النعام
Ostrich
د/صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي
طائر النعام هو أكبر الطيور الداجنة الرعوية آكلة العُشب على وجه الأرض، حيث يصل طوله إلى 10 أقدام (حوالي 3 أمتار) ووزنه إلى 330 رطل (حوالي 146 كجم)، وهي طيور لا تستطيع الطيران، لكن يمكنها العدو بسرعة قد تصل إلى 60 كم في الساعة، ويرجع موطن طيور النعام لسهول روسيا بقارة أسيا خلال العصر الإيوسيني منذ 40- 50 مليون سنة ماضية، ثم نزحت بعد ذلك لتستقر في القارة الإفريقية، وسُمي النعام قديماً عند العرب بالطائر الجمل لما يتميز به من صفات خاصة تؤهله للعيش في الصحراء. ويُعتبر النعام الطائر الوحيد الذي يخرج منه البول منفصلاً عن البراز.
يتميز النعام بعدم قدرته على الطيران نتيجة لضمور عضلات الأجنحة، لكنه يتميز بأرجل قوية قادرة على العدو بسرعة تزيد عن 60 كم في الساعة، ويتبع النعام عائلة طيور الراتيت Ratitae وهي مجموعة الطيور سريعة العدو عديمة القدرة على الطيران والتي تشمل كل من طيور الأيميو والريا والكازواري. يُمكن تمييز الذكور عن الإناث بسهولة عند النضج، حيث يتميز الذكر البالغ بلون ريش أسود وأبيض في كل من الجناح والذيل، بينما الرقبة تميل إلى اللون الرمادي، أما الإناث فهي ذات ريش بني يميل إلى الرمادي مع بعض الريش الأبيض في كل من الجناح والذيل، وفي موسم التزاوج يتحول لون المنقار والمنطقة حول العين ومقدمة جلد الساق في الذكور إلى اللون الأحمر، وينتج هذا اللون نتيجة لإفراز هرمونات الجنس من الخصية، بينما في الإناث تنخفض الصبغة الغامقة للريش بتأثير هرمونات المبيض الجنسية. يتميز ذكر النعام البري بتعدد الزوجات Polygamous حيث يحتفظ لنفسه بأنثى رئيسية وأخريات فرعيات، أما في تربية النعام بالحظائر فإنه يفضل تخصيص إثنان من الإناث لكل ذكر. يتميز النعام الإفريقي بالأقلمة العالية تحت ظروف الجو الحار والجاف Hot and Arid.
تتعدد مُنتجات النعام، حيث تُنتج الجلود واللحوم والريش والبيض وبعض المُخلفات. تم إنشاء أول مزرعة نعام تجارية على مستوى العالم في جنوب أفريقيا عام 1865م، وكانت لغرض جمع الريش كل 6- 8 أشهر وبيعه، ثم بدأت المزارع بعد هذا التاريخ تدريجياً في الانتقال إلى بلدان أخرى، خصوصاً في مصر واستراليا وهولندا وأمريكا والأرجنتين حتى وصل عدد النعام التجاري لأكثر من مليون طائر عند عام 1913م. تطورت صناعة النعام فيما بعد وانتشرت في صورة قطاعات صغيرة، سرعان ما انتشرت حول العالم، وأصبح طائر النعام لا يقتصر على إنتاج اللحم والجلد والريش بل أصبح من الممكن الاستفادة من كل أجزاءه ومخلفاته، وبلغت صادرات جنوب أفريقيا بمفردها عام 1986م من الجلود للولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 90 ألف قطعة (جلد طائر واحد)، وفي تلك الفترة أدى النقص في صادرات جلود النعام إلى ارتفاع أسعار الجلود حول العالم، مما أدى إلى جذب أنظار الكثيرين من رجال الأعمال في أوربا وأمريكا لأهمية التوسع في مشاريع تربية وإنتاج النعام.
أوضحت بعض الدراسات على طيور النعام أن أفضل أنواع جلود النعام هو الذي يتم الحصول عليه عند عُمر 10- 14 شهر، أو عندما يصل وزن الطائر إلى 85- 90 كجم، حيث يُعطي الطائر حينئذ من 1.1- 1.5 متر مربع جلد جاهز بعد دباغته للبيع. تُعتبر لحوم النعام هي المُنتج الرئيسي من طيور النعام، حيث تُمثل حوالي 66% من عائدات المشروع، وقد أظهرت الإحصائيات الحديثة أن ما يقرب من 550 ألف من ذبائح النعام يتم إنتاجها سنوياً حول العالم، وأن جنوب إفريقيا تُنتج وحدها من هذه الكمية حوالي 330 ألف، بنسبة تتراوح من 60- 70% من الإنتاج العالمي للحوم النعام.
