يرى الجيولوجي الراحل الدكتور رشدي سعيد: " أن سواحل الصحراء الغربية تعد الامتداد الطبيعي لمصر المستقبل، ولاسيما مع بلوغ مصر حد الفقر المائي، وليس في تخصيصها للترفيه أو للسياحة، حيث يمكن إقامة محطات تحليل مياه البحر وكذلك الاستفادة من شدة سرعة الرياح ونسبة سطوع الشمس في إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة وذلك لإقامة مجتمعات عمرانية متكاملة تستطيع أن تسهم في جذب الزيادة السكانية من الوادي والدلتا."
وأرى إلى جانب هذا دعم اقتصاديات الأهمية النسبية لبيئة الصحراء الغربية، بما تملكه من تراث ثقافي فريد، وقيم بيئية وجمالية ذات أهمية دولية متميزة بعناصرها الطبيعية والجيولوجية والحضارية، وفيها الكثير من الأنواع النباتية والحيوانات والطيور النادرة والمهددة بالانقراض، وأيضاً محلاتها العمرانية وأديرتها ومعابدها وأثارها الشاهدة على التاريخ الاجتماعي والثقافي عبر مختلف العصور، والتي تحاكى حضارة البيئة الصحراوية، مما يؤهل الصحراء الغربية بجدارة لتصبح متحفاً طبيعياً مفتوحاً للاستثمار في مجال السياحة البيئية الدولية ومردوده الاقتصادي الكبير للمساهمة في زيادة الدخل القومي والتنمية المستديمة لهذا الإقليم الصحراوي المتميز.
الموقع
تشغل الصحراء الغربية المنطقة المحصورة بين الدلتا والوادي شرقاً والحدود المصرية الليبية غرباً، ومن البحر المتوسط شمالاً حتى الحدود المصرية السودانية جنوباً، وتمتد من الشمال للجنوب في مسافة 1000 كيلو متر ومن الشرق للغرب فيما بين 600-800 كم، وتبلغ مساحتها نحو 680 ألف كم2 تمثل أكثر من ثلثي مساحة مصر وتعادل أحد عشرة أمثال مساحة شبه جزيرة سيناء.
الهيكل الإداري
تعتبر محافظة الوادي الجديد أكبر محافظات مصر مساحة حيث تشغل (43,6%) من المساحة الكلية لمصر، وبما يشكل نسبة الثلثين لمساحة الصحراء الغربية البالغة 64,7% بالنسبة لإجمالي مساحة مصر وتشكل محافظتي الوادي الجديد ومطروح نحو 90% من مساحة الصحراء الغربية. وهناك عشر محافظات متاخمة للصحراء الغربية من الدلتا والوادي، أي لها ظهير صحراوي غربي، تشغل ما تبقى من المساحة حوالي 74 ألف كم2 (10%) وهى من الشمال إلى الجنوب: الإسكندرية، البحيرة، الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا وأسوان.
يتوزع حيز الصحراء الغربية بين أربعة أقاليم، هي: إقليم أسيوط (أسيوط والوادي الجديد)، إقليم الإسكندرية (الإسكندرية والبحيرة ومطروح)، إقليم شمال الصعيد (الفيوم وبني سويف والمنيا)، ثم إقليم القاهرة (القاهرة والجيزة والقليوبية)، وذلك من المنظور الإقليمي لإستراتيجية تنمية محافظات الجمهورية، حيث تنقسم مصر من المنظور القومي إلى سبعة أقاليم تخطيطية.
السكان
تبلغ المساحة المأهولة بمحافظتي الوادي الجديد ومطروح حوالي 2800 كم2 والتي لا تمثل سوى 0,5% من المساحة الكلية فيهما، وحسب تقدير السكان لعام 2010 يبلغ عدد السكان في هذه الصحراء الشاسعة حوالي 540 ألف نسمة بكثافة إجمالية تبلغ 89 نسمة/ كم2 وكثافة صافية تصل إلى 19 ألف نسمة/ كم2، وهى تقل عن مثيلتها بمحافظة القاهرة بمقدار 128 مرة.
وتعود جذور سكان مطروح والواحات الأصليين منذ زمن الفراعنة إلى "بربر الليبو"، ولكن عندما دخل العرب مطروح وسكنوها وصاهروهم تعرض العرق البربري تدريجياً للانقراض من مطروح بل من ليبيا كلها ولم يبق في ليبيا ومطروح إلا العرق العربي الأصيل من الأشراف أو بني سليم العدنانين. وحسبما ورد من ذكر القبائل العربية بالصحراء الغربية يمكن عرضها كما يلي:
- قبائل أولاد على الأبيض ( مطروح، الإسكندرية، البحيرة والفيوم) وهى: أبو بهية، البراهمة، الجريدات، الحفيان، الداؤدى، زيان، العقاري، اللحامى، مطير، الأفراد، العجارمة، العزايم، المغاورة، الموامنة، هارون والسناقرة.
- قبائل أولاد على الأحمر (مطروح) وهى: العشيبات، القنيشات والكميلات.
- قبائل السننة (مطروح والبحيرة) وهى: الشوالحة، العجنة، العراوة، القطيفة والمحافيظ.
- قبائل الجمعيات (البحيرة، مطروح، الجيزة، الفيوم والمنيا) وهى: البكاكرة، الخلافات، الشتور، العوايسة، القواسم، الموسة والنوحة.
- قبائل القطعان (مطروح والإسكندرية) وهى: الرحامنة، السماعنة، الفزارة، المريرات والمعابدة.
- قبائل المرابطين (مطروح، الإسكندرية، البحيرة وكفر الشيخ) وهى: الجبيهات، الجرارة، الحبون، الحوتة، الحدادة، الدهمان، الروقة، السالموس، السنينات، الشرارمة، الشواعر، الشهيبات، الصريحات، الصعيط، عميرة، العوامة، القريضات، المنفة، الموالك والهوارة.
- قبائل الرشايدة والغنايمة والفوارس وغيرها (الوادي الجديد)
التضاريس
تبدو صحراء مصر الغربية على هيئة هضبة عظيمة بارتفاع حوالى500 متر في المتوسط، حيث تتدرج من ارتفاع 100 متر من الجنوب وحتى منسوب 200 متر إلى الشمال بإطلالتها على البحر المتوسط، بينما يسجل جبل العوينات أقصى ارتفاع فيها (1934 متراً)، وكذلك تتدرج في الارتفاع من النيل شرقاً إلى العوينات غرباً. وتوصف الصحراء الغربية بأنها صحراء منخفضات وهضاب، حيث تتشكل من ثماني منخفضات وثلاثة هضاب من الجنوب إلى الشمال، هي:
- الهضبة الجنوبية من الصحراء وتنحدر شمالاً إلى منخفض الخارجة والداخلة.
- الهضبة الوسطى وتنحدر بلطف نحو الشمال بينما تشرف على منخفض الخارجة والداخلة بجروف شديدة الانحدار من ارتفاع نحو 300 متراً. ونشأت بهذه الهضبة منخفضات الفرافرة والبحرية والفيوم، وتنتهي عند بداية منخفضات سيوه والقطارة والنطرون.
- الهضبة الشمالية وتشرف على واحة سيوه في الجنوب، وعلى منخفض القطارة من علو 200 متر فوق قاعه، وهى تنحدر بلطف تجاه الشمال على البحر من علو 50 متراً تقريباً.
الربع الخالي في الصحراء الغربية
يحتل بحر الرمال العظيم مساحة 150 ألف كم2 بالصحراء الغربية ويمثل نحو 22% من مساحتها الإجمالية، أي يعد بمثابة الربع الخالي فيها لكونه مانعاً طبيعياً لأي تحركات عسكرية برية. ويتكون هذا العائق الطبيعي من: بحر الرمال، والكثبان الطولية (الغرود أوالسيوف) وأشهرها غرد أبو المحاريق الذي يبلغ طوله 350 كم، والكثبان الهلالية (البرخان)، ويمتد بحر الرمال بمحاذاة الحدود المصرية الليبية من سيوه وجغبوب شمالاً حتى مشارف الجلف الكبير جنوباً. وتؤكد دراسة جيولوجية أن سمك طبقة الرمال في هذا البحر العظيم لا يتعدى 30 سم والتي يقع أسفلها طبقة الحجر الرملي النوبي الذي يغطي خزان مياه جوفية ضخم يمتد من تشاد وليبيا إلى مصر بمساحة 3 مليون و485 ألف فدان، كما تؤكد إمكانية استغلال هذه المساحة في الزراعة والتنمية العمرانية.
