تعليم الطفل : دراسات ومقالات ...موقع د/ أماني حامد مرغني

موقع يعرض الموضوعات التربوية والتعليمية

التربية المدرسية هي التي تتم في إطار المؤسسات المدرسية ، حيث ينتظم الطلاب حسب أعمارهم في صفوف ومراحل متعاقبة : المرحلة الابتدائية ، ثم المرحلة المتوسطة ، ثم المرحلة الثانوية ثم مرحلة التعليم العالي . وكل مرحلة تهدف إلى إعداد المتعلمين للمرحلة التي تليها ، ويتسم التعليم هنا بالتنظيم وفق قواعد مقننة في الدراسة والتقويم وممارسة الأنشطة التربوية وغيرها .  فالمدرسة بيئة تربوية تزود التلاميذ بالعديد من الخبرات التربوية التي تتم تحت إشرافها لإكساب التلاميذ مجموعة من المعلومات ، والمهارات، والاتجاهات المرغوبة . وهو ما يعرف بالمنهج.

وللمناهج تقسيمات كثيرة ، ولكن ما يهمنا هنا تقسيمه إلى منهج رسمي ومنهج غير رسمي.

والمنهج الرسمي هو المنهج  المعلن الذي تتبناه الدولة وتقره في مدارسها ، ويعد بتكليف منها ، وتقره وتعترف به أداة للتربية والتعليم .وهو المنهج الذي يقوم بتنفيذه المعلم داخل المدرسة. أي أنه منهج مخطط له ، ويتم بصورة مقصودة ، وفيه يبذل المدرسة قصارى جهدها لتحقيقه على أكمل وجه.

ولكن هناك مجموعة من القيم المكتسبة الناتجة عن التفاعل الاجتماعي في المدرسة تتم بدون تخطيط وتؤثر بدرجة كبيرة في سلوك التلاميذ ، وتؤثر أيضا في المنهج الرسمي. فالمجتمع المدرسي يتكون من مجموعة من الأفراد تربطهم شبكة من العلاقات الاجتماعية ، يعملون في إطار من المشاركة وتبادل الرأي والخبرة .

  

وتعرف هذه القيم المكتسبة بدون تخطيط بالمنهج الخفي ، وله مسميات كثيرة منها المنهج الصامت والمنهج الضمني والمنهج المستتر ، وقد يطلق عليه أحيانا بالمنهج غير الرسمي ، أو المنهج المغطى.

 ولا يوجد اتفاق موحد على تعريفه ، فقد عُرف تعريفات عديدة، معظمها يركز على التفاعل الاجتماعي والقيم المكتسبة.

   فقد عُرف المنهج الخفي بأنه: المنهج المتكون من السلوك والقيم التي تعلم للتلاميذ بواسطة المدرس أو المدرسة من غير تخطيط. كما أنه أيضاً يعرف بأنه مخرجات المدرسة غير الأكاديمية.

وعُرف بأنه الخطوات التي تتم في المدرسة، والتي تشمل القيم المكتسبة والتفاعل الاجتماعي التي يتعلمها المتعلمون بدون تخطيط.

وعرف بأنه ما يتعلمه الطلبة كنتيجة للتفاعل الاجتماعي داخل الفصل الدراسي.
ومما سبق يمكن تعريفه بأنه الخبرات التي يكتسبها التلاميذ بدون منهج رسمي بدون تخطيط مسبق وبدون قصد نتيجة التفاعل الاجتماعي في المدرسة ، فيتعلمون أشياء لا تتضمنها أهداف المنهج الرسمي.

          وعملية تحديد المنهج الخفي والتحكم فيه عملية في غاية الصعوبة ، إذ كيف يتم لهم ضبط شيء لا يرى ولا يتوقع ولا تعرف طبيعته ، ولايمكن السيطرة عليه بالأنظمة والقوانين أوالكتب والتعليمات .

وعلى ذلك فالمنهج الخفي له خطورته وتكمن خطورته في :

·        أنه لا يمكن التحكم فيه ولا تحديد أسسه أو أصوله .

