تعليم الدراسات الاجتماعية

الأستاذ الدكتور إدريس سلطان صالح ـ كلية التربية ـ جامعة المنيا

authentication required

تطوير المناهج والمعايير التربوية

دكتور / إدريس سلطان صالح

كلية التربية – جامعة المنيا

يواجه المجتمع المصري العديد من التحديات ، التى أدت إلى زيادة الحاجة إلى تطوير التعليم ، الذى يُمَكِن كل فرد من امتلاك المعارف والمهارات التى تساعده على تنمية ذاته ،  والقيام بدوره فى المجتمع .

ومع ظهور بعض المتغيرات مثل :

-         التوجه إلى تعميق مبدأ المحاسبية والمساءلة فى النظام التعليمي .

-         ربط الثواب والعقاب بالأداء فى التعليم ؛ نتيجة للتقلبات التى يمر بها الاقتصاد العالمي

-         ظهور مفاهيم جديدة كالتربية المستمرة والتعليم مدى الحياة ، والتنمية البشرية المستدامة والتربية المستقبلية .

-         حدوث طفرة فى طرق التدريس وأساليبه ، وتنوع مصادر التعليم والتعلم .

-         انتقال بؤرة الارتكاز فى العملية التعليمية من التعليم إلى التعلم ومن المعلم إلى المتعلم .

-         التحول من قياس المدخلات إلى التركيز على النتائج .

ظهرت نداءات تنادى بضرورة وضع مستويات معيارية Standards يتم فى ضوئها تقويم وتطوير النظام التربوي ومكوناته المتعددة ومن بينها المنهج الدراسى .

ومن ثم أصبح الإصلاح القائم على المعايير Standards Based Reform بمثابة القوة الدافعة لكثير من السياسات التربوية ، التى تؤكد على ضرورة تطوير المناهج والارتفاع بمستوى أداء الطلاب ، وتوفير الفرصة لكل طالب لتعلم المحتوى المناسب وصولاً إلى مستوى الأداء المطلوب .

 وانطلاقا من هذه الرؤية ظهرت حركة المعايير فى التعليم ، وانتشرت بقوة فى الآونة الأخيرة ، حتى إنه يكاد أن يطلق على هذا العقد ، عقد المعايير Era of Standards .

 فكيف نشأت حركة المعايير التربوية ، وماذا يقصد بها ، وما أهميتها، وما الأسس التى تقوم عليها :

ـ النشأة التاريخية لحركة المعايير التربوية :

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أهم الدول التى أولت اهتماماً واضحاً بحركة المعايير فى التعليم ، واتخاذها كحركة إصلاح للنظام التعليمي الأمريكي وبرامج إعداد المعلم.

        إذ أن فكرة المعايير وتحديد مستويات أداء مقبولة ومقررات أكاديمية لكل الطلاب ليست فكرة جديدة على التعليم الأمريكي، فهي لها جذور قديمة ترجع إلى نشر التقرير الذى أعدته إحدى اللجان الأمريكية الهامة ( لجنة العشرة The Committee of Ten  ) عام 1894م ، والذي دعا إلى تأسيس مناهج أكاديمية جديدة مناسبة لكل الطلاب .

        وفى عام 1918م تم تشكيل الجمعية القومية للتربية The National Education Association وقاد العمل فيها مجموعة من المربين التقدميين ، الذين أنكروا عمل لجنة العشرة ، وأصدروا تقريرهم عن " المبادئ الأساسية The Cardinal Principles " ، والذي طالب بضرورة تنظيم التعليم الثانوي من أجل تعليم أفضل فى القرن العشرين ، وكذلك اعتماد الموضوعات الجديدة على الاهتمامات الحياتية الحاضرة للتلاميذ .

        إلا أن هناك كثير من الباحثين فى المجال التربوي يرى أن بداية حركة المعايير التربوية الحديثة ترجع إلى نشر التقرير الأمريكي الشهير " أمة فى خطر " Nation At Risk  الذى نشر عام 1983، وسبب تغييراً كبيراً فى خطابات الإصلاح التعليمي ، وكذلك القلق الشديد للمجتمع الأمريكي على المستقبل ونوعية التعليم السائد ، ومدى المصداقية فى هذا النوع من التعليم ، إذ أنه يرى أن المؤسسات التعليمية أضعف من مواجهة الخطر الذى يواجه الأمة ، وذلك بسبب الإهمال الشديد لهذه المؤسسات .

        وقدم تقرير أمة فى خطر مجموعة من التوصيات الهامة لإصلاح نظام التعليم الأمريكي ومنها : ضرورة تبنى المدارس والكليات والجامعات لمعايير عالية المستوى ، وأكثر قابلية للقياس ، وأن ترفع الكليات والجامعات من متطلبات الالتحاق بها . وكذلك أوصى التقرير بضرورة تطوير إعداد المعلم ، وجعل التدريس مهنة أكثر احتراماً ، من خلال إعداد معلمين فى ضوء المعايير التربوية السائدة ، لكي يتمكنوا من التدريس بكفاءة ، ويجب تقويم الكليات والجامعات التى تقدم برامج لإعداد المعلم من خلال مقابلة خريجيها لتلك المعايير .    

