هل من أحد يعارض مقولة: إنّ الفتاة الشابة كائن إجتماعي؟ أو هل من الممكن أن تعيش في عزلة تامة، أم تعتمد فقط على علاقات القرابة؟ لن نضع أجوبة عن هذين السؤالين؛ لأنّها معروفة. إذن ما هي الصداقة؟ الجواب ضروري هنا؛ لأنّ هناك مفاهيم عدة للصداقة، تختلف من فتاة لأخرى، وهي الأداة والوسيلة التي تساعدها على بناء هويتها في الحياة، ولكن يجب أن نعلم أنّ المعنى هنا غير مرتبط بعدد الصداقات وإنّما بنوعيتها، فالمعارف كثر، ولكن الصداقات أقل؛ لأن بناءها يتطلّب سنوات طويلة، بينما يمكنك أن تتعرفي على مائة شخص في يوم واحد، فلماذا أصبح إختيار الصديقة صعباً هذه الأيام؟
الدكتورة مارسيا توستا دياس، رئيسة قسم العلوم الإنسانية في جامعة ماناوس، عاصمة ولاية الأمازون البرازيلية، قالت رداً عن هذا السؤال: إنّ بناء الصداقات بين الفتيات قبل سنوات كان أسهل بكثير مما هو عليه الآن؛ لجملة من الأسباب، على رأسها تطور الحياة، وإنشغال الناس بمصاعب الحياة العصرية".
وأضافت: إنشغال الناس بشكل مفرط في عصرنا الحالي قد وضع صعوبات كثيرة في طريق بناء صداقات حقيقية، ويبدو أن مفهوم الصداقة بدأ يُستعاض عنه بألفاظ وتعابير أخرى ليس لها صلة بالموضوع، فالفتيات بدأن يتحدثن عن المعارف، ويتباهين بمعرفتهنّ لعشرات الأشخاص، وبدأ بعضهنّ يخلطن بالفعل بين الصداقات والمعارف، أو يرتبكن حول الفارق الكبير بين الأصدقاء والمعارف".
- منافسة عصرية:
أكّدت الدكتورة مارسيا أنّ المنافسة في الحياة العصرية، إن كانت إجتماعية أو مهنية، تضع عائقاً آخر أمام بناء الصداقات، فبرأيها أن أسوأ ما في المنافسة غير العقلانية إنعدام عنصر الثقة، الذي يعتبر الأساس القوي لبناء الصداقات، وأضافت: "المنافسة بمعناها السلبي تجعل الصداقة سطحية للغاية، إن وجدت في الأصل، ويحضرني قول الكاتب الإجتماعي البرازيلي "ميلتون ناسيمينتو" الذي قال: "إنّ للصداقة الحقيقية سبعة مفاتيح في عمق القلب"، وبحسب رأي مارسيا فإن قول ميلتون ما هو إلا تفسير آخر للصداقة؛ وهو أنّ الصداقة السطحية تتعب أكثر من أن تريح الناس".
وأشارت مارسيا إلى أنّ المنافسة التي نتحدث عنها هي التي توجد في بعض الأحيان الصداقات السطحية، التي قد يتوافر فيها كل شيء بإستثناء الثقة والمحبة، وقابلية الإعتماد على الآخر في أوقات الحاجة.
- ماذا تفعلين؟
من الضروري أن تعرفي أنّ الناس بدأوا يبتعدون عن بعضه دون أن يدركوا ذلك؛ لأنّ الإقتراب من بعض الناس في أيامنا هذه يعني للكثيرين إقتران ذلك بمصالح شخصية، ولكن وبرغم كل سلبيات العصر الحديث، فإنّه بالإمكان بناء علاقات صداقة مع الآخرين، وإن كانت قليلة، وحسب تأكيد مارسيا فإنّ هذه النقطة تطرح موضوع النوعية في علاقات الصداقة وليس الكم، ولكي نبني هذه العلاقات هناك خطوات أساسية ينبغي اتباعها:
* الخطوة الأولى:
إذا تعرفت على فتاة ما، فما هي الفكرة الأولى التي تخطر ببالك؟ إنّه سؤال ضروري يجب أن تطرحيه على نفسك، هل الإندفاع نحو تلك الفتاة مرتبط بمصلحة مهنية؟ أم أنّ الإقتراب منها جاء لملاحظة وجود أوجه شبه بين الأذواق؟ أم للإحساس بأنّه من الممكن أن تكون جديرة بالثقة؟ كل هذه التساؤلات تعتبر غاية في الأهمية: لمعرفة سبب الإندفاع نحو شخص، أو فتاة لمحاولة بناء صداقة معه أو معها، وإن لم تعرفي الإجابة عنها فإنّ الصورة تكون مرتبكة، وربّما يتحول الأمر إلى مجرد حب معرفة الآخرين.
* الخطوة الثانية:
يمكن أيضاً وضعها على شكل تساؤل؛ ما هي أهمية الصداقة في حياتك؟
الإجابات عن هذا السؤال تتفاوت، فمنهنّ من يقلن إنّه من الضروري أن يكون لأي إنسان أصدقاء جيِّدون، ومنهنّ من يتظاهرن أمام الآخرين بأنهنّ يمتلكن صديقات كثيرات، وهناك أيضاً من سيقلن إنهنّ لم يعدن يؤمنّ بالصداقة. وهنا من الضروري، بحسب رأي مارسيا، أن تحددي موقفك من الصداقة، فإن كنت بحاجة لها فيجب ألا تتواني عن السعي وراء بناء صداقات.
* الخطوة الثالثة:
ابحثي عن صداقات الطفولة، كما تقول الدكتور مارسيا، فيمكن ان تكون ملاذاً لبعض الفتيات؟
ولذلك تسعى بعضهنّ إلى البحث عن أصدقاء الطفولة، الذين أبعدتهم الظروف عن بعضهم، ويقال بهذا الخصوص إنّ صديق الطفولة، أو صديقة الطفولة لها مكانة خاصة في قلب كل الناس. وأضافت: "من المهم، إذا كان ذلك ممكناً، أن تبحثي عن صديقات طفولة كنّ عزيزات على قلبك".
* الخطوة الرابعة:
عندما تصلين إلى حفلة ما أو مناسبة فيها الكثير من المدعوات، فإنّ إحتمال بناء علاقة صداقة جيِّدة ربّما تكون واردة، ولكن قبل ذلك يتوجب عليك البحث عمن هي مستعدة لتبادل الحديث الجيِّد، الذي ينم عن رغبة في بناء علاقة صداقة، وفي هذا الصدد أعربت مارسيا عن إعتقادها بأن معظم اللاتي يتبادلن الأحاديث في المناسبات إنما يردن فقط معرفة أناس جدد، وليس بهدف بناء علاقة صداقة، ولكن إذا كان البعض يريد الصداقة، فمن الضروري أن يعطي أهمية لمن ارتاح له في الحديث معه في المناسبة، وأن يبقى على إتصال مع ذلك الشخص فيما بعد.
* الخطوة الخامسة:
هل تجيدين فن الإستماع للآخر؟ سؤال غاية في الأهمية، طبقا للدكتورة مارسيا: لأنّه يمكن أن يضع حجر الأساس لبناء علاقة صداقة، وأضافت: "النساء يحببن أن يستمع إليهنّ الآخرون. ولكن هل جربن أن يستمعن هنّ للآخرين؟ وأشارت إلى أنّه عبر الإستماع للأخريات بحرص وإنتباهيمكن كسب قلوبهنّ؛ لأنّ الإستماع للآخر يعني أنك تعطين أهمية له ولشخصيته، سواء كان رجلاً أم إمرأة.
- إكراة الصداقة:
كشفت لنا الدكتورة مارسيا عن دراسة، أطلقتها جامعة مانشستر البريطانية، قالت فيها: إنّ إنهاء علاقة صداقة حقيقية قد تكون أصعب وأشد ألماً وحزناً من إنهاء علاقة عاطفية بين رجل وإمرأة، ومشاعر الصداقة تكون على أشدها من سن التاسعة والعشرين وحتى المرحلة الثالثة من العمر، وهي تنطبق على الأصدقاء المتزوجين والعزاب والمطلقين والمنفصلين، وعلّقت مارسيا: "الكثير من العلاقات العاطفية قد تستمر عندما تكون الزوجة مجبرة على تحمل أعباء الزواج، بسبب الأطفال أو الإرتباطات العائلية، في حين أنّه ليس هناك إكراه في الصداقة، ولذلك فإن وقع إنهائها يكون شديداً على الفرد، ونقلاً عن الدراسة البريطانية فإنّ إستطلاعات للرأي شملت عشرة آلاف من الرجال والنساء، أظهرت أنّ الرجال يحسبون لأمور الصداقة أكثر من النساء؛ لذلك فإن علاقات الصداقة عندهم متعددة متشعبة، ولكنها تتضمن الكثير من الصداقات الحقيقية، في حين أنّ النساء يفضلن نفس الصديقات، ولا يرغبن في توسيع دائرتها
المصدر: محمد داود – ساو باولو
نشرت فى 9 أغسطس 2011
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,408,141
ساحة النقاش