تقرير / هويدا اسماعيل
تؤكد نظريات علم النفس على مدى أهمية الحب فى حياة الإنسان وأنه احتياج إنسانى لاغنى عنه، فهو السبيل للوصول لحالة من التوازن النفسى، فالحب يكون بمثابة الدرع الواقى من متاعب الإنسان النفسية المتمثلة فى دائرة القلق والضياع والاكتئاب، وقد وضع عالم النفس الشهير "ماسلو" ما يسمى بهرم بناء الشخصية، حيث أكد على أهمية تلبية احتياجات الإنسان الأولية من طعام و شراب، قبل أن نصعد إلى درجة أعلى وهى تلبية احتياجاته العاطفية ورغباته فى تأكيد ذاته.
الحب هو شعور بالإعجاب والإنجذاب نحو شخص آخر. وإنّ للحب نظريات متعددة: منها ما هو قائم على أساس شرح الحب وتفسيره كمبدأ عام يشعر به كل إنسان، ومنها ما يعتقد أنّ الحبّ قائم على أساس كيميائي وبيولوجي.
ولذلك، فإنّ «الحبّ» كان موضوع دراسة وبحث للكثير من الكتاب والعلماء والأطباء الذين حاولوا فكّ رموزه على مرّ السنوات، فتوصّلوا الى نتيجة مفادها أنّ «الحبّ يترافق مع شعور بالسعادة والغبطة والطمأنينة والدفء، ويملأ قلب الشخص الذي يحبّ».
هورمونات وأحاسيس
وفي حين ركّز الأطباء على كميّة هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ «هرمون الحبّ» الذي يفرزه الجسم إثر لقاء العشّاق، درس علماء النفس وعلماء الإجتماع «الحب» على أنه حاجة ملحّة وأساسية لتوازن الانسان النفسي.
وقد حدد العالم النفساني «ماسلو»، الذي بنى هرم احتياجات الإنسان الأولية من طعام وشراب، حاجة الإنسان إلى الإحساس بالعاطفة والطمأنينة، أي الحاجة الى منح الحبّ وتلقّيه. وقد اتفق المحللون النفسيون على أنّ «الحب احتياج قائم بحد ذاته ومستقل تماماً عن الاحتياج الجنسي»، في حين منح الأدباء والكتاب تسميات كثيرة تحتمل معاني مختلفة، أبرزها:
1- الغرام: وهو التَعلّق بالشيء تَعلقّاً لا يُمكن التَخلّص منه بسهولة.
2- العشق: وهو فرط الحب.
3- الهُيام: وهو جنون العشق.
* هل الحب حاجة؟
لا ينكر أحد أهمية الحب، «فالحب هو بمثابة الطاقة التي نحتاجها لنتمكّن من العيش في هذه الحياة، فلا حياة من غير حب ولا حب من دون حياة». وقد أكدت الدراسات النفسية أنّ «الإنسان الذي يتمتع بالإستقرار النفسي، يشعر بحاجة إلى المشاركة الوجدانية مع الآخرين ويبحث عن الإستجابة العاطفية من شخص يشبهه ليس على صعيد الشكل الخارجي فقط، بل على صعيد الاحتياجات النفسية والإجتماعية أيضاً». ولذلك، يبحث الرجل الذي يعاني نقصاً في العاطفة والحنان عن امرأة تستجيب لحاجاته النفسيّة.
أنواع الحبّ
وهناك أنواع كثيرة من الحب، نفصّلها على الشكل التالي:
1- حب الله: وهو من أرقى وأنقى أنواع الحب لأنه لا يقوم على أي نوعٍ من المصالح، بل على النوايا الحسنة فقط.
2- الحب الأفلاطوني: هو القريب من الحبّ المثالي، وهو الحب الذي يربطنا مع أصدقائنا وأهلنا. وغالباً ما ينمّ عن حب بسيط حيث لا قيود ولا شروط ولا نوايا مخبّئة أو مادية.
3- الحب الأناني: وهو الحب القائم على المصلحة الشخصية، حيث لا يبالي أحد الطرفين بسعادة الآخر.