        وهكذا فإن الشعور بالحاجة إلى تعليم فعال قادر على تحسين حياة الأمريكيين ، أدى إلى ضرورة تقويم شامل لأهداف وسياسات نظم التعليم وليس فى أداء هذه النظم فحسب ، ومن ثم العمل على إنشاء معايير تربوية ، يتم بموجبها تقويم وتطوير النظام التعليمي .

وقد أدت المخاوف المتزايدة حول الإعداد التربوي لشباب الأمة الأمريكية ، بعد نشر تقرير أمة فى خطر ، أدت إلى عقد الرئيس بوش الأب قمة تربوية عام 1989 ، شارك فيها الرئيس وحكام الولايات ، وتم فيها الدعوة إلى إعداد أهداف تربوية من شأنها أن تحقق لأمريكا موقع الصدارة فى التنافس الدولي .

فى نفس الوقت الذى بدأت فيه بعض المنظمات المهنية كالمجلس الوطني لمعلمي الرياضيات NCTM فى كتابة النسخ الأولية لمعايير التقويم والمناهج للرياضيات بالمدارس ، والتي تم الانتهاء منها بحلول عام 1989 .

 وبعد عام ونصف من عقد القمة التربوية للرئيس بوش الأب ، صدر بيان رسمي نشر قبل انتهاء فترة ولايته ، وذكرت فى هذا البيان الأهداف التى يجب أن يتوخاها نظام التعليم فى أمريكا ، وبعض المبادئ التى يجب أن توجه قافلة التعليم فى الولايات ، وكان أبرزها ما يلي:

1-   جميع الأطفال فى الولايات المتحدة سيبدؤون التعليم وهم ومستعدون له .

2-   لا تقل نسبة المتخرجين فى المدارس الثانوية عن 90% من أعداد الطلاب الذين أكملوا المرحلة الابتدائية .

3- وجوب إجراء تقويم مطرد ومنتظم لأداءات الطلاب فى الصفوف الرابع والثامن والثاني عشر ، ويلزم التأكد من كفاءتهم فى العلوم الأساسية : اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والجغرافيا والتاريخ ، بالإضافة إلى نضجهم الاجتماعي كمواطنين فى مجتمع منتج .

4-   يتعين أن يكون الطلاب الأمريكيين أوائل الطلاب على المستوى العالمي فى تحصيل العلوم والرياضيات .

5- أن يتحرر جميع الأمريكيين من الأمية ، وأن يتسلحوا بالمعارف والمهارات اللازمة للتنافس فى سياق النظام الاقتصادي العالمي ، وأن تزداد كفاءتهم فى ممارسة حقوق المواطنة وواجباتها .

6-   أن تهيئ جميع المدارس فى أمريكا بيئة منضبطة تؤدى إلى التعلم الحقيقي وتحرر أمريكا من المخدرات والعنف .

وبعد صدور هذا البيان تم إنشاء لجان مسئولة عن تنفيذ وتطبيق الأهداف الجديدة ،  ومنها لجنة الأهداف القومية للتعليم The National Education Goals Panel (NEGP)، والمجلس القومي للمعايير التربوية والاختبارات The National Council on Education Standards and Testing (NCEST) ، وبدأت هذه اللجان تعمل من خلال طرح مجموعة من الأسئلة مثل : ما المواد التعليمية المناسبة ؟ ما أنواع وسائل وأدوات التقويم المستخدمة ؟ ما معايير الأداء التى ستوضع لهذه المواد والأدوات المختارة ؟

ومنذ عام 1992 بدأ المجلس القومي للمعايير التربوية والاختبارات مهام عمله ، رافعاً وثيقة المعايير القومية للتعليم الأمريكي إلى الكونجرس ، ومقترحاً إنشاء مجلس المعايير القومية والتقييم  The National Education Standards and Assessment Council (NESAC) ، وذلك لاعتماد معايير المحتوى والأداء كمحكات لعمليات التقييم .

ونتيجة لذلك بدأت العديد من المنظمات والهيئات التربوية فى إقامة مشروعات لبناء معايير خاصة بالمواد الدراسية المختلفة منذ عام 1992ومنها : المجلس القومي الأمريكي للدراسات الاجتماعية ، ومشروع المعايير القومية للتاريخ ومشروع المعايير القومية للجغرافيا ، والجمعية الوطنية لتعليم الفنون ، والاتحاد الوطني لتعليم الفنون ، مركز التربية الوطنية ، واللجنة القومية للتربية الصحية ،وكذلك مشروعات معايير اللغات الأجنبية ، ومشروع 2061 الذى تناول العلوم .

وفى عام 1994 صدرت فى عهد الرئيس كلينتون وثيقة بعنوان " أهداف عام 2000 قانون تعليم أمريكا " ، ونص فى ذلك القانون على الأهداف القومية للتعليم ، وعلى ضرورة وضع معايير فى مستويات عليا لجميع الطلاب ، وعلى ضرورة أن تتغير مناهج التعليم وأنظمة التقويم فى الولايات ، وأن تتوحد فى مضامينها وأدواتها مع المعايير القومية لتجسم جميعها خطاً فكرياً وعملياً متسقاً.

واستجابت معظم الهيئات والمنظمات التربوية لدعوة الرئيس كلينتون ، بالانتهاء من صياغة المعايير التربوية اللازمة لذلك ، مما دعا الرئيس أن يقرر فى عام 1997 فى خطاب حالة الاتحاد ، دعوة كل الولايات أن تتكيف مع المعايير القومية ، وأنه بحلول عام 1999 ، يجب على كل ولاية أن تقيم طلاب الصف الرابع فى القراءة ، وطلاب الصف الثامن فى الرياضيات ، لكي تتأكد من مقابلة هذه المعايير .

