أولا ـ البلوغ في القرآن والسنة وعلامات البلوغ
البلوغ في اللغة الوصول وأنت بلغت أي وصلت الى نهاية سن الصغر والطفولة ودخلت سن الرجولة والتكليف وهذا مذكور في القرآن والسنة وعليه أحكام شرعية معينة
1ـ قوله تعالى ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) النساء
قال ابن كثير:: أي اختبروهم( حتى إذا بلغوا النكاح( : يعني : الحُلُم .
علامات البلوغ
قال الجمهور من العلماء : البلوغ في الغلام تارة يكون:
1ـ  بالحلم ، وهو أن يرى في منامه ما ينزل به الماء الدافق الذي يكون منه الولد . عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يتُم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل " .
وفي الحديث  ) رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق (
" 2ـ أو يستكمل خمس عشرة سنة ، وأخذوا ذلك من الحديث الثابت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال : عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة ، فلم يُجِزني ، وعُرِضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ، فقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - لما بلغه هذا الحديث - إن هذا الفرق بين الصغير والكبير .
3ـ وإنبات الشعر الخشن حول الفرج ، وهو الشِعرة ، رضي الله عنه قال : عُرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فكان من أنْبَتَ قُتِل ، ومن لم يُنبِت خلي سبيله ، فكنت فيمن لم ينبت ، فخلى سبيلي .
وقوله : ( فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم قال الفقهاء متى بلغ الغلام مصلحا لدينه وماله ، انفك الحجر عنه ، فيسلم إليه ماله الذي تحت يد وليه بطريقه .
نفهم من هذه الآيات أن الشريعة الاسلامية اعتبرت الطفل إذا بلغ شخصية مستقلة لها ذمة مالية مستقلة يمكنه التصرف في أمواله ولو كان يتيما عليه وصي ارتفعت عنه الوصاية لأنه كبر وبلغ ويجب على الوصي أن يسلم له ماله  وتجب عليه في ماله الزكاة وكذا الحج اذا قدر 
2ـ قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)النور
قال ابن كثير : هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض . وما تقدم في أول السورة فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعض . فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال : الأول من قبل صلاة الغداة; لأن الناس إذ ذاك يكونون نياما في فرشهم
 ( وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة   أي : في وقت القيلولة; لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله ، 
( ومن بعد صلاة العشاء ( لأنه وقت النوم ، فيؤمر الخدم والأطفال ألا يهجموا (يدخلوا بلا استئذان)على أهل البيت في هذه الأحوال 
3ـ قوله تعالى ( وإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (59) النور
قال ابن كثير : يعني : إذا بلغ الأطفال الذين إنما كانوا يستأذنون في العورات الثلاث ، إذا بلغوا الحلم ، وجب عليهم أن يستأذنوا على كل حال عن يحيى بن أبي كثير : إذا كان الغلام رباعيا فإنه يستأذن في العورات الثلاث على أبويه ، فإذا بلغ الحلم فليستأذن على كل حال . وقال في قوله : ( كما استأذن الذين من قبلهم ) يعني : كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه .
نفهم من هذه الآيات أن الشريعة الاسلامية تعتبرك كبرت ولم تعد طفلا يمكنك الدخول والخروج هنا وهناك بلا استئذان ولايُحرج منك النساء.. لا ... الآن كبرت فيمكن اطلاعك على أمك واخوتك وهم على أحوال معينة أن يصيبهم بالاحراج .
ثانيا: الأحكام الشرعية التابعة للبلوغ والفرق بينك قبل البلوغ وبعده شرعا
1ـ تحول كل الفرائض والواجبات الشرعية عليك من استحباب تعويدك عليها قبل البلوغ الى فرض تحاسب على تركه بعد البلوغ
2ـ وأنت طفل لايُكتب عليك  أي لاتحاسب على الخطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاث .....) ولكن كان تكتب لك  الحسنات على فعل الطاعة لما في الحديث أن امرأة رفعت غلاما للنبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته في الحج فقالت ألهذا حج؟ قال  : ولك أجر )رواه مسلم   
بعد البلوغ يكتب لك وعليك  يعني تكتب لك الحسنات وعليك السيئات لقول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث الصبي حتى يحتلم ) وهذا معناه انه اذا احتلم أي بلغ كتب القلم عليه سيئاته
3ـ استحباب الصيام لك لوصية النبي صلى اله عليه سلم (يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج  ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي وقاية من الوقوع في المعاصي
فوائد الصيام للشباب يضعف الشهوة ـ يقوي الارادة والعزيمة ـ يشعر الشاب بالنجاح والانجاز والانتصار على النفس فيستغني عن البحث عن انتصارات زائفة ـ تحصيل فرحة الصيام والفطر (للصائم فرحتان ...)الحديث فيستغني عن الفرحة الزائفة بالحرام
4ـ حرمة النظر للنساء
5ـ وجوب الاستئذان قبل دخول غرفة الوالدين كما سبق في الآيات
6ـ حرمة ملامسة المرأة
7ـ حرمة الخلوة
نفهم من هذه الأحكام أنك رجل ولايصح لك مخالطة النساء كما كنت طفلا بل يجب أن يكون بينك وبين النساء حاجز ما
والحكمة من ذلك عدم إثارة الشهوة وكذلك الحفاظ على رجولتك فالرجل لايخالط النساء فتأخذ طباعه منهن العادات والطباع الخاصة بالنساء والتي لاتصح للرجال
9ـ وجوب الدعوة الى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وهذا الحكم عظيم أولا لضمان انتشار الاسلام وأحكامه وثانيا يبني شخصيتك فيعودك على التأثير في الناس بالخير والحق وليس التأثر بهم في الفساد
10 ـ وجوب طلب العلم الشرعي أن تتعلم ماتصح به عقيدتك وعباداتك فلاتعبد الله بجهل وأن تتعلم تلاوة القرآن تلاوة صحيحة لأنه رسالة الله إليك
وهذا الحكم عظيم لأنه يفيدك بالعلم والعلم شرف لصاحبه وكذلك يجعل أمامك أهدافا مطلوب منك تحقيقها وبالتالي ليس لديك وقت فراغ
الهدف من هذا الدرس
1ـ تعليم الابن مايجب عليه في هذه المرحلة وهذا واجب شرعا على الوالد
2ـ إشعار البالغ باقرار الوالدين له بالبلوغ وبأنه لم يعد طفلا
3ـ  تحميل الابن المسؤلية
فائدة هذا الدرس بناء شخصية البالغ بناء سليما ليعبر مرحلة البلوغ بسلام فيكون البناء السليم له وقاية من المشكلات والمخاطر التي يقع فيها الشباب في هذه المرحلة
واجب عملي : تصميم ورد محاسبة النفس ومتابعة نفسه عليه والأب يسأله عنه فقط ولاينظر فيه لتعويده على محاسبة نفسه بنفسه
(ربَّنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )