طبق طائر يدور حول المربع ب وشعاع ليزر يشق قبة السماء وانفجار 
يدوى وشرار يتناثر في كل حدب وصوب
 ..بعد دقائق تحول المربع ب 
إلى خرابة ممتازة .. لكن من بين الحطام برزت كف عبد الصمد ..
بعدها برزت ذراعه كلها وأزاحت بعض الركام
لتسمح لرأسه بالخروج إلى الهواء ..
مرحا يا عبد الصمد مازلت حياً
رغم تحول منزلك إلى رماد ..هاهو ذا يزحف 
على بطنه بين الشظايا المحترقة بكل إصرار
 ..وحينما قرر أخيراً أن يقف 
معتمداً على كفيه اكتشف أنه لم يعد لديه رجلين ..!! لقد بتر نصفه السفلي
 ..
لابد أن صدمة عصبية قاتلة قد ألمت به إذ سرعان ما تهاوى بلا حراكوعاد
السكون يغلف المربع ب .. لا شئ سوى
طقطقة ألسنة اللهب التي تمصمص
ما بقي من أطلال البيوت .. وعاد الطبق الطائر
ليدور دورة أخيرة مشرفاً 
على المحرقة
 .. ووسط عاصفة من الغبار وفي رقعة خالية منالحطام ..
قرر الهبوط لم يعد هناك أحياء في المربع ب فلا بأس إذن من
استراحة محارب سريعة ..
لكن ..للأسف حتى الأطباق الطائرة ترتكب حماقات
 ..فمن قال أن الحياة 
انتهت في المربع ب .. لقد ظهر خالد مرتدياً زي ناقل الجزيئات على بعد خطوة
من الطبق الساكن ..ألصق قنبلة موقوتة
بجسم الطبق الأملس وصرخ :
- هذا من أجل عبد الصمد ...
ثم اختفى في لحظة .. لقد انتقلت جزيئاته وتجمعت في مكان أخر ..
وفي اللحظة التالية أطاح الانفجار بالطبق
الطائر ودفعه ليرتطم بأطلال 
منزل قريب ..ثم ارتد ودار حول محوره ثم سكن
أخيراً والدخان الأسود 
يتصاعد منه
 ..وعلى بعد عدة أمتار عاد خالد للظهور ...كان يتأمل 
الطبق الطائر المحطم بوجه جامد
خالي من التعبيرات لكن بداخله 
تدافعت أحاسيس ومشاعر جارفة .. لقد صنع
شيئاً لم يسبقه إليه 
مقاتل من مقاتلي المقاومة
 ..لقد حصل على حطام طبق طائر من 
أطباق الغزاة الفضائيين
 .. لقد أثبت الزي الناقل للجزيئات الذي 
حصل عليه من الإخوة الأمريكان
!!كفاءة غير عادية .. كذلك القنبلة شديدة 
الإنفجار فخر الصناعة
الاسرائيلية ..!!لكن تلك لم تكن أبدأً البداية ...

