موقع الأستاذ عبد الفتاح أمير عباس أبو زيد

موقع لغوي أدبي تربوي قبمي

رؤية مستقبلية لإعداد المعلم في ظل التدريس بالكفايات

 

أ‌.        عمومن رمضان     

  جامعة عمار ثليجي-الأغواط ( الجزائر )

أ.معمري حمزة    

  جامعة قاصدي مرباح-ورقلة ( الجزائر )

مقدمة:

تعد مهمة تحسين التعليم والتعلم من أولويات الكثير من الدول المتقدمة، والنامية على حد السواء، وذلك لأن هذه العملية تسهم بشكل حقيقي في تحقيق أهداف هذه الدول وآمالها المستقبلية. ويعد المعلم من أهم العوامل التي تساعد على تحقيق النهضة التربوية المرجوة, والتي تؤدي إلى نهضة المجتمع في كافة الجوانب.

إن دور المعلم في أي نظام تربوي يتوقف على مجموعة من العوامل المتداخلة التي تشكل الإطار المرجعي لمفهوم العملية التربوية، ومهما اختلفت المفاهيم في دور المعلم فإنه يبقى عاملا حاسما في إنجاح العملية التربوية أو إفشالها، ذلك لأن وظيفة المعلم لم تعد عملية ميكانيكية تقتصر على نقل المعرفة إلى المتعلمين فحسب، بل إنه يمثل الأداة الفاعلة في إنماء قدرات المتعلمين العقلية والاجتماعية والجسمية وتطوير شخصياتهم بصورة عامة.ونظرا لتطور التربية وتزايد أهمية المدرسة وتغير دورها وتطور المعلمين في ظل المستجدات الحياتية الهائلة، والمتغيرات المتسارعة فإن المجتمع مطالب بتوفير المعلمين الأكفاء المؤهلين والمدربين، كما أنه مطالب بالاهتمام بالمعلم باعتباره عاملا مهما في نجاح العملية التربوية وكفاياتها في تحقيق الأهداف المرجوة منها. ونظرا للدور المميز للمعلم في نظام التعليم في المجتمع فإن العناية في اختياره، وإعداده وتدريبه ونوعية الكفايات التي يمتلكها في الجوانب الشخصية والعلمية والاجتماعية والفنية يعد ضرورة أساسية لأي نظام تعليمي.

ويحتاج النظام التعليمي إلى مراجعة بين الحين والآخر, من أجل تطويره عن طريق تحسين كفاياته الداخلية باختيار مدخلات أفضل, وتنظيم أفضل, وخبرات أكثر ملائمة مع الواقع، حتى تأتي مخرجات هذا النظام على مستوى الطموحات التي يتوقعها المجتمع مع النظام التربوي (الخوالدة،1990).

هذا وقد سلك المسئولون في تحقيق ذلك طرائق مختلفة فقاموا بإعداد المعلمين في أول الأمر على افتراض أكاديمي مفاده: أن إعداد المعلمين يقوم على تقديم نموذج معرفي يتفق مع المواد الدراسية, ولكن هذا النموذج ظل قاصرا أمام المسئولية الحقيقية للمعلم, فأضافوا إلى هذا الافتراض مجموعة من المساقات النظرية في موضوعات تربوية ونفسية، ولكن هذه البرامج ظلت غير فعالة في إعداد معلمين أكفاء، فتطور الافتراض إلى تقديم نموذج معرفي، ومساقات مسلكية نظرية وعملية، ولكن هذه البرامج لم تكن هي الأفضل في إعداد المعلمين وتأهيلهم، فأدركوا أهمية تعرف المتغيرات الرئيسية المؤثرة في تربية المعلمين، وركزوا أخيرا على أسلوب التدريب الذي استخدم في تربية عمال المصانع الذي يقوم على تحليل المهارات الأساسية المكونة للمهنة، لعل ذلك يفيد في تدريب المعلمين. وهكذا تنبهوا إلى برنامج جديد لتدريب المعلمين يقوم على الكفايات الأساسية اللازمة لمهنة التعليم.(ابراهيم محمد كرم،2002). 

ولقد أكدت البحوث والدراسات أن مسألة إعداد المعلمين وتدريبهم في الوقت الحاضر تحتل أولوية خاصة لدى جميع الدول (مكتب التربية العربي لدول الخليج،1988؛ البزاز،1989)؛ وذلك للاعتبارات التالية:

- إن قضية إعداد المعلم وتدريبه، هي قضية التربية نفسها لأنها تحدد طبيعة ونوعية الأجيال الذين يتوقف عليهم مستقبل الأمة.