محميات الصحراء الغربية
تسود في الصحراء الغربية الكثبان الرملية والأخاديد والواحات والهضاب الجبلية والوديان التي تغطي معظم أراضي غرب وادي النيل في مصر، وتحتوى بيئة الصحراء البكر على كثير من الظواهر الطبيعية والجيولوجية والحضارية وتنوعاً بيولوجياً في مملكتي الحياة البرية والبحرية. ويقع في نطاق الصحراء الغربية عدد عشر (10) محميات طبيعية، أي ثلث ما سجل من المحميات بمصر حتى الآن، على مساحة نحو 64 ألف كم2 (تعادل مساحة شبه جزيرة سيناء) وتمثل حوالي 43% من إجمالي مساحة المحميات الطبيعية في مصر، وهى من الجنوب إلى الشمال كالتالي:
- الجلف الكبير: محمية متنزه قومي طبيعي وثقافي بالجزء الجنوبي الغربي من محافظة الوادي الجديد ومساحتها 48523 كم2(تاريخ إعلانها 2007م)، حيث تتضمن عناصر طبيعية منها: جبل العوينات، النيزك، وادي صورة، كهف المستكاوى، وادي عبد الملك، وادي بخيت ووادي حمرا. وإن كانت المنطقة جافة في معظمها إلا أن الرسومات المجسدة على صخورها لأشكال الحياة تدل على مرورها بعصر جيولوجي مطير شهد معيشة النعام والزراف والغزلان ونمو أشجار الأكاسيا (السنط) وأشجار المرو.
- نيزك جبل كامل: محمية بمحافظة الوادي الجديد ( 2012م) وهى المحمية الجيولوجية رقم (5) على مستوى مصر، أما من حيث التصنيف كمحمية جيولوجية ـ فلكية، وتعد الأولى من نوعها بين المحميات الطبيعية المعلنة في مصر والخامسة عشر على مستوى العالم. وتقوم وزارة البيئة بإعداد خطة علمية لإدارة تلك الظاهرة الجيولوجية الفلكية النادرة وإعداد ملف لوضع هذه المنطقة على قائمة التراث الفلكي الطبيعي العالمي، في إطار اتفاقية التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو.
- الصحراء البيضاء: محمية صحارى بالجزء الشمالي من واحة الفرافرة ومساحتها 3981 كم2 (2002م)، حيث تنتشر على أرضية منخفض الطباشير وحدات جيولوجية على شكل أعمدة من الطباشير وعيش الغراب التي تكونت بفعل عوامل النحت بواسطة الرياح. وتتميز بتنوع البيئات مثل الوديان، التكوينات الجيومورفولوجية، الغرود الرملية، العيون الطبيعية، والمناطق الصخرية. كما تعتبر مأوى للغزال والكبش الأروي، وفيها تجمعات نباتية مميزة للنظام البيئي الصحراوي. إضافة إلى العيون المائية وبقايا آثار منازل قديمة من العصر الروماني وبقايا الأواني الفخارية التي كان يستعملها الإنسان في ذلك الوقت.
- الواحات البحرية: محمية للأثر الطبيعي بمحافظة الجيزة ومساحتها 109 كم2(2010م) وتضم ثلاث مناطق هي: الدست والمغرفة، جبل الانجليز(منديشه)، الصحراء السوداء. يمثل منخفض الواحات البحرية أحد المنخفضات الرئيسية بالصحراء الغربية ويقع بين محميتي سيوه في الشمال الغربي والصحراء البيضاء في الجنوب، وترجع أهميتها العالمية لما يتم فيها من أبحاث علمية بعد اكتشاف حفريات ثاني أضخم ديناصور في العالم، وما يوجد فيها من ثروات طبيعية وحضارية وثقافية.
- وادي الريان: محمية للأثر القومي الطبيعي بمحافظة الفيوم ومساحتها 1759كم2(1997م)، ويكتسب وادي الريان مكانته السياحية لكونه المكان الوحيد الذي يجمع بين البيئة الصحراوية والساحلية، لتجد علي أرضه الكثبان الرملية الناعمة والبحيرات المائية وأيضا المحميات الطبيعية، فهو يجمع بذلك بين بيئات جغرافية مختلفة، ويضم كذلك محمية برية حيوانية تشاهد فيها: الذئب، ثعلب الرمل، ثعلب الفنك، الغزال المصري والغزال الأبيض.
