تقول تاماكو كوندو ان التدريبات التي تمارسها لمدة عشر دقائق يوميا تساعدها على الحفاظ على لياقتها.
ولا تمارس كوندو (80 عاما) تدريبات رياضية ايقاعية او بدنية على جهاز المشي بل تجلس الى مكتب وبيدها قلم محاولة حل مسائل رياضية بسيطة واحاجي اخرى وهو جزء من برنامج "تدريب العقل" الذي اثار اهتماما كبيرا في اليابان.
ويوجد في متاجر بيع الكتب اقسام خاصة لكتب تتضمن هذه التدريبات كما تلقى نسخ منها على هيئة العاب فيديو رواجا شديدا بين الاعداد المتزايدة من المسنين اليابانيين الذين يأملون ان تسهم في مكافحة اعراض الشيخوخة. وتقول كوندو التي تعيش في دار للمسنين في طوكيو "أريد تأجيل اعراض الشيخوخة قدر الامكان."
وأضافت عقب حضورها الجلسة الاسبوعية "لدورة العقل السليم" في طوكيو "اعرف شخصا يخلط بين احداث وقعت في الاونة الاخيرة واحداث من ايام الحرب. لا اريد ان يحدث لي ذلك." ويشارك في الدورة 30 طالبا تجاوزوا جميعا السبعين من العمر ويقومون بحل تدريبات لمدة نصف ساعة اسبوعيا ويطلب منهم حل تدريبات اخرى في المنزل بشكل يومي لمدة ستة أشهر. ويقول العلماء ان الجرعة اليومية من هذه التدريبات تقوي الذاكرة.
ويقول ريوتا كواشيما استاذ علم العقل في جامعة توهوكو ويعتمد العديد من الكتب والعاب الفيديو على نظريته "أريد ان اسهم في المجتمع من خلال ما توصلت اليه وان اقول للعالم انه يمكن تدريب العقل."
وتابع "لكن لم اعتقد انني سأحقق مثل هذا النجاح." وحققت برامج الكمبيوتر التي تعتمد على برنامج كواشيما لتدريب العقل نجاحا كبيرا بالنسبة لمنتجي العاب الفيديو الحريصين على زيادة قاعدة العملاء لتتجاوز من هم في مرحلة الشباب نظرا لتراجع عدد الاطفال في المجتمع الياباني.
وباعت شركة نينتندو 3.3 مليون نسخة من برنامج "التدريبات العقلية للبالغين" الذي صدر في مايو ايار 2004 والجزء الثاني منه الذي صدر في ديسمبر كانون الاول الماضي.
وقال موظف مبيعات في قسم الالعاب في متجر الكترونيات كبير في طوكيو "نرى اشخاصا ربما زاروا متجرنا ولكن على الارجح لم يدخلوا قسم العاب الفيديو مطلقا يأتون ويشترون العاب فيديو."
وتقول نينتندو ان نحو ثلث من اشتروا الالعاب في الخامسة والثلاثين من عمرهم او أكبر. وقال كن تويودا المتحدث باسم نينتندو "أردنا الوصول لمن لم يكن لديهم اهتمام بالعاب الفيديو.. ولكن لم نتوقع هذا النجاح. استطعنا ركوب موجة (جنون العقل)." وتنظم مؤسسة سوني كمبيوتر انترتينمنت التي قدمت برنامج "مدرب العقل" اعتمادا على نظرية كواشيما ايضا "ورشة عمل العاب الفيديو للكبار" في محاولة للوصول لجيل اكبر سنا.
وفي ورشة عمل عقدت بعد ظهر احد ايام السبت جلس 15 شخصا تتراوح اعمارهم بين 30 و63 عاما يصغون باهتمام لمدرب (63 عاما) يعرفهم على العاب الفيديو ومن بينها "مدرب العقل " خطوة بخطوة. وابدى ساشيكو كوماجاي الذي جاء للتعرف على العاب تدريب العقل اعجابا بالحصة التي استغرقت تسعين دقيقة.
وقال كوماجي (55 عاما) وهو موظف في مكتب حكومي محلي "تفاقمت حالات النسيان حين بلغت الخمسين... بهذه (اللعبة) يمكنك ان تلحظ النتيجة فورا. انها مفيدة." وفي نسخة سوني يمنح اللاعبون درجة على ادائهم اما لعبة نينتدو فتحدد العمر العقلي للاعب وهو عشرين في احسن الحالات و80 في اسوأها. واستفادت الالعاب والاحاجي الاخرى التي تنشط العقل من هذا الرواج وزادت مبيعات مكعب روبيك الشهير خمس مرات في اليابان في العام الماضي الى حوالي 500 الف مكعب.
ويقول كازو اوسوي مسؤول التسويق في ميجا هاوس كورب التي تبيع الاحاجي في اليابان "ظاهرة تدريب العقل كانت مؤثرة... نضع عبارة (اختبارات الذكاء) عن عمد حتى تثير اهتمام الكبار." ويتفق القائمون على هذه الظاهرة على ان الاهتمام بتدريب العقل يأتي نتيجة الرغبة في تقليل الاثار الحتمية للتقدم في السن قدر الامكان لكن اشاروا لاسباب مختلفة لتحولها لهوس وطني. ويبلغ سن واحد من كل خمسة يابانيين 65 عاما او أكثر ومن المتوقع ان تصل النسبة الى واحد من كل اربعة خلال العقد المقبل نتيجة تدني نسبة المواليد وارتفاع متوسط العمر.
وقال كواشيما ان الناس ضاقوا ذرعا بالاتجاه المادي ويبحثون عن سبل اخرى لتحقيق الذات. واضاف "توجد مشكلة كبار السن في المجتمع ولكن هناك ما هو اكثر اعتقد ان الناس تريد تدريب وتطوير نفسها داخليا.
ساحة النقاش