<!--<!--<!--<!-- /* Font Definitions */ @font-face {font-family:Wingdings; panose-1:5 0 0 0 0 0 0 0 0 0; mso-font-charset:2; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:0 268435456 0 0 -2147483648 0;} @font-face {font-family:"MCS Jeddah S_U normal\."; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} @font-face {font-family:"Akhbar MT"; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} @font-face {font-family:"Arabic Transparent"; panose-1:2 1 0 0 0 0 0 0 0 0; mso-font-charset:178; mso-generic-font-family:auto; mso-font-pitch:variable; mso-font-signature:8193 0 0 0 64 0;} /* Style Definitions */ p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal {mso-style-parent:""; margin:0cm; margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; direction:rtl; unicode-bidi:embed; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman";} @page Section1 {size:595.3pt 841.9pt; margin:72.0pt 90.0pt 72.0pt 90.0pt; mso-header-margin:36.0pt; mso-footer-margin:36.0pt; mso-paper-source:0; mso-gutter-direction:rtl;} div.Section1 {page:Section1;} /* List Definitions */ @list l0 {mso-list-id:811484396; mso-list-type:hybrid; mso-list-template-ids:1773204756 99153030 67698691 67698693 67698689 67698691 67698693 67698689 67698691 67698693;} @list l0:level1 {mso-level-start-at:0; mso-level-number-format:bullet; mso-level-text:-; mso-level-tab-stop:22.5pt; mso-level-number-position:left; margin-left:22.5pt; text-indent:-18.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-bidi-font-family:"Arabic Transparent";} ol {margin-bottom:0cm;} ul {margin-bottom:0cm;} --><!--

<!--<!--

      على جمال الدين ناصف

                   بورسعيد – مصر

                                          يكتب :

 

ندرة  النبوغ  و  البطولة

 

       تبدى لى أن كل الظواهر تدل على أن الجيل الحاضر أحسن استعدادا ، و أشد ملاءمة لكثرة النبوغ و ازدياد البطولة ،   فقد كثر العلم و سهل التعليم ،  و مهدت كل الوسائل للتربية و التثقيف ، و كثر عدد المتعلمين فى كل أمة ،  و فتح المجال أمام الجميع المرأة مثل الرجل بعدما كان فى مجتمعاتنا  قديما قيود على تعليم المرأة ،  فأصبحت وسائل النبوغ ممهدة للجنسين على السواء ،  و تقطر العلم إلى العامة من الناس ،  فأصبحوا يشاطرون العارفين بعض المعرفه ،  و إنتشرت الصحف و المجلات و إنتشار الفضائيات و نقل المعلومات و تبادل الثقافات بين شعوب العالم ، حتى بدى أن العالم كله اصبح قرية صغيرة .

 

       كل هذا كان يجب أن يكون إرهاصا لكثرة النبوغ و التفنن فى البطولة ،  لا لندرة النبوغ و البطولة ،  مما يبدو أن الأمم اصيبت كلها بهذا  العقم ،  و كان مقتضى الظاهر أن لكثرة المواليد يزيد فى كثرة النابغين ،  وكان أيضا مقتضى الظاهر أن عصر النور يلد من الاشخاص الممتازين أكثر مما يلد عصر الظلام .

 

        هذا و قد يبدو لى مع شديد الأسف ،  أن الظاهرة صحيحة ،  و أن الجيل الحاضر فى الأمم المختلفه لا يلد كثيرا من النوابغ ، ولا ينتج كثيرا من الابطال و أن طابع هذه العصور هو طابع المألوف و المعتاد ،  لا طابع النابغة و البطل . و لو عدنا بالذاكرة للوراء و فيما فات من الزمان لنسأل الأن عن :

<!--هل تجد مؤلفا فى الأغانى كأبى الفرج الاصفهانى ؟

<!--هل تجد فى ساسة الأمم أمثال عمر بن الخطاب و عمر بن عبد العزيز ؟

<!--هل تجد فى الشعر العربى أمثال بشار ، و أبى نواس ، و إبن الرومى ، و أبى العلاء ؟

<!--هل تجد فى النثر أمثال إبن المقفع و الجاحظ ،و سهل بن هارون و عمرو بن مسعدة ؟

<!--هل تجد فى قيادة الحروب أمثال خالد بن الوليد ، و أبى عبيدة ؟

<!--هل تجد فى الغناءأمثال أم كلثوم و أسمهان و محمد عبد الوهاب و فريد الاطرش وعبد الحليم حافظ ؟

      كما أنه من المستغرب أن الغرب يشكون شكايتنا ، و يلاحظون عندهم ملاحظتنا ، فيقولون أن ليس عندهم فى حاضرهم أمثال فجنر وبيتهوفن ، ولا أمثال شكسبير و جوته ، ولا أمثال دارون و سبنسر ، ولا مثال نابليون و بسمارك .

 

        فما الاسباب التى أدت إلى ندرة النابغة و البطولة ؟  قد يعزى ذلك على ما يبدو – أن الناس سما مثلهم الأعلى من النابغة و البطل ،  فلا يسمون نابغا أو بطلا إلا من حاز صفات كثيرة ممتازة قل أن تتحقق ،  و هذا بالأمر الطبيعى ،  فكلما ارتقى الناس أرتقى مثلهم الأعلى .  ومن عهد ليس ببعيد كان من يقرأ و يكتب شخصا ممتازا لأنه كان نادرا و قليلا ،  فكان ينظر له نظرة إحترام و تبجيل ،  فما كثر التعليم بعض الشئ كان من حصل على الشهادة الابتدائية شخص ممتاز ،  بعدها من حصل على البكالوريا (الثانوية العامة ) شابا ممتازا . ثم إلى الشهادة العليا ،  ثم الماجستير ، ثم الدكتوراه ، ثم أصبحت هذه أيضا ليست محل إمتياز ،  و أرتفعت درجة النبوغ إلى شئ وراء هذا كله .