يأخذ لون لحم النعام اللون الأحمر الداكن Wine-colored ، وهو ذو مذاق شبيه بلحوم العجول الخالية من الدهن، وتُمثل ذبيحة النعام حوالي 58% من الوزن الحي، كما تتميز لحوم النعام بانخفاض محتواها من الدهون (0.5- 1.6%) وارتفاع محتواها من البروتين (22.2%)، لذا فهي غذاء يتميز بارتفاع قيمته الغذائية مقارنة بكثير من مصادر البروتين الحيواني الأخرى. يحتوي لحم النعام على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة Unsaturated fatty acids والتي تؤكد على قيمته الغذائية العالية، كما يحتوي لحم النعام أيضاً على 0.6% كربوهيدرات، 33.8- 71 ملجم/100 جم كولسترول، 2.3 ملجم/100 جم حديد، 43- 63 ملجم/100 صوديوم، 30.1 ملجم/كجم خارصين، 340- 351.4 ملجم/100 جم بوتاسيوم، وأن كل 100 جرام من لحوم النعام تُعطي في المتوسط حوالي 105 كيلو كالوري.
يُعطي النعام أنواع مختلفة من الريش طبقاً للجنس والعُمر ومكان الريش على الجسم، ولكن أفضل أنواع الريش هو الريش الأبيض المأخوذ من جناح الذكور. يُستخدم البيض غير المُخصب المُنتج من النعام في التغذية وعمل الحلوى كما تُستخدم البيضة المُفرغة في أعمال الديكور، وتُستخدم الزيوت المُستخلصة من النعام في مُستحضرات التجميل والمُستحضرات الطبية، كما يُستخدم أيضاً الزيت كمصدر جديد لتوليد الطاقة في محركات الديزل، ويُستخدم حديثاً في مجال الطب أوتار قدم النعام والتي تتميز بالقوة وزيادة الطول في جراحات تمزق الأوتار في الإنسان، حيث أمكن استبدال أوتار الإنسان المُمزقة بأوتار أرجل طيور النعام. وأظهرت الأبحاث الحديثة في طب العيون أنه من الممكن زرع ونقل قرنية العين في النعام إلى الإنسان، وتجدر الإشارة إلى أن لطيور النعام القدرة على الرؤية بوضوح لمسافة تفوق 12 كم، كما أشارت الأبحاث الحديثة أن مُخ النعام يقوم بإفراز مادة ربما تلعب دوراً في علاج مرض الزهايمر (خرف الشيخوخة) Alzheimer’s disease، والذي كثيراً ما يُصيب كبار السن.
يتأثر عدد البيض المُنتج من النعام بعدة عوامل بعضها ذات مرجعية بيئية، مثل الطقس والتغذية والظروف الصحية، والبعض الأخر ربما يرجع إلى العوامل الوراثية الخاصة بالسلالة، حيث لوحظ تباين إنتاج البيض بشكل كبير داخل الأفراد أنفسهم. بشكل عام فإن المزارع الإنتاجية التجارية جيدة الإدارة يمكن أن يُنتج الطائر فيها خلال موسم الإنتاج (من 6- 9 أشهر) ما يقرب من 50- 70 بيضة، وقد تظل النعامة تُنتج بيضاً لفترة قد تصل إلى 40 عاماً خلال حياتها. يُمثل وزن بيضة النعام نسبة 1 - 1.2% من وزن جسم النعام، حيث يتراوح وزن البيض من 700 إلى 1700 جرام، وقد يصل إلى أكثر من 1900 جرام، وقد يرجع ذلك لعُمر وحجم النعام البياض.
أما فيما يخص تغذية قطيع النعام، فإن الدراسات أشارت إلى أهمية تغذية القطيع على عليقة متزنة وكاملة غذائياً، والتي يجب أن تحتوي على دريس البرسيم، والذرة الصفراء، وكسب فول الصويا (44% بروتين)، وفوسفات ثنائي الكالسيوم، والحجر الجيري، ومخلوط الأملاح المعدنية والفيتامينات (بريمكس)، والمولاس، والميثايونين والليسين، بحيث لا تقل نسبة البروتين عن 16%، والطاقة 2200 كيلو كالوري، والألياف الخام عن 10%، والكالسيوم عن 2.25%، وذلك للحصول على أعلى مُعدلات أداء داخل القطيع من خلال إنتاجه للحم والبيض والجلد والريش ذو المواصفات القياسية الصالحة للتسويق.
ساحة النقاش