موقع الدكتور ناصر علي محمد أحمد برقي

عريس شهد

 

دقت الساعة السادسة في منزل الحاج سليم السوهاجى، وأمتلأ المنزل بالأقارب، والأحباب، والكل ينتظر حضور العريس الذى قابل الحاج سليم، وتحدث معه في طلب الزواج من كبرى بناته شهد.

ورحب الحاج سليم السوهاجى بالرجل، الذي عرف منه أنه يعمل مهندساً فى شركة الكهرباء، وطلب منه الحضور للتعارف، على أنه يحضر بمفرده أولاً، ليرى العروسة، ويتناول من يديها الشاى لكى يراها وتراه، واتفق معه على أن يكون اللقاء مجرد تعارف بسيط، ولكن؟

نظراً لأن شهد تتمتع بجمال فائق، وتريد أن تفرس بنات العائلة كلها، حيث إنها أجملهن، والوحيدة التي تعد أول بنت في العائلة يتقدم لها عريس، وكمان شغال مهندس، وأكثر من هذا فهو غني جدًا جدًا،

ويسكن فيلا ورثها من والده، وأراضي ورثها من والدته، ده غير كام عمارة تدر عليه إيرادات كبيرة، يعني من الأخر كده مليونير، وهناك إشاعة بتقول إنه يملك شركة استيراد أجهزة كهربية، وهو مخبي علشان الضرائب، وكمان شاليه في مارينا.

 كل هذا له أثر كبير في أن تفرس شهد بنات العائلة كلها، وفيه فرصة أحسن من دي، ومين يعمل كده غير شهد ذات الجمال اللي يجعل كل من يراها يعجب بجمالها، يكفي أنها عندما تسير في الشارع تلوحه، وسربت خبر العريس لكل بنات العائلة بنات الخال والخالة وبنات العم والعمة، وحضرن جميعاً، وجلسن معها في حجرتها الخاصة، التي تعد أكبر حجرة فى المنزل، لا يعادلها سوى حجرة الأب والأم.

وارتدت شهد أجمل ثياب لديها، وأخذت تغدو وتروح فى حجرتها أمام بنات العائلة اللائي لم يتم خطبة أى واحدة منهن، وهى الوحيدة التي جاء لها العريس، وكعادتها تريد شهد حرق دم كل بنات العائلة اللاتى ينتظرن قدوم صاحب النصيب، وأخذت شهد تنظر فى المرآة، وتشير إلى عينيها الجميلة الواسعة، وتقول هذه العيون الجميلة تستاهل مهندس كهرباء.... طبعاً تستاهل.

 ثم تشير إلى وجنتيها البيضاوتين المائلتين للاحمرار، وتقول: أما هاتين الوجنتين فائقتى الجمال تستحقان أكثر من مهندس كهرباء، ربما مدير فرع شركة الكهرباء.

وتشير إلى فمها الجميل الرقيق، وتقول: أما هذا الفم الجميل، فلا يقترب منه إلا على الأقل مدير عام الشركة كلها، آه صحيح يستاهل.

وتنظر إليها البنات كلها، حتى أخواتها البنتين الأصغر منها، وتقول سلوى (أختها الثانية الصغيرة): إهدى شوية يا حبيبتى، أنا خايفة على عقلك..........

شهد: انتظرى يا سلوى لسه باقى حاجات كثيرة، انظروا إلى هذا الصدر المكتنز المرتفع، فهو يستحق وزير الكهرباء شخصياً.

ردت هدى (الأخت الثالثة الأصغر منها): يا سلام وزير الكهرباء مرة واحدة..... أستر يارب.

وتحركت يدي شهد، وأطبقت على خصرها، وقالت أما هذا الخصر الجميل المثير فيستحق..........

وقاطعتها ابنة خالتها نجلاء: مين كمان..... إن شاء الله؟

ردت عليها شهد بغضب قائلة: يستحق على الأقل رئيس الوزارة.

شهقت ابنة عمها رانيا: يا شهد........... اعقلى.......... مالك، إيه اللى جرى لك النهارده.

قاطعتها ابنة عمها الصغرى شيرين: النهاردة فقط، لا يا رانيا يا أختي دى شهد كل يوم بتزيد غرور على غرورها، لكن النهارده زادت الحد.

ضحكت شهد: كل يوم فى زيادة الحلاوة، لازم اتغر، من حقى.... انظروا. انظروا،  وأشارت إلى أردافها، واستدارت أمام المرآة، انظروا لهذا الجمال الفاتن، هذا يستحق أكبر واحد فى البلد.

صرخت سلوى وقالت: حاسبي يا شهد كفاية كده بلاش الريس، لحسن نروح ورا الشمس.

ضحكت شهد، وهنا رن جرس الباب، ونادي الأب على شهد، يا شهد، افتحي الباب ده عريسك المهندس عبد الخالق طه

ردت شهد: حاضر يا بابا.

وهنا خرجت البنات كلها، واصطفت في الصالة وكأنهم تشريفة فى استقبال شخص مهم، وكل بنت تحلم بشكل العريس، وتحدث نفسها خطر ببال سلوى أنه سيكون شبه رشدى أباظة، وفكرت هدى أختها الأصغر بأنه سيكون شبه عمرو دياب، وذهب خيال نجلاء إلى انه سيكون شبه كريم عبد العزيز، وأما رانيا فحلمت بشكله سيكون مصطفى قمر، وأخيراً فكرت شيرين سيكون شكله حسين فهمى فما فوق، كل هذه الأحلام، وأشكال الرجال التى حلمت بها البنات ستظهر  بعد ثوانى ليصدق حلم أي واحدة منهن، يا ترى حيطلع شكل المهندس عبد الخالق أيه؟

امتدت يد شهد لفتح الباب، وفتح الباب، وسمعت البنات صوت الرجل: مساء الخير، أنا المهندس عبد الخالق طه........

أتحبس الكلام داخل فم شهد، وكأنها خرساء، ولم تتحدث.

 ولكن صوت أبيها جاء من خلفها: أتفضل يا باشمهندس، يظهر العروسة أبنتي شهد مكسوفة منك.

ألجمت الدهشة لسان شهد لمَ رأته فى العريس المنتظر، انه رجل كبير السن يبلغ عمره ضعف عمرها، ووصفه منقطع النظير، فهو عريض الجثة اسمر اللون بطريقة شديدة السواد، وشكله إلى حد كبير يشبه إسماعيل ياسين مع مزيد من اللخبطة فى شكله، لم يسع شهد إلى أن تحركت للخلف لتفسح الطريق أمام العريس، الذي بدأ يدخل، وعندما دخل من الباب صاحت البنات كلها بصوت واحد: يا نهار أسود......... هو ده العريس...... هاهاهاها.

وصمتت شهد، ونظرت في الأرض، والدموع بدأت تملأ عينيها، ونفسها تقول يا خسارة يا ريت بابا مكان وافق عليه، ويا شماتت بنات العيلة فيكى يا شهد الآن......... ليه كده....... ليه كده......... آه يا شهد على بختك الاسود.

 

تمت       

 

المصدر: مجموعة قصصية " إيمان " تأليف دكتور " ناصر علي " الناشر مكتبة الآداب ، القاهرة ، 2009م
barki

مع خالص الود دكتور " ناصر علي محمد أحمد برقي "

  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 450 مشاهدة
نشرت فى 20 مايو 2010 بواسطة barki

ابحث

تسجيل الدخول

الدكتور ناصر علي محمد أحمد برقي

barki
هذا الموقع ... موقع الدكتور ناصر علي محمد أحمد برقي »

عدد زيارات الموقع

93,468