الاحتراق النفسي للمعلم
تؤدي الضغوط الداخلية والخارجية التى يتعرض لها المعلم إلى استنزاف جسمي وانفعالي، وأهم مظاهره فقدان الاهتمام بالتلاميذ وتبلد المشاعر، ونقص الدافعية، والأداء النمطي للعمل، ومقاومة التغير وفقدان الابتكارين. ويؤدي افتقاد المعلم إلى الدعم الاجتماعي ومهارات التكيف لمستوى الأحداث إلى زيادة احتمال وقوع المعلم فريسة للاحتراق النفسي وتعدد مصادر الضغوط المسببة للاحتراق النفسي للمعلم بين سلوك التلاميذ، وعلاقة المعلم بالموجه، وعلاقته العلمية بزملائه، والصراعات المدرسية، وعلاقة المعلم بالإدارة، والأعباء الإدارية، وضيق الوقت، وغياب التفاهم بين المعلم والإدارة، والمعلم وأولياء الأمور.
وتشير دراسة «شواب وايوانيكى» إلى أن صراع الدور أدى إلى الإجهاد النفسي وتبلد المشاعر، كما أن المعلمين من فئة العمر (20-39) كان لديهم إجهاد نفسي أكثر من المعلمين في عمر خمسين عاماً فأعلى، كما أظهر المعلمون الذكور اتجاهات سلبية نحو التلاميذ أشد من اتجاهات المعلمات(كمال رواني وأتمار الكيلاني - 1989).
ومن مظاهر الاحتراق النفسي فقدان الحماس للاهتمام بالعمل وبعملائه واللامبالاة، ويعيش المعلم العربي في مناخ تنظيمي معقد وبارد: فصول مكدسة بتلاميذ ينتمون إلى مستويات وأسر مختلفة، يفتقد أغلبهم الاهتمام بالتعليم، ويظهر ذلك في محاولاتهم الخروج على النظام، وتكبله سلطات بيروقراطية متربصة به وبعمله.
ويشعر المعلم بالعزلة، وغياب المساندة، والتجريد من السلطات، والنظرة المتشككة إلى ولائه وأدائه، والاستهتار بآرائه وخبراته عند إدخال تغييرات في العملية التعليمية، ويفتقد مؤازرة النقابات والتنظيمات المهنية كغيرها من نقابات المهن الأخرى، وتطارده الصورة المهزوزة التي يكرسها الإعلام الجماهيري عنه.
ومن بين العوامل المسببة لإحباط المعلم واحتراقه النفسي تدخل الآباء في عمل المعلمين. فكثير من الآباء يجادلون المعلمين في عملهم، ويخطئونهم في أساليب تعاملهم مع أبنائهم، ويتشككون في قدراتهم وكفاءتهم، مما يهز ثقة المعلم في نفسه، ويقلل من كون التعليم مهنة مغلقة ويحولونها إلى مهنة مكشوفة يتزاحم فيها غير المؤهلين سواء من الآباء أو من معلمي الضرورة غير المؤهلين.
وتؤدي هذه الضغوط إلى سلب المعلم هويته المهنية المتخصصة دون غيره من المهن الأخرى في المجتمع.
كما يتصل بالظاهرة نفسها انخفاض المكانة الاجتماعية للمعلم، فيلاحظ تقرير «لجنة هولمز» الأمريكية أن الطلاب لم يعودوا يقبلون على دراسة التربية ليعملوا بالتدريس، ولم تعد تلك الدراسة تلقى إقبالاً يماثل الإقبال على الدراسات الأخرى التي تؤهل الطالب لممارسة مهن تتمتع بقدر أكبر من المكانة الاجتماعية، أضف إلى هذا أن التدريس مهنة لا يحظى ممارسوها بالتقدير المادي المناسب (مجموعة هولمز- 1978).
فالمعلم يصاب بالاحتراق النفسي في ظل العوائق التي تحول دون قيامه بمهمته المهنية بشكل كامل بما يصيبه بالإحباط وضعف الدافعية.
ثلاثة أمثلة عن تضارب الأدوار لدى المعلمين وهي :-
<!--حجم ونوع العمل الموكل إلى المعلم قياسا إلى الوقت المخصص له .
<!--ازدحام الفصول بطلاب من ذوي المستويات والقدرات المختلفة كالمعاقين ممن يفترض تلبية احتياجاتهم من قبل المعلم في آن واحد مع أقرانهم العاديين .
<!--حل المشكلات المتعلقة بسلوك الطلاب وانضباطهم مع قلة او غياب المساندة من الإدارة وأولياء الأمور .
وهكذا يكتشف أن معظم وقته مستغرق في المحافظة على النظام والانضباط لدى الطلاب بدلا من تكريسه للتدريس إن تضارب الأدوار والذي يعد مصدرا وسببا للإجهاد العصبي من شأنه أن يؤدي أيضا إلى الاضطراب السلوكي المصاحب للتكيف الوظيفي
وانخفاض درجة الرضا والقناعة وارتفاع مستويات الضغوط النفسية ويعاني المعلمون ن العديد من أوجه التناقض على المستويين الشخصي والمهني ويعزي ذلك إلى ما يلي :-
<!--غياب أدوات الضبط اللازمة بالنظام التربوي
<!--اضطرار المعلم إلى تقديم خدمات تربوية وتعليمية دون المستوى المطلوب للطلاب الذين يقعون تحت رعايته (البتال- 1999 ).
المراجع :
<!--البتال - زيد محمد , الاحتراق النفسي لدى معلم التربية الخاصة (1999) " بحث مقدم في ندوة الإرشاد النفسي والمهني من أجل نوعية أفضل لحياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة" . جامعة الخليج العربي . البحرين
<!--رواني والكيلاني - كمال و أتمار , مستويات الاحتراق النفسي لدى معلمي المدارس الحكومية في الأردن ، المجلة التربوية ، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، ع (19) أ (5)، شتاء 1989 ..
<!--مجموعة هولمز , تقرير مجموعة هولمز لتطوير التعليم وإعداد المعلمين بالولايات المتحدة :: معلمو الغد:. مكتبة التربية لدول الخليج، الكويت 1987، ص 30 .