المقدمة

السلوك هو النشاط الذي يعبر عنه الفرد من خلال علاقاته بمن حوله سواء بالفعل أو القول، وخلف كل سلوك دافع، فنحن لا نقوم بشيء إلا إذا كان هناك شيء يحركنا للفعل ونتوقع أن نحصل من خلال هذا السلوك على نتيجة؛ بمعنى أن السلوك يخدم وظيفة وقد يخدم سلوك واحد عدة وظائف. ويعد السلوك إشباع لحاجة لدينا حيث أنه إذا لم يحقق وظائفه فإنه سوف يختفي تدريجياً.
والسلوك الإنساني لا يحدث من فراغ وإنما في بيئة ما أو بوجود مثير معين، وهو نتاج تفاعل الفرد مع بيئته، ولأن البيئة تتغير فالسلوك أيضاً يتغير والعلاقة بين السلوك الإنساني وبيئته علاقة تبادليه فهو يتأثر بها ويؤثر فيها.

 تعريف السلوكيات :

وحتى نستطيع الحكم على السلوك لابد من توافر مجموعة من المحكات والتي من خلالها يمكن تمييز السلوكيات الشاذة أو السلوكيات غير المرغوبة.

  • تكرار السلوك:

تكرار السلوك يعني عدد المرات التي يحدث بها السلوك، في فترة زمنية محددة، فمعظم الأطفال يتشاجرون من حين إلى آخر. لكن البعض يتشاجر بشكل متكرر.

  • مدة حدوث السلوك:

بعض السلوكيات تعد غير عادية لأن مدة حدوثها غير عادية، فهي قد تستمر مدة أطول بكثير أو أقل بكثير مما هو عادي.

  •  شكل السلوك:

يعني ذلك الشكل الذي يأخذه الفرد أثناء قيامه بالسلوك. مثل شكل الجسم، الحركات والانفعالات المصاحبة للسلوك.

  • شدة السلوك:

يعتبر السلوك شاذا إذا كانت شدته غير عادية، فالسلوك غير العادي قد يكون سلوكاً قوياً جداً أو ضعيفاً جداً.

المعايير المساعدة في الحكم على السلوك :

هناك بعض المعايير الأخرى المساعدة في الحكم على السلوك منها:

  • المعيار الاجتماعي

أحد المعايير المستخدمة للتمييز بين السلوك الشاذ والسلوك السوي هو المعيار المرتبط بالعادات والتقاليد السائدة بالمجتمع. فلكل مجتمع عاداته وتقاليده وقيمته وهذه العادات والقيم تضع الحد بين ما هو مقبول وغير مقبول في ذلك المجتمع من سلوكيات.

  • ارتباط السلوك بالتطور النمائي للفرد

يعني ذلك مدى اتفاقه أو انحرافه عن معدلات النمو الطبيعي ويرتبط ذلك بـ:

  1. عمر الفرد الزمني
  2.  عمر الفرد العقلي
  3.  المشكلات الصحية التي يعاني منها
  4.  مستوى الحرمان الاجتماعي أو الاقتصادي
  • السلوك المستهدف (Target Behaivor)

ويسمى السلوك المراد تغييره في برامج تعديل السلوك بالسلوك المستهدف (Target Behaivor) وقد يكون سلوكاً اجتماعياً، أو غير ذلك وقد يكون الهدف تشكيله أو تقويته أو أضعافه وفي برامج تعديل السلوك يتم التركيز على الاستجابة ( Responses) وهي الوحدات السلوكية القابلة للقياس المباشر.

تعديل السلوك:-

أن عملية تعديل السلوك من أهم الفنيات التي تستخدم لعلاج المشكلات السلوكية لدى الأطفال بوجه عام سواء كانوا طبيعيين أو كانوا ذوي احتياجات خاصة وذلك من أجل توفير فرص جيدة للتكيف مع مجتمعهم بصورة طبيعية وبحيث لا يكون هناك غرابه في تصرفاتهم أمام الآخرين.