·        قد يكون هناك تناقضا بينه وبين المنهج الرسمي.

·        قد يعمل على إضعاف قيمة المنهج الرسمي.

·        قد يحدث نوعا من لصراع بين المنهج الرسمي وبينه .

ويظهر المنهج الخفي خلال :

تعامل المعلمين مع الطلاب ، وتعامل المعلمين مع بعضهم البعض ، وخلال أحاديث المعلمين العلمية والفكرية ، وخلال الأنظمة والقوانين والتعليمات التي تفرض على الطلاب، وحتى طريقة جلوسهم في الفصل ، وطريقة مزاولتهم للأنشطة .أي أنه يظهر في أي شكل من أشكال التفاعل الاجتماعي داخل المدرسة .

أمثلة على المنهج الخفي

·   يؤكد المنهج الرسمي على أهمية الصلاة لوقتها ويخصص الكثير من الوقت لشرح الأدلة لتوضيح هذه الأهمية ووجوبها  ويتناولها المعلم بالشرح والتفسير . وبالرغم من ذلك يجد المتعلم المعلم نفسه لا يحرص على أداء الصلاة لوقتها . وهذا ما يسمى بمخالفة الأقوال الأعمال .

  • تؤكد أهداف المنهج الرسمي على أهمية العدل والمساواة بين التلاميذ ونجده يحابي بعض التلاميذ على البعض الآخر بسبب أو لآخر.
  • يؤكد المنهج الرسمي على أهمية النظام والترتيب والحفاظ علية ، بينما يجد التلاميذ معلمهم غير حريص على ذلك ، فيجدونه يكتب كتابات مبعثرة على السبورة ، ولا يحاول تحسين خطه ، ولا يحرص على نظافة السبورة وتنسيقها .

وقد يكون للمنهج الخفي مزايا حينما يؤكد على قيم إيجابية تكتسب من خلال القدوة الحسنة ،التي تعمل على تحقيق الانضباط النفسي والتوازن السلوكي للطفل ، فالأطفال ينظرون لمن يكبرهم نظرات دقيقة فاحصة ويتأثرون بسلوكهم دون أن يدركوا ، فلا يسهل على الطفل إدراك المعاني المجردة ، ولذا فهو لا يقتنع بتعاليم المربي وأوامره بمجرد سماعها ، بل يحتاج إلى مثال واقعي يدعم تلك التعاليم في نفسه، ويجعله يقبل عليها ويتقبلها ويعمل بها .

للإفادة من المنهج الخفي يجب :

·        تكوين الوعي بأهمية التعامل الإنساني مع المتعلمين .

·        الاستماع لآراء المتعلمين ومناقشتهم فيها .

·        تدريب المتعلمين والمسئولين بالمدارس على فنون التعامل الإنساني لتمكينهم من أداء وظيفتهم .

·        تنمية القدرة على النقد والبعد عن التقليد الأعمى .

·        تعزيز السلوكيات الإيجابية وتدعيمها للتقليل من الأثار السلبية للمنهج الخفي والحد من نتائجه غير المرغوب فيها ,

·        تقوية الوازع الديني .

وخلاصة القول أنه من السهل تأليف كتب ومناهج تربوية ولكن من الصعب إيجاد قدوة حسنة في زمن قلت فيه القدوة والنماذج التي يحتذى بها .

إن المنهج الخفي حقيقة تربوية لا نستطيع إغفالها أو إلغاء تأثيرها الإيجابي والسلبي في سلوكيات المتعلمين ، ولهذا ينبغي توجيه هذا المنهج توجيهاً سليماً لتكون آثاره وثماره نتائج إيجابية تظهر في سلوكيات المتعلمين.

المصدر: د/ أماني حامد مرغني - كلية التربية – جامعة أسيوط – جمهورية مصر العربية كلية التربية للمعلمات – جامعة الملك خالد – المملكة العربية السعودية
  • Currently 170/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 13866 مشاهدة
نشرت فى 18 مايو 2010 بواسطة edu-child

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

23,048