رحب مجتمع رجال الأعمال المصريين بقرار الحكومة الذي أصدرته أخيرا بتخفيض أسعار الأراضي بالمدن الجديدة، مؤكدين أنه سوف يؤدي إلى تخفيض تكلفة الوحدة السكنية بواقع 25 في المائة مما سيشجع على إقامة مشروعات استثمارية جديدة، الممر الذي سيعمل بدوره على دعم قدرة المنتجات الصناعية والعقارية على المنافسة في التسويق المحلي والعالمي.
وأشاد رجال الأعمال بقرار منح مزيد من الاختصاصات لرؤساء المدن في تيسير الاجراءات من دون الرجوع إلى وزارة الاسكان، حيث يقلل ذلك من المركزية والبيروقراطية، ويعمل على انعاش حركة الاستثمار في المدن الجديدة، متفائلين بحالة التجاوب والمرونة الشديدة لدى الحكومة الجديدة خاصة أن هذه القرارات جاءت تلبية سريعة لمتطلبات مجتمع رجال الأعمال، التي عرضها نيابة عنهم الدكتور محمود محيي الدين، على الرئيس حسني مبارك على هامش المؤتمر العام السنوي، الذي اختتم أعماله نهاية الأسبوع الماضي.
ولفت المستثمرون الى أن هذه التخفيضات تزامنت مع التخفيضات الجمركية والإعلان عن تخفيض الضرائب، وهو ما يعني استكمالاً لمنظومة حكومية تلبي احتياجات الفترة وتهيئة مناخ الاستثمار، مؤكدين قدرة الاقتصاد المصري على التفاعل مع هذه المتغيرات، التي ستؤدي الى رفع معدلات الاستثمار والنمو خلال الفترة المقبلة.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن تخفيض أسعار الأراضي بنسب تصل الى 60 في المائة بالمدن الجديدة بحيث أصبحت تلك الأسعار تتراوح بين 50 الى 125 جنيهاً للمتر المربع بعد ان كانت 280 جنيها. وتقرر تخصيص مساحات صغيرة للشباب لإقامة مشروعات وصناعات صغيرة بحيث تكون القطعة في حدود 300 متر مربع، ويصل سعر المتر المربع الى 50 جنيها، ويدفع ثمنها بالتقسيط بشرط ألا يمنح الشاب أكثر من قطعة واحدة، ويمنع ضم أكثر من قطعة.
كما تقرر تخفيض أسعار الأراضي السكنية بمدن السادات والعاشر من رمضان وبدر وبرج العرب الجديدة، حيث أصبح سعر المتر المربع يتراوح بين 110 ـ 200 جنيه، بعد ان كان يتراوح يبن 180 ـ 300 جنيه. كذلك تم تخفيض أسعار الأراضي المخصصة لهيئة تعاونيات البناء والإسكان وصندوق تمويل المساكن من 160 جنيها للمتر المربع الى 50 جنيها، مما يؤدي الى تخفيض التكلفة بواقع 25 في المائة من تكلفة الوحدات لصالح المواطنين.
كما تضمن القرار السماح للمواطنين بتأجير وحداتهم السكنية في المدن الجديدة، غير ان ذلك لا يشمل ولا يطبق على وحدات اسكان المستقبل والشباب والدويقة، مرجعا ذلك الى ان الدولة دعمت هذه الوحدات بشكل كبير. وأعطى القرار صلاحيات واسعة لرؤساء المدن الجديدة بهدف سرعة تيسير العمل بالمدن الجديدة، حيث تقرر ان تتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة اعطاء تراخيص بناء المصانع، بحيث تتولى وزارة الصناعة اعطاء تراخيص التشغيل، كما تضمنت التيسيرات الجديدة السماح بتسجيل الأراضي بالمدن الجديدة بمجرد سداد سعر الارض، والتأكد من جدية الحائز وعدم الانتظار لحين الانتهاء من البناء كما كان في السابق. كما تقرر تفويض رؤساء المدن في جدولة ديون المستثمرين والحائزين الأراضي حتى 24 شهرا بدلا من 4 اشهر في السابق، بالاضافة الى اعطاء تيسيرات بالنسبة للتصرف في الأراضي الصناعية والتجارية والخدمية سواء من خلال التنازل أو المشاركة مع مستثمرين آخرين، وتخفيض الرسوم المستحقة على ذلك.
