مجلة السندريلا الأدبية

مجلة السندريلا الأدبية للنشر والتوثيق الادبي يحررها اساهي فريد0

 

 

قصيدة النثر من بودلير إلى سوزان برنارد

(1857-1958)

د. محمد ضباشه 

عضو اتحاد كتاب مصر 

 

ولدت قصيدة النثر من رحم الحداثة  ، نتيجة طبيعية لتزاوج الشعر بالنثر  ، وقد ولدت محملة بجينات تسقط من الشعر الوزن والقافية والعروض  ، وتحافظ على السجع الذي يميز النص النثري  ، واستطاعت  أن تفرض نفسها على الساحة الأدبية العالمية والعربية فيما بعد. 

ويذكر التاريخ أن الشاعر والناقد الفرنسي بودلير Charles Baudelaire « هو أول من كتب قصائده النثرية عام 1857 عقب نشر ديوانه أزهار النثر  ،  مدفوعا بالرغبة في شكل شعري يمكنه من استيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية حتى يقتنص في شباكه الوجه النسبي الهارب للجمال 

حيث يقول في احد قصائده 

العالم، رتيب وصغير، بالأمس، غدا

دائما يرينا في مرآته صورتنا

واحة من الرعب في صحراء من الضجر » موسوعة ويكيبيديا  . 

وتعد الناقدة الفرنسية  سوزان برنار ( Suzanne Bernard)‏19 نوفمبر 1932 - 17 يوليو 2007،  رائدة صياغة مصطلح "قصيدة النثر"، وتسويقه في الأدب الحديث. حيث أعدت  في العام 1958 أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الآداب، تحت عنوان: قصيدة النثر: من بودلير حتى أيامنا هذه" (Le Poème en prose, de Baudelaire Jusqu'à nos jours) في جامعة باريس، وبلغ عدد صفحاتها عندما نشرت الأطروحة في فرنسا في كتاب، نحو 814 صفحة، موزعة على ثلاثة فصول مع مقدمة تاريخية عن قصيدة النثر ما قبل بودلير، وتشير  إلى أن قصيدة النثر هي قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية  ،  موحدة  ،  مضغوطة  ،  خلق حر ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجا عن كل تحديد  ، من الأخذ في الاعتبار إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية التي تعتمد على الألفاظ وتتابعها والصور وتكاملها والحالة العامة للقصيدة  ،  ويضيف أنسي الحاج  أنَّ النظم ليس هو الذي يميز الشعر عن النثر خلال حديثه عن قصيدة النثر، كما ورد في مجلة شعر حول مفهوم قصيدة النثر ويرى  أنَّ قصيدة النثر شعرٌ، وليست نثرًا جميلًا، بل هي قصيدة مكتملة وكائنٌ حي مستقل، مادتها النثر وغايتها الشعر، والنثر المادة التكوينية فيها، لذلك ألحق باسمها كلمة النثر لتبيان منشأها، وسمِّيَت قصيدةً للتأكيد على أنَّ النثر يمكن أن يكون شعرًا دون التزامه ببحور الشعر والضوابط التقليدية، و لابد من توافر ثلاث شروط في قصيدة النثر،  الإيجاز  ،  والتوهج  ،  والمجانية  . 

وبما أن الإبداع الأدبي يعني خلق شيء جديد لم يكن موجودا من قبل (التحرر من الشعر العمودي وشعر التفعيلة  ) يتميز بالاستمرارية وقوة الأثر،  نجد أن قصيدة النثر تعد لونا إبداعيا لأنها لم تخرج من عباءة الخليل بن أحمد الفراهيدي وبحوره وتفعيلاته  ،  ولا من مدرسة نازك الملائكة في شعر التفعيلة واستطاعت أن تجد لها مكانا متميزا بين ألوان الشعر الأخرى  . 

وتأسيسا على ما سبق نجد أن قصيدة النثر خرجت على كل التقاليد والأشكال المتوارثة والمستقرة في الشعر العربي  كالوزن والقافية في الشعر العمودي و التفعيلة في الشعر الحر وكأنها تحرر العقل العربي من العودة للماضي وتنطلق به من الحاضر إلى نقطة ما صوب المستقبل بلون جديد من الشعر يعتمد فقط على ثقافة الشاعر ورؤيته الذاتية لما يجول بخاطره او ما يدور حوله من أحداث، ولهذا يمكن تعريف قصيدة النثر بأنها لون من الوان الشعر الذي يكتب بحرية مطلقة ولا يعتمد على الأشكال التقليدية المعروفة، وإنما يعتمد على التكثيف والإيجاز والمجانية  ،  وله موسيقى لا تحدثها الأوزان والقوافي.

المصدر: منشورات الصفحة الشخصية للدكتور محند ضباشه
alsndryla

مجلة السندريلا الأدبية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 329 مشاهدة
نشرت فى 13 مارس 2024 بواسطة alsndryla

مجلة السندريلا الأدبية لنشر اروع النصوص وتوثيقها

alsndryla
مجلة السندريلا مجلة أدبية عامة يحررها الدكتور اساهي فريد تعنى بنشر وتوثيق النصوص الأدبية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,765