- بحيرة قارون: محمية أراضى رطبة بمحافظة الفيوم ومساحتها 1385 كم2(1989م)، في الجزء الشمالي الغربي بمنخفض وادي الريان، وتعتبر من أقدم البحيرات الطبيعية في العالم وهي البقية من بحيرة موريس القديمة. وفيها منطقة جبل قطراني من صخور الحجر الجيري التي تحتوي علي حفريات ثديية هامة وبعض الأشجار المتحجرة. وأيضاً بعض التكوينات الجيولوجية الهامة علمياً وتاريخياً وكذلك بعض المستنقعات المائية التي تحتوي علي مجموعات نباتية متنوعة. ويوجد بالبحيرة كثير من الطيور المهاجرة والمقيمة في فصل الشتاء. كما توجد بعض المناطق الأثرية الموجودة علي سواحلها منها الفرعونية والرومانية وكذلك بعض المناطق الجيولوجية القديمة وبها حفريات نباتية وحيوانية.
- قبة الحسنة: محمية جيولوجية بمحافظة الجيزة ومساحتها كيلو متر واحد (1989م)، وتتميز بتركيب جيولوجي معقد، وهو جزء من تركيب أكبر معروف باسم تركيب أبو رواش الذي يرجع إلى عملية تحدب حديث في أواخر العصر الكريتاسى أدت إلى تكوين سلسلة معقدة من القباب والمقعرات، حولت المنطقة إلى جزيرة من الكريتاسى الأعلى ظلت مرتفعة، ويقع على الخط الذي يربط الطيات المحدبة بمناطق المغارة بسيناء مارا بأبي رواش إلى الواحات البحرية، ولذلك فهي تمثل أهمية عالمية خاصة لدارسي علم الجيولوجيا.
- واحة سيوه: محمية صحارى وتراث حضاري بمحافظة مطروح ومساحتها7800 كم2(2002م)، تقع بين الحدود الليبية ومنخفض القطارة بالصحراء الغربية، وكان يسكنها جماعة من البربر يتكلمون اللهجة السيوية من اللغة الأمازيغية حتى دخلها العرب في القرن السابع الميلادي. تجد في واحة سيوه الغزال ذو القرون النحيلة المهدد بالانقراض، والثعلب الفينيقي، والقطط المهددة بالانقراض على مستوى العالم. كما تنفرد بمقومات طبيعية عن باقي واحات مصر، ويوجد فيها معبد تتويج الإسكندر الأكبر وأطلال مدينة شالي القديمة ومعبد آمون. وتطل على بحر الرمال العظيم وفيها الواحات المندثرة والقرية المتحجرة والقواقع المتحجرة منذ ملايين السنين. وتتمتع بوجود عيون طبيعية ساخنة وكذلك الرمال الساخنة التي تستغل في العلاج الطبيعي وعلاج الروماتيزم والروماتويد وآلام المفاصل.
- منطقة العميد: محمية صحارى ومحيط حيوي بمحافظة مطروح على مساحة700 كم2(1986م) ، تقع على الساحل الشمالي الغربي بالسهل الداخلي، على بعد 83 كم غرب مدينة الإسكندرية وتبعد حوالي 200 كم عن مدينة مطروح شرقا، كما تمتد بطول حوالي 30 كم على ساحل البحر المتوسط بعمق حوالي 23,5 كم إلى الجنوب من الساحل. وتشمل المنطقة نماذج عديدة ومتباينة من التجمعات البيولوجية وأنماط الأراضي والمستوطنات السكانية الصحراوية، وبذلك أعلنتها منظمه اليونسكو خلال عام 1981 ضمن شبكه محميات المحيط الحيوي الدولية.
- منطقة السلوم البحرية: محمية بحرية بمحافظة مطروح ومساحتها 383 كم2 (2010م)، في الركن الشمالي الغربي على الحدود المصرية مع ليبيا ويقع الجزء البحري منها في المياه الإقليمية المصرية بالبحر المتوسط، بالإضافة إلى جروف السلوم وجزء ساحلي يمتد لمسافة حوالي 500 متر بعمق النطاق الساحلي. وهي أول محمية بحرية خالصة مضافا إليها شريط برى ساحلي يحيط بها لحماية الأنظمة البرية والساحلية. وتعد من أغني المناطق من حيث التنوع البيولوجي للأسماك, ويعد إعلانها محمية تصدياً للعديد من المشكلات البيئية مثل تدهور التربة وتعرية السواحل وتغير المناخ والاستخدام الجائر للموارد الطبيعية وفقد التنوع البيولوجي. كما تحتوى على مظاهر جغرافية متميزة مثل منطقة المد والجزر والكثبان الرملية والجرف والمنخفضات الملحية والهضاب الساحلية والمرتفعات، بالإضافة إلى نظم بيئية بحرية حساسة مثل الحشائش البحرية وبيئات الأعماق الضحلة ومتوسطة العمق.
