كيف تكسب الأخرين
الحقيبة التدريبية لدورة كيف تكسب الآخرين؟
المنعقدة في دار الحديث المكية في الفترة من 25-26/6/1432هـ
إعداد
د.عصام عطية عبد الفتاح
مستشار التدريس والتعلم بالجامعة
أهداف الحقيبة
تهدف هذه الحقيبة - بوجه عام - إلى مساعدة المتدربين في اكتساب المهارات الآتية:
- تنمية الإحساس بأهمية التعامل الناجح مع الآخرين لدى المتدرب.
- فهم طبيعة السلوك البشري ودوافعه وخصائصه وأنماط البشر في ذلك.
- اكتساب بعض المعارف والمهارات في كيفية التعامل مع كل نمط بطريقة ناجحة.
- اكتساب بعض المهارات التدريبية المتصلة بالموضوع.
الفئة المستهدفة من الحقيبة :
منسوبو دار الحديث المكية من مدرسين وموظفين.
الأساليب التدريبية المستخدمة:
- المناقشة (فردية،جماعية) .
- ورش العمل .
- التطبيقات الفردية،والجماعية.
- المحاضرة (عند الضرورة).
- دراسة الحالة.
- العصف الذهني.
- التفكير الفردي والعمل الجماعي.
- الحوار الهادف والنقاش الهادئ وتبادل الخبرات والآراء وصولاً إلى خبرة متكاملة.
مدة التدريب : 10ساعات تدريبية موزعة على يومين.
إرشادات عامة للمدرب :
- الإعداد الجيد والإطلاع على الحقيبة التدريبية قبل بداية البرنامج.
- التأكد من توفر الأدوات اللازمة ( أجهزة، أقلام، أوراق).
- التأكد من تجهيزات المكان المناسب والملائم لتنفيذ البرنامج.
- توزيع المتدربين إلى مجموعات متساوية عشوائياً دون النظر إلى التخصصات أو الخبرات.
- التجول بين المجموعات أثناء النشاط التدريبي للإشراف والمتابعة وتقديم المساعدة.
- تشجيع العمل التعاوني بين المتدربين.
- مشاركة جميع أفراد المجموعة في المناقشة والعرض.
- أن يأخذ الحوار المدة التي يستحقها فلا يزيد ولا ينقص.
- الحفاظ على الوقت.
إرشادات عامة للمتدربين:
- الالتزام بموعد البرنامج التدريبي حضوراً وانصرافاً.
- الالتزام بوجود الحقيبة التدريبية طوال البرنامج التدريبي.
- الإغلاق التام لأجهزة الجوال داخل القاعة.
- المشاركة الفعالة مع المجموعة في حل الأنشطة التدريبية وعرضها.
- التعاون مع أفراد المجموعة لتحقيق مبدأ العمل التعاوني.
- التناوب في أداء المهام بين أفراد المجموعة، وفي عرض الإجابات للأنشطة التدريبية.
- لا تقاطع المحاور وأعطه فرصه كافية للتعبير.
- تفضل بطرح جميع استفساراتك بلا تردد نهاية كل جلسة تدريبية.
- ضع في اعتبارك -بارك الله فيك- أنَّ الدورة مرتبطة بوقت محدد؛ فاحرص على أن نحقق أهدافنا في الوقت المحدد بتعاونك معنا واجعل مداخلاتك في صلب الموضوع ولا تخرج عنه.
- احرص على بناء علاقات طيبة مع المدرب و الزملاء.
- في آخر الجلسة نأمل تعبئة استبانة تقويم البرنامج التدريبي وتسليمها للمدرب.
الجلسة الأولى : كيف تكسب الآخرين في العمل؟
توجد العديد من العلاقات الإنسانية والاجتماعية والمهنية في محيط العمل بدار الحديث المكية - كغيرها من أماكن العمل - ولتحقيق التعامل الناجح بين الجميع يمكن مراعاة النقاط الآتية:
أولا: كيف تكسب مرؤوسيك؟
لا شك أن المدير الناجح يعد عملة نادرة؛ نظرا لما يمتلكه من قدرات قيادية تزيد من إنتاجية العاملين معه؛ ولذلك يتسابق أصحاب الأعمال للفوز بأحدهم، ويحكون عن صاحب عمل اسمه اندرو كارينجي كان يدفع مليون دولار سنويا لمدير اسمه (تشارلز شواب) 3000دولار يوميا لماذا؟ هل لأن شواب كان عبقريا؟ لا.هل لأنه كان يعرف عن تصنيع الحديد أكثر مما يعرفه غيره؟ لا. فهناك بين العاملين من يعرف أكثر منه.وإنما السبب قدرته على التعامل مع الناس: يقول.. إنني اعتبر قدرتي على إثارة حماسة موظفي هي أعظم خصائصي:إنني لا أنتقد أحدا أبدا - أعطي الناس حافزا للعمل -أكره تصيد الأخطاء -صادق في استحساني -كريم في مدحي .
ومن ثم يمكن اتباع النصائح الآتية:
- احرص على إشاعة جو من العلاقات الإنسانية في العمل: من أهم أدوار الإدارة الناجحة الحفاظ على علاقات عمل جيدة من خلال إيجاد آليات لحل النزاعات، وضمان شيوع جو أسري بين العاملين،وتشجيع التعاون والتعاضد بينهم.