- إن التعليم بحد ذاته، ومهما قيل عن مؤهلات عماله ومستوياتهم، يندرج في إطار العمل.

- وما دام التعليم مهنة، فلا بد من إعداد عمالها في مختلف تخصصاتهم ومستوياتهم، وذلك لأنها تسبق جميع المهن، كما أنها لازمة لها، وهي بذلك تعد المصدر الأساسي الذي يمهد للمهن الأخرى، ويمدها بالعناصر البشرية المؤهلة علميا، واجتماعيا وأخلاقيا وفنيا.

- إن التعليم عملية متشابكة ومتداخلة، تؤثر فيها عناصر كثيرة تتطلب الإعداد الكافي لها سواء أكان ذلك في الخدمة أم في أثناءها.

- إن النظر إلى وظيفة المعلم، ومسؤولياته قد تغير بتغير الحياة المعاصرة ومتطلباتها، فبينما كانت وظيفة المعلم مجرد نقل المعلومات، أصبحت الآن تتطلب منه ممارسة القيادة، والبحث والتقصي، وبناء الشخصية السوية، بالإضافة إلى المعارف والمهارات المتعلقة بالإرشاد والتوجيه، وفن التدريس.

  - إن طبيعة عمل المعلم تواجه مؤثرات خارجية وداخلية كثيرة تشكل ضغوطا عليه، منها ما يتعلق بمطالب المجتمع وفلسفته، وتقاليده، والطلاب واحتياجاتهم، ومنه ما يتعلق بالسياسة التربوية، ومن ثم عليه مواءمة هذا كله من أجل بناء جيل جديد.

  - إن التوسع الهائل في حجم المعرفة العلمية والإنسانية، وما يحدث في مجال المعلومات والاتصالات، يتطلب إعدادا شاملا للمعلم.

  - إن التغير الذي حدث في فلسفة التربية وأهدافها، وطبيعة العملية التربوية واتجاهاتها قد فرض نفسه في ضرورة الإعداد الجيد للمعلم، ليضمن لنفسه النجاح في مهنته، وفي تربية حديثة ومطلوبة للجيل الجديد.

  - إن معايير الحكم على مستوى التعليم في أية دولة هو مستوى برامج إعداد المعلم وتدريبه وما يتبعه بشأنها من أساليب وتقنيات، ومدى الاهتمام الذي يوليه القائمون على ذلك، وتأكيدهم على أهمية مهنة التعليم، ومكانة المعلمين، والارتقاء بمستوى إعدادهم وتدريبهم في عصر الانفجار المعرفي والتقدم التكنولوجي.

وحسب ليفين فإنه ينبغي على معلمي اليوم أن يعرفوا، ويكونوا قادرين على فعل أشياء لم تكن مطلوبة من أسلافهم، وينبغي إعدادهم لتعليم طلبتهم لتحقيق أعلى مخرجات تعلم عرفها التاريخ، وهذه وظيفة مختلفة كليا عما كانت تفعله الأجيال السابقة من المعلمين، كما ينبغي تطوير مهارات المعلم ومعارفه نوعيا إذا أردنا تطوير تحصيل الطلبة إلى المستوى المطلوب لاقتصاد المعلوماتية.(Levin, 2006 ).   

2- الحاجة إلى إعداد المعلم بالكفايات:

على الرغم من تباين البحث التربوي في تقييم العوامل المدرسية الأكثر تأثيرا وفاعلية في تطوير مستوى تحصيل الطلبة، يزداد عدد الدراسات التي تؤكد أن المعلم هو أهمها جميعا. فالمعلم كما يرى شولمان(Schulman,1987) ينبغي أن يظل هو الأساس، وستبقى النقاشات الدائرة حول السياسات التعليمية شكلية ومفرغة من أية قيمة عملية إذا كان المعلمون-وهم أداة التدريس الرئيسية –غير قادرين على أداء مهامهم بكل كفاءة واقتدار.

ويفترض آخرون أن كفاءة المعلم وفعاليته تستند إلى قدرته على توفير البيئة الصفية المريحة للطلاب. وقد ظهر اتجاه في الوقت الحاضر ينظر إلى كفاءة المعلم على أساس قدرته على الاستخدام، أو التوظيف الماهر لمجموعة من الكفايات التعليمية استخداما مناسبا؛ ليساعده على اتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بالعملية التعليمية. 