  • الأساليب الخاصة بتعديل السلوك :

أما عن الأساليب الخاصة بتعديل السلوك فهي كالتالي:
وهي عملية تغير السلوك نتيجة ملاحظة سلوك الآخرين (أي مشاهدة لنموذج معين) وهذه العملية أساسية في معظم مراحل التعلم الإنساني لأننا نتعلم معظم الاستجابة من ملاحظة الآخرين وتقليدهم، وكثيراً ما تكون عملية التعلم بالتقليد ،ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن توضع في الاعتبار تصميم برامج لها. ومن الأمثلة على ذلك تعلم الطفل أن يستأذن أثناء الدخول إلى الفصل، تعلم الطفل غسيل اليدين بعد الخروج من الحمام / رمي المهملات في السلة.

  •  التلقين Prompting

يقصد بالتلقين تقديم مساعدة أو تلميحات إضافية للشخص ليقوم بتأدية السلوك ، فالتلقين هو استخدام مثيرات تمييز يه إضافية بمعنى أنها تضاف إلى المثيرات التمييز يه الطبيعية المتوافرة بهدف حث الشخص على القيام بالسلوك. وهكذا، فالغاية من التلقين هي زيادة احتمالات حدوث السلوك المستهدف.

  • التشكيل (التقريب - التتابعي) Shaping

وهو يشتمل على تعزيز الاستجابة التي تقترب شيئاً فشياً من السلوك النهائي الذي لا يستطيع الشخص تأديته حالياً، وأول خطوة يتم تنفيذ عندها استخدام التشكيل هي تحديد السلوك النهائي المنشود، ثم يتم تحديد سلوك يستطيع الشخص القيام به.

  •  التسلسل السلوكي Behavioral Chaining

يتضمن هذا الأسلوب وصف السلوك الذي سيتم تعليمه من أجل تحقيق الهدف السلوكي بشكل تفصيلي ومرتب ويتم تجزئة السلوك المراد تعلمه إلى أجزاء صغيرة تكون بشكل متسلسل إلى أن يتم تحقيق الهدف النهائي بالتسلسل.

التعزيز Reinforcement

وهو عملية تدعيم السلوك المناسب ، أو زيادة احتمالات تكراره في المستقبل بإضافة مثيرات إيجابية ، أو إزالة مثيرات سلبية بعد حدوثه، ولا يقتصر وظيفة التعزيز علي زيادة احتمالات تكرار السلوك في المستقبل فقط ، فهو ذو أثر إيجابي من الناحية النفسية أيضاً.

أشكال التعزيز :-

  • التعزيز الإيجابي Positive Reinforcement

وهو ذلك المعزز الذي ظهوره أو أعطاه للفرد يزود تكرار السلوك في المستقبل ، وذلك من خلال تقديم المعزز الإيجابي للشخص عندما يقوم بذلك السلوك، أي أنه يظل يؤدي السلوك المرغوب فيه لأنه يعود عليه بالفائدة (التعزيز).

  • أهداف المعززات :-
  1.  اختيار المعززات الإيجابية المناسبة للفرد.
  2.  تقديم المعززات بعد حدوث السلوك المناسب فوراً.
  3.  تنويع التعزيز تجنباً للإشباع.
  4.  استخدام جدول التعزيز المناسب.
  5.  توفير المعززات بكميات تتلاءم والسلوك المستهدف.
  6.  تجنب إعطاء المعزز ( كرشوة) كي يتوقف الطفل عن البكاء أو الصراخ أو إيذاء الآخرين.
  7.  لا يعطى المعزز إلا بعد أن ينتهي الطفل من إتمام أو إنجاز العمل المطلوب.
  8.  الانسحاب التدريجي في تقديم المعززات في نهاية تعلم السلوك.
  • التعزيز التفاضلي Differential Reinforcement

وهو تعزيز الاستجابات المناسبة وتجاهل الاستجابات غير المناسبة، ومن الأمثلة على ذلك تعزيز الطفل عندما يلعب بطريقة مناسبة أو يطلب شيئاً بأسلوب مقبول أو ينتظر دوره، أو يساعد غيره. ويتجاهله عندما يتصرف بطريقة غير ناضجة أو بأسلوب عدواني .

  • التعزيز السلبي Negative Reinforcement

هو زيادة احتمالات تكرار السلوك في المستقبل وذلك بإزالة مثيرات منفرة عندما يقوم الشخص بتأدية ذلك السلوك، والتعزيز السلبي ليس عقاباً بل هو تعزيز، فالتعزيز يقوي السلوك بينما يضعف العقاب  .