وتوالت بعد ذلك الجهود والمناقشات التى تعمل على تنقيح وتطوير المعايير القومية ، وضمت هذه الجهود كل من الحكام والمربين ورجال الأعمال ، وذلك من أجل تهيئة البيئة المناسبة لتطبيق هذه المعايير .

وبحلول عام 2000 ظهر شعار ثم قانون " يجب ألا يترك أي طفل بدون تعليم " أو ( No Child Left Behind ) ، والذي وقعه الرئيس جورج دبليو بوش ، وتضمن دعوة إلى التعليم المتميز للجميع ، والتطبيق الشامل للمعايير التربوية .

ـ حركة المعايير التربوية وحركات الإصلاح التربوي السابقة عليها :

        إن المتتبع لحركات الإصلاح التربوي يلمس ما يطرأ عليها من تغييرات من حقبة إلى أخرى ، ويلاحظ أنها سريعة الاستجابة لما يثبت فعاليته فى مجالات الحياة الأخرى ؛ فقد شهدت التربية منذ الخمسينات من القرن الماضي وحتى التسعينات منه عدداً من حركات الإصلاح التى وجهت أنظمتها ، وأسهمت فى تطوير وسائلها ، ومن أبرز هذه الحركات : حركة الأهداف التعليمية ، وحركة القياس محكي المرجع ، وحركة التعلم من أجل التمكن ، وحركة الكفايات التعليمية ، وحركة نواتج التعلم .

        فمنذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي ، والتربية تعتمد على الأهداف التعليمية ركنا أساسياً لتصميم العمليات التعليمية ، وموجهاً دائماً لتنفيذها ، ومحدداً لوسائل تقويمها . والأهداف التعليمية تأتى فى مجالات ثلاثة : معرفية ووجدانية ومهارية ، ولكل مجال مستويات ، وهى على مستوى المراحل التعليمية والمواد الدراسية أهداف عامة أو غايات ، وفى مستوى الوحدات الدراسية والدروس التعليمية أهداف تعليمية أو إجرائية ، وينبغى أن تصاغ بصورة سلوكية بحيث يمكن ملاحظتها وقياسها .

ثم جاءت حركة القياس محكي المرجع Criterion - Referenced Measurement لتشير إلى أن جوانب تعلم الطلاب : المعرفية والوجدانية والمهارية يمكن إظهارها ويمكن قياسها بتحديد مخرجات للأداء فى صورة محكات لتقييم مدى إنجاز المتعلمين ، مما يعد تمهيداً حقيقياً لفكرة تقويم الأداء .

ـ حركة التعلم من أجل التمكن Mastery Learning :     

وتقوم هذه الحركة على مبدأ هام ، وهو أن 90 % من الطلاب يستطيعون أن يتعلموا ما يُدرس فى المدرسة فى أي مستوى إذا ما توفر الوقت الكافي والتعليم الملائم . والوقت الكافي يعنى الوقت المناسب للوصول إلى مستوى التمكن من الأهداف التعليمية ، والتعليم الملائم يعنى تحديد الوحدات الدراسية للمقرر الدراسي ، وتحديد أهداف تعليمية لكل وحدة ، وضرورة تمكن الطالب من أهداف الوحدة قبل الانتقال لوحدة أخرى .

ـ التربية القائمة على الكفايات Competency - Based Education :

        ظهرت حركة التربية القائمة على الكفايات كرد فعل لفشل التربية التقليدية فى تحقيق أهدافها بشكل سلوكي إجرائي وسد النقص الذى يشعر به المتعلم فى تدريبه على الأداء .

        ويري أتباع المدخل القائم على الكفايات أن المعرفة عبارة عن كفايات غير مترابطة يمكن تدريسها وتقويمها بصورة منفصلة ، وكان الهدف الذى سعى إليه مؤيدو هذه الحركة هو تقنين المنهج وزيادة فاعليته ، من خلال تحديد مخرجات للتعلم فى صورة كفايات وأنشطة أساسية ينبغي أن يتدرب المعلمون على إتقانها .

ـ حركة مخرجات التعلم Learning Outcomes :

مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي ظهرت حركة مخرجات التعلم Learning Outcomes ، ونادت بضرورة تحديد نواتج تعلم ، يستطيع المتعلمون إظهارها بجلاء فى نهاية أية خبرات تعليمية يمرون بها ، وأن تكون هذه المخرجات فى صورة أداءات performance  أو أفعال Actions . وأكدت هذه الحركة أن جميع المتعلمين يمكنهم تحقيق نفس القدر من الإنجاز ( ليس فى نفس الوقت ، ولا بنفس الطريقة ) ، وأن نجاحهم فى تعلم شيء يقودهم إلى تعلم أشياء ، وأن المدارس يمكنها التحكم فى شروط النجاح ومتطلباته .

وقد حاولت هذه الحركة تلافى سلبيات حركة الأهداف التقليدية ، التى يتم تحديدها بتفصيل وشمول ، مجزئة المادة التعليمية إلى معارف ومهارات واتجاهات ، فى حين أن المخرجات التعليمية عامة ، تندرج تحت عدد محدود من العناوين ، وتحافظ على الترابط والتكامل بين معارف ومهارات المادة التعليمية وجوانبها الوجدانية كذلك ، وتمثل هذه المخرجات ما يتم إنجازه وتقييمه فى نهاية الدراسة وليس توقعات ومقاصد واضعي المنهج ، وبالتالي تشجع كل من المعلم والمتعلم على تحقيقها .