وتعد برامج إعداد المعلم على أساس الكفاية من أهم الفلسفات والاستراتيجيات التي ظهرت في هذا المجال، وقد ارتبط ظهورها بالعديد من المصطلحات السيكولوجية والتربوية الحديثة، كالاهتمام بالأهداف السلوكية، واستخدام أساليب ومفاهيم المنحى النظامي في عمليتي التعليم والتعلم وتطور التكنولوجيا التربوية وانعكاساتها على التعلم، وظهور التعلم الإتقاني وغيرها. وتعمل برامج إعداد المعلم القائمة على الكفايات على إيجاد نوع من العلاقة بين برامج الإعداد من ناحية، والمهام، والمسؤوليات، والواجبات التي سوف يواجهها المعلم في الميدان من ناحية أخرى(غادة خالد عيد، 2004).

إن المعلمين الذين لديهم معرفة أكثر وضوحا وتنظيما بتخصصاتهم ينزعون إلى تدريس يتميز بترابط المعارف ووضوحها وتنوعها، كما أن المناقشات التي يقودها هؤلاء المعلمون تتميز بالحيوية، واستثارة الاهتمام عند الطلاب بمختلف مستوياتهم، ولقد وجد أن المعلمين أصحاب المعرفة غير المنظمة بشكل جيد، يقدمون تدريسا غير فعال في معظم الأحيان.

وعلى الرغم من أهمية معرفة المعلمين بالمادة الدراسية بشكل جيد نجد أن هذا غير كاف لتحقيق تعلم فعال لدى الطالب، فمن الضروري توافر القدرة لدى المعلم على تحويل المحتوى المعرفي إلى أشكال تسهل فهم الطالب له، وهذا ما يطلق عليه المهارات التربوية.

إن إحداث أي تغيير تربوي هادف، أو تحديث في المناهج وطرق التدريس لايتم بدون معلم على قدر من الكفاية تمكنه من إحداث هذا التغيير، فالمعلم كان ولا يزال صاحب الدور الأساس في العملية التعليمية؛ إذ يقع على عاتقه تحقيق الأهداف التربوية.

ولكي يقوم المعلم بدوره في العملية التعليمية فإنه يحتاج إلى أن تتوافر لديه مجموعة من المهارات التدريسية الضرورية؛ ولذلك أصبح من أهم الاتجاهات الحديثة في إعداد المعلم تحديد المهارات التدريسية أو الكفايات التدريسية اللازمة له، واتخاذها عند إعداده بمعاهد وكليات إعداد المعلم، وعند تدريبه.(الحمادي، 1991).

ويعد تقويم كفاءة المعلم وظيفة ضرورية لكل نظام تربوي ينشد التطوير والسعي نحو الأفضل.وعملية تقويم كفاءة المعلم بكل أبعادها موقف من المواقف الأساسية لأي طموح فعلي لتطوير النظام التربوي؛ وذلك لأن الهدف الأساس من التقويم هو التحسين والتطوير.(مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1989).

ولقد أصبح موضوع كفايات المعلم من الموضوعات المهمة في العملية التربوية المعاصرة، لما له من أهمية بالغة في كونه مرشدا ودليلا للمعلم، وبصفة خاصة في أدائه لعمله ونموه المهني، ولهذا بدأ الاهتمام بالكفايات التدريسية سواء أكانت من قبل الكليات المسئولة عن الإعداد، أم من مراكز التدريب التي تتولى مسؤولية التدريب بهدف الارتقاء بمستوى الأداء المهني للمعلم، وهذا يدل على أهمية الكفايات التدريسية لإعداد المعلم بشكل عام.

  كما تزايد الاهتمام العالمي، والعربي ببرامج إعداد المعلمين على أساس الكفايات التدريسية بشكل لم يسبق له نظير في العقدين الأخيرين من القرن العشرين.كما طالبت به معظم المؤتمرات والندوات التي عقدت في العالم والعالم العربي.(النجادي، 1996).

3- مفهوم إعداد المعلمين بالكفايات:

ظهرت حركة تربية المعلمين المبنية على الكفايات في السبعينيات من هذا القرن. فلقد جاءت الحاجة إليها (كرد فعل للأساليب التقليدية التي كانت تسود كليات المعلمين ومعاهدهم، تلك الأساليب التي تستند إلى المفهوم التقليدي لتربية المعلمين والذي مؤداه أن أبرز خصيصة للمعلم الكفء هي اكتسابه المعلومات والمعارف النظرية المتعلقة بمهنة التعليم).

ولعل من أبرز عيوب البرامج التقليدية في إعداد المعلمين تركيزها الواضح على اكتساب الطالب المعلم للمعلومات النظرية المتصلة بالمادة الدراسية مع معرفة نظرية كذلك في التربية وعلم النفس، على اعتبار أن هذه المعرفة تكفي لأن يصبح الطالب المعلم قادرا على تعليم تلاميذه الحقائق والمعلومات التي يتضمنها الكتاب المدرسي.

ولقد ظهر مصطلح تربية المعلمين القائمة على الكفايات في موسوعة البحوث التربوية عام 1969، ولكن جذور هذا المصطلح تعود إلى سنة 1967.

هذا ولقد زاد الاهتمام ببرامج إعداد المعلمين القائمة على الكفايات بحيث بدأ استخدامها على نطاق واسع في معظم البرامج المستخدمة في الدول المتقدمة، كما أن (اليونيسكو) وضعت العديد من برامج التدريب في الدول النامية على أساس المبادئ التي قامت عليها تربية المعلمين القائمة على الكفايات.(نشوان، الشعوان، 19).

لعل من المناسب استعراض مفهوم إعداد المعلمين القائمة على الكفايات من وجهة نظر بعض المهتمين من التربويين بهذا لتحديد الإطار النظري لتربية المعلمين القائمة على الكفايات.وفيما يلي عرض لبعض المفاهيم:

1-  فقد عرفها ريتشارد ولنز Richard Wollins بأنها " البرنامج الذي يمد المعلمين المنتظرين بالخبرات التعليمية التي تساعدهم على أن يأخذوا على عاتقهم القيام بأدوار المعلمين".

2-  وعرفها كوبر وربرJ.M.Cooper and W.R.Weber بأنها "البرنامج الذي يحدد الكفايات المتوقع أن يظهرها الطالب المعلم، والذي يوضح المعايير التي يمكن اعتمادها في تقويم الكفايات عنده، كما أنه يضع مسئولية الوصول إلى المستوى المطلوب من الكفاية على المتدرب نفسه".

3-  ووصفها أحمد الخطيب ورداح الخطيب بأنها: البرنامج الذي يحدد الكفايات التي على المتدرب أن يؤديها بإتقان والذي يحدد بوضوح المعيار الذي سيتم بموجبه تقويم كفايات المتدرب والذي يضع مسئولية الوصول إلى المستوى المطلوب من الكفاية على المتدرب نفسه.

- البرنامج الذي يزود معلمي المستقبل بخبرات تعليمية تساعدهم على الاضطلاع بأدوار تعليمية متفق عليها من خلال أداء كفايات تعليمية محددة.

- التدريب المهني على أساس الكفاية يشير إلى قدرة المتدرب على الأداء أو الممارسة على عكس ما هو معروف من تدريب مبني على المعلومات والمعرف النظرية".

4-  ويرى فاروق الفرا أن تربية المعلمين القائمة على الكفايات من أبرز الاتجاهات السائدة حاليا في برامج تدريب المعلمين، ويعكس هذا الاتجاه أهدافا تربوية محددة فرضها عامل الالتزام والمسؤولية بتحقيق الأهداف وتأكيد ملاءمة البرامج لحاجات المتعلمين.

وقد زاد الاهتمام بدراسة الكفايات التعليمية، واستحوذت على اهتمام عدد كبير من التربويين بحيث قامت عليها حركة تربوية جديدة تدعى "حركة التربية القائمة على أساس الكفايات". وقد عرفت الكفاية أولا على أساس أنها تتعلق بالصفات الشخصية التي يتحلى بها المعلم، وهناك اتجاه آخر نظر إليها على أنها تتعلق بأساليب وطرق التدريس الجيدة التي يستخدمها المعلم.

 

4- الكفايات التعليمية اللازمة لمهنة التعليم:

لا يمكن تطوير أداء المعلم دون معايير تحدد بشكل واضح الكفايات التي يفترض توافرها في المعلم، حتى يصبح قادرا على أداء مهام عمله بالشكل المطلوب، وتعد اختبارات المعلمين، أو ما يسمى اختبارات كفاية المعلم في مقدمة المقاييس المستخدمة لمنح تراخيص مزاولة المهنة للمعلم في الولايات المتحدة الأمريكية.

 وتستند فكرة اختبارات المعلمين إلى كون التدريس مهنة لها متطلباتها وشروطها الخاصة بها، مثل المهن الأخرى، كالطب والهندسة وغيرها، ويتعين وفقا لهذا ألا يسمح بمزاولتها إلا لمن يتقنها، ويمكن الإفادة من الاختبارات في تقويم المعلمين الذين يرغبون في الالتحاق لأول مرة في المهنة؛ للتعرف على إمكانات قبولهم أولا، وتحديد جوانب النقص التي يمكن العمل على تحسينها فيما بعد، كما يمكن الإفادة منها في تقويم المعلمين أثناء الخدمة للحصول على تغذية راجعة تمكنهم من تحسين أدائهم.