- جداول التعزيز Schedules of Reinforcement

تنظم جداول التعزيز مواعيد تقديم التعزيز وتحدد أي الاستجابات سيتم تعزيزها. فالتعزيز إما أن يكون متواصلاً وإما أن يكون متقطعاً. وفي التعزيز المتواصل Continuous Reinforcement يتم تعزي السلوك في كل مرة يحدث فيها. وهذا التعزيز يستخدم عند تعليم سلوك جديد للشخص ومن سلبيات التعزيز المتواصل أنه:

  1.  قد يؤدي إلى الإشباع
  2.  قد يؤدي إلى إنطفاء السلوك عند توقفه وبذلك تقل احتمالات التعميم.
  3.  قد يكون متعباً ومكلفاً.
  4.  والبديل للتعزيز المتواصل هو التعزيز المتقطع Intermittent Reinforcement الذي يشمل تعزيز بعض الاستجابات التي تصدر عن الفرد وليس كل استجابة.
  • التعميمGeneralization

وهو أن السلوك الذي تم تعليمه للطفل في موقف تدريبي معين قد يحدث ثانية (أو سلوك مشابه له) في مواقف أخرى لم ينفذ فيها التدريب، ولذا ، فالتعميم هو أحد أوجه التعلم الهامة و بدونه سيحتاج الإنسان إلى أن يتعلم السلوك في كل موقف جديد يواجهه.

  • المحو / الأطفاء / التجاهل Extinction

وهو أسلوب يتضمن إلغاء التعزيز الذي كان يحافظ على استمرارية حدوث السلوك غير المناسب، فالتعزيز الإيجابي يقوى السلوك أما توقفه (التعزيز) فيضعف السلوك أو يمحوه والمحو أسلوب فعال للأسباب التالية:

  1. أنه أسلوب بسيط فكل ما يتضمنه هو تجاهل (عدم تعزيز) الشخص عندما يؤدي السلوك الغير مرغوب فيه.
  2.  أن عدداً كبيراً من الأنماط السلوكية غير مناسبة تعزز من خلال الانتباه إليها ولذلك فمحوها يتطلب تجاهلها.
  3.  أن التجاهل أمر بسيط يفعله الناس عموماً وبذلك فإن المحو أسلوب طبيعي وقابل للتنفيذ.

 المحو ظواهر سلوكية وإذا لم يتم فهمها وتوقعها فإن خفض السلوك باستخدامه يصبح أمراً متعذراً وهذه الظواهر هي:

  1. أن السلوك غير المرغوب فيه قد يزداد سوءاً في البداية.
  2. أن السلوك ينخفض تدريجياً وليس دفعة واحدة.
  3. قد يؤدي المحو إلى استجابات عدوانية وانفعالية غير مقبولة.
  4. قد يظهر السلوك مجدداً بعد إطفائه "وذلك يسمى بالاستعادة التلقائية".
  5. أن انتباه أي شخص للسلوك غير المناسب ولو مرة واحدة أثناء خضوعه للمحو كفيل بتعطيل عملية الإطفاء.
  • الثناء Praise

هو تعزيز اجتماعي شرطي يتضمن التعبير لفظياً عن الإعجاب بالسلوك، وبالإضافة إلى العبارات التي تنم عن الموافقة على السلوك يشمل الثناء أيضاً التعبير عن عواطف ومشاعر إيجابية.

  • مبدأ بريماك Premack Principle

ينص هذا المبدأ على أن السلوك الذي يظهره الشخص كثيراً "أو السلوك المحبب" يمكن استخدامه لتعزيز السلوك الذي يظهره قليلاً "السلوك الغير محبب" ويسمى هذا المبدأ الذي حمل أسم ديفيد بريماك David Premack بقانون الجدة Grandmas Law لأن الجدات استخدمته منذ القدم، فإذا قالت الجدة أو غيرها للطفل "كل الخضار أولاً وبعد ذلك اسمح لك بتناول الحلوى " أو "أدرس أولاً وبعد ذلك اخرج ألعب" فإن محاولة التأثير على السلوك تتم وفقاً لمبدأ بريماك.

  • التعاقد السلوكي Behavioral Contracting

هو أسلوب من أساليب تعديل السلوك الإنساني ويشتمل على تنظيم العلاقة بين المعالج و المتعالج من خلال عقد يوضح المهمة المطلوبة من المعالج والتعزيز الذي سيقدمه له المعالج في حال تأديته لتلك المهمة على النحو المطلوب..