الثروة المعدنية
- البترول والغاز الطبيعي: تتصدر منطقة الصحراء الغربية قائمة المناطق الأكثر تحقيقا لإنتاج البترول والغاز الطبيعي (2010 م)، وقد ساهمت بنحو نصف إجمالي إنتاج مصر من البترول الخام والمتكثفات خلال عامي 2011/2012 كما ساهمت بنحو 22% من إجمالي الإنتاج من الغاز الطبيعي وحققت 58 اكتشافاً للبترول الخام والغاز الطبيعي.
- الذهب: أدى الاستكشاف التعديني بمناطق في جنوب الصحراء الغربية إلى اكتشاف معدن الذهب في ثلاث بيئات مختلفة مصاحباً لمكون الحديد الشرائطي من المجنتيت والكوارتز، كما يتواجد الذهب مع النحاس والكبريتيدات في صخور الكوارتز نيس، أما النوع الثالث فيتواجد في عروق الكوارتز ونطاقات التغيير المحيطة بها.
- الحديد: تتواجد رواسب الحديد في الواحات البحرية، باحتياطي يقدر بنحو 360 مليون طن، والتي تستغل في حالياً في تغذية مصنع الحديد والصلب بحلوان عبر خط السكك الحديدية الذي يربط بينه وبين مختلف مواقع الخام، ويبلغ الإنتاج حوالي مليون طن سنويا.
- الفوسفات: تمثل هضبة أبو طرطور الواقعة بين الواحات الداخلة أضخم راسب من الفوسفات في مصر حيث يقدر الاحتياطي من الخام بنحو مليار طن، غير أنه توجد بعض العقبات التي تحول دون استغلاله الاستغلال الأمثل وذلك لوجود نسبة ملحوظة من الشوائب مما يزيد من تكلفة إنتاجه.
- الجبس: توجد بالنطاق الساحلي جباسات الغربانيات والحمام ومنطقة العميد إلى الغرب من الإسكندرية، حيث يقدر احتياطي الجبس بنحو 16 مليون طن.
- الحجر الجيري: تنتشر محاجر الحجر الجيري بطول إقليم مريوط لأغراض البناء والتشييد.
- الملح: طرحت هيئة الثروة المعدنية (2012م) مزايدة لاستغلال نحو 3600 كم2 بالسواحل البحرية شمال الصحراء الغربية والصالحة لإنتاج الملح، وذلك بهدف سد الفجوة الموجودة بين الاستهلاك والإنتاج المحلى والمقدرة بنحو 1,3 مليون طن. وسيتم إنتاج مليون طن مع بدء استخراج الملح بهذه الشواطئ، ناهيك عن أهمية الملح لكثير من الصناعات الهامة.
المياه واستزراع الصحراء
يؤكد المشهد الجيومورفولوجى بالصحراء الغربية قحولة أراضيها، ولكن يمكن الاستفادة من كمية المياه المهدرة بواحة سيوه والتي تسببت في تكون عدد من البحيرات التي تحولت بفعل درجات الحرارة المرتفعة إلى سبخات ملحية على مساحات كبيرة. وذلك برفع هذه المياه الجوفية الزائدة عن حاجة سيوه ونقلها لمسافة 300 كم شمالاً لاستزراع حوالي 750 ألف فدان قد تسهم في الاكتفاء الذاتي من القمح. وهناك بمحافظة أسوان منطقة غرب كوم أميو التي تتميز بتربة ذات خصوبة، تعود لبقايا ضفاف نهر قديم كان يجرى في الأزمنة الجيولوجية القديمة، وتبعد بمسافة 50 كم على أرض منبسطة لمسافة 120 كم بعرض 20 كم، وارتفاعها أقل من 150 متراً مما يؤهلها للحصول على المياه من بحيرة السد دون حاجة لاستخدام ماكينات الرفع.
وتؤكد دراسة للاستشعار عن بعد، نشرت نتائجها عام 2007م في المجلة العلمية للبيئات القاحلة، خريطة تفصيلية للشبكة النهرية لحوض نهر قديم أُطلق عليه اسم (نهر توشكي) في منطقة شرق العوينات، قدرت مساحته بحوالي 150 ألف كيلومتر مربع، ويعتبر هذا الحوض من حيث المساحة ثاني أكبر الأحواض المائية القديمة بمصر بعد حوض نهر النيل، وعليه قامت الدولة ومازالت بحفر مئات من الآبار في هذه المنطقة لاستخدام مياهها في أغراض الزراعة حاليا.
مشروعات التنمية بالصحراء الغربية
- مشروع الساحل الشمالي الغربي: ويهدف إلى توطين نحو 5 ملايين نسمة، وربط المنطقة بكافة محافظات مصر، ودمجها مع دول حوض البحر المتوسط والدول العربية المجاورة. ويعتبر هذا المشروع ذا إمكانات عالية للتنمية، حيث الجو المعتدل وقرب المنطقة من العمران القائم وسهولة الوصول إليه وإمكانية توفير المياه من خلال تحلية مياه البحر، إلا أن هناك بعض معوقات لتنفيذ هذا المشروع أهمها مشكلة وجود الألغام.
- مشروع منخفض القطارة: ويهدف إلى توفير طاقة كهربائية حوالي 2500 كيلووات/ساعة سنويا، وتوطين نحو 4 ملايين نسمة من سكان الدلتا والوادي، وتوفير فرص عمل لهم في المجال الصناعي. والحد من مخاطر ارتفاع منسوب سطح البحر وإنقاذ شمال الدلتا من الغرق، ويقدر إجمالي تكلفة المشروع بنحو 55 مليار جنيه مصري. ويواجه المشروع مخاوف من احتمالية تعرض المنطقة للزلازل. وهذا المشروع لم يتم حتى الآن لعدة أسباب منها: ارتفاع تكاليف حفر قناة المشروع، ورفض القوات المسلحة لصعوبة تأمين الصحراء الغربية بعد أن تفصلها القناة إلى شقين، وكذلك وجود آبار في المنخفض ضمن امتيازات لشركات التنقيب عن البترول حتى عام 2029 م.
- مشروع توشكي: ويهدف إلى تنمية جنوب الصحراء الغربية، بإضافة 540 ألف فدان للرقعة الزراعية حتى مليون فدان، تروى بمياه النيل عبر ترعة الشيخ زايد. ويمكن توفير 2,8 مليون فرصة عمل جديدة وتوطين نحو 16 مليون مواطن وأسرهم.
- مشروع شرق العوينات: ويستهدف إضافة نحو 230 ألف فدان للرقعة الزراعية تروى من مياه الخزان الجوفي، وتوطين ما بين 30 ـ 50 ألف نسمة، وتوفير نحو 20 ألف فرصة عمل، بتكلفة استثمارية إجمالية 5,3 مليارات جنيه ويستغرق تنفيذ المشروع 10 سنوات.
- مشروع تنمية تخوم وادي النيل: ويستهدف استصلاح 927 ألف فدان بالوادي الجديد، و500 ألف فدان بترعة الوادي الجديد، و427 ألف فدان بشرق العوينات، والفرافرة وسهل القراويين والداخلة والخارجة. وعلى الرغم من مزايا هذا المشروع من حيث توفر الموارد المائية والأراضي القابلة للاستصلاح إلا أنه تم تبنيه عام 1997 وتوقف تنفيذه بعد ذلك.
- المزارع السمكية الصحراوية: هناك تجارب ناجحة لتربية واستزراع الأسماك بتجمعات المياه في أراض صحراوية من خلال استغلال خزانات المياه الموجودة بواحة سيوه، مما يبشر بإمكانيات التوسع في تلك التجارب وتطويرها لتنمية الثروة السمكية. وكذلك في الوادي الجديد والتي يمكن تعميمها في شكل مشروعات صغيرة للشباب ثم يتم طرحها بعد ذلك في مشروعات استثمارية بشكل أكبر في الداخلة والفرافرة .وتتميز هذه المزارع السمكية الصحراوية بخلو إنتاجها من أنواع من البكتريا والفطريات المعتاد تواجدها في أسماك المزارع العادية أو مياه البحر، كما تتميز الأسماك الصحراوية بالصحة والنقاء.
تحديات التنمية في الصحراء الغربية
- توفر المياه: ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال استخدام تقنيات الزراعة الحديثة واستغلال مصادر المياه الجوفية، بما توفره التكنولوجيا النووية من إمكانيات، وكذلك توفير المياه من تحليل مياه البحر في المناطق الساحلية، من خلال الطاقة الشمسية في حال تنميتها.