***

قبل عدة سنوات ..و قبل أن يحدث ما حدث للعالم ..كان خالد محاسباً 
في إحدى الشركات الهندسية بالقاهرة وكان من أولئك الشباب الواعد 
ذوي الطموح العالي
 ..كان يطمح أن يصير راتبه ألفى جنيه ..يطمح 
أن
يتزوج من نجلاء جارته في الحي .. يطمح في أن يوافق عم شوقي
صاحب البيت
الذي يسكن به على تجديد عقد الإيجار..يطمح أن يعود 
لداره أمناً دون أن يستوقفه أحد البلطجية ملوحاً ببندقية ألية
 !!..
كان يطمح أن يكون شجاعاً ولا ينصاع للسرقة بالإكراه ..كان خالد 
يطمح أن يكون طموحاً
 ..وكل يوم كان يقف في شرفة مسكنه الذي 
ورثه عن والديه بعد زواج
كل إخوته وتفرقهم في البلدان ويرفع طرفه 
للسماء كأنما ينتظر أن تهوى عليه ثروة تحل كل مشاكلة أو صخرة 
تريحه من
محاولات البحث عن حلول لمشاكله.. وكان يقول 
لنفسه مشجعاً : الغذ سيكون أفضل .. كل المؤشرات تقول هذا فلا تبتئس !!..
لقد أجهز اليهود على ثلاثة أرباع الفلسطينين
 ..وأمريكا احتلت افغانستان والعراق ..
وليبيا تم تسليمها تسليم أهالي والسودان اللهم لا حسد انقسمت لدولتين والثالثة
في الطريق
 ..لم يعد هناك جيش عراقي ولا جيش سوري ولا يمني ولا ليبي ..
الكل يتهم الكل بكل البشاعات المتصورة .. فلماذا نبتئس ..؟! لماذا لا نطمح في
غد أفضل ..؟
وكان يسأل نفسه دائماً ..لماذا لا يتألف الناس وتذوب ما بينهم 
من خلافات .. ؟
لكن الأحمق لم يكن يدري أنه لا يوجد رأى واحد يمكن أن يجتمع 
عليه اثنان
..فكيف تجمع العالم كله في أن ...لكن الحل جاء سريعاً ..
أسرع مما يتخيل
 .. حينما حلقت الأطباق الطائرة فوق عواصم العالم 
دون تفريق بين دول متقدمة وأخرى متخلفة .. بين دول غنية وأخرى
تمزقها
 المجاعات .. الكل كان يدك بالليزر في أن ..وكان هذا هو الحل السحري 
لكل الخلافات
 والمشاحنات على المستوى الدولي والفردي .. لقد وقف 
الفلسطيني بحزامه الناسف
 جوار الجرافة الاسرائيلية تظلهم طائرات 
سلاح الجو الأمريكي
 ..وتحيط بهم الدبابات الروسية ...
البحرية البريطانية تعانقت مع البحرية الأمريكية بشراكة مصرية
في مياه البحر المتوسط
 ..وتعانق اليابانيون مع الصينيين ونام 
الأهلاوية جوار الزملكاوية
 ..وجمع بابا الفاتيكان رموز الأديان 
وصلوا صلاة واحدة أملاً في
نشوب طاقة إيجابية تحرر الأرض من 
نير الغزو الفضائي
 !!...وتاب الناس واسترضوا بعضهم البعض وامتلأت
المساجد والكنائس
حتى عم شوقي قرر أن يعطي خالد عقد إيجار مفتوح !!.......
وصار العالم كله يهتف في نفس واحد ..
أوربا
 ..
اسيا ..
أفريقيا ..
أمريكا
 ..
استراليا
 ..
شبرا
 ..
إيد واحدة)...!!
وخرج الرئيس الأمريكي ليدشن الدولة العالمية الكبرى التي انصهرت فيها 
كل الدول والقارات في مواجهة الغزو الفضائي
 ..ويومها لم ينس أن يذكر 
العالم الذي يستمع
 إليه عبر شاشات البث المنتشرة في كل ربوع العالم ..
أن أمريكا هي أول من حذر
العالم من إمكانية حدوث غزو فضائي للأرض ..
وهي أول من دعى لقيام نظام
 عالمي جديد ..نظام عالمي واحد تحكمه 
الأمم المتحدة
 ..وأن الحكمة الأمريكية والفطنة الأمريكية والتواضع الأمريكي
كل ذلك
 يدعوه الأن لنسيان ما كان من سخرية واستهجان ..بعد أن اثبتت
السينما الأمريكية للعالم انها
لم تكن يوماً تقدم نوع من التسلية 
البريئة المحبوكة ..بل كانت تنظر بعين
 أحادية !! إلى المستقبل القريب وتحاول
أن تضيئ للعالم شمعة على الطريق
 .. وانتهى حفل تدشين الدولة العالمية
بتسليم جائزة الأرض الذهبية للمخرج اليهودي ستيفن سبيلبرج صاحب تحفة يوم الاستقلال
 !!...
ولم ينس الرئيس الأمريكي أن يصنع بأصبعيه قرنين (السبابة والخنصر ) 
في مواجهة العالم وهو يقول في وداعة
 :
- في الله نثق ...
وبدأ الجهاد العالمي المشترك .. تحول خالد من ذلك الشاب الطموح 
الذي يأمل في
 الزواج والراتب المجزى وتجديد عقد الشقة إلى أحد أبطال
المقاومة الأرضية 
ولم يعد يملأ رأسه سوى فكرة واحدة .. تحرير الأرض
من غزاة الفضاء الملاعين
 ...خصوصاً وأن نجلاء جارته ومشروع 
زواجه لقيت
 حتفها في غارة فضائية على مسكنها ..يومها أخذ يجري 
كالمجانين بثياب البيت
 ناحية منزلها المتفحم وأقسم على جثتها المحترقة أن ينتقم .. 
وحينما عاد
 إلى منزله اكتشف أنه لم يعد هناك واحداً ..ً فقد سحقته غارة 
أخرى بعد أن
 تركه مسرعاً ليلحق بنجلاء ...لقد نجحت نجلاء في إنقاذ حياته 
وهي ميته وفشل هو فى إنقاذها وعروقه كلها تنبض بالحياة
 ..وقتها لم يجد 
بجواره سوى جاره وصاحبه عبد الصمد .. وبعض أشلاء
 من عم شوقي وأسرته
حول البيت المتفحم .. دفن
 رأسه في صدر صديقه متجاهلاً رائحة عرقه – فهي أفضل
من رائحة الجثث المتفحمة
على كل حال - وترك العنان لدموعه ..
عبد الصمد يا صديقي لقد نجا بيتك - لحسن الحظ - من تلك الغارة
..
الأن لن يكون لى مأوى سواه حتى تتضح الأمور
.. ثم مسح دموعه في كمه وقد تذكر شيئاً ما :
عم شوقي مات قبل أن يجدد لي عقد الإيجار..... !!!
وفي صفوف المقاومة التابعة للأمم المتحدة قاتل خالد وعبد الصمد بشراسة 
ودمرا سوياً عدداً لا بأس به من الأطباق الطائرة
 ...الغريب أن الأطباق 
الطائرة كانت تنفجر في الهواء وتتناثر دون أن تترك أي أثر خلفها
 ..حتى 
كان يبدو لخالد وكأنه داخل إحدى ألعاب الفيديو المجسمة
 ..كم تمنى أن
يسقط طبق طائر واحد على الأرض
 ..أن يرى شكل المخلوقات التي بداخله.. 
أن يرى الذعر في عيونها إن كانت لها عيون ..لكن كل محاولاته كانت تبوء بالفشل
 ..
وتتبخر الأطباق الطائرة في الهواء ...حتى جاء ذلك اليوم الذي فوجئ فيه بالطبق الطائر
يحط على الأرض بعد أن دمر منزل عبد الصمد وشطر الأخير إلى نصفين
 ..
وكانت فرصة لا تعوض ..وكان هو من القلائل الذين حصلوا على بزة
نقل الجزيئات
من الأمريكان بعد أن دربوه عليها ..يمكنها نقل جزيئاتك 
في أي مكان على 
الأرض تقوم بتحديده مسبقاً
 ..لقد نجا بفضلها من فخاخ عديدة نصبها له الغزاة ..
واليوم مكنته من تدمير طبق طائر على الأرض
 .. وحينما وقف أمام الطبق الطائرالذي
تتصاعد منه الأدخنة أحس أنه لم يعد يشعر بأنه داخل لعبة فيديو .. 
لقد حصل على أثر مادي
 ..طبق طائر للغزاة ..غداً سيكون حديث العالم كله .. 
خالد البطل المصري من صفوف المقاومة الأرضية فعلها ..
كان هذا حينما قطع عليه حبل أفكاره صوت أنين ..أنين قادم من قلب الطبق الطائر .. 

