الإدارة الاستراتيجية في الأجهزة الحكومية
مفهوم الإدارة الاستراتيجية :
" عملية تكييف المنظمة لتتلاءم مع بيئتها بما يضمن تحقيق أغراضها واستمراريتها على المدى البعيد بصورة أفضل " .
أما ثومبسون Thompson واستركلاند Stricland فيعرفاها بأنها " رسم الاتجاه المستقبلي للمنظمة وبيان غاياتها على المدى البعيد ، واختيار النمط الاستراتيجي الملائم في ضوء العوامل والمتغيرات البيئية داخلياً وخارجياً ثم تنفيذ الاستراتيجية وتقويمها "
مراحل تطور الإدارة الإستراتيجية
تطور الفكر الإداري في مجال الإدارة الإستراتيجية من خلال عدة مراحل يمكن التعرض لها على النحو التالي:
المرحلة الأولى : التوجه بالتخطيط طويل المدى :
تشمل هذه المرحلة ما بذل من محاولات فى الفترة السابقة على الستينيات من هذا القرن ، إذ كان التركيز على اتخاذ القرارات ذات التأثير الواسع فى حياة المنظمات، وبالتالي تمثلت الجهود الإستراتيجية في العمل على تحقيق النمو الداخلي ، أو إنتاج إستراتيجية لتنويع المنتجات ، أو إستراتيجية للتخفيض وتقليص حجم العمليات، أو التركيز السوقي ، أو الانتشار من خلال خفض الأسعار .
المرحلة الثانية : التوجه الإستراتيجي المحدود :
ركزت هذه المرحلة على الانطلاق من التخطيط طويل المدى إلى التخطيط الإستراتيجي وظهور ما يسمى بإستراتيجية الإدارة وما يلزمها من خطوات تتطلب وضع الغايات والأهداف والقيام بعمليات التحليل الإستراتيجي والتنبؤ ، والاختيار الإستراتيجي لانتهاز الفرص وتجنب المخاطر، والتطبيق الإستراتيجي مع الرقابة على تلك الخطوات وتقييمها.
المرحلة الثالثة : التوجه البيئي :
اهتم الكتاب والممارسين خلال هذه الفترة بدراسة وتحليل العوامل البيئية للتعرف على مدى تأثيرها على أنشطة ومهام المنظمات حيث لوحظ أن متغيرات البيئة أصبحت معقدة وغير مستقرة ، وتغلغل الاهتمام إلى ما وراء الموردين والمنافسين ، فتركزت دائرة الضوء على دراسة العوامل البيئية الداخلية والخارجية نتيجة تعدد الشركات وكبر حجمها وزيادة المناداة بتدعيم الدور الإجتماعى في المنظمات ، وبروز أثر الثقافة التنظيمية في نجاح المنظمة ويمكننا أن نطلق على هذه المرحلة ( الفترة الزاهية ) لدراسات الإدارة الإستراتيجية.
المرحلة الرابعة : التوجه الإستراتيجي المتكامل :
تعد هذه المرحلة من أعقد المراحل ، وتمثل المرحلة المعاصرة ، والمتوقع أن تسود خلال الفترات المستقبلية لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ، ويمكننا أن نطلق على هذه المرحلة ( الفترة الساطعة ) في دراسات وممارسات الإدارة الإستراتيجية ، ومن أهم الأبعاد المميزة لهذه المرحلة :
ü إن الإستراتيجية تمثل ذلك التصور العام الذي تحب أن تكون عليه المنظمة وتسعى لتحقيقه .
ü إن الاتجاه المعاصر يركز على مقومات مبدأ الإستراتيجية دون الدخول تفصيلاً فى بيان خطوات الإستراتيجية.
ü إن الإستراتيجية الإدارية وسيلة تحقيق تماسك التنظيم داخلياً وتحديد وجهته خارجياً.
أهمية الإدارة الاستراتيجية :
ولكي نقنع المنظمات الحكومية أكثر بضرورة ممارسة الإدارة الاستراتيجية ، سنوضح الفوائد المتحققة لها من ممارستها :
1- تتغير الظروف المحيطة بالمنظمات بسرعة فائقة ويعتبر أسلوب الإدارة الاستراتيجية هو الأسلوب الوحيد الذي يُمكن المنظمات من توقع المشكلات والفرص المستقبلية .