وتعمل العلاقات الإنسانية السليمة داخل أي مؤسسة علي إثارة الدوافع لتحقيق أعظم كفاية، وبالتالي تحقيق الأهداف المرجوة، فهي تعمل علي تخفيف وطأة الآلية المفرطة في العمل والأساليب الروتينية التي تجعل العمل متصفاً ببعض الرتابة والملل، ومن هنا يأتي دور قائد المؤسسة في استثمار هذه العلاقات في إثارة الدافعية للعمل والإنجاز، وتنسيق الجهود الجماعية ورفع الروح المعنوية للعاملين معه للوصول إلي الغايات المطلوبة في الوقت الذي تؤثر فيه بيئة العمل المشحونة بالخلافات والصراعات والتنافس السلبي على مصلحة العمل وتؤدي لمشاعر مستمرة من الإحباط وعدم الفاعلية. - استمع جيدا إلى مرؤوسيك:إن بعض المديرين والقادة يستصعبون الاستماع إلى أصدقائهم العاملين معهم تصوراً منهم أن ذلك مضيعة للوقت أو انشغال بأمور جزئية لا تعد مهمة. وهناك ملاحظة مهمة ينبغي أن لا يغفل عنها المدراء في ذلك وهي:إن صاحب الكلام في الغالب لا يخلو من ظلامة أو إحساس بالحرمان أو نقص يود إيصاله إلى الدائرة الأعلى لتنتصف إلى حقه أو يحمل اقتراحات أو تصورات يراها تساهم بشكل كبير في تحسين الأداء أو تطوير العمل أو تنظيم الوضع الإداري بشكل جيد، كما أن الكثير من المشاكل العويصة والأزمات الخطيرة كانت في بادئ أمرها صغيرة ولما لم نلتفت إلى احتوائها وتحديدها تكبر ثم تنفجر وتعود على الجميع بالضرر.
- تعلم كيف تتعامل مع ذوي الطباع الصعبة: وفي بيئات العمل وفي كل الثقافات هناك أناس مراسهم صعب ويشق على أي إنسان التعامل معهم بارتياح؛ فقد تجد نفسك مضطراً للعمل مع شخص كسول , وقد يعتريك الشك بأنه هذا النمط جزء من الطبيعة البشرية ويصعب تغييره , الأمر الذي يصيبك بالإحباط ويجعلك تفقد السيطرة على الأمور من حولك . ولكن تذكر أنك ستجد دائماً الخيار المناسب للتصرف في الأوقات الحرجة . وفي واقع الأمر , فإنك عند التعامل مع أحد الأنماط السلوكية المتعبة , يمكن أن تختار واحداً من الخيارات الأربعة التالية:
- أن ترضى بالأمر الواقع وأن لا تفعل شيئا.
- أن تهرب من المشكلة.
- أن تنظر للشخص الصعب نظرة مختلفة.
- أن تعامل الشخص المزعج بطريقة جديدة.
ومن الواضح هنا أنه من الأفضل طبعاً أن تلجأ إلى الحلين الأخيرين , بحيث تنمي مهاراتك في التعامل مع الآخرين وتصبح الشخص الذي يلجأ إليه الجميع والذي يشق طريقه في الحياة والمؤسسة بثقة واعتداد بنفسه واعتدال في تصرفاته .
- اكسب قلوب موظفيك من خلال تقديمك لأقصى ما تستطيعه من جهد في خدمتهم و إنجاز معاملاتهم وعدم تأخيرها.. وكم منا من يسمع من يدعو على موظف أو مدير لم يكلف نفسه في تأدية ما عليه من واجبات في عمله ويؤخر معاملات الناس . وعند الترمذي وأبي داود- بإسناد صحيح -عنه (صلى الله عليه وسلم)" من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة".
ويلتحق بهذا الأمر الحرص على تحفيز المرؤوسين ماديا ومعنويا قدر المستطاع. - احرص على تحقيق العدل بين موظفيك في كافة المجالات، ومنها: إسناد الأعمال الإدارية للأكفاء الأمناء؛ ليطبقوا العدل في إداراتهم، ومنها: توضيح حقوق وواجبات كل موظف؛ لأن بعض المسؤولين لا يوضِّح للموظف هذه الواجبات ثم يؤاخذه على عدم تطبيقها، وهذا ليس من العدل.
ومنها: المساواة بين الموظفين المتساوين في الدرجة والخبرة في المعاملة ، والحقوق ، دون تمييز بينهم غيرَ مبرر ، فإن العدل يقتضي المساواة بين المتماثلين، ومنها: تقييم الموظفين بشكل موضوعيّ نظاميّ ، لا على أساس مصلحيّ. - فرق بين المدح الصادق والكاذب من موظفيك، وقدوتك في ذلك الحبيب المصطفى عليه السلام الذي رفض صلى الله عليه وسلم كل صور الثناء والمبالغة في المدح، الذي يجاوز الحقيقة فقال محذراً وناهياً: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا عبد الله ورسوله» ( )، أي: "لا تصفوني بما ليس لي من الصفات تلتمسون بذلك مدحي، كما وصفت النصارى عيسى بما لم يكن فيه، فنسبوه إلى أنه ابن الله، فكفروا بذلك وضلوا"( ).
وقد اتفق أن خسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابنُ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بعض الصحابة: إنها خسفت لموت إبراهيم، وهو ربط غير صحيح ينطوي على الإطراء والمبالغة، فقام النبي ﷺ فخطب الناس ونبههم على خطأِ ربطهم، فقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة» ( ). - احرص في تعاملك مع مرؤوسيك على إطلاق مواهبهم عن طريق المحادثة اللبقة، وسؤالهم عن رأيهم في مسألة من المسائل تزدهم ثقة بأنفسهم، واطلب إليهم أن يؤدوا لك خدمات صغيرة، تثر فيهم نزوعهم إلى التعاون. واجعل أوامرك في صيغة السؤال،تستعبد قلوب العاملين معك. إن المدراء يأمرون، ولكن الزعماء يسألون .
- أكد على أخلاقيات المهنة في تعاملك مع مرؤوسيك وفي تعاملهم مع بعضهم البعض؛ على الرغم من أن كل شخص ينبغي أن يَتَحلَّى بأخلاقيات العمل فإن إدارة المنظمة لابد أن تضع ضوابط وجزاءات تجعل الموظفين يلتزمون بأخلاقيات العمل. فقد تجد من الموظفين من هو مؤمنٌ بأخلاقيات العمل ومنهم من لا يكترث بها. ولكن من مصلحة المنظمة أن تجعل الكُل يلتزم بها بناء على لائحة أو ميثاق توضح أخلاقيات العمل من منظور المنظمة بحيث تكون ملزمة لكل العاملين وبحيث تكون هناك عقوبة رادعة لمن يخالفها.