 

     و الجدير بالذكر أن معظم الناس استنارت أذهانهم إلى حد بعيد ،  و إكتشفوا سر العظمة ،  و بالتالى أصبحت العظمه المعتادة لا تروعهم ،  إنما يروعهم الخارق للعادة ،  فإين هى تحت هذه الأضواء الكاشفة ،  ثم يأتى بعد ذلك شعور الناس بعظمتهم و بشخصيتهم ،  و فى الغالب تأتى البطولة عندما يسلس الناس زمام  نفوسهم للبطل ، فهم بطاعتهم له و إستسلامهم لأمره  و إشارته يزيدون من عظمته ،  و يغذون بطولته .  فإن كانت الحالة هكذا و أن الناس يشعرون بعظمة أنفسهم وبالتالى قلت طاعتهم و قل تبجيلهم و خضوعهم لكائن من كان ،  فهم بذلك لا يفسحون للبطل بطولته فلا يكون .  و أعتقد بأنه لو وجد اليوم شخص فى أخلاق و صفات و مميزات مثل نابليون ما إستطاع أن يحقق  ما حققه فى عصرنا هذا ، ولا كان إلا رجلا عاديا أو تميز بقدر ضئيل عن العادى .

 

      و لما كانت الاسباب التى ذكرت كانت تؤذن بكثرة النوابغ ،  و هى أيضا التى قللت النوابغ ،  فكثرة العلم و إستفادة الناس جعلت النبوغ عسيرا لا سهلا يسيرا .  و تصديقا لذلك ... أن الأمم فيما مضت كانت تمنح المشعوذين و المخرفين ألقاب البطولة ،  و تنظر إليهم نظرة  تفوق و نبوغ ،  و لما فتح الناس عيونهم و عقلوا بعد غفلتهم ،  و أكتشفوا حيلهم و مكرهم لم تعد لهم هذه المكانة .  وحل محلهم المصلحون الاجتماعيون الذين يخدمون أمتهم بعملهم .  و معنى ذلك أن الشعوذة و المخرفة حل محلها مقياس المنفعة ،  و سار الناس فى طريق التقدير الصحيح ،  و هو الاحترام و التبجيل على قدر ما يصدر من الشخص من خير عام حقيقى . كما أن مقاييس البطولة قد تغيرت ،  و أصبحت عند المحدثين خيرا منها عند الأقدمين ،  بعدما أزاح أهل العلم الحديث ستائر القدم ،  و تبين البطل فى صورته الحقيقية ،  فقد أرتفع شأن البعض و أحيانا ارتفع الستار عن لا بطل . ولهذا نجد كثيرا من المعاصريين هم فى الحقيقة نوابغ ،  و يفوقون بمراحل بعض نوابغ الأقدمين و لكننا لم نمنحهم بعد لقب البطولة للاسباب التى أشرنا إليها من قبل ،  من أننا رفعنا إلى حد بعيد المثل الأعلى للنبوغ ، و لأننا نحلل النابغ و نكتشف سره ،  ولأنه معاصر و المعاصرة تتبدى لى أعدى أعداء الاعتراف بالنبوغ .

 

   ولعلى بذلك أصل إلى حقيقه بأن كثرة النبوغ تضيع الاعتراف بالنبوغ ،  فكل أمه راقية الآن لديها عدد كبير من المتفوقين فى كل فرع من فروع العلم و الفن ن فلم كثر هؤلاء فى كل أمة أصبح من الصعب أن تميز أكبر متفوق منهم لتمنحه صفة النبوغ ، كما يصبح من العسير أن نسميهم كلهم نوابغ ،  هذا لأن النبوغا بحكم أسمه و معناه يتطلب الندرة ،  فلما كثر النابغون أضاعوا إسم النبوغ .  و على العكس من ذلك فالأمم المنحطة ،  لما لم يوجد فيها الا سياسى واحد أو اعلامى واحد أو فنان واحد كان من السهل أن يمنح لقب النبوغ .

 

    و يأتى دور الديموقراطية التى تسود الناس فى العصور الاخيرة و قد نادت بالمساواة و ألحت فى الطلب و أوجدت بذلك فى الشعوب حالة نفسية كان لها أكبر الاثر فى موضوعنا هذا ،  حيث أصبح الناس لا يؤمنون بتفوق كبير ،  و بتقليل الفوارق ذابت الفوارق مثلما اتسع البحر فقل عمقه ،  و كثر المتعلمين و قل النابغين ،  فقد كان من يتفوق فى الماضى كان يصادف عقبات لا حد لها من الصعوبه ،  فكان من الطبيعى الا يجتازها إلا القليل ،  فكان من يجتازها يكون لديه الحصانة الطبيعية ، و يكون تعود على اجتياز العقبات و إحتمال المشقة فكان ذلك سبب النبوغ و الذى كان يعزى الى قلة من يجتاز العقبات و من يجتازها فعلا .  هذا و قد أصبح التعلم ميسرا فكثر عددالمتعليمين وقل عدد النابغين .   

 

المصدر: على جمال الدين ناصف
alynassef

على جمال الدين ناصف - بورسعيد

  • Currently 164/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 432 مشاهدة
نشرت فى 10 يناير 2010 بواسطة alynassef

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

12,267