2- تتفوق المنظمات التي تمارس الإدارة الاستراتيجية في أدائها عن المنظمات التي لا تمارسها ، وذلك للفوائد التي تجنيها من خلال تطبيقها لهذا المفهوم والتي من أهمها :
- تُوفر الإدارة الاستراتيجية أهداف واتجاهات واضحة عن مستقبل المنظمة لجميع العاملين بها.
- المساعدة في تخصيص الموارد على أوجه الاستخدامات المتعددة للأنشطة المختلفة في المنظمة .
- المساهمة في إعداد وتهيئة القيادات العليا وتنمية مهاراتهم القيادية من خلال المشاركة في أنشطة الإدارة الاستراتيجية .
- مساعدة المديرين على التحول إلى الأداء المبادر وليس الأداء بردود الأفعال .
- مساعدة متخذي القرارات الحكومية على تحسين جودة قراراتهم ، فعدم تطبيق الإدارة الاستراتيجية في المنظمات الحكومية يؤدي إلى زيادة التكلفة الناتجة عن سوء اتخاذ القرارات ، وفشل الإدارة الحكومية في التعامل مع الملامح المتشابكة للإدارة العامة مثل تصارع القيم ، والغموض وعدم التأكد البيئي ، وعدم وضوح المعلومات عن الأداء .
إجمالاً يمكن القول بأن الإدارة الاستراتيجية إدارة واعدة وذلك للمزايا العديدة التي من الممكن أن توفرها على صعيد الحساسية الملحوظة تجاه الرؤيا المستقبلية للمنظمة وتعزيز الاستيعاب والفهم للتغير والتطور المستمرين للبيئة الداخلية والخارجية وتحديد إمكانية الملاءمة بين المنظمة وهذه التغيرات .
مستويات الإدارة الاستراتيجية :
من المفيد جداً عند دراسة الإدارة الاستراتيجية أن ننظر إلى المستوى الذي يتم عنده ممارستها ، ويمكننا أن نفرق بين ثلاثة مستويات للإدارة الاستراتيجية وهي : الإدارة الاستراتيجية على مستوى المنظمة ككل ، والإدارة الاستراتيجية على مستوى وحدة النشاط الاستراتيجي ، وأخيراً الإدارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي . وفيما يلي تفصيلها :
الإدارة الاستراتيجية على مستوى المنظمة :
يمكن تعريف هذا المستوى من الإدارة الاستراتيجية بأنه إدارة الأنشطة التي تحدد خصائص المنظمة التي تميزها عن المنظمات الأخرى ، بالإضافة إلى أهداف ، ورسالة المنظمة ككل ، بالإضافة إلى تخصيص الموارد المتاحة لإنجاز أنشطتها . وبناءً على التعريف السابق فإن مسؤولية الإدارة الاستراتيجية في هذا المستوى تقع على عاتق الإدارة العليا للمنظمة ، حيث يقومون بدورهم الاستراتيجي من خلال امتلاكهم الرؤيا الشاملة لتطوير الاستراتيجيات للمنظمة ككل .
الإدارة الاستراتيجية على مستوى وحدة النشاط الاستراتيجي :
تمثل الإدارة الاستراتيجية في هذا المستوى الخطط والاستراتيجيات التي تخص نشاط محدد داخل المنظمة ، فقد يكون لدى المنظمة أنشطة مختلفة كالتعليم الفني ، والتعليم التقني ، والتدريب المهني ، فكل نشاط منها يعتبر مجال مستقل بذاته وله مدير مسئول عنه فنطلق عليه وحدة النشاط الاستراتيجي . أما إذا لم تتعدد الأنشطة داخل المنظمة أي أن المنظمة تعمل في مجال واحد فقط ، فهذا يعني أن الاستراتيجية على مستوى المنظمة وعلى مستوى وحدة النشاط الاستراتيجي تكوّن استراتيجية واحدة . وتقع مسؤولية الإدارة الاستراتيجية على مستوى وحدة النشاط الاستراتيجي على عاتق مديري الأنشطة الرئيسية في المنظمة .
الإدارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي :
تحدد الإدارة الاستراتيجية في هذا المستوى الخطط والاستراتيجيات اللازمة لإدارة الوظائف الفرعية داخل النشاط ، وهي لازمة لتدعيم وتقوية استراتيجية النشاط وصبغها بالصبغة العملية لتحقيق الاستراتيجية العامة للمنظمة . وعادةً ما تميل المنظمات إلى وجود وحدات تنظيمية مستقلة لكلٍ من الشؤون المالية ، والموارد البشرية ، حيث تمثل هذه الوحدات الإدارة الاستراتيجية على المستوى الوظيفي ، ويعتبر مديريها مسئولين عن الاستراتيجيات الوظيفية كلٌ على حسب وظيفته.
مراحل الإدارة الاستراتيجية :
تعددت النماذج التي تناولت مراحل الإدارة الاستراتيجية ، فهنالك من يسبق الإدارة الاستراتيجية بمراحل تحليلية مختلفة وهنالك من يُضَمِنها هذه الجوانب التحليلية ، إلا أن معظم الباحثين في مجال الإدارة الاستراتيجية قد اتفقوا على أن الإدارة الاستراتيجية تشتمل على مكونات أساسية وهي : صياغة الاستراتيجية – تنفيذ الاستراتيجية – وتقويمها ، في حين اختلفوا بشكلٍ أو بآخر على المكونات الفرعية لكل مكون أساسي . ولتوضيح هذه المراحل ومكوناتها سنتناولها بالتفصيل على النحو التالي :
مرحلة صياغة الاستراتيجية :
تتم صياغة الاستراتيجية في ضوء تحديد رسالة المنظمة ، ويراعى في ذلك المتغيرات في كلٍ من البيئة الخارجية والبيئة الداخلية أي أن هذه المرحلة تتضمن مجموعة من الأنشطة تتمثل في تحديد رسالة المنظمة ، وأهدافها الاستراتيجية ، والسياسات ، والخطط الاستراتيجية ، بالإضافة إلى تحليل وتقييم البيئة الخارجية والداخلية للمنظمة ، وتحديد البدائل الاستراتيجية ، تقييم واختيار البدائل الاستراتيجية وفيما يلي توضيح هذه الأنشطة :
تحديد رسالة المنظمة : وهي عبارة عن بيان رسمي صريح يوضح سبب وجود المنظمة وطبيعة النشاط الذي تمارسه وتمثل الخصائص الفريدة في المنظمة والتي تميزها عن غيرها من المنظمات المماثلة لها ، وهي تختلف عن غرض المنظمة والذي يعبر عن الدور المتوقع من المنظمة في مجتمعها. وتعتبر عملية صياغة الرسالة عملية صعبة وتستغرق وقت طويل لكنها ضرورية حيث أنها توفر للمنظمة أساس جيد للتحفيز وتخصيص مواردها المختلفة بطريقة أكثر كفاءة ، كما تساهم في بناء لغة واحدة ومناخ مناسب داخل المنظمة ، وتضع أساس جيد لبلورة أهداف محددة بوقت وتكلفة ومستوى جودة محدد ، ولتحقيق هذه المزايا من الرسالة لابد أن تتوفر بها الخصائص الأساسية التالية :
- أن تعبر عن فلسفة المنظمة وما ترغب أن تكون عليه مستقبلاً بصورة شاملة وواقعية .
- أن تتطابق مع غايات المنظمة وأهدافها الاستراتيجية .
- قدرتها على خلق حالة من التكامل بين أجزاء المنظمة ومكوناتها
أهمية وضع رسالة واضحة:
يرجع اهتمام الشركات بتحديد رسالتها لعدة أسباب منها :
ü ضمان الإجماع على غايات وأغراض واحدة للتنظيم.
ü بناء أسلوب وطابع عام، ومناخ تنظيمي موحد.
ü تسهيل عملية ترجمة الأهداف إلى أعمال تحتوي على مهام وأنشطة.
