كتاب يحتفي بالأم الكردية:
صدور كتاب "هديل اليمامة في يوم القيامة" عن دار ميران – قامشلي
فراس حج محمد| فلسطين
عن دار ميران للطباعة والنشر في مدينة قامشلي، صدر مؤخرا كتاب "هديل اليمامة في يوم القيامة عن الأم الكردية فريدة علي"، بالتزامن مع الذكرى الـ 64 لحريق سينما "شهرزاد" في مدينة عامودا بتاريخ: 13 نوفمبر 1960.
يقع الكتاب في (224) صفحة من القطع الكبير، وصمم الغلاف الفنان هشيار لعلي، وعلى الغلاف الأخير كتب البروفسور جمال نبز كلمة مختصرة، يحيي فيها السيدة الشهيدة فريدة وأفراد أسرتها جميعا الذين غدوا "فداء وقربانا لحرية الكورد".
حرر الكتاب وجمع مادته الكاتب إبراهيم اليوسف، والباحث دلاور زنكي وهو ابن الأم المحتفى بها في هذا الكتاب المشار إليها في العنوان بهديل اليمامة، ويؤرخان فيه لتلك الحادثة المأساوية الموصوفة بالعنوان أيضا بأنها "يوم القيامة"؛ نظرا لما أحدثته من فزع وشدة ومصائب في المجتمع الكردي في المدينة، وقد ذهب بسببها (300) طفل وطفلة، ويسلط الضوء على دور الأم فريدة علي التي جسدت بأفعالها مثالًا حقيقيا للبطولة والتضحية، لقد خسرت هذه الأم طفليها في هذا الحادث، إلا أنها تجاهلت ذلك، وتسابقت مع آخرين لإنقاذ الأطفال ببطولة نادرة متحدية المخاطر ولهيب النيران، معتبرة أن كل طفل من هؤلاء الأطفال الأبرياء هو ابن لها.
يتضمن الكتاب شهادات ومقالات ونصوصا شعرية حول الحادث، وحول الأم فريدة، كما تناول فيها كتابها جوانب مختلفة من المسؤولية عن الحريق وأثره العميق في الذاكرة الكردية.
توزعت مادة الكتاب على ثلاثة أقسام، الأول كتابات باللغة العربية، وامتد إلى صفحة 163، بدأ بلوحة الأم الكردية فريدة علي حسكي؛ نسبة إلى بلدها "الحسكة"، لوحة مرسومة بريشة الفنان زبير شخموس، وانتهى بسيرة ذاتية لها، حيث ولدت عام 1920، وتوفيت رحمها الله عام 2003، ودفنت في بلدتها.
كتب في هذا القسم عن الأم فريدة علي الملقبة بأم الكل وأم الشهداء واليمامة، بالإضافة لابنها الباحث الذي استهل حديثه عن أخيه "محمد" أحد ضحايا الحريق، كل من: الشيخ توفيق الحسيني، حسن دريعي، عدنان محمد أبو نسرين، فارس عثمان، عبد الباري أحمه، عبد الحميد جمو، عبد الباري خلف، خالص مسور، وصلاح سيدا، هيفي عثمان صبري، حميد عثمان.
أما القسم الثاني فهو مكتوب باللغة الكردية، ويمتد من صفحة 165 وحتى الصفحة (200)، وساهم فيه كل من: Yadê Farida Elî، Mîral Zîlanî، Arşerk Baravî، Biyanî، Dilbirîn Mihemed، Fewaz Osê، Ehmed Mustefa، بالإضافة إلى Dilawerê Zengî (دلاور زنكي).
وخصص المحرران القسم الثالث لمجموعة من الصور، وبدأت بصورة صحفية للأم فريدة مع ابنها محمد في المستشفى، منشورة في مجلة المصور المصرية، عام 1960، ومن بين الصور، صورة يظهر فيها مجموعة من تلاميذ مدرسة الغزالي، التقطت قبل الحادثة المروعة بشهرين.
وثمة صور أخرى للضحايا أو لأضرحتهم، أو لأطباء وهم يعالجون المصابين، ومكان الحادث حيث توجه الناس لإنقاذ هؤلاء الأطفال، وصورة للنصب التذكاري الذي صممه الفنان الليبي محمود جلال، منشورا في مجلة "المصور"، وصورة لستة متهمين بالحريق.
وتبدو في بعض الصور سينما شهرزاد؛ بناء طيني قديم، وحسب ما أفاد به الكاتب إبراهيم اليوسف محرر الكتاب من خلال اتصال معه، وهو من كتب مقدمته أيضاً، أن ريع التذاكر في ذلك اليوم كان مخصصا لدعم الثورة الجزائرية، ويذكر أن السينما كانت تعرض فيلما عن جميلة بوحيرد أو فيلما آخر "جريمة منتصف الليل"، ويرجّح اليوسف أن الفيلم الآخر هو الذي كان يعرض. وعن أسباب الحريق فيرجح اليوسف أن ذلك الحريق حدث بسبب خلل فني، فالسينما قديمة ولا تتحمل عرض فيلمين متتابعين، وقد فعلوا ذلك لجمع أكبر مبلغ ممكن لدعم ثورة الجزائر. على الرغم من أنه لم ينف أن يكون الحادث مدبرا، كون المدينة كردية.
يكتسب هذا النوع من الكتب أهميته من أنه يوثق لبعض الأحداث والتاريخ المأساوي الذي عاشه الشعب الكوردي، ويعكس تضحيات بعض من أفراده والتضحية بالذات، وإعلاء شأن الجماعة والشعب على المصلحة الفردية والأنانية الذاتية، ومن الجدير بالذكر أن الكاتب إبراهيم اليوسف سبق أن أصدر كتاباً في 2016 يتناول فيه حادثة اغتيال مشعل التمو، وأعيدت طباعته هذا العام (2024).