حدد رب العالمين سبحانه وتعالى أن تكون العربية لغة القرآن في الدنيا ولغة أهل الجنة و مختلف الأقوام ممن يفوزوا بها في الآخرة وجاء هذا التحديد الذي أكرم فيه خالق الكون الله عز وجل أمة الإسلام بلغة العرب حين جعلها لغة التنزيل.

اسئلة عديدة أثارها المتابعون للتراث الإسلامي والذي منه كتاب الله الكريم – القرآن المجيد – إذ دارت أسئلة مثارة للجدل لماذا أختار الرب القدير هذه اللغة على ما دون سواها، ومحاولة الوصول إلى حقيقة ذلك لم تكن سراً فقد أنزل القرآن الكتاب الذي يمثل لسان حال تعاليم الله العلي القدير لجميع بني البشر كي يفيقوا إلى رشدهم ويعتنقوا الإسلام دينا لدنياهم ولآخرتهم من هنا جاء تأكيد العلي القدير سبحانه عبر آيته الكريمة: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

ومن ينظر إلى فواتح السور القرآنية وما يحويه بعضها من إبهام أو رمزية في المعنى عند النظر إليها أول مرة لكن تفسير فاتحة كل سورة أمر وارد بعد أن أكفل العديد من المفسرين المسلمين وسبقهم لذلك أئمة أهل البيت الأطهار (ع)، روي عن الإمام علي (ع) أنه سؤل عن سر القرآن المجيد: فأجاب (إن لكل كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب هو حروف التهجي) في إشارة لأوائل سور القرآن الكريم وطبيعي فإن أفضل احتجاج موضوعي لمن لا يرغب أن يقتنع بهذا الأمر هو الطرح عليه فيما إذا كانت نطق القرآن برموز الأصوات اللغوية العربية أو غيرها، والجواب حين يكون طبيعياً جداً أنه باللغة العربية ونطقاً وكتابة، فعندها سوف لن تكون هناك مساحة للجدل.

من استخراج مختلف الآراء ومقابلة بعضها مع بعض ومن ثم تمحيصها علمياً بما ينسجم مع المسلمات اللغوية التي يقرأها علم اللغة الحديث وعلوم الألسنية توفر قناعة كبيرة في جانب خصوصية القرآن باعتبارها الكتاب السماوية النازل على صدر النبي محمد (ص) والذي كان وسيبقى مادامت الحياة والى الأبد دستور الإنسانية قبل أن يكون دستور المسلمين.

وما يزداد فخراً في النفوس الإسلامية أن في القرآن إعجازاً لا يمكن لأحد تقليده أو الوصول إلى معاني البلاغة الكاملة فيه بالنسبة لبعض السور فقد فشلت كل اللغات العالمية رغم أنها تسمى بـ(اللغات الحية) وحتى اللغات التي تعتبر إسلامية أي أن الشعب الذي ينطق بها هو شعب مسلم، كما هو الحال في اللغة التركية إذ تعجز صياغات هذه اللغات من حيث إعطاء معانيها بما يرقى إلى القصد اللغوي في المعنى المدون باللغة العربية وما يحيط من مقاصد ضمنية لما تريده الآية الكريمة القرآنية أن تفصح به إذ تعجز تلك اللغات عن تلك المهمة في الاستدلال على ما هو مراد بالآية من تفسير فمثلاً إذا كانت الآية القرآنية الكريمة التي تبدأ بـ(والتين والزيتون.. الخ)، لا تعطي أي معنى بالنسبة لنص ترجمتها في اللغة الإنجليزية لأن كلمة (التين) مفردة (الزيتون) هنا بمثابة قسم أو قسم مباشر في اللغة العربية، في حين يتبادر إلى ذهن الذي يقرأ اللغة الإنكليزية فقط على أن هاتين الكلمتين تشيران إلى نوع وأنواع من الفاكهة!

وإذا كانت خاصية العربية باعتبارها لغة كلام الله المنزل عبر مكنون القرآن الكريم فإن التكريم الأخلد لها أن جعلها الله سبحانه وتعالى لغة أهل الجنة كما جاء بهذه البشارة رسول الله محمد (ص) فلقد قدس الله العربية بهذه المعنى اللغة العربية إلا أن المرونة في إيصال فكرة التقديس إلى الضمائر المؤمنة لم تتحدد على شكل محدد من الكتابة التي تشكل جذرها نموذج واحد من الحروف العربية إذ تخطت صور الحرف العربي المعتمد في الكتابة القرآنية بأكثر من نموذج ومعلوم أن القرآن الكريم قد كتب ومازال يكتب أو يطبع بكل أنواع الخطوط الموثقة في الكتابة العربية كالخط الكوفي أو الخط الديواني أو الخط الجلي ديواني إضافة لخط الرقعة المعتمد في الكتابة العربية اليدوية أيضاً ففي ذلك شيء من المرونة التي أقرها علماء اللغة العربية وجهات الدين الإسلامي على مختلف مذاهبهم وفرقهم حتى ليكاد أن يكون التنوع في تقديم أشكال حروف الكتابة القرآنية يوازي شرعية التنوع الآنف ذاته وحق مكتسب لصالح تقديم أفضلية جمالية حروفية بالنسبة للذوق المختار لأي شكل من أشكال الحروف العربية الآنفة.

ولعل من الثابت عن حقائق اللغة العربية أن النطق فيها أضحى أهم واجب للاعتماد عند قراءة السور القرآنية أو الاستشهاد بها من قبل المسلمين غير العرب بمختلف بقاع المعمورة وفي ذاك تقوية للغة العربية في البلاد الناطقة بلغات أولى غير العربية ففي بلاد إيران الناطقة مجتمعاتها بالدرجة الأولى باللغة الفارسية حالياً صدرت أول صحيفة للمكفوفين باللغة العربية في طهران وهي صحيفة إيرانية شهرية ناطقة باللغة العربية وستوزع في البلاد العربية أيضاً.

 

  • Currently 273/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
90 تصويتات / 4836 مشاهدة
نشرت فى 17 أغسطس 2009 بواسطة ashrafhakal

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

3,606,151