(( لا تعكر مياها ...الكل يشرب منها )). ... البروفيسور الدكتور. الشريف علي مهران هشام. يذكر أن ، رجلٌا عربيا غريبا دخل إلى مطعم ٍ في احد الدول العربية وطلب رغيف خبز، أكل نِصفَهُ وتركَ النِصفَ الآخر، وخرج .. وفي كل يوم ٍ كان يفعل ذلك ؛ فانتبه إليه رجلٌ اخر من أهل البلدة ؛ فسأله بكل أدب .. لماذا تأكل نصف الرغيف وتترك نصفه في كل يوم؟ ومن أين أنت؟
فقال الرجل .. أنا عربي من مدينة بعيدة ، ودُرتُ بلاداً ، ولم أجِد من يحفَظَ الخُبزَ والمِلح ؛ فأنا آكل نِصف الرغيف ، ولا أجد من يستأهِل أن يأكل نِصفهُ الثاني .
قال له الرجل : أنت اليوم ضيفي...
وجاء الموعد ؛ وكان الرجل يعيشُ في بيتِهِ مع أمِهِ وابنةُ عمِهِ اليتيمة ، وطرق الضيف الباب ففتحت إبنةُ عم الرجل المضيف ؛ فاعجب بها الضيف، وبعد الغداء قال الرجل لصاحب البيت .. أريد أن استحلِفُك بالله يا من تقاسمنا الخُبزَ والمِلح ألا تَرُّدَ طلبي ..مَن الفتاة التي فتحت الباب؟ قال هي إبنةُ عمي ؛ فقال.. أريدُ الزواج منها .. فقال له الرجل هي لك بعد اخذ رأيها ، بعد موافقتها .
سافر الرجل مع عروسهِ الي بلده ليعيشا في معا ، وبعد مدةٍ ماتت أم الرجل المضيف ، وافتقر ، وباع بيته ليأكُل بثمنِهِ ، وقلّت النقودُ عِندَهُ ، ولم يبق إلا شيءٌ يسير؛ فقرّر أن يُسافِر إلى صديقِهِ في وزوج ابنة عمه ؛ وحين وصل البلد عَلِم أنّ صديقَهُ أصبح من أغنياءِ المدينة ولديه ِ قَصرٌ هناك؛ فتوجّه لقصرِهِ وطلب من الخادمة مُقابلة صديقَه ؛ فعادت الخادمة تحملُ كيساً من النقودِ الذهبية وأعطتهُ إياه؛ فقال لها أنا أُريدُ مقابلة صديقي، ورمى بكيس النقود فانفرطت الليرات الذهبية على الأرض وذهب وفي عينيه دمعةً كبيرة .....
واكتشف الرجل أن نقودَهُ قد نفذت، ولم يعد معَهُ حتي ثمن العودةِ لبلده وأصبح ينام في المساجد، فأتاهُ رجلٌ طاعنٌ في السن ميسور الحال، وسأله عن حاله فقال: إني لا اجد قوت يومي فقال له الرجل لما لا تعمل في التجارة؟ وسأُعينك بقرض ِمبلغٍ من المال مُعتبَراً تبدءُ بِهِ تجارتك..
وبدأ الرجل يعلمه التجارة وأسرارها، والأسواق ، وكل شيء ٍ يُفيدهُ في عملهِ؛ إلى أن اصبحَ الرجل في سنوات ٍ معدودة مِن العملِ الدؤوب ميسورَ الحال وبنى قصراً في المدينة ..
ثم جاءتهُ امرأةٌ مُسِّنة وطلبت منه أن تعمل على خدمتِهِ في القصر ، مُقابل معيشتها؛ فوافق ، وكانت له بمثابة أُماً حقيقية .. وذات يوم ٍ قالت له: إن هناك فتاةً فقيرة تُريد العمل معي في القصر ،فوافق بقلبه الطيب المعتاد ، وبدأت الفتاة تتفانى في العمل إلى أن تعلّق بها الرجل وطلب الزواج منها..
سهَلّت المرأة المُسِّنة له الأمور ؛ وحدد موعد الزفاف في المدينة...
وذات يوم ٍدخل صديقه القديم وزوج ابنة عمه قصر الرجل ؛ فقال له الرجل الزائر الذي أصبح من كبار تجار المدينة ..لقد أتيت لزيارتِك في قصرك فبعثت خادمتك بكيس النقود ..وانا مازلت حزينا من تصرفك معي وكأني متسول والآن ماذا تريد؟
قال له الرجل: إني نظرتُ من شباكِ القَصر فوجدت حالَك التي أتيت بها ؛ فأرسلت لك النقود لتُصلِح بها حالك لتظهر أمام ابنة عمك في ابهي صورة وانت التي زوجتني إياها،، وحين وجدت ان كرامتك قد أبت عليك أخذ النقود، احترت ماذا أفعل من أجلك..
فهل تعلم من الرجل الكبير الذي علمك التجارة انه أبي، والمرأة التي تخدمك في بيتك هي أمي، وأنا اليوم اتيتك لأحضر زفاف أختي لك ..
ثم أشارَ بيدهِ؛ فدخلت ابنةُ عمه تمسك في يدِها طفلاً وطفلة كأنهما الشمس والقمر، واقتربَت من ابنِ عنها تهنأه ، وجلس الجميع مع بعض ، هنالك أخرج الرجل من جيبه نصف رغيف وقسمه على الجميع فأكلوه ....
•إنه الخبز والملح يا احباب..
الحكمة : لاتسيء الظن بالاخرين ..فلا تعكر أو تلوث مياها..... انا وانت وهو وهي وهن وهم يشربون منها ، ان من الأخلاق الكريمة والفضائل الحميدة أن لا نرمي حجراً في البئر الذي شربنا ونشرب منه. جميعا . .والله المستعان ،،،،
ساحة النقاش