وهناك الكثير من التجارب العالمية في مجال اختبارات المعلمين، وفي اليابان مثلا يتقدم المعلم للاختبار من اجل التعيين بعد اجتياز مرحلتي الدراسة الجامعية والتدريب العملي بنجاح, ويتكون الاختبار من: اختبار في المادة أو المواد التي سيقوم بتدريسها, كتابة مقال قصير في موضوع يحدد له أو اختبار شخصي في شكل مقابلة.

وفي الولايات المتحدة الامريكية ينتشر استخدام اختبارات للمعلمين من اجل الالتحاق بمهنة التدريس أو الاستمرار فيها, مثل سلسلة (Praxis) التي تطوره مؤسسة خدمات الاختبارات و تطبق في معظم الولايات بهدف منح رخصة التدريس و تجديدها. وتتضمن هذه الاختبارات الكفايات الأساسية للمعلمين مثل مهارات الأساسية: القراءة والكتابة والحساب والمعرفة في مادة التخصص وطرق تدريسها, و الثقافة العامة المتوقعة من أي معلم ( وزارة التربية و التعليم, 2003).

وإذا كان المعلم هو المسئول عن تحقيق الأهداف فان تقويم كفاءة المعلم وظيفة موضوعية علمية, وأداة و منهج علمي يهدف إلى إصدار أحكام على مدى تحقيق العملية التربوية لأهدافها وأغراضها. حيث يهدف تقويم كفاءة المعلم إلى الكشف عن حقيقة التأثير الكلي أو الجزئي للمعلم في العملية التربوية وكشف نواحي القوة و الضعف إذا وجدت, واقتراح الوسائل التي تؤدي إلى تلافي هذا القصور, والعمل على تحقيق الأهداف, وليس الغرض من تقويم كفاءة المعلم مجرد مقارنة الجهود التي يقوم بها المعلم بجهود معلم آخر, ولكن للتقويم أغراض متعددة؛ إذ بواسطته يمكن تهيئة الظروف و العوامل التي تساعد على نمو وتقدم المعلمين أنفسهم, وكذلك اختيار ودراسة الطـرق و المبادئ التربوية التي يستخدمونها. فامتلاك المعلم لمجموعة الكفايات اللازمة للتدريس سوف يؤهله للوصول إلى المستوى

 المطلوب للنجاح في عمله التدريسي. ولقد حددت الكفايات التي يطلب من المعلم امتلاكها وتحقيقها في أدائه في ضوء الجوانب المعرفية والوجدانية. والنفس حركية للعملية التعليمية, هذا بالإضافة إلى جوانب شخصية واجتماعية للمعلم نفسه ( الخياط وذياب,1996؛ جامع واخرون 1984)

وتميز الأدبيات بين أنواع مختلفة من الكفايات, منها الكفايات المهنية العامة مثل: التخطيط للدرس, إدارة الفصل, مهارات استخدام الوسائل التعليمية, وشخصية المعلم وعلاقته بالتلاميذ, واستخدام وسائل القياس والتقويم المختلفة. وهناك نوع آخر من الكفايات هي الكفايات الأكاديمية الخاصة بالمادة العلمية كالتمكن من المادة العلمية, والقدرة على إيصال المادة العلمية إلى الطلبة بالطريقة الصحيحة. أما مكونات الكفايات فهي:

1- المكون المعرفي: وهو الأفكار والمبادئ و التعميمات المتصلة بالتعليم والتعلم. وكافة مكونات الموقف التعليمي ويعد هذا المكون الإطار النظري الذي يؤسس عليه المكون السلوكي كما انه يمثل إطارا مرجعيا للقيم والاتجاهات, وغيرها مما يشكل المكون الوجداني.

2- المكون الوجداني: ويضم القيم و الاتجاهات والميول الأخلاقيات المهنية وغيرها تمثل الأساس للبعد الوجداني للعملية التربوية.

3- المكون السلوكي: ويقصد به كافة أشكال الأداء الظاهري الذي تترجم فيه عناصر المكون المعرفي إلى أفعال أو أداءات واضحة يمكن ملاحظتها وقياسها وتنميتها (غادة خالد عيد, 2004).

 ويذكر الخوالدة( 1990) أن الأدبيات و الأبحاث التي تمت في إطار الكفايات أخذت أربع مناح لغرض تحديد الكفايات التعليمية اللازمة لأداة تدريس فعال هي:

1- منحى أسلوب تحليل النظم في تحديد الكفايات التعليمية. وفيه ينظر إلى العملية التعليمية على أنها نظام متكامل له مدخلا ته ومكوناته ومخرجاته علاقاته المتداخلة وهي الأهداف, و المحتوى, وأساليب التدريس و الأنشطة التعليمية و الأسئلة وعمليات التقويم, وقد استخدم هذا المنحى من قبل الباحثين المهتمين بتحقيق الكفايات أمثال: هيوســــتن (Houston, 1974 ), ومرعي1981, والخوالدة 1990.

2- منحى ملاحظة سلوك مجموعة من المعلمين النابهين و الناجحين في عملية التدريس الفعال لاشتقاق الكفايات اللازمة لإعداد المعلمين: وأساس هذا المنحى هو انه إذا تمثل الطالب المعلم الكفايات التعليمية التي يمارسها المعلم الفعال فانه ينجح في مهماته التعليمية على إن تشتق هذه الكفايات من تحليل المهارات التعليمية, أو المهارات المكونة لعملية التعليم مثل: عرض المادة وتنظيمها وتفسيرها وطرح الأسئلة واستخدام الوسائل التعليمية و التجارب وغير ذلك من كفايات التعليمية أو أنشطة تقوم بها المعلم الفعال. وقدم استخدم هذا الأسلوب كومب (Comb, 1964), ودراسات الضامن في الأردن 1982.

3- منحى البحوث التربوية التي من شانها التي تكشف عن المتغيرات, أو العوامل التي تؤثر في عملية التعليم بصورة ايجابية؛ لاشتقاق الكفايات التعليمية المطلوبة لإعداد المعلم الناجح: وقد ركزت هذه البحوث على أثر البرامج التعليمية وعوامل متغيرة أخرى في أداء المعلم داخل الصف. ومن الدراسات التي تناولت هذا المنحى دراسة كوبر Cooper,1977) )، ودراسة بيروت Perrott, 1975) )، أما الدراسات العربية التي تناولت هذا المنحى فمنها جامع ومصباح(1982)، وأبو زينة(1984).

4- منحى تعرف آراء ووجهات نظر التربويين المشتغلين بتدريب وتأهيل المعلمين لتحديد الكفايات التعليمية، ويقصد بالتربويين فئات الموجهين والمشرفين، وأساتذة كليات التربية، والخبراء في إعداد المعلمين. أما الدراسات التي تناولت هذا المنحى، فمثل مركز تربية المعلمين في جامعة فلوريدا(1975)، Ingersoll, 1975)). أما الدراسات العربية فمنها: دراسة مرعي(1981)، ودراسة الشيخ وزاهر(1981)، ودراسة جامع والشاهين والهادي(1984).

 وبهذا فإن معرفة المعلم بمادة, تخصصه وإلمامه بطرائق التدريس التي يجب إتقانه من قبله ليكون قادرا على أداء مهماته التعليمية و الإدارية وتعني الكفاءة هنا أن يكون الفرد مؤهلا تأهيلا جيد للقيام بنشاط ما أو إنجاز مهام وظيفية محددة وفقا لمعايير.

 وحسب جامع و الشاهين والهادي(1984) فقد حدد خمس كفايات رئيسية تتمثل في:

كفاية إعداد الدرس وتنفيذه, و الكفاية العلمية والنمو المهني, كفاية العلاقة الإنسانية, وكفاية النظام في الفصل و أخيرا كفاية التقويم.

 وذهب هيوستن و هوسام(1972) إلى أن التدريس القائم على الكفاءة هو الأساس في التعليم و قد توصل إلى بناء فهرس لتصنيف مهارات المعلم ويتضمن سبع مهارات أساسية هي: مهارات تقويم سلوك الطلاب، مهارات تخطيط الدرس، مهارات تنفيذ الدرس، ومهارات أداء المعلم الإدارية، مهارات الاتصال و التفاعل مع الطلاب وأولياء الأمور و المجتمع، و التطوير المهني للمعلم، مهارات تطوير الطالب و نموه.

و حسب الحارثي(1992) فإن هناك كفايات نالت تطويرا لدى المعلمين مثل: تدوين أهداف الدرس في دفتر التحضير، وربط الأحداث الجارية بالدرس، واستخدام البيئة المحلية في التدريس.

و حدد مرعي(1981) الكفايات الأساسية في: كفايات التخطيط للتعليم، وبناء المادة الدراسية، واختيار الأنشطة التعليمية وتنظيمها، وإجراءات التقويم، وتحقيق الذات للمعلم، ثم كفايات تحقيق أهداف التربية بالنسبة للمعلمين.