- ثقافة الصحراء: تعد أساليب التعايش مع الصحراء من المعوقات الرئيسية لانتقال السكان من الوادي والدلتا للمعيشة في المجتمعات الصحراوية، لاختلاف المناخ والتضاريس والموارد واختلاف الأنشطة الاقتصادية. ولا يحدث هذا إلا برفع الوعي المجتمعي بثقافة الصحراء للتعايش مع البيئة الصحراوية وتطويعها للتنمية المستديمة، ومن هذه المعوقات أيضاً: اختلاف أساليب الزراعة ونوع المحاصيل بالمناطق الصحراوية عن الوادي والدلتا مما يتطلب إعادة تأهيل الزراعيين، والاستعانة بالخبراء في كافة المجالات لتأهيل العناصر البشرية للتعايش مع الصحراء، وتطويع العلم والتكنولوجيا لتحقيق هذا الهدف.
- الألغام والأجسام القابلة للانفجار: تنتشر الألغام الأرضية الناتجة عن معارك الحرب العالمية الثانية على مساحات كبيرة في منطقة الساحل الشمالي، ويتوقف البدء في مشروعات التنمية على خلو المنطقة من هذه الألغام، ونظرا لارتفاع تكاليف إزالتها ، فإن ذاك يشكل إعاقة لعمليات التنمية الصناعية والتنقيب عن البترول، وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة بالإضافة إلى إعاقة عمليات التنمية الزراعية.
- شبكات النقل والمواصلات: تعتبر شبكة الطرق والمواصلات أحد محددات إقامة المشاريع التنموية نظرا للتكاليف الباهظة التي تحتاجها عملية الربط بين محاور التنمية في الصحراء، وهو ما يستدعي تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في وسائل النقل المختلفة، والمشاركة في إنشاء مجموعة من الطرق البرية تساعد على إحداث النهضة المطلوبة في الصحراء.
- التغيرات المناخية المحتملة: يتوقع غرق بعض المناطق من الساحل الشمالي وسواحل البحر الأحمر، مما يستدعي ضرورة تغيير هياكل التنمية لصالح الأنشطة التنموية الأقل استهلاكا للمياه كالصناعة والخدمات، وتقليل الاعتماد على الزراعة الصحراوية، أو على الأقل إخضاع التراكيب المحصولية المستهدفة لمعيار كفاءة استخدام مياه الري.
ويمكن حصر أهم المشكلات البيئية بالصحراء الغربية في: ظاهر التصحر وقحولة الأراضي، انخفاض الإنتاجية النباتية والحيوانية وفقر المراعى الطبيعية، تدهور النظم البيئية بالساحل الشمالي الغربي، تشبع التربة بالماء (الغدق) في منخفض سيوه وقارة أم الصغير، ألغام الحرب العالمية الثانية والتوسع في إجراء المناورات والتدريبات العسكرية.
لقد أصبح من فرص وتحديات التوسع في الصحراء، أن نلجأ إلى تعزيز أبحاث الاستغلال الاقتصادي للطاقة الشمسية بدلالة امتلاك هذه المنطقة لأعلى معدل سطوع للشمس في العالم، بما يتجاوز ثلاثة آلاف ساعة تكفى لتوليد طاقة شمسية على مدار السنة بمقدار 6 كيلووات/ ساعة/ م2/ يوم في المتوسط، بما يعـادل مليون برميل نفـط لكل كيلومتر مربع سـنويا، وهكذا يمكن استخدام الطاقة المتولدة من الطاقة الشمسية في تحليل مياه البحر.
وكذلك يمكن اللجوء لاستخدام التكنولوجيا النووية السلمية في تحطيم قيود توفير المياه والطاقة وضبط العلاقة بين التربة والمياه والنبات واستحداث نباتات قادرة على التعايش مع ظروف البيئة الصحراوية الصعبة وغير ذلك، لتحقيق المشروع القومي للخروج من الوادي والدلتا بالانتشار السكاني وتأكيد العمران البيئي بالأراضي القابلة للتنمية في الصحراوات والسواحل المصرية، ومنها صحراء وسواحل مصر الغربية، في ظل معضلة استيعاب قدر من هذه الزيادة السكانية في مصر والتي تقدر بنحو 60 مليون نسمة // سنة 2052م.
ساحة النقاش