ها قد بدأت الارض تتلفع باللون الاخضر،اما السماء فأخذت ترسم صورة من الزرقة والصفاء لتتوسطها شمسٌ ترسل خيوطها الذهبير المشرقة نورا جميلا ،من بين زغاريد الفرح ولدت هناك...
خرجت من الظلمة المخيفة الي عالم مزدهر بالألوان.. ترعرت بين احضان امي الحنون الذي كان حضنه لوحده قصة لن يعرفها الا من عاش حلاوتها !!كنا نعيش انا واني داخل كومة من القماش بال"الخيمة"مع العديد العديد من الناس حولنا.
مرت الايام فصولا تلو فصول.... وهاقد اتى فصل الشتاء ليحل زائرا على بيتنا،التصقت حينها عظامي ببعضها البعض من شدة البرد،اما امي فكانت تحاول تدفئتي بشتى السبل.. بردائها بغطائها بفراشها،امي يا اروع ام في الدنيا!كنا كذلك الى حين ما سمعنا صوت المطر القوي الذي جرف خيمتنا تاركا ايانا بلا مأوى ... دخلنا خيم جيراننا ومر فصل الشتاء على خير ...
سنين واعوام واشهر تحمل ذكريات تبقى في الوجدان،كان بجوار خيمتنا بستان كبير كنا نحبه جدا،كان فيه مخبؤنا السري-كما اسميناه انا ورفاقي-
حين اصبحت في السادسة من عمري دخلت المدرسة وسألني حينها استاذي عن والدي؛فلم اعرف بماذا اجيبه... والدي من والدي؟؟
رجعت الى امي لأسألها ذاك السؤال الذي حيرني... من والدي؟؟لتملأ دموعها المكان.. يتيم..هذا ما نادونني لا لست يتيما...اخذت ابكي اين والدي من والدي؟؟!
مر الدهر بسرعة مفجعة الى داهم مخيمنا جيش كبير ،قتل واسر ودمر،ابعدتني امي عن المكان،ولكني ابيت وصرخت صرخة عالية، فأتى عندنا جنود حاصرونا واخذوا امي ..لماذا امي؟؟لا..لا تأخذوها..
كنت في الثانية عشر من عمري تبعتهم .. وبحجارة رميتهم ..اخذوها..ووضعو الحديد في يديها اخذوها لمكان غريب جمعو في العديد من ابناء مخيمنا ونسائه، اطلقوا النار عليهم دفعة واحدة، سال دم امي، ذهبت لها فإذا هي جامدة بدون حراك..انا احمد يا امي،ارجوك انهضي..
امتلأ قلبي عداوة وحقدا ،لم اكترث لاحد، لا ام ولت اب ، ضائع بين جدران الحياة اخذني ابو محمد بعد جهد جهيد.. صرت كلما ارى وجوههم ارميهم بكل ما اجد من قوة كلاب بلهاء"هذا ماكانوا عليه"..
اخذوني اعتقلوني سلسلة بدون نهاية... مرت الايام وانت افكر بالانتقام لذاك المشهد المروع مئة شخص يقتلون دفعة واحدة
اجتمعت مع رفاقي تسعة شباب في السادسة عشر، ذهبنا لمخبئنا السري ووضعنا خطة للقضاء على جرذان العدو الغاشم قتلوا سالم، نهضنا منفضين، اخذنا معنا سكاكين واصبنا بجروح بليغة..
اخذوني اعتقلوني، ان اكون معهم هذا ما عرضوا علي.. ولكنني ابيت الخيانة ، فجهزوا حبل مشنقتي ، وفي صبيحة الخامس من آذار ذهبت من سجنب الى حبل موتي،بل لألاقي ربي...
انتقل احمد الى ربه بعد نضال وبسالة وصرا على موقفه ..لم يرض الخيانة،ليخر شهيدا للحق ...وتستمر الحكاية ، مئات بل آلاف الشهداء يسقطون يوميا لدفاع عن ارض سادها الظلام
بقلمي :فاطمة هاني عاصي عبدالله
اليرموك الثانوية للبنات
العاشر ب
fatima hani