Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 

اسباب ضعف الدول العربية من وجهة نظر علماء الغرب

أ.د. محمد ماهر الصواف

أثناء زيارتي الأخيرة لإحدى الجامعات الألمانية دار بيني وبين أحد اساتذة الجامعه المهتمين بشؤون الشرق الأوسط حوار حول اسباب ضعف التنمية في الدول العربية ، والذي أوضح لي  عدد من مظاهر هذا الضعف التي تتمثل في كون هذه الدول تعد اقل المجتمعات الساعية للتنمية والتجديد والإبداع،وهي عاجزة عن مسايرة التقدم العلمي العالمي، وغير قادرة علي تقديم حلول غير تقليدية لمشكلات الحياة سواء في المجالات الصحية أو الاقتصادية والاجتماعية، و تعتمد اعتماد كلي وجزئى علي الدول الغربية في توفير الدواء ، والأجهزة الطبية، ووسائل النقل، والاتصالات وغيرها من المنتجات التي لا يمكن الاستغناء عنها، كما انها غير قادرة علي إنتاج الأسلحة الحديثة والمعدات العسكرية المتطورة التي تضمن استقلالها وحماية أرضها من أي إعتداء خارجي.

وفي الحقيقة لم أتمكن من نفي ما أورده الأستاذ الألماني من توصيف لمظاهر الضعف ولم أجادلة في ذلك .  وسألته ما هي الأسباب من وجهة نظرك لهذا الضعف ؟

 وكان جوابه يعبر بوضوح عن نظرة سلبية للمجتمعات العربية الإسلامية  وفهمه الخاطئ للإسلام حيث حدد بعض الأسباب كما يلي:

 

  1.      <!--[endif]-->سلبية الأفراد في المجتمعات العربية حيث ترسخ لديهم الاعتقاد بأنهم لا يملكون من أمرهم شيء، وأن دورهم في الحياة هو التمسك ببعض الشعائر لتحقيق الهدف الأساسي وهو الفوز بالجنة.
  2.       إعلاء المكانة الاجتماعية لرجال الدين ، فهم اللذين يحددون طريقة تفكير الناس وأسلوب حياتهم ويظهر ذلك بوضوح من كثرة البرامج الدينية علي شاشات القنوات التلفزيونية وما ينشروه عبر وسائل التواصل الاجتماعي - وهذا الأمر غير معروف في الدول الغربية المتقدمة - ليقدموا الحلول للمشاكل الاجتماعية ويرشدون الناس عن كيفية أداء الشعائر الدينية، وأفضل الأدعية والكلمات ليغفر الله ذنوبهم ويشفي مرضاهم ويرزقهم برزق وفير، دون حثهم علي إعمال العقل والاستقلالية الفكرية والسعي للتقدم.
  3.        وترتب علي ذلك أن الأفراد في المجتمعات العربية أصبحوا عاجزين عن التفكير والتخطيط لتحسين  معيشتهم وتطوير حياتهم بالعلم والإبداع والإبتكار. فقد عزفوا عن دراسة مشكلاتهم الصحية والاقتصادية والأسرية والاجتماعية والتعرف علي اسبابها،
  4.      السعي الدءوب لبعض رجال الدين والطوائف الدينية المتطرفة  للسيطرة علي المجتمعات العربية من خلال  تبني الفتاوى التي تقرر بأن التعاليم الدينية تنظم كل شئون الحياة وكل ما يتعلق بالأسرة والعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأن الفرد يجب أن يكون عبدا سامعا مطيعا منفذا لكل أوامر علماء الدين  باعتبارهم هم الاعلم بأمور الدين  في كل مجالات الحياة العقائديه والأخلاقية والسياسية والثقافية و الاجتماعية والاقتصادية.
  5.       <!--[endif]--> تعددت الفتاوى من بعض رجال الدين لرفض الدولة المدنية والعلمانية والنظر إلي التشريعات الوضعية والهيئات القضائية الحديثة علي أنها  كفرا بل وهو عدوان على حق الله في التشريع والهيمنة بل هو اغتصاب من البشر لحق الله، وأن أوروبا عرفت هذه الفتاوى في العصور الوسطي حيث استطاع رجال الدين في هذه الفترة السيطرة الكاملة علي عقول الناس وتصرفاتهم الحياتية وحدث نتيجة لذلك صراع  بينهم وبين السلطة السياسية والحكام وساد الشعور بعدم الثقة في التشريعات والقوانين والتهرب من الالتزام بها وسادت الفوضى والعشوائية آن ذاك وذلك أعاق  التقدم والتنمية في اوروبا لسنوات طويلة .
  6.      الخوف من التجديد والتمسك بالموروث الثقافي والدفاع عنه، مع رفض مجرد التفكير في مدي توافقه مع متغيرات ومستجدات الحياة المعاصرة .
<!--[if !supportLists]-->

 

وأعتقد ان ما أورده الأستاذ الألماني من اسباب هو نتاج ما يعرض وينقل  عبر وسائل التواصل ألاجتماعي، فمن المعلوم أن هناك عديد من الصفحات الإلكترونية التي أنشأها بعض رجال الدين تقدم آراء وفتاوى تميل للتشدد والتطرف ، فلا حاجة للقول ان الإسلام يحث المسلم على إعمال عقله في كل ما يحيط به  ، فالتفكير في نظر الإسلام ليس مجرد حق، بل هو فريضة دينية لا يجوز لإنسان أن يتخلى عنها بأي حال من الأحوال، وإلا تخلى عن إنسانيته , ويوضح المفكر الإسلامي، د . محمود حمدي زقزوق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن حرية التفكير والإبداع في مختلف مجالات الحياة التي يدفعنا إليها الإسلام مرة عن طريق الحث ومرة عن طريق التحذير من تعطيل عقولنا، من شأنها أن تسهم في بناء مجتمعاتنا بناء صحيحا، ويضيف أنه عندما توقف المسلمون عن التفكير وانتشرت بينهم الأوهام والخرافات وأصبح شعارهم: "ليس في الإمكان أبدع مما كان" توقفت حضارتهم وتوقف إبداعهم واكتفوا بترديد ما قاله السابقون، وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى توقف عطائهم الحضاري وأصبحوا في مؤخرة الأمم. ويري د. زقزوق أن تخلف المسلمين الحضاري في القرون الأخيرة يرجع إلى أن الآخرين قد مارسوا التفكير واستخدموا عقولهم جيدا بينما توقف المسلمون عن ذلك، مع أن دينهم قد علّمهم أن التفكير في الأمور الدنيوية واجب بهدف البحث عن حلول لمشكلات الحياة المتجددة والارتقاء بالمجتمع . ويجب الإشارة أنه قد ورد الحث على التفكير في نصوص قرآنية كثيرة ومن ذلك قوله تعالى: "لعلكم تتفكرون"، وقوله: "أفلا تتفكرون"،.


ونعتقد أنه من الضروري التأمل في الأسباب الواردة عاليه والعمل علي تصحيح رسالة الإسلام الحقيقية وعلينا التعرف علي العوامل والأسس التي ساعدت علي تقدم الدول الأوروبية والاستفادة منها،  ودون التخلي عن عقائدنا وإيماننا بالله العلي القدير، وأخيراً يجب التأكيد أن الله كرم الإنسان بالعقل والتمييز حتي يتدبر في خلقه ويسعى لتعمير الأرض.  والله الموفق

 

 

 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

274,520

ابحث