مصرنا الحبيبة

الماضي والحاضر والمستقبل

الطريق إلى السعادة

من الطبيعي أن نسعى لأن نعيش حياة سعيدة وأن نبحث عن السعادة، فكل إنسان عاقل يريد أن يبتعد عما يكدره وما يشقيه ويقترب مما يفرحه ويسعده، ولهذا نجد الإنسان يفكر ويخطط ويعمل حتى يحقق ما يريد أي حتى يكون سعيدا.

ولا شك أن بعضنا يظن أن السعادة في الحصول على المال، ولكننا نعلم أن الغنى لا يجعل الإنسان سعيدا، ولقد قيل «إن الفقراء يعتقدون أن السعادة في المال في حين أن الأغنياء ينفقون المال بحثاً عن السعادة!».

وبعضنا يظن أن السعادة في الزواج أو حياة العزوبية أو المنصب أو الشهادة أو غير ذلك، ولكننا نعلم أيضاً أن السعادة ليست في الزواج وليست في المناصب أو الشهادات. فما هي السعادة إذن؟ وكيف يمكننا أن نعيش سعداء؟

إن علينا أولا أن نفرق هنا بين السعادة كحالة دائمة وبين أمور مفرحة تسعد الإنسان لدقائق أو أيام، فالحصول على الشهادة مثلا يفرح الإنسان، ولكن لا يجعله سعيدا وكذلك علينا أن نوضح أن المصائب كموت أحد الأقارب أو غير ذلك تحزن الإنسان، ولكن قد لا يجعله مهموما شقيا.

السعادة إذن في الراحة النفسية والتي لا تتم إلا بالقرب من الله والسعادة أيضا في المقدرة على التعامل مع أفراح ومصائب الحياة بكفاءة. وحتى تتضح صورة السعادة نقول إن المجتمع الغربي ليس سعيداً مع كل ما يملكه من مستوى مادي مرتفع وحريات كثيرة، فالقلق والملل من الأمراض الرئيسية للحضارة الغربية. فلا الإباحية الجنسية ولا المال ولا الاستقلال ولا غير ذلك جعل الغرب سعيدا، وعلينا ألا لا نخدع بأقوالهم وبادعائهم السعادة، فحياتهم يغلبها الشقاء.

الاطمئنان بالقرب

السعيد إذن هو الإنسان المؤمن بالله والراضي عن أعماله، والقادر على التعامل مع الحياة بكفاءة عالية، فالمؤمن سعيد لأنه يشعر انه قريب من الله القادر العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم. وهذا القرب يعطي الإنسان اطمئنانا نفسيا كبيرا لان الإنسان ينسجم مع فطرته ويشعر أن الله قادر على أن يحميه ويعطيه وينصره. وعندما يقترب الإنسان من الكتاب والسنة فإنه يبتعد عما يشقيه ويقترب مما يسعده بقدر تمسكه، فكلما زاد التمسك زادت سعادته، فالتوحيد يربط الإنسان بأكبر قوة في الوجود والالتزام بشريعة الأديان السماوية يجعل الإنسان راضيا عن تصرفاته في أقواله وأفعاله، فهو يحاول ألا يقول أو لايفعل إلا الخير.

المعرفة والعمل

ومعنى ذلك أن السعادة لا تكون إلا بأخذنا بأمرين الأول معرفة الله وأحكامه وهذه المعرفة تعرفنا الحق من الباطل والصواب من الخطأ في الأقوال والأفعال. أي أننا سنعرف بالقراءة والاطلاع والاستماع والنقاش والتفكير ما يجب أن نقول ونفعل في مسيرة الحياة، وما يجب أن نتجنب من أقوال وأعمال والجهل في هذا كثير وما زال مما جعل البعض يعيش حياة قلقة لأنه يرتكب الأخطاء الكثيرة في عقائده وأعماله فيعيش نادما على أعمال عملها أو أقوال تلفظ بها.

والعلم وحده لا يكفي فلابد من الأمر الثاني وهو: تطبـيق ما نعرفه من حق وصـواب وخير، فالمعرفة وحدها لا تجـعلنا سعداء، فإذا علمنا أن السـعادة هي في طاعة الله ولكـننا أخذنا نعصيه فكأننا تركنا بلد خير وسعادة وذهبنا ونحن نعلم إلى بلد شر وشقاء، أي لابد أن نطبق ما نعرف وإلا فلن ننال السعادة أبدا، ولم نتصرف تصرف العقلاء فالمعرفة لا تكفي.

قال سفيان بن عيينة: «ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر أنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه وإذا رأي الشر اجتنبه» ومعنى ذلك أن معرفتنا كيف نزرع لا تعني أننا سنحصل على إنتاج طيب فلابد من العمل وحرث الأرض وسقيها.

فقراءة آلاف الكتب الزراعية لن يكون لها أثر في الفرد أو المجتمع إن لم يكن هناك عمل وتطبيق، فبدون العمل لن نحصل إلا على المجاعة والفقر مهما تعلمنا.