ومن خلال تحليل هذه الحركات الإصلاحية فى التربية يتضح ما يلي :

·     تدرجها فى التحول من الاهتمام بالمعارف إلى العناية باستخدام المعرفة.

·  تحولها من التعامل مع جزئيات المعارف ، ومكونات المهارات إلى التركيز على التكامل بين أجزاء المعرفة ، وبين مكونات المهارة الواحدة ، وبين مهارات المادة الواحدة .

·  انتقالها من التسليم بوجود الفروق الفردية بين المتعلمين ، وإلى حتمية وجود مستويات مختلفة لتحصيلهم الدراسي إلى العمل على تذويب هذه الفروق ، والوصول بجميع التلاميذ إلى نفس الدرجة من التحصيل .

·     تغيير محور تركيزها من مدخلات العمليات التربوية والتعليمية إلى مخرجات هذه العمليات ونواتجها .

·  ارتقائها من مستوى التوقعات لما ينتظر من نتائجها إلى مستوى الإلزام بضرورة حدوثه ؛ لضمان تحققه دون إهدار للوقت والجهد .

·  تطور إجراءات إصدار الأحكام والتقديرات ، والاستجابة لها من الملاحظة والقياس ـ غالباً ـ من جانب طرف واحد إلى العلم بالمحكات ، وتلمس المؤشرات من جميع الأطراف ( الشفافية والمشاركة ) .

·  التمهيد للانتقال من الاهتمام بالرصيد المعرفي وتطبيقاته فى التعليم والتقويم إلى الاهتمام بما يستطيع المتعلم أداءه من هذه التطبيقات ، ونتيجة هذه المعرفة فى المواقف الحياتية الحقيقية أو المحاكية .

        وكان طبيعياً فى ظل هذه المرونة أن تستجيب التربية لفكرة المعايير Standards التى أخذت بها المجالات الحياتية الأخرى ، وثبت فعاليتها فى تطوير نواتجها ؛ مما أدى إلى ظهور حركة المعايير التربوية Standards-Based Education ؛ رغبة فى تحسين المنتج التربوي والتعليمي سواء أكان : متعلماً أو معلماً أو كتاباً أو نشاطاً أو تدريساً أو تقويماً .

        وعلى ذلك يمكن النظر إلى التربية القائمة على المعايير على أنها حركة إصلاح تربوي معاصر تبلورت ـ إلى حد كبير ـ أفكارها ، وبدأ الأخذ بها يؤتى ثماره فى الاهتمام بتطوير المناهج التعليمية ، وبرامج إعداد المعلمين ، وأدوات التقويم .

        أما عن علاقة المعايير التربوية بحركات الإصلاح التربوي السابقة عليها ، فإن المتأمل لما قيل ، ولما كتب عن هذه الحركة قد يرى أنها حركة حديثة فى مسماها ، وفى الآليات التى تفرضها لتطوير المناهج الدراسية والبرامج التعليمية وفى جهود الأخذ بها ، واعتمادها أساساً للتطوير التربوي الحادث حالياً فى كثير من الأنظمة التعليمية فى بلدان متقدمة .

        ويمكن أن يقودنا التأمل لما كتب عن حركة المعايير التربوية إلى القول بأنها امتداد طبيعي لما سبقها من حركات ، وأن كثيراً من مبادئها مألوفة ، وسبق الإقرار وقت طرحها بجدوى الآخذ بها ، وتأتى جوانب الآلفة بهذه الحركة ، وأدلة علاقتها بما سبقها فيما يلي :

   ●    تركيزها على مفهوم الأداء Performance ؛ يعكس الإفادة من التطور الذى طرأ على حركة الأهداف التعليمية بتركيزها على السلوك Behavior الذى يمكن ملاحظته وقياسه.

   ●    حرصها على تحديد معايير لكل أداء Performance Standards ترجمة لإفادتها من حركة القياس محكي المرجع التى استخدمت المحكات Criteria .

   ●    مقصدها بأن المعايير إنجازات يلتزم المعلم بضمان تحقيقها ، تدعيم لمفهوم المحاسبية Accountability الذى نادت بها حركة الكفايات التعليمية .

   ●    تأكيدها على الأداءات التى يظهرها المتعلمون بجودة عالية فى سياق واقعي ، بعد مروهم بخبرات تعليمية ؛ استفادة كبيرة من حركة نواتج التعلم Learning Outcomes .

وعلى هذا الأساس فإن الدعوة إلى تركيز التعليم على الأداء ، وجعل التقويم مبنياً عليه، وضرورة وضع معايير لهذا الأداء ، وتوفير الضمانات لتحقيقها ، مبادئ مستمدة من جميع حركات الإصلاح السابقة ، تبلورت واجتمعت فى هذه الحركة المعاصرة .

إن من يأخذ بآي حركة من حركات الإصلاح السابقة ، ويرى أفضليتها على غيرها ؛ يمكن أن يجد فى حركة المعايير التربوية ما يتفق وتوجهه ، ومن ثم فلا مبرر لرفض هذه الحركة أو عدم التجاوب مع متطلباتها ، ولاسيما فى ظل العولمة والنظام العالمي الحالي والتقدم التكنولوجي والمعلوماتي ، والعالم الذى أصبح قرية واحدة ، والحاجة إلى توفير مواصفات للمتعلم لا تقل عن مواصفات نظرائه فى أي مكان فى العالم ، وحسب المعايير العالمية التى تقرها المنظمات المهنية والهيئات التعليمية المشهود لها بالتقدم والرقى . إن من المهم مسايرة التطورات ، لا مواجهتها ؛ بشرط التأكد من منابتها ، وأثرها الإيجابي .

ـ ما المعايير ؟

        المعيار Standard فى اللغة العربية : ما اتخذ أساسا للمقارنة والتقدير ، ومعيار النقود : مقدار ما فيها من المعدن الخالص المعدود أساساً لها بالنسبة لوزنها ، وجمعها (عيارات ) ، والمعايرة : التقدير بالحجم بمحاليل قياسية معروفة قوتها . والمعيار فى الفلسفة : نموذج متحقق أو متصور لما ينبغي أن يكون عليه الشيء ، ومنه العلوم المعيارية، وهى المنطق والأخلاق والجمال وجمعها معايير .

        وفى اللغة الإنجليزية المعيار Standard مقياس ثابت للمدى أو الكمية أو النوع أو الحجم ، كما أنه يعنى نوع أو نموذج أو مثال للمقارنة أو محك التميز .

        ومن الناحية الاصطلاحية ، تتعدد التعريفات لمصطلح المعيار ، فقد عرفها المهتمون بالمجال من زوايا كثيرة ، مثل المحتوى ، الأداء ، فرص التعلم ، منح رخصة مزاولة المهنة، إعداد المعلم ، التدريس ، التقييم ، التنمية المهنية .

        ومن أمثلة هذه التعريفات :

-   تعرف جين هجتون Jeanne Houghton  المعايير بأنها :" تلك النصوص المعبرة عن المستوى النوعي الذى يجب أن يكون ماثلاً بوضوح فى جميع الجوانب الأساسية والمكونة لأي برنامج تعليمي ، وهذه الجوانب تشمل : الفلسفة التى ينطلق منها البرنامج ، والهيئة التعليمية ، والطلاب ، والإدارة ، والمصادر التعليمية ، والكفايات المهنية للمعلم ".

-   ويعرف رتشاردسون Richardson  المعايير بأنها : " تلك الأشياء التى تؤسس بواسطة السلطات ، أو الأعراف والتقاليد السائدة ، أو الموافقة العامة عليها ، كنموذج ومثال يجب أن يتبع . أو هى تلك المستويات المحددة لدرجة الجودة المطلوبة والكافية لغرض ما .

-   وتعرف وزارة التربية والتعليم المعايير بأنها : " عبارات عامة تصف ما يجب أن يصل إليه المتعلم من معارف ومهارات وقيم نتيجة دراسته محتوى معين ".

-   ويعرف كمال زيتون المعيار بأنه : " تحديد للمستوى الملائم والمرغوب من إتقان المحتوى والمهارات والأداءات وفرص التعلم ومعايير إعداد المعلم " .

فى ضوء هذه التعريفات المتعددة لكلمة معيار standard ، يتضح ما يلي :

-         ارتباط التعريف بالمجال الذى تستخدم فيه الكلمة .

-          تشترك المعايير فى أنها تشير إلى تحديد للمستوى المرغوب فيه داخل هذا المجال .

وبالتالي يمكن تعريف المعايير التربوية إجرائياً على النحو التالي:

" المعايير التربوية عبارة عن موجهات أو خطوط مرشدة Guide lines  متفق عليها من قبل خبراء التربية والمنظمات القومية ، تعبر عن المستوى النوعي الذى يجب أن تكون عليه جميع مكونات العملية التعليمية من طلاب ومعلمين وإدارة ومناهج ومصادر تعليم وتعلم وأساليب تقويم ، ومباني وتجهيزات ، …الخ " .

ـ مجالات المعايير :

        تتعدد مجالات المعايير ومنها :

ـ معايير المحتوى Content Standards :

·  هى أدلة لتصميم المناهج التعليمية أو أدلة لفحص الجودة ، وتوضيح للمهارات والمفاهيم التى يتم تدريسها ، وذلك باعتبارها جزء لا يتجزأ من إطار المنهج .

·  وكذلك هى وصف لما يفترض أن يدرسه المعلمين ، وما يفترض أن يتعلمه الطلاب ، وهذا الوصف محدد وواضح للمعرفة والمهارات التى ينبغي تدريسها للطلاب .

ـ معايير الأداء Performance Standards :

·      تحدد البيئة التى ينبغي أن تبرهن على اكتساب المعرفة والمهارة المتضمنة فى معايير المحتوى.

·          وتعتبر ذات علاقة بما ينبغي للطلاب أن يكونوا قادرين على عمله .

·      تضع خطة متصلة لمستويات الأداء ، والأنواع المقبولة من الأدلة التى تحدد ما إذا تم مقابلة معايير المحتوى أم لا .

·          تجعل معايير المحتوى إجرائية وعملية .

·      تصف الأداء Performance Description ، حيث يتم تحليل معايير المحتوى لما هو أساسي ويمكن تقييمه .