***
لم يحرك خالد ساكناً .. أصابعه تضطرب حول ازرار بزته الناقلة للجزيئات والشعر
ينتصب على ساعده ومؤخرة عنقه و
...فجأة اهتز الطبق الطائر وتدحرج من
فجوته شئ ما تكور عند قدميه
 ..احتاج خالد لدقيقة كاملة حتى يستوعب
حقيقة الجسد المسجي قدامه
 ..كان يتوقع كائن أخضر اللون له قرون استشعار ..
أو رأس ضخم وجسم
دقيق هزيل ويضع على رأسه خوذة شفافة .. أو حتى كتلة 
من الهلام
لكن ذلك الكائن الذي تكور عند قدميه فاق كل تصوراته ..كان أشقر 
الشعر أبيض البشرة تختلج شفتيه فينساب من بينهما خيط
 من الدم الأحمر القاني ..
كان ينظر إلى لا شئ بعينين خضراوين زائغتين ويحاول جاهداً أن يقول 
شيئاً ما ..بالإنجليزية
 ...!!ثم سكنت حركته وتجمدت عيناه وزال بريقهما ..
كان خالد يحاول جاهداً أن يتماسك وأن يبدوعاقلاً وهو ينحنى ليفحص جثة
قائد الطبق الطائر ..لكنه في النهاية انفلت
 زمامه و رفع ً عقيرته للسماء صارخا في جنون :
إنه من سلاح الجو الأمريكي ...نياهاهاهاهاهاهاه......
أمريكا هي أول من حذر العالم من إمكانية حدوث غزو فضائي للأرض 
هاهاهاهاهاهاهاهاهاه
....
وهي أول من دعى لقيام نظام عالمي جديد ..
هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاااااااي
.....
كانت تنظر بعين أحادية إلى المستقبل القريب وتحاول أن تضيئ للعالم شمعة على الطريق
 ..
خخخخخخخخخخخ ..
كان هذا هو الحل السحري لكل الخلافات والمشاحنات 
على المستوى الدولي والفردي
 ..بففففففففففففففف ..............
كان لابد أن تموت نجلاء وينسف منزلي ..وأظل سنوات وسنوات
أحارب طواحين الهواء
 ...
أااااااااااااااااااااااااااااااااااه
 .......
كان يلف ويدور حول الطبق الطائر ملوحاً بكفه
 كأنما يؤدي رقصة 
ما أو دور مسرحي بلا جمهور ..يختفي من هنا ويظهر من هناك
 وهو يردد 
من بين ضحك وبكاء
 :
- أنا دون كيشوت ..
عبد الصمد دون كيشوت ..
نجلاء دون كيشوت
..
عم شوقي دون كيشوت
 ..
كلنا دون كيشوووووووووووووت
 ...
هاهاهاهاهاهاهاهاهاه....
ورفع عينين حمراوين كالدم تجاه القمر .. الإيذاء الإيذاء ..لابد أن يؤذي أحدهم .. 
لابد أن يدفع أحدهم الثمن
 .. وليكونن الثمن غالياً ..كان يعلم جيداً ما ينبغي عمله.. 
لقد قرر من اليوم ألا يكون دون كيشوت.....وحينما داعبت أنامله أزرار البزة 
كان يحدد
 موضعا معيناً يريد أن ينتقل إليه وبشدة .. وفي لحظة اختفى من
المربع ب وظهر
في مكان أخر .. القاعة المستديرة التي يجلس حولها النخبة 
التي تحكم النظام
 العالمي الجديد .. وخلفهم شعار الأمم المتحدة ..
- أسف على المقاطعة يا سادة ..
اضطربت النخبة الأممية وقفز بعضهم من على مقعده ..والبعض نزل
تحت المائدة المستديرة وأطل برأسه من فوقها في حذر وترقب