 وذهب الضامن(1982) إلى أن هناك ستة كفاءات: الصفات و الخصائص الشخصية للمعلم، تمكن المعلم من المادة الدراسية و الإلمام بها، طرق التدريس و أساليبه، الوسائل و لأنشطة التعليمية المساعدة، التقييم الصفي، ثم تحليل أهداف التربية بالنسبة للمتعلمين.

ووفقا للمجلس العالمي لمعايير التدريب و الأداء و التدريس(2001) فقد حدد خمس كغايات رئيسية هي:

1- كفاية الشخصية، 2- التخطيط و الإعداد, 3- طرائق و إستراتجية التدريس, 4- التقييم, 5 – إدارة التعليم.

ولا يوجد -بطبيعة الحال- إجماع حول عدد الكفايات التدريسية الأساسية و الفرعية ونوعها نتيجة لاختلاف و تنوع الرؤى والفلسفات التربوية للتعليم من بلد إلى أخر. ومهما كان أمر هذا

الاختلاف فان مستوى الامتلاك المعلم للكفايات التدريسية ومستوى ممارسة لها يظلان من العوامل الأساسية المؤثرة في فاعلية العملية التعليمية في المدرسة وفي نوعية مخرجاتها وهو ما جعل منها موضوع خصبا للباحثين لتحديد ماهيتها من الناحية ولجعلها من المؤشرات الأساسية لتقييم أداء المعلم التدريسي, والحكم عليه من الناحية أخرى.

وعليه فالكفايات التدريسية هي مجموعة من القدرات وما يرتبط بها من مهارات و التي يفترض أن المعلم يمتلكها بما يمكنه من أداء مهامه وأدواره ومسؤولياته خير أداء مما ينعكس على العملية التعلمية ككل, وخصوص من ناحية نجاح المعلم, وقدرته على نقل المعلومة, بل المعلومات والى تلاميذه وقد يقوم المعلم بذلك عن طريق التخطيط والإعداد للدروس وغيره من الأنشطة ليومية و التطبيقية, مما يتضح في سلوك والإعداد الفعلي للمعلم داخل الفصل وخارجه( ابراهيم محمد كرم , 2002 نقلا عن المسلم 1993).

5- التحديات التي تواجه إعداد المعلمين بالكفايات:

تعد برامج التدريب أثناء ممارسة المهنة من ابرز برامج الصقل ورفع كفاءة المعلمين والتي يجب الاهتمام بها و هذا ما أكدته الهيئة القومية للتدريس ومستقبل أمريكا في تقريرها عن الممارسات السلبية في مجال التعليم و أهمها إعداد وتدريب المعلمين غير الكافي, إذ لا سبيل لمعالجة ذلك إلا من خلال الاهتمام ببرامج التدريب أثناء الخدمة ورصد الأموال اللازمة لمعالجة هذه الممارسات. (ابوزيد ,1998).

 كذلك نجد المؤتمر الدولي للتربية قد أوصى على أن الإعداد والتدريب خلال ممارسة المهنة حق، بل فرض على كل العاملين في مجال التربية، وخاصة المعلمين حتى يمكنهم القيام بدورهم المنشود في ظل العولمة، والتطورات السريعة المتلاحقة، ولا يتأتى لهم ذلك إلا من خلال تجديد معارفهم، ومهاراتهم بشكل مستمر.(آفاق تربوية،1996).

وتزداد أهمية هذه البرامج لتطوير كفايات المعلمين في المجتمعات النامية التي تسابق الزمن للاستفادة من مواردها البشرية، واستغلال طاقات أبنائها الكامنة من أجل اللحاق بركب التقدم والحضارة. وتستلزم عملية إعداد المعلم وتدريبه، تزويده بالكثير من الكفايات التي يحتاج إليها في عمله، التي يتم تحديدها بالأسلوب العلمي السليم، حيث تعد عملية التدريس من أكثر العمليات تعقيدا فهي تتضمن ثلاث كفايات رئيسية هي: التخطيط، والتنفيذ، والتقويم، ويتطلب إنجاز كل كفاية منها أن يجيد المعلم القيام بالعديد من الكفايات الفرعية التي تحقق التدريس الفعال.

  ويؤكد علماء التربية أن التقويم هو المدخل الأساسي لإصلاح التعليم في أية دولة من الدول؛ حيث يعد التقويم بمثابة الجسر لعبور المسافة بين واقعنا الذي نعيشه والأهداف التي نتطلع إليها، وهو بهذا يعد أداة المربين للانتقال بالممارسة التربوية مما هو قائم، إلى ذلك الذي ينبغي أن يكون، وبالتالي تطوير وتحسين عملية التعليم والتعلم، ويستمد أهميته من خطورة إصدار الأحكام في الميدان التربوي؛ لأن آثار القرارات المعتمدة على هذه الأحكام تنعكس إيجابا أو سلبا على آلاف، بل ملايين الناشئة، وبالتالي على المجتمع ككل.