·          تحدد نماذج عمل الطالب Samples of Student Work .

·  تشمل تعقيباً على نماذج عمل الطالب Commentaries on Student Work ، فتقارن نماذج عمل الطالب بتعقيبات تشرح كيف يحدد عمل الطالب الجودة المطلوبة.

ـ الفرق بين معايير المحتوى ومعايير الأداء :

·  تصف معايير المحتوى المعرفة والمهارات التى يجب أن يتقنها الطلاب ، بينما تصف معايير الأداء المهام التعليمية Via Tasks التى تجسد تلك المعارف والمهارات .

·  معايير المحتوى عبارة عن المعرفة أو الفهم التى يتوقع أن تكون لدى الطلاب ، بينما تصف المهمة الأدائية Performance task استخدام معين للمعرفة والمهارات ، فهي ليست وصف للمعرفة ولكن وصف لتطبيقات تلك المعرفة .

ـ معايير فرص التعلم Opportunity to Learn Standards :

·  هى تلك المعايير التى تحدد درجة توفر البرامج ، وأعضاء هيئة التدريس ، والمصادر المتنوعة التى توفرها المدرسة والنظام التعليمي ، لكي يتمكن الطلاب من تعلم المحتوى ومقابلة معايير الأداء المطلوبة .

ـ معايير التدريس Teaching Standards :

·      هى عبارات تصف ما يجب أن يعرفه المعلمون وما يقدرون على أدائه لتحسين تعلم الطلاب خلال عملية التدريس .

·  أو هى كل ما يحتاج المربون أن يعرفوه ويؤدوه ، ويقصد بذلك المعرفة والمهارات والاتجاهات اللازمة للتدريس الجيد .

ـ معايير التقدير Assessment Standards  :

·          محكات criteria  للحكم على جودة ممارسات التقدير .

·      نمط من أنماط المعايير يستخدم للحكم على جودة الأساليب المتبعة فى تقييم المتعلمين .

ـ معايير التنمية المهنية Professional Development Standards :

·  مجموعة من الموجهات لكليات العلوم والتربية التى تضطلع بالإعداد الأولى لمعلم ما قبل الخدمة ، ومن يقوم باختيار وتصميم أنشطة التنمية المهنية ، أي أنها تقدم رؤية حول تنمية الجوانب المعرفية والمهنية للمعلم .

ـ فلسفة بناء المعايير التربوية :

تنهض فلسفة بناء المعايير التربوية علي مجموعة من المبادئ والمفاهيم الرئيسة التى تعكس محاور الرؤية المستقبلية للتربية والتعليم ، وتشكل فى الوقت نفسه الأساس الفكري لها، وهى :

-         التزام المعايير بالمواثيق الدولية والقومية الخاصة بحقوق الطفل والمرأة والإنسان عموما .

-         خدمة المحاسبية والعدالة الاجتماعية , وتكافؤ الفرص , والحرية .

-   إحداث تحول تعليمي يرتقي بقدرة المجتمع علي المشاركة , وغـرس مقومات المواطنة الصالحة والانتماء والديمقراطية لدي المتعلم .

-         ترسيخ قيم العمل الجماعي والتنوع والتسامح وتقبل الآخر .

-   تعزيز قدرة المجتمع علي تنمية أجيال مستقبلية قادرة علي التعامل مع النظم المعقدة , والتكنولوجيا المتقدمة , والمنافسة في عالم متغير .

-   مواكبة التطورات الحديثة في عالم متغير يعتمد علي صنـع المعرفة , والتكنولوجيا ,   وعلي تعدد مصادر التعلم , وتنمية المهارات اللازمة للتعامل مع مجتمع المعرفة .

-         تؤدي المعايير إلي استحداث نمط من الإدارة يرسخ مفاهيم القيادة ومجتمع التعلم , وتعمل علي تحقيق الجودة الشاملة .

-         مساهمة المعايير في توفير مناخ يكفل حق التعليم المتميز لجميع التلاميذ والتنمية المهنية المستديمة للممارسين التربويين .

-         اعتماد المعايير علي مقاربة تعليمية مبتكرة تعزز نموذج التعلم النشط ذاتي التوجه .

-          تعزز المعايير للمتعلم علي توظيف المعرفة ودعم قيم الإنتاج .

-          تدعيم المعايير لقدرة المشاركين في العملية التعليمية علي حل المشكلات , واتخاذ القرار  والتفكير الناقد والإبداعي .

-          إسهام المعايير في بناء قاعدة معرفية عريضة لدي المتعلم تتسم بالتكامل والفاعلية .

-          تحقق المعايير الالتزام بالتميز في التعلم والقدرة علي المتابعة والتقويم الأصيل .

-          تساعد المعايير قدرة الأنساق التربوية علي التجدد , والتطوير المستمر .

ـ خصائص المعايير التربوية :

توجد مجموعة من الخصائص والمواصفات التى تحدد ما يجب أن تكون عليه المعايير وهى:

-         شاملة : حيث تتناول الجوانب المختلفة المتداخلة للعملية التعليمية والتربوية والسلوكية .

-   موضوعية : حيث تركز علي الأمور المهمة في المنظومة التعليمية بلا تحيز , وتنأي عن الأمور والتفصيلات التي لا تخدم الصالح العام .

-         مرنة : حتى يمكن تطبيقها علي قطاعات مختلفة وفقا للظروف البيئية والجغرافية والاقتصادية المتباينة في ربوع مصر .