- كيف دخلت هنا ..؟
- إنه يرتدي بزة نقل الجزيئات ...
- أين الأمن ..؟
لوح خالد بكفه قائلاً ببساطة :
- لا داعي للإنزعاج يا سادة ..هذة البزة مرخصة حصلت عليها كنوط 
للواجب والشرف ..بعد سنوات من الكفاح
 ...
- كيف سمحت لنفسك باستعمال تلك التقنية في اختراق مقر الأمم المتحدة ..؟
- لدي أخبار سارة لا يسعني معها مراعاة البروتوكول ..
وجاب ببصره في وجوههم وهو يستطرد في حزم :
اليوم يا سادة تم تحرير الأرض من نير الغزاة ..أطل الحذر من البعض ..
وعدل البعض من وضع ربطة
 عنقه وازدرد البعض لعابه بصوت مسموع ..
والبعض انشغل بالنظر لقدميه وقد
 اكتشف أن لديه حذاء جميل .. 
لكن خالد تجاهل كل ذلك مستطرداً
 :
لنشرب سوياً نخب زوال الغزاة ..وفرد كفه اليمنى ليتدلى منها جسم كروى
أسود مزود بصمام أمان
 معلق بإبهامه .. قنبلة يدوية قام بنزع صمامها وهو يستطرد :
- هذا ( كانز ) عائلي ..سيكفيكم وزيادة ...
وقبل أن يستوعب أحدهم الموقف ألقى خالد القنبلة اليدوية ناحية المائدة 
المستديرة ...وحينما ضغط على زر الناقل في بزته تمنى أن يمكثوا في 
جمع أشلائهم حتى تقوم الساعة
 ..

***


البعض قد يتسائل أين ذهب خالد ..؟لا أحد سوى خالد نفسه يمكنه الجواب 
على ذلك السؤال
 ..يمكنك أن تتخيله يسبح في نهر السين أو يتسلق جبال الهيمالايا ..
أو يلهوا مع الدببة وسط ثلوج القطب الشمالي ..يمكنك أن تتخيله جالسا يصطاد
السمك من فوق كورنيش النيل
 ..يمكنك أن تتخيله كما تشاء ..كل ذلك لا يهم ..
المهم أن الشمس عادت تشرق من جديد باعثة في الأرض الدفء والأمل
 ..
فقد صار العالم أفضل بدونهم
 .. 

*** 

تمت بحمد الله

amrmuostafa

عمرو مصطفى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 278 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2013 بواسطة amrmuostafa

ساحة النقاش

عمرو مصطفى

amrmuostafa
قصص وروايات ومقالات »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

57,313