وعندما يكون الصدق والتعاون الاحترام والأمانة هي الأخلاقيات المنتشرة بين العاملين وبعضهم البعض فإن هذا يؤدي إلى تَفجر طاقات العاملين لصالح العمل، بينما عندما تكون ثقافة الخداع والنفاق والإساءة للزملاء هي المسيطرة فإن كل عامل يكون على حذر من زميله ويتعاون معه بقدر ضئيل ويُخفي عنه الكثير من المعلومات وقد يكذب في التقارير التي يكتبها لرئيسه وهكذا. ويمكن ترسيخ أخلاقيات المهنة عن طريق:- تنمية الرقابة الذاتية.
- وضع الأنظمة الدقيقة التي تمنع الاجتهادات الفردية الخاطئة.
- القدوة الحسنة.
- تصحيح الفهم الديني والوطني للوظيفة.
- محاسبة المسؤولين، والموظفين.
- التقييم المستمر للموظفين.
ثانيا: كيف تكسب رؤساءك؟
- يستند التواصل على الصعيد المهني على الموضوعية، الاحترام المتبادل، المرونة، التأقلم مع التغيير والتنوع. يتطلب مهارات خاصة وخبرة عملية، ويتم هذا التواصل بشكل شفوي وخطي. الهدف الرئيسي من التواصل في العمل هو تحقيق النجاح و أهداف المنظمة.
- يتصف الموظف الناجح بمجموعة من الصفات التي تمكنه من التعامل الناجح مع زملائه ومديريه، منها: الصدق - امتلاك الدافع الداخلي - المبادرة -التحرك نحو أهداف معينة- التمتع بمهارات اتصال سليمة - الطاقة - الثقة - تحمل المسئولية- الفخر- الثبات - امتلاك المهارات التحليلية و مهارات حل المشكلات - الابتكار - التنظيم - الفاعلية - الحرص على مصلحة الغير ومصلحته- الأمانة - العدل - الرقابة الذاتية - الإتقان- التعاون مع الزملاء والرؤساء.
الجلسة الثانية: ثالثا: كيف تكسب طلابك؟
- القدوة الحسنة أقصر الطرق للتأثير في الآخرين سواء أكانوا طلابا أم أولاداً أم غيرهم، فمن السهل (( تأليف )) كتاب في التربية! ومن السهل تخيل منهج، وإن كان في حاجة إلى إحاطة وبراعة وشمول ..ولكن هذا المنهج يظل حبراً على ورق .. يظل معلقاً في الفضاء .. ما لم يتحول إلى حقيقة واقعة تتحرك في واقع الأرض ..ما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره وأفكاره مبادئ المنهج ومعانيه. عندئذ فقط يتحول المنهج إلى حقيقة،يتحول إلى حركة، يتحول إلى تاريخ.
ولقد علم الله سبحانه - وهو يضع ذلك المنهج العلوي المعجز - أنه لابد من ذلك البشر. لابد من قلب إنسان يحمل المنهج ويحوِّله إلى حقيقة، لكي يعرف الناس أنه حق .. ثم يتبعوه. لابد من قدوة ..لذلك بعث محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة للناس: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) الأحزاب-21ووضع في شخصه صلى الله عليه وسلم الصورة الكاملة للمنهج الإسلامي .. الصورة الحية الخالدة على مدار التاريخ. - هناك صفات مهمة للمعلم داخل فصله تجعل منه معلما محبوبا مؤثرا في طلابه، ومنها:البشاشة و الحيوية و الحماس- ضبط النفس بعدم الغضب- أن تكون كالقاضي بالفصل الدراسي- كل حصة ودراسة حاول أن تبدأها بداية مشوقة- تفعيل التعلم الذاتي داخل الفصل- استخدام التعزيز المتنوع داخل الفصل.
- التربية بالعقوبة:وأحياناً يستلزم الموقفُ من المربي العقوبةَ، ولكنها عقوبة المحب المشفق، لا المنتقم المتشفي، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد عقوبة واحد من المخطئين فإنما يسلك أخصرَ الطرق وأقومَها وأليقها، ومن ذلك هجره للمخطئ تربية له وردعاً، فقد هجر صلى الله عليه وسلم كعبَ بنَ مالكٍ وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك.
- دور المعـلـم في التغـلــب على مشــكلات الصفيـة : علـى المعلــم أن يقـوم بخطـوات تســهـل عليـه التغـلــب على المشـكلات الصفيـة ومن بين هذه الخطوات :
- التخطيـط المسـبـق للأنشـطة الصفيـة .
- إشـغال الطـلاب بشـكل مســتـمر .
- الضبـط المبكّـر للصـف من أول درس يقـوم بـه .
- يعـوّد طـلابـه تحمّــل المســؤوليـة .
- الـتـنــويـع بالأنشــطة الصـفـيــة في الـدرس الـواحــد .
- الاهـتـمـــام بالطــلاب .
- حـفــظ أســماء طـلابــه وخصـائصهـم .
- أن يكـون عـادلاً وحـازمــاً وأن يتجـنّــب التهــديـــد بشــكل مســتمر.
- أن يكــون لطيـفـــاً مع طــلابــــه.
كيف تكسب الآخرين في البيت:
الأسرة هي قوام المجتمع، وهي المحضن الطبيعي لتخريج جيل من الأبناء الأسوياء الذين يعمرون الأرض بطاعة الله، وهذه الأسرة قوامها الأساس الوالدان اللذان يبنيان معاً هذه المؤسسة على قاعدة متينة من الحقوق والواجبات المتبادلة بينهما، وفي البيت يتعامل الإنسان مع زوجته وأولاده وخدمه،وأولى الناس بالكسب هم أهلك وأقرباؤك؛ ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". وعندما سئلت عائشة- رضي الله عنها- ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يفعل قالت " كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة".
وفيما يلي بعض الاستراتيجيات لكيفية التعامل السليم مع كل من في البيت:
رابعا: كيف تكسب زوجتك؟
- الجلوس إلى الزوجة ومباسطَتها وتبادل الحديث معها: إن النبي صلى الله عليه وسلم ورغم كثرة أعبائه ومشاغله جلس مرة يسامر زوجه عائشة، فسمع منها قصة عشر نسوة في الجاهلية، تحكي كل واحدة منهن قصتها مع زوجها، والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع لذلك كله بإصغاء وسرور، والحديث طويل معروف مشهور بحديث أمِ زَرْع، فلم تمنعه أعباء الأمة وواجبات الرسالة عن الوفاء بحق زوجه في المؤانسة والمباسطة، ومن ثم فإن الإصغاء إلى زوجتك أهم مجاملة يمكن أن تعطيها للمرأة. به تعطيها الإحساس بأنك مهتم بها بأدق تفاصيل حياتها. هي تحب سرد تفاصيل المواقف وانفعالاتها من خلال جلوسك معها وإصغائك الجيد لها يتولد إحساس عميق من التفاهم والتقارب بينكما .