-         مجتمعية : أي تعكس تنامي المجتمع وخدمته , وتلتقي مع احتياجاته , وظروفه , وقضاياه

-   مستمرة ومتطـورة : حتى يمكن تطبيقها لفترات زمنية ممتدة تكون قابلة للتعديل ومجابهة المتغيرات والتطورات العلمية والتكنولوجية .

-         قابلة للقياس : حتى يمكن مقارنة المخرجات المختلفة للتعليم بالمعايير المقننة للوقوف علي جودة هذه المخرجات .

-   تحقق مبدأ المشاركة : بأن تبني علي أساس الأطراف المتعددة والمستفيدين في المجتمع في إعدادها من ناحية , وتقويم نتائجها من ناحية أخري .

-         أخلاقية : بأن تستند إلي الجانب الأخلاقي وتراعي عادات المجتمع وسلوكياته .

-         داعمة : فلا تمثل هدفا في حد ذاتها وإنما تكون آلية لدعم العملية التعليمية والنهوض بها.

-         وطنية : بأن تخدم أهداف الوطن وقضاياه وتضع أولوياته وأهدافه ومصلحته العليا في المقام الأول .

ـ أهمية المعايير فى النظام التعليمي :

·          تعتبر المعايير مداخل للحكم على الجودة فى مجال معرفي معين ، من خلال :

-         جودة ما يعرفه المتعلمون ، وما يمكنهم عمله فى هذا المجال .

-         جودة البرنامج الذى يتيح لهم الفرصة للتعلم فى هذا المجال .

-         جودة تعليم هذا المجال .

-         جودة النظام الذى يدعم المعلمين والبرنامج .

-         جودة الممارسات التقويمية والسياسات .

·  توفر المعايير مقياساً لتقويم أبعاد التدريس كلها ، وتحديد ما يجب أن يكون عليه التعليم والتعلم ، حيث تطرح من خلالها الأسئلة التالية :

-         هل هذا كتاب مدرسي جيد ؟ هل يوفر فرصاً لتحقيق المعايير ؟

-         هل التنمية المهنية للمعلم ذات قيمة ؟ هل يتوفر لدى المعلمين أساليب لمساعدة المتعلمين للوصول إلى المعايير ؟

-         هل المصادر المتاحة جيدة ؟ هل توفر المعلومات والمهارات اللازمة للوصول إلى المعايير ؟

-         هل الهيئات التدريسية والمعاونة داعمة ؟ هل توفر الدعم المطلوب للوصول إلى المعايير ؟

·  تمثل المعايير قاعدة للمحاسبية Accountability ، وهو مدخل مهم للإصلاح المدرسي، وعليه فإن المدارس ستنتقل إلى التربية المتمركزة حول الأداء ، مستخدمة آليات وإجراءات واختبارات تقوم على أساس الأداء ، مما يعزز ثقة المجتمعات فى التعليم .

·  تحقق المعايير مبدأ الجودة الشاملة Total Quality  ، وتعكس تنامي المجتمع وخدمته، وتلتقي مع احتياجاته وظروفه وقضاياه المتغيرة ، ومجابهة المتغيرات والتطورات العلمية والتكنولوجية ، وهى فى الوقت ذاته تخدم القوانين السائدة ، وتراعى عادات المجتمع وأخلاقياته .

·  تسهم المعايير فى بناء تقويم تتوافر له درجة عالية من الثبات ، وتساعد على تتبع تطور أداء الطلاب ومن ثم الحكم على مدى تقدمهم صوب تحقيق المعايير المنشودة ، وتحدد جوانب الأداء المختلفة التى ينبغي التركيز عليها أثناء عمليتي التعليم والتقويم .

·  توفر المعايير توحيداً واتساقاً فى الأحكام ؛ حيث تشير الممارسات السابقة ، وبعض الممارسات الحالية أن تقدير ممتاز فى مدرسة قد يعنى تقدير جيد فى مدرسة أخرى ، ودرجة 10 من 10 عند أستاذ معين قد تعنى 5 من 10 عند أستاذ آخر .

·  تعتبر مؤشرات الأداء المشتقة بعناية وبدقة من المعايير موجهات جيدة للمعلمين والآباء والمتعلمين ؛ فهي تفيد المعلمين فى التخطيط للتدريس ؛ حيث توضح ما إذا كان المتعلم قد أتقن المحتوى ، وإذا لم يكن كذلك ، فهي تدل المعلم على أوجه القوة لدى المتعلم للبناء عليها ، وأوجه القصور لتعديلها ، وهى تفيد الآباء عند قيامهم بمحاسبة المعلمين ، كما أنها تفيد المتعلمين فى تعرف المطلوب منهم تعلمه ، وكيف يستخدمون هذه الأدلة لتحسين نتائج تعلمهم .

·  المعايير لكل المتعلمين واحدة بغض النظر عن خلفياتهم وخصائصهم ، وهذا يحقق مبدأين هامين من مبادئ التعلم : التميز والمساواة . فالمعيار يمثل تحدياً للمتعلمين مما يدفعهم إلى بذل أقصى جهد للوصول إلى تحقيق المعيار وبالتالي التميز . وكون المعايير لكل المتعلمين واحدة ، فهذا يحقق المساواة بينهم ، ويعطيهم شعوراً بهذه المساواة وبالتالي الثقة بالنفس .

·  من الناحية المثالية فإن المتعلمين يتعلمون أفضل فى بيئة تقوم على أساس المعايير ، حيث إن كل فرد منهم يتحرك فى اتجاه متماثل ، ولذا :

-         يتخير المعلمون الأنشطة التعليمية التى تمكن المتعلمين من تحقيق المعايير .

-         يعرف المتعلمون ما هو مطلوب منهم ، ويمكنهم استخدام أدلة التعلم لتحقيق المعايير .

-         يساعد أولياء الأمور أبناءهم على حل الواجبات المنزلية ؛ حيث يرون العلاقة الوطيدة بين هذه الواجبات والمعايير .

-   يعلم الإداريون متطلبات إنجاز المعايير ، ولذلك يقومون بتوفير هذه المتطلبات . وبالتالي تحدد المعايير تعريفات واضحة لكل الأدوار والواجبات لكل جزء فى العملية التعليمية .

·  تقدم المعايير إطاراً للربط بين المعرفة واستخدامها ، وتظهر دمجاً بين المفاهيم من ناحية والقدرة على توظيفهما فى مواقف الحياة من ناحية أخرى ، وهذا الربط وتلك القدرة تظهر بوضوح فى الممارسات العقلية والأدائية ، ويعبر عنها المتعلم فى صورة أداء Performance يقدم دليلاً حقيقياً على الاكتساب العقلي والتمكن الأدائى.

·  تضمن المعايير استمرارية الخبرة من صف إلى آخر ، ومن مدرسة إلى أخرى ، فكل الجهود تتضافر لتحقيق المعايير على طول مسار التعلم من صف إلى أخر ، ومن مرحلة إلى أخرى وفى كل المدارس .

·  توفر المعايير الفرصة للمعلمين لمساعدة المتعلمين على الربط بين شئ تعلموه من قبل والمحتوى الجديد المطلوب منهم تعلمه ، ومثل هذا الربط ييسر انتقال أثر التعلم لمواقف جديدة ويشجع المتعلمين على التفكير الناقد ، ولهذا يحتاج المعلمون إلى معرفة المهارات والمعارف التى يجب أن يكتسبها المتعلمون لكي يتحقق التعلم الجديد ، وحتى تبرز العلاقة بين ما تم تعلمه وما هو مطلوب تعلمه ، وهذا ما تحققه المعايير عند كل مرحلة من مراحل العملية التعليمية .

·  توفر المعايير الفرص للتعاون والاتساق والتماسك لتحسين التعلم فى فرع معين من فروع المعرفة ؛ فهي تسمح لكل مشارك فى العملية التعليمية / التعلمية أن يتحرك فى نفس الاتجاه ، ضماناً لأن تلقى أي مبادرة من جانبه لتحسين التعليم دعماً من جميع الجهات المعنية . إذ أن المعايير تعتمد على جهد متواصل لكل من المعلمين والآباء والطلاب وإدارة المدرسة ومخططي ومطوري المناهج ورجال الأعمال وقادة المجتمع.

·  تسهم المعايير فى تطوير المقررات فى المستقبل ، عن طريق تبنى أفضل الممارسات الحالية ، وهى تأخذنا فيما وراء معوقات البني الحالية للمدارس ، ونحو أفاق مشتركة للتميز .

·     تجد المعايير الوسائل التى يمكن من خلالها الوصول بمستوى الأداء الحالي إلى مستوى الأداء المرغوب فيه.

ـ المعايير القومية للتعليم فى مصر

وفى محاولة لإصلاح التعليم فى مصر قامت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع العديد من الهيئات والخبراء فى مجال البحث العلمي والتربوي ورجال الاقتصاد والسياسة فى المجتمع ، بوضع معايير قومية للتعليم فى مصر منذ عام 2002م .

ويتوقع أن يهدف هذا المشروع إلى تحقيق الجودة فى العملية التعليمية ، من خلال تحديد مجموعة من المستويات المعيارية ، والتي يتم فى ضوئها تقويم جميع جوانب العملية التعليمية بما يكفل نوع من الشفافية والمحاسبية والعدالة .

وقد تم وضع مستويات معيارية فى خمسة مجالات أساسية : المدرسة الفعالة ، المعلم، الإدارة المتميزة ، المشاركة المجتمعية ، المنهج الدراسي ونواتج التعلم . واشتملت وثيقة المنهج الدراسي ونواتج التعلم على عشرة وثائق هى : وثيقة المتعلم ، وثيقة المنهج التى تتناول كل عنصر من عناصره ، وثمانية وثائق للمواد الدراسية التى تم اختيارها فى المرحلة الأولى للمشروع وهى : التربية الدينية الإسلامية ، التربية الدينية المسيحية ، اللغة العربية ، اللغة الإنجليزية ، اللغة الفرنسية ، الدراسات الاجتماعية ، العلوم ، الرياضيات .

المصدر: دكتور إدريس سلطان صالح
dredrees

الأستاذ الدكتور إدريس سلطان صالح

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 8804 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2011 بواسطة dredrees

ساحة النقاش

prof2005

جزاك الله خيرا وجعلك زخرا للباحثين
محاسب / أشرف محسن
خبير إعداد بحوث

الأستاذ الدكتور إدريس سلطان صالح الهدهودي

dredrees
أستاذ المناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية كلية التربية ـ جامعة المنيا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

369,258