وكذلك السعادة لن نحصل عليها إن لم نطبق ما نعرف من أحكام وسنن ما جاءت به رسالات السماء التي أرادت الخير للبشرية. فإذا علم الموظف أن الرزق من الله فلن يشعر بالشقاء والهم عندما يفصل من وظيفته لأنه يؤمن بأن الله كتب رزقه ولن يستطيع احد أن يأخذ من رزقه دينارا واحدا.

التأثر بالهموم والغموم

وكلما كان إيمان الفرد قويا كان تأثره بالهموم والمشاكل أقل، أي لا تجد الهموم لقلبه مدخلا. قال ابن تيمية كلمته المشهورة «ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة وقتلي شهادة واخراجي من بلدي سياحة» فانظر إلى الكفاءة العالية في التعامل مع الحياة عند من قرن العلم الصحيح بالعمل الصالح.

قال تعالي {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} ومن المهم أن ننتبه في الآية السابقة إلى أن سعادة المؤمن في الدنيا والآخرة وليست فقط في الآخرة كما يظن بعض الناس، ولنؤمن فعلا كما تدعونا الآية إلى أنه لا تبديل لكلمات الله ولا قوانينه، وان الله ولي المؤمنين في الدنيا فهل نحن مؤمنون بذلك؟

أم نظن أن البشرى والسعادة هي في المال والشهادة والمركز والملذات؟

الرزق مقسوم

إن صاحب الإيمان الضعيف يصبح مهموما إذا فصل من عمله، يحمل هم الأطفال والزوجة، وهو غير مقتنع بأن الله موجود وهو يرزق من يشاء وهو من قسم بين الناس أرزاقهم، وهو الذي طمأن عباده المؤمنين وأرشدهم إلى القول بأنه {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا} ومصادر الهموم ومنابعها كثيرة وليست هي فقط الفصل من العمل، وهي كثيرة وتصيب الإنسان على سواء، فمن الهموم موت قريب أو صديق والزواج الفاشل، والمرض والولد العاق أو الكسول، وغير ذلك وحين يتعامل الإنسان مع كل هذه القضايا منطلقا من عقائد الدين الحق وأحكامه فلا شك أنه سيتعامل معها بما يرضي الله. فإذا مات له عزيز قال {إنا لله وإنا إليه راجعون} وعلم أن الأعمار قد قدرها الله والعبد يرضى بما قدر مولاه، وبكاء الإنسان وحزنه لا ينفي اطمئنان نفسه ولا يتعارض معها. أما تعامل المسلم ضعيف الإيمان مع هذه القضايا فهو في غالبه تعامل القلق والساخط والمتذمر، يظن أنه لو فعل كذا لما مات ابنه أو خسرت تجارته أو اصطدمت سيارته، والمؤمن عندما تنزل به مصيبة يقول قدر الله وما شاء فعل. والتعامل مع المصائب بهذا الأسلوب ناتج عن اقتناع بان الله لا يظلم وهو ارحم بعباده من الأم بابنها، فعقابه عدل وجزء مما نستحق على معاصينا في حين انه تجاوز عن أجزاء.

المصائب تكشف المعادن

ويعلم الإنسان أن المصائب تأتي أحيانا كاختبار لتكشف الصادقين من الكاذبين، ومن يتخذ الأسباب ويبذل الجهد ويرى الأمور تسير على غير ما يريد، يثق بأن هذه مشيئة الله ولا رد لحكمه، ويعلم يقينا بان الله لو أراد لمنع حدوث المصيبة. والتوحيد الصحيح والأعمال الصالحة تسعد النفس وتفرحها، وصحيح أن بعض الطاعات فيها بعض التعب والعناء، ولكن الصحيح أيضا أن السير في طريق الطاعة يوصل إلى سعادة عظيمة لا يأتي بها المال والمركز والشهادة.

قال أحد الصالحين: «لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف» ففي القرب من الله جنة دنيوية لا يعملها كثيرون، والطريق إلى هذه الجنة يتأتى بعمل الطاعات واجتناب المعاصي وهذا هو الطريق إلى السعادة، فالسعادة سعادة القلب والشقاء شقاء القلب.

بقلم: عيد بطاح الدويهيسمعرفتنا كيف نزرع لا تعني أننا سنحصل على إنتاج طيب فلابد من العمل وحرث الأرض وسقيها

الفقراء يعتقدون أن السعادة في المال في حين أن الأغنياء ينفقون المال بحثاً عن السعادة!

علينا أن نفرق بين السعادة كحالة دائمة وبين أمور مفرحة تسعد الإنسان لدقائق أو أيام

كلما كان إيمان الإنسان قويا كان تأثره بالهموم والمشاكل أقل

 

المصدر: م - الأبعاد الخفية
belovedegypt

مصرنا الحبيبة @AmanySh_M

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 585 مشاهدة

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

631,761

عن الموقع

الموقع ملتقى ثقافي يهتم بالثقافة والمعرفة في كافة مجالات التنمية المجتمعية ويهتم بأن تظل مصرنا الحبيبة بلدآ يحتذى به في القوة والصمود وأن تشرق عليها دائمآ شمس الثقافة والمعرفة والتقدم والرقي

وليعلو صوتها قوياّ ليسمعه القاصي والداني قائلة

إنما أنا مصر باقية

مصرالحضارة والعراقة

مصرالكنانة  

 مصر كنانة الله في أرضه