- استشارة الزوجة في القرارات الخاصة أو المتعلقة بشؤون الأسرة: النبي صلى الله عليه وسلم - المسدد بالوحي - استشار أزواجه في قضايا تتعلق بالأمة، لا بالأسرة فحسب، كما في استشارته لزوجه أم سلمة يوم الحديبية.
- تعلم كيفية التعامل مع الغيرة لدى المرأة وقدر ما يستتر خلف الغيرة من حب كامن لك في قلب زوجك ورغبتها أن تكون الأثيرة عندك: وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يجلس عند بعض نسائه، فترسل إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام إلى رسول الله، وهو في بيت ضرتها، فتغار الزوجة صاحبة البيت، فتـضرب يد الخادم، فتسقط الصحفة من يده وتنفلق ويتناثر ما فيها من الطعام. ( كيف تتصرف أنت في مثل هذا الموقف؟ أكاد أعرف إجابتك تماما) أما النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد جمع فِلَق الصحفة، ثم جمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، وهو يقول: «غارت أمكم»، لينتهي الموقف بيسر ولطف.
لكن غيرة الزوجة صاحبة البيت لا تبرر الظلم الذي لحق بالثانية؛ لذا سارع النبي صلى الله عليه وسلم إلى رد الحق لصاحبته، فحبس النبي ﷺ الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسرت( )، وفي رواية أنه قال: «طعام بطعام، وإناء بإناء»( )، فتغاير النساء لن يمنع العدل بينهن. - قدّم الاحترامَ والتقديرَ لوالديها، مع عدمِ التفريقِ في المعاملةِ بينَ والديها ووالديك، فهما قد أهديا إليكِ أغلى هديةٍ وهي زوجتك الغالية واستقبل أهلها بترحيبٍ وكرم، وقدّم لهم الهدايا في المناسبات، وحثّها على زيارتِهم حتى وإن كانت تهتمُّ بذلك وتكثر منه.
- تبسمك في وجه أخيك صدقة فما بالك بزوجتك؟ لا يصح ما درج عليه بعض الأزواج، فتراه مع أصحابه طلْقَ المحيا براقَ الثنايا، فإذا ما وصل إلى عتبة بيته أخفى ابتسامته وتصنع تكشيرة وعبوساً، يدعي أنه يحفظ بهما رجولته ووقاره في بيته.
- أتقن فن التعامل مع المشكلات الزوجية في حالة حدوثها.
خامسا: كيف تكسب أولادك؟
- الطريق الأقصر إلى قلوب الصغار هو حسن رعايتهم وملاطفتهم وممازحتهم ومنحهم المزيد من الحنان والاهتمام، إن اللغة التي يفهمها الطفل هي لغة الحب، ومفرداتها القبلة الحانية والحضن الدافئ واللعب البريء، وهذه اللغة الرخيصة في تكاليفها عظيمة في قيمتها، والعجب في بخل بعض الناس بها تكبراً وغروراً، بل قسوة وجفاء، من هؤلاء الأقرع بن حابس التميمي، فحين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل حفيده الحسن بن علي؛ قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. أي فخر يفتخر به هذا؟ أيفخر المرء بقسوة قلبه وجفاء معاملته؟ هل يخدش مكانته ويحط من منزلته لو كان يحنو على طفله بقبلة أبوية؟ فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال معقباً بكلمات موجزة مؤثرة: «من لا يَرحم لا يُرحم» ( ).ودخل جابر يوماً على النبي صلى الله عليه وسلم ، فرآه حاملاً الحسن والحسين على ظهره، وهو يمـشي بهما. فقال جابر لهما: نِعم الجملُ جملُكما، يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجابه النبي ﷺ: «ونِعم الراكبان هما» ( ).
- نوّع أساليب التربية التي تتعامل بها في المواقف المختلفة (التربية بالقدوة- التربية بالموعظة- التربية بالعقوبة- التربية بالقصة- التربية بالأحداث- التربية باللعب حتى في أوقات الجد).
سادساً: في التعامل مع الخدم:
تشكو كثير من مجتمعاتنا اليوم من سوء معاملة الخدم من أصحاب البيت أو العمل، أو خادمة تضـربها صاحبة المنزل، وتحولت هذه المعاملة السيئة إلى ظاهرة مقلقة في الكثير من بلاد العالم، ووصل - وللأسف - بعض شررها إلى المسلمين.
وبداية، فإنه يحسن بنا التأكيد على أن الضرب سوء وجفاء في معاملة هؤلاء وغيرهم؛ لذا نقلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً ولا امرأة قط) ( ).وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك، فقد أتى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي خادماً يسـيء ويظلم، أفأضربه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «تعفو عنه كل يوم سبعين مرة» ( )وإذا كان هذا الضرب حراماً للملوك المقيد حريته؛ فهو أشد حرمة وإثماً في الخادم والسائق وأمثالهما؛ لكمال الحرية وتمامها.
والوصية بهؤلاء لا تتوقف عند منع الإساءة إليهم، بل ترتفع إلى المطالبة بحسن معاملتهم وعدم إرهاقهم بتكاليف العمل، بل وبالاهتمام بهم ومشاركتهم في الملبس والمطعم، فقد قال صلى الله عليه وسلم : «إخوانكم خولُكم [أي خدمكم وعطية الله لكم] جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده ؛ فليُطعمه مما يأكل، وليُلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» ( ). الجلسة الثالثة: كيف تكسب الآخرين في المجتمع؟
الدين ليس فقط معاملة مع الله، بل هو معاملة مع الخلق أيضاً، ولئن كانت حقوق الله مبنية على المسامحة فإن حقوق العباد مبنية على المشاحة؛ لذا وجب علينا معرفة كيفية التعامل مع الآخرين في المجتمع على ضوء هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المعاملة مع الخَلق؛ لنتأسى به، فتنصلح علاقاتنا الأسرية والاجتماعية. ولو أردنا أن نضع لافتة كبيرة في مدخل هذا الموضوع، فهل سنجد أفضل وأعمق وأكثر إيحاءً من اللاّفتة التالية :« يا بنيّ! اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولا تَظلِم كما لا تحب أن تُظلَم، وأحسِن كما تحبّ أن يُحسَن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك، وارض من النّاس ما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم وإن قلّ ما تعلم، ولا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك » .
إنّها ـ باختصار ـ تقول لنا : اجعلوا المقياس بينكم وبين النّاس أنفسكم، فالإيجابيّ بالنسبة لها إيجابيّ بالنسبة لهم، والسلبيّ بالنسبة لها سلبيّ بالنسبة لهم. فلو أخذنا بهذه النصيحة الذهبية، ترى ماذا يمكن أن نحصل عليه ؟ ومن هذا المنطلق اجعل حبك لنفسك يتضاءل أمام حبك لغيرك .. فالله تعالى يقول : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " الحشر- 9- والسعداء يوزعون الخير على الناس، فتتضاعف سعادتهم .. والأشقياء يحتكرون الخير لأنفسهم، فيختنق في صدورهم . اجعل قلبك مليئا بالحب والتسامح والحنان .. فالأشقياء هم الذين امتلأت قلوبهم حقدا وكراهية ونقمة .
وفي هذا الإطار يمكن تقديم التوجيهات الآتية:
- أشعر الناس بأهميتهم، وهو ما يعني أن تقنع نفسك بأن كل الناس مهمون؛ لأن أكثر الناس قدرةً على التأثير في الآخرين "هم أولئك الذين يؤمنون بأهمية هؤلاء الآخرين"، والتقدير حاجة فطرية يبحث عنها البشر، كل البشر يرغبون في أن يكونوا شيئًا مذكورًا فالإنسان بداية يبحث عن الطعام والشراب فإذا تمكن من ذلك بحث عن الأمن، فإذا تمكن من ذلك بحث عن التقدير فإذا تمكن من ذلك بحث عن الإنجاز. والناس يبحثون عمن يقدرهم في هذه الحياة وإذا وجدوه تمسكوا به وأحبوه حبًا شديدًا، وإلى جانب ذلك فإن التقدير يعطي الشخص دفعة إيجابية قوية جدًا إلى الأمام، ويبني في الشخص الثقة بالنفس والشعور بالنجاح ويثبت الإنسان في مواقف الشدائد والمحن، كما فعلت خديجة رضي الله عنها حينما رجع إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزل عليه جبريل أول مرة فقال لها: لقد خشيت على نفسي. فقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
ولقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب في تربية أصحابه أيما استخدام، والمطالع لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدها مفعمة بالتقدير المخلص،فهذا أبو بكر يسميه بالصديق، وهذا عمر يسميه بالفاروق، وهذا خالد يسميه سيف الله المسلول، وهذا حمزة يسميه أسد الله، وهذا علي بن أبي طالب، يخبر عنه أنه من الرسول صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى، وهذا عثمان بن عفان يقول عنه أنه تستحي منه الملائكة، وهذا أبو عبيدة يسميه أمين الأمة، وهذا معاذ بن جبل يسميه أعلم الأمة بالحرام والحلال.
وإشعار الناس بأهميتهم يتطلب الاستماع إليهم، وملاحظة ما يقومون به، وإبلاغِهم بالانطباعات الإيجابية، التي كونتها عنهم ، وشتان بين من يقدّر الآخرين ويشعرهم بأهمّيتهم ولا ينتقص من أقدارهم ولا يبخسهم أشياءهم، وبين من يجعلهم موضع سخريّته وتندّره وازدرائه، ذاك يجلب الناس ويجذبهم إليه، وهذا ينفِّرهم ويبعِّدهم عنه . وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن السخرية بالآخرين في قوله : (لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ). - اجعل شخصيتك جذابة، وهذا يمكن تحقيقه من خلال التحدث في الموضوعات التي تهم الآخرين، وليس فقط الموضوعات التي تهمنا نحن، إضافةً إلى الثقة بالنفس، وعدم التردد، فالناس تنجذب نحو من يعرفون طريقهم وأهدافهم، كما يتطلب الأمر مصافحة الناس بثباتٍ وحزمٍ غيرِ مُبَالغٍ فيه، والحفاظ عند التحدث على نبرةِ صوتٍ تُعبِّر عن الثقة، وصدق المشاعر، والتفاؤل، والمظهر اللائق. ولكي تكونَ شخصيتك جذابة فأنت تحتاج كذلك إلى مُتابعة الآخرين وهم يتحدثون، وعدم الانشغال عنهم بالنظر إلى الأرض، وعدم التحدث بما يكرهون، ومراعاة التخفيف عند زيارة أحد الأصدقاء أو الزملاء في منزله، والإنصات والصبر على الآراء والأفكار التي تختلف معها، وهو ما يُشعر الآخرين بالاسترخاء، فضلاً عن عدم رفع الصوت في الحديث، وعدم مقاطعة الآخرين، والبعد عن المُزاح الثقيل، والغيبة والنميمة، والبحث عن مجالات الاهتمام المشتركة .
- احرص على أن يأخذ عنك الناس انطباعاً أولياً جَيّداً، وإلا فأنت تخاطر بأن يتم تجاهلك وعدم الاهتمام بك، وبالتالي الخروج من قلوب الناس قبلَ النفاذ إليها، والتربع على عرشها،وهذا الانطباع يمكن أن يتكوّن من خلال تبادلِ التحية، وإفشاء السلام، وبشاشة الوجه، وإرسال نظراتٍ دافئة وودودة، مُشبَعة بالتقدير إلى الآخرين؛ مما يجعلك تنفذ إلى قلوبهم، لكن ذلك كله يبقى رهنًا بتقييمك لنفسك، " فإذا كنت ترى نفسك فاشلاً فهذا يعني أن الناس سيعتبرونك فاشلاً، ويتعاملون معك على هذا الأساس.
