .

3          حسن الباشا ، الموسوعة الإسلامية العامة ، إشراف د.محمود حمدي زقزوق ، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة ، 1422هـ ـ 2001م .