ü الإمداد بالأسس الواضحة والمعايير المحددة لعملية الاختيار الاستراتيجي.
تحديد الأهداف الاستراتيجية : تمثل هذه الأهداف النتائج التي تصبو المنظمة إلى تحقيقها في المستقبل ، ومن الأمثلة عليها : وصول خدمات المنظمة إلى جميع مناطق الدولة ، تطوير العاملين ، زيادة الإنتاجية إلى مستوى معين. ويفضل أن تكون هذه الأهداف محددة ويمكن قياسها وتحقيقها أي تتسم بالواقعية والانسجام مع الأهداف الأخرى للمنظمة كالأهداف قصيرة الأجل. ولكن في القطاع الحكومي وضع الأهداف الاستراتيجية يعتبر عملية صعبة ؛ حيث أنها تحتاج إلى نظرة مشتركة أو اتفاق لما سوف تكون عليه المنظمة مستقبلاً .
السياسات : وهي " مجموعة من المبادئ والقواعد التي تحكم سير العمل والمحددة سلفاً بمعرفة الإدارة ، والتي يسترشد بها العاملون في المستويات المختلفة عند اتخاذ القرارات والتصرفات المتعلقة بتحقيق الأهداف " . ومن المهم أن ننظر إلى السياسات من خلال ثلاث مستويات أساسية وهي :
المنظمة ، وظائفها ، وعملياتها . أي أن السياسات قد تكون على ثلاثة أنواع : النوع الأول يمثل السياسات على مستوى المنظمة وتتضمن السياسات التي تعكس رسالة المنظمة كما أنها تستخدم كمرشد لتقييم استراتيجيات المنظمة ، أما النوع الثاني فهو يشمل السياسات الوظيفية وهي التي تتعلق بالنشاطات والأعمال داخل إدارات المنظمة وتتصف بأنها على درجة عالية من التفصيل والتحديد ، أما النوع الأخير فهو يمثل السياسات التشغيلية التي تهتم بالقرارات التي تتعلق بالعمليات اليومية للمنظمة
الخطط الاستراتيجية : وتعرف بأنها " الخطة الشاملة التي تحدد كيفية إنجاز أهداف المنظمة ورسالتها " وتصنف حسب البعد الزمني المرتبط بها فالخطة قصيرة المدى توضع لإنجاز هدف قصير المدى بينما توضع خطة متوسطة المدى أو طويلة المدى لإنجاز هدف متوسط المدى أو طويل المدى فلا بد أن يتم التخطيط على أساس الأهداف الاستراتيجية وليس العكس ، فالتخطيط يحدد الكيفية التي تؤدي بالوسائل لبلوغ الهدف .
تحليل وتقييم البيئة الخارجية : تتألف البيئة الخارجية لأية منظمة من أعداد غير محدودة من المتغيرات الكامنة خارج نطاق المنظمة والتي تتفاعل مع عملها وتؤدي إلى دعمه أو عرقلته وسنستعرض أربعة متغيرات أساسية تكوّن في مجموعها المحاور الأساسية للبيئة الخارجية ، وما يهمنا هو آثار هذه المتغيرات البيئية على الإدارة الاستراتيجية وهي : المتغيرات الاقتصادية ، الاجتماعية ، السياسية ، التكنولوجية . وتأثير هذه المتغيرات يختلف باختلاف طبيعة وأنواع المنظمات القائمة في البيئة وفيما يلي توضيح موجز لهذه المتغيرات :
المتغيرات الاقتصادية : تشتمل على الإطار الاقتصادي العام للدولة ، بما في ذلك نوع التنظيم الاقتصادي والملكية الخاصة والعامة ، بالإضافة إلى السياسات المالية .
المتغيرات السياسية : وتوضح درجة الاستقرار السياسي ومدى تدخل الحكومات في ميادين الأعمال وتأثيرها على أداء المنظمات .