ومن أهم أدوار المعلم قيامه بعملية التقويم، ولابد أن يكون ملما بمفاهيمها، وأسسها، وكفاياتها؛ إذ لا تخلو أية قائمة من قوائم الكفايات المطلوبة للمعلم في أي مرحلة تعليمية من الكفايات الخاصة بالتقويم.

وتشير بعض الدراسات إلى التدني في كفايات المعلمين المتعلقة بأعمال التقويم، وتدني ممارستهم لها بصفة عامة، وأنهم يواجهون صعوبة في تمييز المستويات العقلية التي تقيسها فقرات الأنواع المختلفة من الأسئلة، بالإضافة إلى أنهم بحاجة إلى التدريب على صياغة الأسئلة بالمستويات العقلية العليا في الاختبارات التي يعدونها بأنفسهم.

الاقتراحات:

ضرورة رفع الكفايات التدريسية لدى المعلم، وإحساسه بالثقة بالنفس، والتأكد من نموه العلمي في مجال تخصصه.

- تقويم أعمال المعلمين، وتوجيههم بالمقارنة مع المعلمين لآخرين في المدارس الأخرى، وتدعيمهم بدورات تدريبية.

- وضع معايير تساعد المدرس على الارتفاع بمستوى تدريسه بالمقارنة بالتغيرات التي تحدث في المجتمع، وضرورة مواكبة المدرسة لاحتياجات الطلبة، والمجتمع، والعصر الذي يعيشون فيه.

-القدرة على الحكم لتأهيل المعلم لمراكز تربوية أعلى للترقية في الميدان، وتتعدد معايير تقويم كفاية المعلم، منها:تقدير الكفاية بناء على مخرجات التعليم، وتقدير الكفاية بناء على سلوك المتعلم.

خاتمة:

من خلال ما سبق فمهما كانت المناهج والإمكانات من كتب وأنشطة ومعامل، وإرشاد وتوجيه، فلن يمكن تحقيق أهداف التربية إلا بالمعلم المتمكن من مادته العلمية، ولديه كفايات تدريسي، ودافعية إلى تحقيق أهدافها، وهو ما أكدته العديد من الدراسات أن دور المعلم في العملية التربوية يمثل نسبة60%، بينما تمثل بقية العناصر الأخرى 40%

 وبالتالي يتحدد من خلالهم نوعية حياة الأمة ومستقبل أجيالها.

 

قائمة المراجع:

1-ابراهيم محمد كرم. ما مدى إتقان معلم المواد الاجتماعية بمدارس التعليم العام بدولة الكويت للكفايات التدريسية."دراسة استطلاعية لأراء الموجهين والمدرسين الأوائل". مجلة العلوم التربوية والنفسية. جامعة الكويت.المجلد3.العدد4.سبتمبر2002.

2-عبد الباقي عبد المنعم أبو زيد،محمد سعد محمد. برنامج تدريبي مقترح لتنمية كفايات التقويم لدى معلمي التعليم التجاري.مجلة العلوم التربوية والنفسية. جامعة الكويت.المجلد4.العدد3.سبتمبر2003.

3-غادة خالد عيد. قياس الكفايات المعرفية لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الثانوية بدولة الكويت"دراسة تشخيصية باستخدام اختبار تكسيس". مجلة العلوم التربوية والنفسية. جامعة الكويت.المجلد5.العدد3.سبتمبر2004.

4- يعقوب نشوان، عبد الرحمان الشعوان.الكفايات التعليمية لطلبة كليات التربية بالمملكة العربية السعودية.مجلة جامعة الملك سعود.المجلد2.العدد1. 1990.ص101-125.

amer123123

اللهم احفظ المسلمين من شر وسوء المنافقين والخونة والعملاء والكافرين يارب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1157 مشاهدة
نشرت فى 6 مايو 2018 بواسطة amer123123

ساحة النقاش

عبد الفتاح أمير عباس أبوذيد

amer123123
موقع لغوي تربوي وأدبي وقيمي الرؤية والرسالة والأهداف: رؤيتنا: الرؤية : الارتقاء بالمنظومة التعليمية والتربوية بما يؤسس لجيل مبدع منتمٍ لوطنه معتزاً بلغته فخوراً بدينه رسالتنا: السعي لتقديم خدمات تربوية وتعليمية ذات جودة عالية بتوظيف التقنية الحديثة ضمن بيئة جاذبة ومحفزة ودافعة للإبداع الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها · إعداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

14,637,779