أولاً أقسامه: 

وهو قسمان:

الأول: ما أشكل معناه بحسب الظاهر فلما عرف أنه من باب التقديم والتأخير اتضح وهو جدير أن يفرد بالتصنيف وقد تعرض السلف لذلك في آيات: فأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: {ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا} قال: هذا من تقاديم الكلام يقول: " ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا في الآخرة " وأخرج عنه أيضا في قوله تعالى: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال: هذا من تقاديم الكلام يقول: "لولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما" وأخرج عن مجاهد في قوله تعالى: {أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما} قال: هذا من التقديم والتأخير "أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا " وأخرج عن قتادة في قوله تعالى: {إني متوفيك ورافعك إلي} قال: هذا من المقدم والمؤخر أي " رافعك إلي ومتوفيك "

وأخرج عن عكرمة في قوله تعالى: {لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} قال: هذا من التقديم والتأخير يقول: "لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا " وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا} قال: هذه الآية مقدمة ومؤخرة إنما هي" أذاعوا به إلا قليلا منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير "وأخرج عن ابن عباس في قوله تعالى: {فقالوا أرنا الله جهرة} قال: إنهم إذا رأوا الله فقد رأوه إنما قالوا: "جهرة أرنا الله "قال: هو مقدم ومؤخر قال ابن جرير: يعني أن سؤالهم كان جهرة ومن ذلك قوله: {وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها} قال البغوي: هذه أول القصة وإن كان مؤخرا في التلاوة وقال الواحدي: كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة وإنما أخر في الكلام لأنه تعالى لما قال: {إن الله يأمركم} الآية علم المخاطبون أن البقرة لا تذبح إلا للدلالة على قاتل خفيت عينه عليهم فلما استقر علم هذا في نفوسهم أتبع بقوله: {وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها} فسألتم موسى فقال: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}

الثاني: التعظيم كقوله: {ومن يطع الله والرسول} {إن الله وملائكته يصلون} {والله ورسوله أحق أن يرضوه}الثالث: التشريف كتقديم الذكر على الأنثى نحو: {إن المسلمين والمسلمات} الآية والحر في قوله: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} والحي في قوله: {يخرج الحي من الميت} الآية: {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} والخيل في قوله: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} والسمع في قوله: {وعلى سمعهم وعلى أبصارهم} وقوله:: {إن السمع والبصر والفؤاد} وقوله: {إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم} حكى ابن عطية عن النقاش أنه استدل بها على تفضيل السمع والبصر ولذا وقع في وصفه تعالى: {سميع بصير} بتقديم" السميع" ومن ذلك تقديمه صلى الله عليه وسلم على نوح ومن معه في قوله: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} الآية وتقديم الرسول في قوله: {من رسول ولا نبي} وتقديم المهاجرين في قوله: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} وتقديم الإنس على الجن حيث ذكرا في القرآن وتقديم النبيين ثم الصديقين ثم الشهداء ثم الصالحين في آية النساء وتقديم إسماعيل على إسحاق لأنه أشرف بكون النبي صلى الله عليه وسلم من ولده وأسن وتقديم موسى على هارون لاصطفائه بالكلام وقدم هارون عليه في سورة طه رعاية للفاصلةالرابع: المناسبة وهي إما مناسبة المتقدم لسياق الكلام كقوله: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} فإن الجمال بالجمال وإن كان ثابتا حالتي السراح والإراحة إلا أنها حالة إراحتها وهو مجيئها من المرعى آخر النهار يكون الجمال بها أفخر إذ هي فيه بطان وحالة سراحها للمرعى أول النهار يكون الجمال بها دون الأول إذ هي فيه خماص وإما مناسبة لفظ هو من التقدم أو التأخر كقوله: {الأول والآخر} {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} {لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر}وأما قوله: {فلله الآخرة والأولى} فلمراعاة الفاصلة وكذا قوله: {جمعناكم والأولين}
المصدر: الإتقان في علوم القرآن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 177 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

2,266