المتغيرات الاجتماعية : وتتكون من التقاليد ، والقيم والأطر الأخلاقية للأفراد في مجتمع المنظمة ، دور المرأة في المجتمع ، وارتفاع مستوى التعليم
المتغيرات التكنولوجية : وتشمل كلٍ من التغيرات التي تحدث في البيئة الفنية والتغيرات الحديثة في التقنية ، كزيادة الاعتماد على الحاسبات الآلية
ونظراً لتأثير هذه المتغيرات على أداء المنظمة ، فلابد أن يقوم المسئولون عن الإدارة الاستراتيجية بجمع البيانات المتكاملة عن المتغيرات في البيئة الخارجية بصفة مستمرة ، من حيث نوعها وتحديد أسلوب جمعها وكيفية الحصول عليها ( من مصادر داخلية أم خارجية ) ومن ثم تنظيمها وتحليلها ؛ لاكتشاف الفرص المتاحة أمام المنظمة ، والتهديدات التي تواجهها ، ويقصد بالفرص تلك الظروف المحيطة بالمنظمة في فترة زمنية محددة والتي تعمل المنظمة على استغلالها للقيام بأعمالها وتحقيق أهدافها ، أما التهديدات فتمثل الأحداث المحتملة والتي إذا ما حصلت فسوف تسبب خطراً أو آثار سلبية للمنظمة .
دراسة البيئة الداخلية : الهدف الرئيس لدراسة البيئة الداخلية للمنظمة هو تحديد العوامل الاستراتيجية فيها ، ومن ثم تقييمها لمعرفة نواحي القوة والضعف في المنظمة أي تحديد العوامل التي يمكن التركيز عليها باعتبارها تمثل قوة للمنظمة ويقصد بها الخصائص التي تعطي المنظمة إمكانيات جيدة تعزز عناصر القوة لديها وتساهم في إنجاز العمل بمهارة وخبرة عالية بالإضافة إلى تشخيص العوامل التي يستوجب استبعادها أو معالجتها باعتبارها تمثل نقاط ضعف في المنظمة ويقصد بها المؤشرات التي تدل على نقص في إمكانات المنظمة ( الدوري ، 2005م : 139 ، 155) . ومن الممكن تصنيف البيئة الداخلية إلى ثلاثة محاور أساسية هي : الهيكل التنظيمي ، والثقافة التنظيمية السائدة ، والموارد والإمكانات المتاحة لديها ، وفيما يلي توضيح هذه المحاور :
الهيكل التنظيمي : حيث يمثل مجموعة من العلاقات التنظيمية والأعمال والمهام المرتبة وفقاً لمستويات إدارية ، أي أنه يحدد المسؤوليات والصلاحيات وينظمها بحيث تتوجه الجهود الجماعية باتجاه تحقيق أهداف المنظمة .
كما أن الهيكل التنظيمي في المنظمة يعتبر عامل متغير ، يتغير بناءً على متطلبات الاستراتيجية أي أنه يتبع الاستراتيجية وعندما يكون هنالك عدم توافق بينهما ، فإن الهيكل التنظيمي لابد أن يُغير ليكون أكثر توافقاً مع الاستراتيجية فأي تغيير فيها يؤدي إلى تغيير مماثل في الهيكل .
الثقافة التنظيمية : وتشكل مجموعة المعتقدات والتوقعات والقيم المشتركة التي تكوّن بمجملها معايير السلوك المقبول وغير المقبول داخل المنظمة . فالثقافة التنظيمية تتبع الاستراتيجية فلابد التأكد من أن الثقافة التنظيمية السائدة في المنظمة لا تتعارض مع الاستراتيجيات الجديدة التي سيتم صياغتها ، والعمل على إحداث التغيير فيها إذا لزم الأمر لتصبح أكثر توافقاً مع متطلبات الاستراتيجية التي سيتم تبنيها .
الموارد المتاحة : إن من المسلمات الأساسية في الإدارة الناجحة أن يتركز اهتمام المدراء الاستراتيجيين على خلق حالة من التوازن بين الخطط الاستراتيجية وبين الموارد المتاحة لدى المنظمة لتنفيذ تلك الخطط فالموارد المتاحة تمثل المزيج من الإمكانات المالية والبشرية والتكنولوجية والأنظمة الإدارية المختلفة ونظم المعلومات الإدارية والإمكانات ذات الصلة بالبحث والتطوير المتوفرة للمنظمة .
