القرض الحسن وإشكالية تدهور القيمة الحقيقية للنقود
في النظام النقدي المعاصر
موضوع "القرض الحسن" يمثل أحد القضايا المعاصرة في حياة المسلمين، مما يستدعي استمرار الاجتهادات البحثية لاستبيان طبيعته في إطار المقصود الشرعي، خاصة وأن ثمة نظماً نقدية متغايرة تماماً عما كان مأخوذاً به في المراحل الأولى من حياة الدولة الإسلامية، وهي نظم لها خصائصها ومعاييرها التي تختلف بشكل جذري عن خصائص ومعايير النظم النقدية المعاصرة .
وتحاول كافة النظم الاقتصادية المعاصرة تطبيق سياسات نقدية ومالية متنوعة تستهدف ملء الفراغ الآخذ في الاتساع مهدداً التوازن الاجتماعي . وذلك من خلال تقديم قروض بأسعار فائدة منخفضة، إعانات نقدية لمواجهة البطالة المؤقتة ، بجانب دعم أسعار بعض السلع والخدمات الضرورية كما في حالة السلع التموينية وغيرها، ومع هذا مازالت تقارير التنمية البشرية في الدول النامية تشير إلى أن حوالي ثلث سكانها يعيشون في فقر مطلق (لا يتوافر لهم من الدخل المستقر ما يلزم للبقاء في هذه الحياة).
ومن هنا تأتي أهمية تفعيل دور القرض الحسن في المجتمع الإسلامي ليساهم بشكل محسوس في تحقيق التوازن الاجتماعي بشكل مميز وفريد، وذلك باعتباره أحد آليات الاقتصاد الإسلامي تجاه تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية معاً. سواء تمت فعالياته في الإطار الأهلي بين أفراد وأسر المجتمع، (وهو ما يجعله أقدر وأشمل في تحقيق التكافل الاجتماعي وخاصة عند عدم كفاية الموارد المالية الإلزامية كالزكاة والصدقات الواجبة عموماً) أو تم تنظيم هذه الفعاليات في إطار مؤسسي شرعي إن أمكن ذلك.
وإلى تفصيل وتكملة فى مقالات تالية إن شاء الله تعالى.
د.صلاح عبد الحميد
قسم الاقتصاد-جامعة الأزهر
"معار لجامعة الملك سعود حاليا"
ساحة النقاش