ومن جانبه أكد صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال انعكاس، هذه القرارات ايجابيا على مناخ الاستثمار في المدن الجديدة، حيث ستعمل على جذب الاستثمار الصناعي الذي يعد الأساس في التواجد السكاني، مما يؤدي الى زحف بشري من المدن القديمة الى المدن الجديدة خاصة بعد توفير المسكن الملائم ومنخفض التكاليف للعاملين بالمشروعات الصناعية وأسرهم. وطالب بربط تخفيض أسعار الأراضي بالمشروعات التي تستخدم كثافة عمالية، حيث سيعمل ذلك على تشغيل البطالة وتخفيض العبء عن الحكومة، حيث تكلف فرصة العمل الواحدة 100 الف جنيه، وان مصر تحتاج الى 510 آلاف فرصة عمل سنويا، مما يستلزم سرعة التحرك نحو اعطاء حوافز للمشروعات التي تعالج ذلك. وأكد ان هذه القرارات ستؤدي الى تحريك الاسكان الراكد بالمدن الجديدة خاصة بعد السماح لصاحب الشقة بأن يتحول الى مستثمر يستطيع تأجير السكن، بدلا من غلق الوحدات وهجرة المدن الجديدة، مشيرا الى ان معظم مشروعات الاسكان التي تمت أخيرا لم تقم على اساس دراسة جدوى اقتصادية وسكانية، مما أدى الى تعثر تصريف اغلبها.
وفي نفس الاتجاه يرى اسماعيل عثمان بغرفة البناء باتحاد الصناعات، ان اسعار الأراضي كانت تمثل تكلفة مرتفعة بالنسبة للمشروعات، وكانت تؤدي بجانب الضرائب المرتفعة والجمارك الى هروب نسبة كبيرة من المستثمرين، واتجاه البعض الآخر الى وضع الأموال في البنوك، حيث ان العائد عليها يمثل ربحية أعلى من اقامة المشروعات ومخاطرها، مؤكدا ان ذلك صحح عبر اصدار حزمة من القرارات الجديدة والتي تعد خطوة جريئة نحو تكسير جمود الفكر الاقتصادي السابق معا سيكون له أكبر الأثر على تنشيط الاستثمارات الاقتصادية.
وطالب عثمان بإعطاء تخفيضات وتسهيلات اكبر للمشروعات التي تعمل على انشاء اسكان محدودي الدخل بشرط إلزام الشركات بسعر محدد للوحدات يتناسب مع دخل الطبقة الكادحة، مؤكدا ان هناك العديد من الدول التي تعطي الأراضي بدون مقابل لاقامة هذه المشروعات بشرط تشديد العقوبات على الشركات المخالفة في شروط البناء أو استخدام الأراضي في غير الغرض المخصصة له، مؤكدا ضرورة بحث أوضاع الجمعيات التعاونية وتفعيل دورها بناء على القرارات الجديدة من خلال تحسين وضع الادارات بها.
وعلى جانب آخر قال المهندس ابراهيم محلب رئيس شركة المقاولون العرب، ان السوق العقاري بدأ يتحرك، وإن هذه القرارت ستعمل على ضخ أموال جديدة للمشروعات العقارية والصناعية، مشيرا الى فتح باب الأمل أمام الشباب للحصول على شقة بالنظم الجديدة وإقامة مشروعات صغيرة بأسعار أراض مخفضة وبالتقسيط، وهو ما يساعد على تحريك عجلة التنمية في المدن الجديدة.
وأوضح محلب ان هذه القرارت اعطت فرصة كبيرة لتلبية الطلب الكامن في المجتمع حيث كان هناك احتياج لشرائح معينة للسكن لم تلب خلال الفترة الماضية، وهو ما سيتم علاجه مستقبلا عند تفعيل هذه القرارات، وذلك نتيجة تخفيض أسعار البناء لتخفيف المعاناه عن حياة الأسر المصرية.
ساحة النقاش