  • التوبيخReprimanding

التوبيخ هو أحد أكثر الأساليب المستخدمة في الحياة اليومية لخفض السلوك غير المقبول ، وهو يشمل التعبير عن عدم الرضا عن السلوك بطريقة لفظية أو بطريقة إيمائية. والتوبيخ إجراء بسيط قابل للتطبيق بسهولة وهو ذو فاعلية كبيرة إذا تم استخدامه بشكل صحيح.

  • العقابpunishment

العقاب أقل وأضعف تأثيراً من التعزيز هذا ما أثبتته نتائج الأبحاث ويعرف العقاب علمياً بأنه إجراء يتبع السلوك أي بعد حدوثه مما يؤدي إلى خفض احتمالات تكرار السلوك في المستقبل .

  • التصحيح الزائد Overcorrection

التصحيح الزائد هو عقاب من الدرجة الأولى ويتضمن إرغام الشخص على إزالة الضرر الذي ينتج عن سلوكه أو ممارسة سلوك نقيض للسلوك غير المرغوب فيه.

  • الممارسة السلبية Negative practice

ويحاول هذا الأسلوب خفض السلوك غير المناسب من خلال إرغام الشخص على الاستمرار بتأدية ذلك السلوك بشكل متكرر (وهذا الأسلوب قليل في الاستخدام مع ذوي الاحتياجات الخاصة وهو يستخدم مع الأشخاص الطبيعيين في بعض العادات الغير حسنه مثل قضم الأظافر، مص الإبهام) والتفسير لاستخدام هذا الأسلوب هو أن الجهد الجسمي المتعب نسبياً الذي يبدله الشخص أثناء تأدية السلوك غير مناسب .

  • تكلفة الاستجابة (الغرامة)Response Cost

إجراء عقابي (من الدرجة الثانية) يتضمن حرمان الفرد من جزء محدد من المعززات المتوافرة له عند قيامه بالسلوك المراد خفضه.
ومن الأمثلة على استخدام تكلفة الاستجابة الحرمان من اللعب أو مشاهدة التلفاز أو المصروف اليومي أو وقت الاستراحة، أو الطعام.

  • الإقصاء العزلة، الوقت المستقطعTime out

وهو أجراء عقابي (من الدرجة الثانية) ويشمل سحب التعزيز الإيجابي لفترة وجيزة بعد قيام الشخص بالسلوك المراد خفضه مع الجلوس في مكان لا تتوفر فيه تعزيز أو حتى مغادرة المكان كاملاً.

تحديد السلوك:-

  • ملاحظة السلوك:

قبل عمل أي برنامج لعلاج السلوك غير الملائم يجب جمع كل المعلومات المتوفرة عنه ، التي تتعلق باين ومتى وكيف ولماذا يحدث السلوك، ولهذا فانه يلزم لتحقيق الهدف من برنامج تعديل السلوك يجب الاهتمام بملاحظة الطفل لعدة أيام .

  • استكشاف النتائج:

يجب أن يتوقع الأخصائي أو الأب ما يمكن أن يحدث لو أن سلوكا مشكلا لم يتم تعديله.، وقد يحدث عندما يتعامل الأخصائي مع سلوك غير مرغوب فيه أن يكون أساليب تفاعله معه محبطه للذات أحيانا.

  • دراسة البدائل:

إن السلوك الغير ملائم لا ينجم دائما بشكل مباشر عن الطفل ، ولهذا بعض البدائل التي تؤدي إلى تغيير سلوك الطفل ، ولهذا يجب دراسة بعض البدائل التي تؤدي إلى تغيير سلوك الطفل من اجل إنهاء المشكلة.

  • تحديد الهدف:

يحدد الهدف للطفل المراد تغيير سلوكه.،ولكن الهدف المحدد ليس إلا اقتراحا ، إذ قد يتفاوت حسب الطفل والموقع والأخصائي وتوقعات الأبوين ، فقد يكون من المرغوب أن نتخلص تماما من سلوك معين لاحد الأطفال بينما مجرد أضعاف ذلك السلوك إلى مستوى أدنى يعتبر إنجازا بالنسبة لطفل آخر ويجب وضع هدف معين في الاعتبار حتى نستطيع أن نقيس التحسس به.




المصدر: إعداد الأستاذ / أسامة أحمد مدبولى - أخصائي تربية خاصة وتنمية قدرات

ساحة النقاش

eltebi
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

274,571