- لا تحاول الادعاء بما ليس لديك.. فقد توضع في موقف لا تحسد عليه.. ولا تخجل من وضعك حتى لو لم يكن بمستوى وضع غيرك فهذا ليس عيباً.. ولكن العيب الزيف عندما ينكشف.
- احرص على انتقاء الكلمات الجيدة التي تنفذ إلى القلوب نفاذَ السهم الذي يعرف طريقه جيدًا، فيذوب القلب وصاحبه، وينصهر حبًّا بسبب كلماتٍ قليلة؛ ولذا إن لم تكن من أصحاب الكلمات المُنتقاة فعليك أن تحفظَ كلماتٍ جيدة لتستخدمَها عند الحاجة، وتُخطِّط لذلك جيدًا، خاصةً إذا كان لسانُك سريعَ الطلقات، مدفعًا رشاشًا لا يطلق إلا كلَّ سوء.
- تقبل المعارضة؛ فمن الطبيعي أن تصادفَ رأيًا مُعارضًا لك، والتغلُّب علي هذا الرأي لا يكون بالتهديد والوعيد والسخرية، وإنما يحتاج الأمر إلى "الاستماع والإصغاء الجيد لما يعرض الطرفُ الأخر من وجهة نظر، ولا تقاطعه أثناءَ عرضه، وأعد عليه بعضَ النِقاط التي قام بعرضها، وإذا انتهى اسأله إذا كان هناك ما يحب أن يضيفَه، واجعله يشعر بأنك مهتمٌ بوجهة نظره تماما".
ثم بعدَ ذلك " ادرس كل النقاط التي عرضها الآخر، وستجد بها بعضًا من النِقاط التي يمكن أن تلتقيَ فيها معه، اعترف بها وسلِّم بصحتها، وإن وجدت أن جميعَ ما يعرضه غيرُ صحيح وافقه على بعض النِقاط البسيطة، وغيِّر المهمة، وعندها سيصبح لديه ميلٌ أكثر للتسليم بوجهة نظرك. عندما تبدأ في عرض وجهة نظرك كن هادئًا، ولا تنفعل، ولا تهدد، ولا تلوِّح باستخدام القوة . إذا قمت بتغيير وجهة نظر الطرف الآخر دعه يحفظ ماء وجهه ولا تحرجه، وإلا سيُصاب بالعِناد، ولن يخرجَ عن وجهة نظره " . (رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي). - امدحْ الآخرين واثنِ عليهم: المدح والثناء إذا ما كان صادقًا، فإنه "يُحدث سِحرًا في القلوب، فالجميع يستجيب له، ويسعد به، وتهيم روحه في السماء من فرط الرضا والانبساط"، وهذا يتطلب أن يكون مدحك للناس صادقًا، وأن تعبِّرَ عنه بوضوحٍ وبلا تردد، وأن تخصَّ كل فردٍ يستحق المدح بالإشادة، وأن تبحثَ لدى الآخرين عن أشياء تستحق الثناء، إن الثناء على الأعمال الصغرى يحرك في المرء الرغبة في القيام بأحسن ما يستطيع عن طيب خاطر ورضا في النفس، ومن السهل على المرء أن يذم وأن يقدح لكن القوة و الفعالية في أن يتغاضى وأن يتسامح وأن يمدح.
- الدين النصيحة فمهما تنوعت سبل الاتصال ووسائل الدعوة والتأثير.. فإن الكلمة الصادقة والنصيحة المباشرة المخلصة ستظل تحتل مكانة عالية وأساسية في عالم الدعوة، وهذه الممارسة تنبع من حبنا للآخرين واهتمامنا بهم، فإذا أنت أحببتهم يتعين عليك أن توضح لهم أخطاءهم، لا أن تفضحها للآخرين، ويتعين عليهم أن يتبادلوا معك ذلك، وإلا فإن الإيمان يصبح موضع تساؤل وفقًا للحديث: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" [البخاري].
وهذا هو نقيض الأنانية التي نجدها في المجتمعات المادية؛ لأن الناس فيها يهتمون بأنفسهم فقط، إن غايتهم هي الحرية الشخصية للتمتع بالشهوات والانقياد وراء الرغبات، وهم بذلك غير ملزمين أن يخبروا الآخرين بما لا يودون سماعه، من مكاشفة بالعيوب ومحاولة إصلاحها؛ مما يمثل صورة من صور النفاق الاجتماعي.
ويجب أن تراعي عند نصحك الأمور الآتية:- الإخلاص لله، وجعل النصيحة خالصة لوجهه وحده، وليس لأي غرض دنيوي.
- أن يكون هو نفسه يطبق ما يقول وقدوة حسنة فيما ينصح به من فضائل أو ينهى عنه من رذائل.
- التأكد من صحة الأمر الذي ينصح به من الناحية الشرعية وغيرها، فلا يقدم معلومات مشوشة، فتلك أمانة.
- تخير الوقت المناسب.
- تحسس الجو النفسي المهيِّئ لسماع النصيحة.
- الذكاء في انتقاء واستخدام الكلمات المناسبة.
- إظهار الحب وإبداء الود بإخلاص قبل الشروع في توجيه النصيحة.
- يجب أن تكون النصيحة سرًّا بينك وبين المنصوح، وليست علانية؛ فقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "مَنْ وَعَظَ أخَاهُ سِرًّا فقد نَصَحَه وزَانَه، ومَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وشَانَه
- عدم إشعار المنصوح بالتكبر والتعالي عليه، ولا تجعله يشعر في كلامك بنغمة التفوق والاستعلاء، أو اللوم أو السخرية، أو الاتهام.
- أشعر المنصوح بتقبلك شخصيًّا للنصح إن هو أو غيره نصحك، وأنك غير منـزه عن الخطأ
- أشعر المنصوح بتقديرك لظروفه وأنك تلتمس له الأعذار.
- احذر أن يتحول موقف النصيحة إلى ساحة جدال عقيم ومناقشة عدائية.
وإذا كنت منصوحا فإن عليك أن تراعي الأمور الآتية: - الترحيب بالنصيحة بقلب سمح وعقل متفتح ووجه مبتسم.
- التعبير عن قبولها بالامتنان والتقدير.
- التصميم والعزم على الشروع في العمل بهذه النصيحة نحو تحقيق التحسن المطلوب.وفي المأثور: "أدِّ النصيحة على أكمل وجه، واقبلها على أي وجه".
ولكن ماذا لو لم تجد من المنصوح هذه الأشياء، رغم قيامك بالنصيحة على أكمل وجه؟ - اعلم أولاً أن تقديم النصيحة واجب علينا وعبادة نؤديها لله ـ عز وجل ـ، بغض النظر عن الطريقة التي يتلقاها بها المنصوح.
- اعلم أن أفضل الناصحين قوبلوا بمثل أو أشد ما قوبلت أنت به؛ فقد أقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أمر الله ـ عز وجل ـ صابرًا محتسبًا، مؤديًا إلى قومه النصيحة، على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء.
- إذا حاورك المنصوح فاحرص على محاورته بالحسنى، وإن أساء إليك فلا ترد إساءته، بل افعل مثلما فعل هود ـ عليه السلام ـ ؛ حيث حكى عنه القرآن الكريم ( وإلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ قَالَ المَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وإنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِينَ) [الأعراف: 65، 66].
- إذا لم تجد نتيجة من الحوار، فانْهِ الحوار فورًا، وافعل وقُل مثلما فعل وقال صالح ـ عليه السلام ـ لقومه: ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي ونَصَحْتُ لَكُمْ ولَكِن لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ) [الأعراف: 79].
- لا تتقاعس ولا يثبط عزمك إذا لم تجد تغييرًا فوريًّا في سلوك من نصحته؛ فمثل هذه التغييرات عادة ما تحتاج إلى فترة زمنية تنقضي بين الاقتناع، ثم العزم، ثم التنفيذ.
- من الممكن أن تجد البعض غير مكترث بنصيحتك المخلصة، ولكن هذا ينبغي ألا يصيبك بالإحباط؛ فقد أظهرت التجارب أن هؤلاء الذي أزعجتهم النصيحة الصريحة ورفضوها عند تلقيها كانوا في وقت ما فيما بعد مقدرين وممتنين تمامًا في قلوبهم للنصيحة ومقدمها.
- الهدية كنز دفين في كسب قلوب الآخرين تفتح مغاليق القلوب، وتبذر المحبة، وتفرش الورود والندى بين الناس وقد حثَّ عليها النبي ﷺ بقوله: « تهادوا، فإن الهدية تذهب وغَر الصدر»، وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابُّوا» ( ).فقد تعارف الناس على أن مثل هذه الهدايا تُكافئ في مناسباتٍ مشابِهة، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله ﷺ يقبل الهدية، ويثيب عليها) ( ). مع الحذر من بعض الهدايا المنهي عنها، مثل: الإهداء لبعض الأبناء دون الآخرين. وما يناله الموظفون من هدايا بعضِ المتعاملين معهم أو المراجعين لهم، فهذه الهدايا ليست أجراً على عملهم، وإنما هي في حقهم بمثابة الرشوة التي يأكلها صاحبها سُحتاً.
- تعلم فن الابتسام؛ فالابتسامة مفتاحٌ سحريّ نفتح به قلوب الناس. فهذه الإشراقة العذبة الجميلة التي تتندّى بها الشفاه ويضيءُ بها وجه أحدنا تنطق بكلمات شاعرية شفّافة .. تقول للآخر : أنا أحبّك .. أنا أسالمك .. وأنا أريد أن أعقد معك علاقة ودّ لا تنفصم، تنبع من القلب وتطفح بالصدق على الشفتين والوجنتين والعينين.إنّها ساحرة .. لأنّ الآخر ـ شاء أم أبى ـ سوف يقابلها بمثلها أو بأحسن منها، فإذا الاشراقةُ إشراقتان، وإذا الحبُّ حبّان، وإذا قرار السلام قراران. ففي الحديث الشريف : « تبسّمك في وجه أخيك صدقة ». وفي قواعد السلوك العامّة: « ابتسم .. تبتسم لك الدّنيا، واعلم أنّك حين تبتسم تستخدم ثلاث عشرة عضلة من عضلات وجهك، في حين أ نّك تستخدم (74) عضلة إذا عبست» !! فلم إتعابُ العضلات فيما لا يجدي نفعاً، أو فيما تكون نتائجه وخيمة ؟! والابتسامة ـ كما يقول العارفون المجرّبون ـ لا تكلِّف شيئاً ولكنّها تعود بخير كثير، ولقد عرف عن أهل الصين قولهم: « إنّ الذي لا يحسن الابتسام لا ينبغي له أن يفتح متجراً » فالابتسامة بائع ناجح.
كما أن للابتسامة أهدافا أخرى؛ فقد تكون تعبيرا عن الغضب كما حدث من الرسول عليه السلام مع كعب بن مالك لما تخلف عن غزو تبوك، وقد يفهم منها المتحدث العقوبة دون ضجيج كما فهمه أنس بن مالك من النبي عليه السلام. - الحلم والعفو والإحسان إلى المسيء: من الأخلاق العظيمة التي يقابل المؤمن فيها جهل الآخرين عليه وإساءتهم إلى شخصه ؛ أن يلقاهم بالعفو والحلم، بدلاً من الغضب والانتقام، فإن الحلم والعفو خلقان يحبهما الله تعالى، ويحبهما رسوله المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق، وكذلك اطلب المسامحة من الآخرين في حال الخطأ في حقهم؛ فإن الحصيف من الناس يطلب السلامة في آخرته، فيتحلل من المظالم أو يردها، خشية أن يحاسب عليها يوم القيامة، وأسوته في ذلك محمد صلى الله عليه وسلم القائل: «من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهمٌ إلا الحسناتُ والسيئاتُ» ( ).
- خير الناس أنفعهم للناس؛ ولذلك احرص على قضاء حوائج الناس، ومنها الشفاعة الحسنة فالشفاعة الحسنة هي التوسط والسعي في قضاء حوائج الناس من غير الإضرار بمصالح الآخرين وحاجاتهم، وأما الشفاعة السيئة فهي السعي بتحقيق مصالح البعض على حساب الآخرين، كما لو تقدم بعضهم لوظيفة يتنافسون عليها، فشفَع لأحدهم ليقدم على الآخرين بغير موجب إلا معرفته لوجيه شفع له، فهذه من الشفاعة السيئة، لأنها أضرت بالآخرين.
ومن الشفاعة السيئة ما أدى إلى ضياع حقوق الناس وأكلها، كالتوسط والشفاعة في دفع حدود الله عند الحاكم والقاضي، وقد نبه عليه النبي ﷺ حين رفض شفاعة أسامةَ بنِ زيد في المرأة المخزومية التي سرقت، وقال لأسامة: «أتشفع في حد من حدود الله؟!». ثم قام فخطب الناس وقال: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشـريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيْمُ الله لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت؛ لقطعتُ يدها» ( ). - "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"
كلمات بدلا من كلمات
أرجو أن تعيد النظر في كثير من الكلمات التي نتناولها ويوجد أفضل منها بكثير
رأيك خطأ |
هذا رأي و هناك آراء أخرى |
أنت مش عارف حاجة |
تسمح لي أوضح |
أنت |
حضرتك |
اسمع |
بدون قطع حديثك |
خلاص ؟ انتهيت ؟ |
أفرغت ؟ أتسمع منى؟ |
قرار |
ما هو رأيك؟ |
لا تفلسف الأمور |
ربما تكون المسألة أبسط من ذلك |
لا داعي للكلام في التفاصيل |
بعد إذنك ممكن ننتقل للنقطة الرئيسية |
هذه نقطة صعبة |
هذه نقطة مهمة وان شاء الله ميسرة عليكم |
لقد أسهبت في هذه النقطة |
لقد أوضحت هذه الجزئية وضوحا تاما |
كفي كلام ليس له فائدة |
حسنا وأرجو الانتقال |
هل هناك رأى مخالف |
دعونا نستمع إلى آراء أخرى |
لا أظن أن هناك رأى أفضل من هذا |
ماذا ترون ؟ |
هذا هو الصواب الوحيد (في مسألة اجتهادية ) |
نرى أن هذا هو الأسلوب الأنسب وأي رأى أفضل نرحب به |
لا الكلام ده غلط |
المعلومات التي عندي مختلفة |
هل فهم احد شيء ؟/ هل فهمتم |
هل كلامي واضح ؟/ هل استطعت أن اعبر عما أريد |
الجلسة الرابعة: مجموعة من النصائح السريعة:
- لا تتحدث بصوتٍ خافتٍ في وجود الآخرين، فهذا يُشعرهم بأنك تتحدث عنهم.
- اعترف بأخطائك ببشاشة، وتقبّل نقدَ الآخرين، واجعل الناس يعرفون أنك تحبهم وأعلمهم بحبِّك وتقديرك.
- لا تحتكر الحديث في الاجتماعات.
- عليك بالاعتدال في إظهار الحبّ والمودة، ولا تغلق الباب في وجه صديقك، إذا ما حدث خلافٌ معه، بل اتركه ( مواربًا ) فقد تحتاج يومًا إليه.
- لا تُدخل أنفك في شئون من هم أعلى منك مقاما .
- لا تجرح شعور الآخرين لمُجرّد إثارة الضحك.
- احترم أفكار الآخرين، وشارك الناس أفراحهم وأتراحهم.
- لا تفقد أعصابك في حالة الاستفزاز من الغير.
- أظهر انبهارك وتقديرك للهدايا حتى ولو كنت تأمل في هدية أفضل، وقدِّم الهدية للغير يحبوك.
- اجعل أصدقاءك يشعرون بأنه يمكن الاعتماد عليك وقت الشدة ووسِّع - دائمًا - دائرةَ معارفك.
- تجنَّب السُباب والثرثرة، واعف عن الزلات وكن سموحًا.
- احرص على مصافحة من تلقاه وأظهر البشر بلقائه،وناده باسمه، وألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
- إذا أحببت شخصا فعبر له عن حبك من أجل أن يستشعر الطرف الآخر محبّتك له فيعمل على أن يبادلك حبّاً بحبّ، وقد تحقق كلمات الحبّ المخلصة نتائج مذهلة لم تكن في الحسبان.
- تجنب تصيد عيوب الآخرين وانشغل بإصلاح عيوبك..
- تواضع فالناس تنفر ممن يستعلي عليهم.
- للناس أفراح و أتراح فشاركهم وجدانيا و للمشاركة في المناسبات المختلفة مكانتها في نفوس الناس ..
- حافظ على مواعيدك مع الناس واحترمها.. فاحترامك لها معهم.. سيكون من احترامك لهم.. وبالتالي سيبادلونك الاحترام ذاته.
- حاول أن تنتقي كلماتك.. فكل مصطلح تجد له الكثير من المرادفات فاختر أجملها.. كما عليك أن تختار موضوعاً محبباً للحديث.. وأن تبتعد عما ينفر الناس من المواضيع.. فحديثك دليل شخصيتك.
- تقبل المزاح من الآخرين في حدود الشرع. الأصل في المسلم أن يكون جاداً، إذ لم يخلقنا في هذه الدنيا للعبث واللعب، لكن الجد لا يدوم إلا إذا خالطه شيء من المزاح.
- كن سمحا في معاملاتك الآخرين ؛ فالرسول( صلى الله عليه وسلم) أوجز أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس ويكسب ودهم وحبهم فيقول: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" وفي رواية "وإذا قضى".
- عليك بالرفق في الأمر كله فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله )) وخاصة عند تقويم الجاهل.
- أعط الآخرين من قلبك وعقلك ومالك ووقتك .. ولا تقدم لهم فواتير الحساب .. وإذا ساعدت غيرك فلا تطلب من الناس أن يساعدوك .. وليكن عملك خالصا لوجه الله تعالى .وإذا أنت أسديت جميلا إلى إنسان فحذار أن تذكره ,وإن أسدى إنسان إليك جميلا فحذار أن تنساه. قال تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى " البقرة- 264 -. أحسن لمن تتعامل معهم تأسر عواطفهم كما قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
ساحة النقاش