فنجد أن البنية التحتية للإدارة الاستراتيجية تعتمد على التحديد الدقيق للعوامل الاستراتيجية في البيئتين الداخلية والخارجية ، فهي تشكل المدخلات الأساسية للإدارة الاستراتيجية والتي تستمد من نقطة توازن استراتيجي بين قدرة المنظمة على اقتناص الفرص وتحييد المخاطر في بيئتها الخارجية وبين عوامل القوة والضعف في بيئتها الداخلية .
تحديد البدائل الاستراتيجية : بعد دراسة وتحليل البيئة الخارجية والداخلية الخاصة بالمنظمة ، يتم تحديد البدائل الاستراتيجية المتاحة أمام المنظمة ، والتي تعبر عن الوسائل المتوفرة للمنظمة والتي عن طريقها تأمل في تحقيق أهدافها الاستراتيجية على المستويات المختلفة .
وهنا لابد من التعرف على العوامل التي تؤخذ في الاعتبار عند المفاضلة بين البدائل الإستراتيجية ، كذلك العرف على أهم البدائل الاستراتيجية أمام المنظمة .
العوامل التي تؤخذ في الاعتبار عند المفاضلة بين البدائل الإستراتيجية:
تتعد العوامل الواجب دراستها وتحليلها لاختيار الإستراتيجية المناسبة لظروف وإمكانات المنظمة، ومن أهم هذه العوامل:
1) الأهداف التي يسعى التنظيم الى تحقيقها.
2) القيود الخاصة بالفرص والمخاطر البيئية.
3) القيود الخاصة بنواحي القوة والضعف المتعلقة بالمنظمة.
4) قيم الإدارة وأخلاقياتها، والمهارات الإدارية والتنظيمية المتاحة.
· أنواع البدائل الاسترتيجية :
أولا: الإبقاء على الوضع الحالي.
تمثل الإستراتيجية التي تستمر الشركة من خلالها في خدمة عملائها بنفس الأسلوب الذي كان متبعا في الماضي.
ومن أهم المبررات لإتباع إستراتيجية الإبقاء على الوضع الحالي:
ü الرغبة في النمو التدريجي.
ü قناعة أصحاب المنشآت بمستويات أرباح متواضعة.
ü تجنب المخاطر المترتبة على النمو والتوسع.
ü ضعف الإمكانات المتاحة للمنظمة.
ü عدم توفر الخبرات والمهارات الإدارية ذات الخبرة.
ü القيود البيئية ( السكان- الموارد الطبيعية- التكنولوجيا...الخ )
ومن أهم المخاطر التي تتعرض لها المنظمات التي تتبع إستراتيجية الإبقاء على الوضع الحالي:
ü التغير في الظروف والعوامل الطبيعية.
ü تسرب الكفاءات والمهارات البشرية.
ثانيا: استراتيجيات النمو والتوسع.
وبشكل عام فأن النمو والتوسع يساعد على تحقيق العديد من المزايا أهمها:
ü قدر أكبر من الأرباح.
ü مكانة أقوى للمنظمة.
ü التمتع باقتصاديات الحجم الكبير.
ü إمكانية السيطرة والنجاح في الأجل الطويل.
ويمكن أن يتم النمو من خلال عدة استراتيجيه، منها:
أ) إستراتيجية التركيز:
وتشير هذه الإستراتيجية الى تركيز إمكانات المنظمة في مجال محدد تتخصص فيه، مثل: انتاج نوع واحد من المنتجات أو التخصص في خدمة شريحة معينة من العملاء أو خدمة سوق معين ...الخ.
وتتيح استراتيجة التركيز للمنظمات التي تنتهجها العديد من المزايا أهمها:
ü الاستفادة بمزايا التخصص: وذلك فيما يتعلق بتخفيض التكاليف وإتقان الإنتاج ...الخ.
ü القدرة على التجديد والتطوير.
ü اكتساب المزايا التنافسية العالية: نتيجة زيادة الكفاءة في العمليات الإنتاجية.
