الخلاصة في علوم البلاغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين ، والصلاةُ والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد :
فإنَّ البلاغةَ- كما هو معلوم - مطابقةُ الكلام لمقتضى الحقيقة ، وهي لبُّ العربية ، وقد وُضعتْ لخدمة القرآن الكريم وكلام النبي صلى الله عليه وسلم خاصةً، ولخدمة علوم العربية عامةً .
إنَّ الأساس الذي بنيتْ عليه البلاغةُ هو أولاً دراسة القرآن الكريم في التعبير ،ومقابلتِها بأساليب البلغاءِ وكذلك السُّنة النبوية ثانيا لتوضيح كلامِ أبلغِ الخلق صلى الله عليه وسلم ، ثم انتقلتْ للكلام عن بلاغة الشِّعر خاصةً والنثر ِعامةً في كلام العربِ الأقحاحِ .
يقومُ علم البلاغة على أساسين هما :
<!--– الذوقُ الفطريُّ فيجدُ القارئُ أو السامع في بعض الأساليب من جرسِ الكلمات وحلاوتها ، والتئام التراكيب وحسنِ رصفها – وقوةِ المعاني وسموِّ الخيالِ ما لايجدُ في بعضها الآخر ، فيفضلُ الأولى على الثانية .
<!--- البصيرةُ النفَّاذةُ ، والعقلُ القادر على المفاضلة والموازنة والتعليلِ ،وصحةِ المقدمات ، لتبنَى عليها أحكامٌ يطمئنُ العقل إلى جدارتِها ، ويسلِّمُ بصحَّتِها
هناكُ اختلافٌ كبير في هذا الصدد؛ فمنهم من يقولُ: واضعُ علم البلاغة هو الجاحظُ وخاصة في كتابه القيِّمِ البيانُ والتبيينُ ، وقيل: هو الجرجاني المتوفى 471هـ بكتابيه دلائل الإعجازِ وأساس البلاغة
وقيل: هو ابن المعتزِّ المتوفى 296هـ بكتابه البديع ، وقيل: السكاكيُّ بكتابه المفتاح ...
تأديةُ المعنى الجميل واضحاً بعبارةٍ صحيحة فصيحة ٍ،لها في النفس أثرٌ ساحر ٌ،مع ملائمة كلِّ كلامٍ للموطنِ الذي يقال فيه ، والأشخاصُ الذين يُخاطَبون .
هي لفظٌ ومعنًى ، وتأليفٌ للألفاظ يمنحُها قوةً وتأثيراً وحسناً ، ثم دقةٌ في اختيار الكلمات والأساليب على حسب مواطن الكلام ومواقعه ،و موضوعاته ،وحال السامعين ، والنزعةِ النفسية التي تتملكهم ،و تسيطرُ على نفوسهم .
<!--هدفٌ دينيٌّ ؛ يتمثل في تذوق بلاغةِ القرآن الكريم والوقوف على أسرارِ ها، وتذوقِ بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم واقتفاءِ أثره فيها.
<!--هدفٌ نقديٌّ أو بلاغيٌّ ؛ يتمثلُ في التمييز بين الجيد والرديء من كلام العرب شعراً ونثراً .
<!--هدفٌ أدبيٌّ ؛ يتمثل في التدريب على صناعةِ الأدب،وتأليف الجيد من الشعر والنثر
ينقسمُ علمُ البلاغة إلى ثلاثة أقسامٍ :
<!--علمُ المعاني : وهو علمٌ يعرَفُ به أحوال اللفظ العربيِّ التي بها يطابقُ مقتضَى الحال
<!--علمُ البيان : وهو علمٌ يعرَف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة ٍفي وضوحِ الدلالة عليه
<!--علمُ البديع : وهو علمٌ يعرَف به وجوه تحسين الكلام، بعد رعايةِ تطبيقه على مقتضَى الحال ووضوحِ الدلالة .


