<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

تقول دائما أنها تأكل اقل من الناس ولكن مع ذلك يزداد وزنها بسرعة كبيرة لدرجة أنها تشعر أن شربة الماء أو كوب الشاي أو قطعة حلوي صغيرة تزيد وزنها في الحال . وهي لا تنكر طبعا أنها حين تكون حزينة أو محبطة فأنها تضع همها" في الأكل عكس كثيرات من صديقاتها اللاتي تنسد أنفاسهن عن الأكل في حالة الحزن.. ولقد حاولت مرات عديدة أن تنقض وزنها فمثلا بدأت تسير على نظام غذائي للسمنة قرأته في إحدى المجلات ولكن سرعان ما انهار هذا النظام حيث لم تستطع الاستمرار عليه والقيام في نفس الوقت بواجبات المنزل والأولاد والزوج فقد كانت تشعر بالتعب والإرهاق وأحيانا الحزن وحاولت مرة ثانية العودة للرياضة التي كانت تمارسها في صباها فكانت تشعر بالآم في ركبتيها وظهرها ، ومرة ثالثة سمعت عن دواء يسد الشهية عن الطعام فتناولته لفترة ولكنه أدى الى ارتفاع في ضغط الدم وحالة من التوتر النفسي والأرق في النوم ن لذلك قررت أخيرا أن تتوقف عن تلك المحاولات ولكن سرعان ما قرأت أعلانا جذابا في صحيفة يومية يعلن عن مركز لعلاج السمنة عن طريق تمرينات معينة وشفط الدهون من منطقة البطن والصدر والأرداف وكان يصاحب الإعلان صورة لفتاة رشيقة وجذابا ، لذلك قررت الذهاب الى ذلك المركز ولكنها اكتشفت بعد عدة أيام أن ما يحدث لن يؤدي الى أي نتيجة الا استنزاف ما معها من مال( وهو قليل جدا) لذلك قررت التوقف عن هذه المحاولات على الأقل مؤقتا – رغم شوقها الشديد لإنقاص وزنها ..وعلى الرغم من زيادة وزنها التي أدت الى اختفاء ( أو قرب اختفاء) تضاريسها الجسدية وتحولها الى كتلة شبه مربعة من اللحم الرجراج الا أنها تحتفظ بروحها المرحة في كل المواقف ... يبدو ذلك في قدرتها على السخرية من كل شيء بكلمات جريئة وأحيانا جارحة.. ولا يسلم من هذه السخرية أحد حتى نفسها وزوجها وأولادها وهذا يجعل كل من يعرفها يحب الجلوس أليها مهما طال الوقت وهي تستعد بذلك كثيرا وحين تكون وسط الناس تسخر منهم ومن نفسها وتضحك من أعماقها حتى ينقطع صوتها ونفسها ويهتز لحمها في صورة ارتعاشات متتالية وتغوص رأسها بين كتفيها ويحمر وجهها المستدير الممتلئ وأحيانا ينهي ضحكها بسعال شديد يزرق معه وجهها ثم تقول في نهاية الجلسة الضاحكة"اللهم اجعله خير" وقد اعتاد زوجها وأيضا صديقاتها على وصفها بأنها لا تحس "جبلة" ولذلك تسمن ، وأن جتتها تخينة) وبروطة "وفيل" ودبة "وبلاطة "وقد تطلق عليها هذه الألفاظ من قبيل الدعابة أو من قبيل الهجوم ردا على دعابتها أو هجومها ، وهي تستقبل هذه الأوصاف بروحها المرحة ، ولكنها حين تخلو لنفسها تجتر هذه الأوصاف فينتابها حزن عميق وتتذكر تلك الأيام الجميلة التي عاشتها في المدرسة الثانوية والنصف الأول من دراستها الجامعية حين كانت تتمتع بجسد رشيق وجميل ولكنها سرعان ما تخرج من هذا الجو الحزين بقولها لنفسها "كل وقت وله آذان".. ولكن ما يؤلمها في هذه الأيام هو ابتعاد زوجها عنها وهو يتعلل بأن مشاغله كثيرة ، ولكن حتى حين يعود الى البيت فهو يتجنب الاقتراب منها وقد ظنت أن يكون ذلك بسبب بعض الروائح التي تصدر من الثنيات العميقة في أماكن من جسدها فراحت تستعمل الكريمات والمراهم والبودرة حتى زالت أو كادت هذه الروائح أن تزول ولكن ظل الحال كما هو حتى قالت لنفسها في النهاية :في ستين داهية جوزي" أهم حاجة عندي ولأدى" فهي تشعر في قرارة نفسها أنها انتهت كزوجة ولكنها تميزت كأم قد تأكدت من ذلك في كثير من المواقف حيث كان حضنها الطري الدافئ يمنح أطفالها