4- الحب الصامت: وهو حب المراهقين، حيث تكون المشاعر بريئة ولا تتطلّب مقابلاً. ويمكن لهذا النوع من الحبّ أن يتحوّل حباً حقيقياً.
5- الحب العفوي: يظهر عند المراهقين أيضاً ولا يشترط وجود رجل وامرأة، بل هو الشعور بالطمأنينة والحب والسعادة لكل ما يحيط بهم من أفراد.
6- الحب الشهواني: هو الحب الذي يقوم على تحقيق الرغبات المادية والجسدية، بعيداً عن المشاعر والأحاسيس.
7- الحب الرومانسي: يقوم على المشاعر والأحاسيس المرهفة بعيداً عن الشهوات والمصالح الشخصية.
8- الحب المرضيّ: وهو التعلّق بشخص ما بشكل «مرضيّ»، وغالباً ما يكون هذا الحبّ من طرف واحد. وينتج عن عيش الشخص تجربة عاطفية قاسية ومؤلمة لم يكتب لها النجاح والاستمرار.
عناصر تُغذي الحبّ
وبعد تفنيد أنواع الحبّ، لا بدّ من التطرّق الى العناصر المهمة التي يمكن أن تغذيه وتجعله يدوم سنوات طويلة:
1- الاحتـرام: ويعني ذلك احترام كل طرف للآخر كما هو بصفاته الطبيعية من دون العمل على تغيير طبيعته أو السيطرة عليه وإجباره على تغيير شخصيته وفق ما يتلاءم مع الحاجات الشخصية.
2- المعرفة: ويعني ذلك معرفة الطرف الآخر معرفة حقيقية لا سطحية. ويتطلّب ذلك التعرّف الى حسنات الآخر وسيئاته ومحاولة تقبّلها.
3- الإبتعاد عن الغيرة المفرطة والإلتصاق «المرضيّ» بالحبيب.
4- الحنان: وهو شعور يجب ان يكون متبادلاً بين الشريكين للتنعّم بالأمان والاستقرار العاطفي.
5- إهتمام الطرفين والعناية ببعضهما البعض على كلّ الصعد، ليس الجسديّة فقط وإنما النفسية والاجتماعية أيضاً.
* حبّ المرأة أو حبّ الرجل؟
ومن التساؤلات التي تطرح في فترة عيد العشّاق، هل ثمّة فرق بين حبّ المرأة وحبّ الرجل؟ وهل صحيح أنّ حبّ المرأة أعظم من حبّ الرجل؟ وهل تحتاج المرأة الى الحبّ أكثر من الرجل نظراً الى تكوينها العاطفي والنفسي؟ أو انّ الرجل يحتاج الى الحبّ أكثر لأنّه يزيده ثقة بالنفس؟
الإجابة عن تلك الأسئلة تبقى رهن النظريات والدراسات التي تتلاقى حيناً وتتباعد أحياناً أخرى. ولكن التقَت كلّ النظريات على نتيجة مفادها أنّه «لا معنى للحياة من دون حب، خصوصاً أنّ الحبّ يعبّر عن الاحترام والعاطفة والسعادة». وعن الفرق بين حبّ الرجل وحبّ المرأة، فإنّ الكثير من الشعراء والحكماء والفلاسفة والمفكرين حاولوا التفريق بين «الحبّ الذكوري» و»الحبّ الأنثوي».
وعلى سبيل المثال نذكر المثل الصيني: «الرجل يحبّ من عينيه أمّا المرأة فتحبّ من أذنيها»، في إشارة الى أنّ الرجل يعشق المرأة الجميلة التي تهتمّ بأناقتها وتتقن تصرّفاتها وأقوالها، في حين أنّ المرأة تعشق مَن يغازلها وتحبّ سماع الكلام الجميل وكلمات المديح والحب والغرام.
ولكن على رغم تضارب الأمثال الشعبية والدراسات، إلّا أنّه لا يمكن تفريق الحبّ بين الرجل والمرأة بشكل قاطع، خصوصاً أنّ أيّ دراسة لم تتوصّل الى نتيجة حاسمة في هذا الخصوص «فالحبّ يتعلّق بالإنسان وبمشاعره وتكوينه النفسي، ولذلك يصعب تحديده وتفريقه».