لايستغني مثقف عن القراءة لابن القيم والاستمتاع بأسلوبه الأدبي الممتع ..ولعل قاريء ابن القيم يتفق معي في عدة ملاحظات مهمة يوصي بها من أراد أن يبحر في روائعه منها:
1ـ يشتهر ابن القيم بسعة علمه وتنوع اجتهاداته فهو مفسر ومحدث وفقيه ولحرصه على أدائه لواجبه كعالم يفرّع في المسائل ويشرح ، ويعز عليه أن يفوّت مسألة بلا قول فيها وذكر الخلافات والآراء فيها مما يحشر في الموضوع فروعاًكثيرة .
2ـ ولأنه مُحقِّق فهو يتناول المسألة باستفاضة وحصر لكل الآراء ثم الترجيح بحشد من الأدلة مما يطول الموضوع على القاريء العادي
3ـ ولأمانته العلمية فهو ينقل كل أدلة مخالفيه وأحيانا يزيد عليها فيقول: ولأصحاب هذا الرأي أن يقولوا : ثم يأتي بأدلة من عنده تعضِّد هذا الرأي وبالتالي يسترسل ويستفيض ، فيترتب على ذلك ظن القارىء المستعجل أن هذا الرأي هو رأي ابن القيم ، بينما هو قد أورده من أجل الرد عليه مثل ذلك كلامه عن العشق وفوائده فقد أطال في سرد اقوال القائلين بها في كتابه الداء والدواء لذا يتعين على قاريء ابن القيم أن يراجع المسألة من أولها ليتأكد ويفصل بين كلام الامام وكلام غيره.
4ـ ولأنه فقيه فهو يعزّ عليه أن يترك مسألة من المسائل الفقهية دون أن يفصل فيها وهو يعد هذا من كرم العالم فبينما موضوع حديثه في الرقائق مثلا اذا بمسألة فقهية تعرض له فيستطرد في بحثها ، وهذا المسلك يفيد طالب العلم لكنه يشتت طالب الموضوع كما في كتابه "الداء والدواء "
5ـ ابن القيم يهتم بحشد الأدلة ويهتم بكثرتها لأنه مناظر جيد فتجد تكرارا في الأدلة مع تنويع الأسلوب أو تفريعا في الأدلة مع امكان اجمالها .
6ـ كانت عادة العلماء الاسترسال في الحديث دون وضع عناوين فرعية فتحتاج كتاباته إلى وضع عناوين فرعية من أجل استيعاب الموضوع الرئيسي والإلمام بالفكرة.
7ـ الإمام يطرح فكرته في أكثر من كتاب أو موضع فاذا غمضت الفكرة أو شيء منها في موضع يمكن الرجوع لها في موضع او كتاب آخر كذلك اذا أراد القاريء أن يستخلص رأي الامام وهنا اشكال فقد يقطع قاريء بأن رأي ابن القيم في مسألة ما هو كذا بينما هو ليس كذلك وانما لديه تفصيل في المسالة لاتصل اليه الا بالاطلاع على قوله في المواضع الأخرى وقد يكون هناك فرق دقيق في الصياغة أدى الى فهم تناقض في الرأي بينما هو تفصيل
ساحة النقاش