بل أطفال جيرانها أو أقاربها الشعور بالأمان والحنان فمهما كان الطفل متألما أو باكيا فانها ما ان تضعه على فخدها أو تضمه الى صدرها فان الطفل سرعان ما يهدأ وربما يخلد الى النوم ، وهي تسعد بذلك كثيرا وتتباهي بهذه القدرة " الأمومية" امام سائر الأمهات النحيفات ذوات الأحضان الجافة المقلقة للطفل.. ليس هذا فقط هو التميز الوحيد الذي تشعر به وانما تشعر في كثير من الأحيان أنها " ملو هدومها" وإنها تشغل مساحة محترمة من الكون أكثر من غيرها وتشعر إنها في أي مكان تجلس فيه يكون لها حضورا بارزا ومؤثرا فلا يمكن أن يتجاهلها أحد أو ينساها حتى لو رآها مرة واحدة ولا يمكن أن يستضعفها أحد أو يجور عليها، وكل من يراها يشعر بأنها في صحة جيدة وهي أيضا تشعر بذلك سواء بين الرجال أو النساء ، وفي كثير من الأحيان كانت تستطيع حمل أشياء أو تحريك أشياء من مكانها لا يقدر عليها غيرها . ولم يؤثر في هذا الشعور بالقوة الا آلام الركبتين في الشهور الأخيرة ، وأيضا صعوبة التنفس أثناء النوم لدرجة أنها في الأسابيع الأخيرة أصبحت لا تستطيع النوم الا وهي جالسة أو نصف جالسة على السرير . وعلى الرغم من مرحها المعهود بين الناس الا أنها حين تخلو الى نفسها تشعر بنوبات حزن عميق أسود يجعلها تشعر بالرغبة في الخلاص من كل شيء وكثيرا ما كانت تتمنى الموت في هذه اللحظات الحزينة ، ولولا أنها تخاف الله لفعلتها من زمن ، وهي تستغرب هذا التناقض فكيف تفخر بجسدها الممتلئ وسط الناس وبتغضه بينهما وبين نفسها ..وعلى أي حالة فهي تهرب من هذه المشاعر الكئيبة بتناول بعض أنواع الشيكولاته أو الكوكاكولا أو القهوة التركي لدرجة أنها أصبحت – كما يقولون – مدمنة لهذه الأشياء وبالذات الشيكولاته رغم علمها بأنها تساهم في زيادة الوزن . وعلى الرغم من ادعائها بأنها تأكل أقل من كل الناس الا أن المقربين منها وخاصة زوجها يقولون أنها لا تتوقف عن الأكل الا عند النوم فطول الوقت ط فمها يلعب" أما بطعام تتذوقه وهي في المطبخ وتعيد تذوقه مرات ومرات حتى تتأكد من أن طعمه مناسب " أو بأكياس عصير "تبل ريقها" أو زجاجات كوكاكولا " تبرد صدرها أو بكيس لب سوبر أو فول سوداني يسليها أثناء مشاهدة التليفزيون ليلا. وما أشد تعاستها في فترات عمل الرجيم حين كانت تحرم من كل شيء تحبه والأقصى من ذلك أنها كانت تشعر طول الوقت أنها " هفتانه" وكان هذا الشعور أصيبها بحزن عميق يجعلها تتوقف عن الرجيم وتعود الى طعامها وشرابها المعتاد فتشعر كأنها شجرة حرمت من الماء لفترة حتى جفت ثم عاد أليها الماء فاخضرت أوراقها مرة أخرى ، لذلك فهي تفضل أي شيء مهما كانت أضراره الا ذلك الرجيم اللعين الذي يجعل الدنيا لا تستحق ان تعاش. .. وكلما ازداد نفور زوجها منها وازدادت ألام الركبتين والام الظهر وصعوبة التنفس كلما ازداد إقبالها على مزيد من الطعام أو الشيكولاته أو الكوكاكولا أو القهوة السادة .. تلك الأشياء التي تخفف عنها مشاعر الحزن والإحباط وهي تذكر أنه الأسبوع الماضي داعبها زوجها بقوله " أنني اشعر ان رأسك سوف تغرق في لحمك" هكذا بهذه الكلمات وقد وجدت نفسها بعد هذه العبارة الجارحة لا تستطيع التوقف عن تناول الشيكولاته ولا تعرف لماذا .. ولكنها أصبحت تشعر في الفترة الأخيرة ان طبقات الدهون "اللحم" المحيطة بها تحميها من سهام الناس وتساعدها على امتصاص صدماتهم الموجهة وأن تناول الشيكولاته والكوكاكولا والقهوة يغيظ زوجها البخيل.

المصدر: د.محمد المهدي أستاذ الطب النفسي

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,399,793