علي الديناري

موقع دعوي يشمل نسمات من القرأن وشروح بعض الأحاديث ومدرسة الدعوةأسرة المسلمة والفكر والقضايا المعاصرة



أقصد بحفظ القرار ان المسؤل سواء كان رب أسرة أو داعية او مديرا اذا أخذ قرارا في اسرته او مؤسسته فعليه ان يحفظ تاريخ هذا القرار
وأقصد بالتاريخ الخطوات التي اتبعها في مراحل التحضير للقرار ومراحل الحسم وعلى أي أساس أخذه والاجراءات والمشاورات الي أجراها بتواريخها والشهود عليها
أهمية هذه الحفظ تتناسب مع أهمية القرار بالنسبة للأسرة أو المؤسسة
ومن خلال تجربتي الشخصية
يحتاج متخذ القرار بعد فترة من الزمن قد تطول او تقصر لتذكر وسرد بل واستدعاء الشهود على أن خطوات اتخاذ القرار كانت سليمة خصوصا عندما تتعرض الأسرة أو المؤسسة او الجماعة لتبعات القرار ويبدأ البعض التشكيك في صحته
ومثال ذلك على كل المستويات متكرر كثيرا جدا أنك ترددت في السفر في ظروف جوية صعبة مثلا ثم حسمت قرارك بالسفر رغم علمك بسوء الاحوال الجوية نظرا لأن هناك من الدواعي القوية ما يفرض عليك التضحية بالمتاعب من اجل نتائج السفر
انتهت مرحلة اخذ القرار فشرعت في السفر فاذا بك تواجه المتاعب
تميل النفس هنا للتراجع
ليست المشكلة في مراجعة القرار انما في اساس هذه المراجعة حيث تميل هنا ان تستند الى تخطئة القرار الأول ومراجعة طريقة اخذه واتهامها بالخطأ
وبعض النفوس تعشق الندم جدا وتحب جلد الذات فتغرق في التلذذ بالعيش في ظل الندم
هذا على المستوى الشخصي اما على مستوى الأسرة
لو كانوا مسافرين معك فعند أول متاعب ستجد من يخطّيء خطوات اتخاذ قرار السفر فيدعي مثلا انه لم يؤخذ رأيه في هذه السفرية أو أننا لم نحصل على معلومة صحيحة بخصوص الطقس مما يزيد من حالة الاحباط والخلاف
وهكذا ارفع المثال قليلا لو ان القرار كان بشان خطير كبيع منزل أو رفض فرصة شراء شيء مثلا أو زواج أحد الأبناء ثم تعرضه لمشكلات بعد الزواج
أي أن المسؤل هنا سيحتاج مراجعة وتذكر الخطوات حتى يقطع الطريق على تسرب الاحباط وزعزعة الثقة في اتخاذ القرار ومن اتخذه مما يترتب عليه مشكلات أكبر وخلافات نتيجة ضعف الثقة في متخذ القرار وهذا أمر قد يكون بداية لسلسلة من الفشل المتتابع في الأسرة او الجماعة
النساء هم ألأقرب الى الندم والتراجع عند أول عقبة ومشهور انك بعد ان توافق زوجتك على السفر اذا بها تقول لك في لحظة قرب " مش كنا انتظرنا كان أحسن "؟ وأغلب الأزواج ينفجر فيها غاضبا: مش انت اللي طلبتي؟ غريبة والله.
والقليل منا من يستطيع ان يتفهم مشاعرها وأنها تتحدث اليك حديثها مع نفسها بسجيتها كامرأة وتحتاج منك ان ترفق بها وتعيد لها أسباب السفر ودواعيه ولماذا صممنا عليه رغم العقبات . هذا اذا كان العتاب هادئا ولكن في حالات صاخبة غاضبة ستحتاج ان تؤكد سلامة خطواتك ومنها انك أخذت رأيها وأعطيتها الفرصة كاملة وأنها أدلت برأيها بكل صراحة وقالت كذا وكذا وبدليل وشاهد كذا وكذا
وأياك هنا ان تكون قليل الكلام فتؤثر الانسحاب وقطع الجدل وتركها تأكل في نفسها زهدا منك وعملا بفضل قلة الكلام ..هذا ليس مقامه لماذا؟
لأنك تبني في نفس شريكك وتغرس فيها مباديء وقيم وأيضا فكرة حقيقية عن طريقة تفكيرك وتوثقها فيها وهذا أمر ليس بهين في نفس من تقوده فالقيادة تعني الثقة والمواقف هي التي تبني الثقة وتربي أو العكس ... لا تهرب من الموقف ..المعالجة الصحيحة للموقف تربية وبناء يستفيد منه من معك حاليا ومستقبلا
نصور ان هذا القرار ليس سفرا داخل البلد وانما للخارج مثلا أو أنك ستسافر وتترك اسرتك أو ستسافر بهم ثم اذا بكم تمنعون من العودة لأي ظرف ! ثم اذا بأسباب قوية تحتاج لعودة مثل مرض الوفاة لأحد الوالدين مثلا !
أو أي قرار مصيري تتحمل فيه الأسرة التبعات والتضحيات اذا لم تكن مذاكرا وربما كاتبا لخطوات قرارك ومشاركا غيرك خطوة خطوة فأسهل تفكير على الصغار والنساء ان سفرنا كان خطأ من البداية. وأكرر ليست المشكلة في تخطئة قرار كهذا بقدر ما هي في نتائج زعزعة الثقة فيك كمدير او رب اسرة خصوصا اذا تكررت هذه الزعزعة ... واذا كان ما تقوده مؤسسة فالعمل المؤسسيي الذي تتشاور فيه وتتخذ القرار جماعيا وليس فرديا علانية وليس سرا أكبر ضمان لحفظ القرارات ولكنه لايغني عن حفظك الشخصي لقراراتك وخصوصا المصيرية
الفائدة الثانية لحفظ القرار انه في حالة صحة القرار وعطمة نتائجه سيكون هناك من ينسى او يخطي ويغلط في تذكر خطوات القرار وقد يكون ذلك نسيانا وقد يكون للاسف الشديد عمدا لتحقيق اغراض شخصية وأن يحمد بما لم يفعل
وهنا تأتي عملية حفظ القرار لتضع الأمور في نصابها وإياك ان تستدعي الورع هنا وانك لاتعبء بمن هو صاحب الفضل فقد يكون الفضل المغتصب مهما وليس لك بل لغيرك فتقاعسك في اثبات الحقائق قد يصل في حالات الى السكوت عن الحق وهو نوع من الظلم
ومن العجيب جدا أنك يمكن ان تستجيب لمناشدات وتوسلات لاتخاذ قرار ما فاذا اتخذته اذا بك تصدم باللوم والتخطئة واثارة المشكلات ممن توسلوا سابقا . ولايشترط ان يكون ذلك مغرضا وانما قد يكون من المقربين والمؤيدين لك ولكن لأسباب في تكوينه الشخصي أو عدم ادراكه المسبق لتبعات القرار او لقدرته على تحملها
الحلاصة أنصح كل متخذ قرار بحفظ الخطوات والاجراءات التي اتخذه بها لاحتياجه اليها يوما ما طال الزمن او قصر وفقكم الله وأعانكم وتقبل منكم
في المقال التالي أمثلة حية على الحاجة لحفظ القرارا
#حفظ_القرار(1)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 190 مشاهدة

ساحة النقاش

على الدينارى

denary
موقع خاص بالدعوة الى الله على منهج أهل السنة والجماعة يشمل الدعوة والرسائل الإيمانية والأسرة المسلمة وحياة القلوب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

346,811