ب) إستراتيجية التنويع:
تستخدم إستراتيجية التنويع من أجل زيادة واتساع فرص الشركة وذلك عن طريق إضافة أسواق أو منتجات أو خدمات أو مراحل انتاجبة جديدة.
ثالثا: إستراتيجية الانكماش:
تعد هذه الإستراتيجية البديل الثالث من البدائل الإستراتيجية المتاحة، فالشركات التي تطبق هذه الإستراتيجية تقلل من آفاق تعاملاتها وأعمالها بطريقة معينة. وقد تأخذ إستراتيجية الانكماش أحد الأشكال التالية:
أ) إستراتيجية تخفيض حجم العمليات:
تقوم الشركة التي تتبع هذه الإستراتيجية إما بإلغاء بعض الوحدات الإنتاجية أو تخفيض معدلات إنتاج الوحدات الحالية.
ب) استراتيجيه الاستسلام لشركة أخرى:
يتم إتباع هذه الإستراتيجية عندما تبيع الشركة معظم إنتاجها لعميل واحد يقو هو بتسويقها وتتخلص هي من تكاليف التسويق.
ج) إستراتيجية التحول لنشاط آخر:
وتشير هذه الإستراتيجية إلى التحول من نوع معين من الأعمال إلى نوع آخر مختلف في خصائصه وأبعاده عما كانت تمارسه الشركة من عمليات.
د) إستراتيجية التصفية وبيع الأصول:
تشير هذه الإستراتيجية إلى إنهاء أعمال الشركة بحيث تغلق أبوابها، وتصفي أعمالها وتبيع أصولها، وعادة ماتعتبر التصفية البديل الأخير أمام الشركة.
تقييم واختيار البدائل الاستراتيجية : ففي هذه الخطوة يتم مقارنة كل البدائل المتاحة والتي تم تحديدها في الخطوة السابقة ، مع كل هدف من الأهداف الاستراتيجية ، كذلك مع اتجاهات المديرين تجاه المخاطرة ، سهولة الحصول على الموارد ، والوقت اللازم للتنفيذ ، ولكن نتيجة لصعوبة توفر معايير حساسة للحكم على البدائل كما هو في القطاع الخاص مثل : العائد على رأس المال ، فلذلك تقييم البدائل واختيارها يعتمد في القطاع العام على التقدير الشخصي . وبناءً على هذه المعايير تتم المقارنة بين البدائل الاستراتيجية لتحديد مزايا وعيوب كل بديل ومن ثم اتخاذ القرار حول البديل الاستراتيجي المناسب والذي يحقق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة ، والبديل المختار يعرف بالاختيار الاستراتيجي .
مرحلة تنفيذ الاستراتيجية :
بعد اكتمال صياغة الاستراتيجية يتجه اهتمام الإدارة العليا بعملية التنفيذ وإمكانية تفاعلها واتساقها مع الاستراتيجية الموضوعة ، وتعتبر مرحلة التنفيذ من أهم مراحل الإدارة الاستراتيجية حيث إن التنفيذ غير الفعال للخطط والسياسات يؤدي إلى الفشل ، بينما التنفيذ الصحيح والفعال يؤدي إلى التعويض عن التخطيط غير المناسب (الدوري ، 2005م : 295) . فمن خلال هذه المرحلة يجب أن تتحول استراتيجية المنظمة إلى أفعال ملموسة ذات نتائج لها دلالتها ، و إلا انتهت جميع الأنشطة المكونة للاستراتيجية الإدارية دون جدوى للمنظمة ، ولإنجاز ذلك لابد من تحديد الأهداف السنوية ، وضع البرامج الزمنية ، وتخصيص الموارد اللازمة لتطبيق الاستراتيجية ، بالإضافة إلى تحديد الإجراءات التنفيذية . وفيما يلي توضيح موجز لهذه الخطوات :
تحديد الأهداف السنوية : يتم تحديدها بطريقة لا مركزية ، إذ ترتبط بصورة مباشرة بكل مدير من مديري قطاعات وإدارات وأقسام المنظمة . وبناءً على هذه الأهداف يتم توزيع وتخصيص الموارد ، حيث أنها تحدد الأولويات الخاصة بالأفراد والإدارات والأقسام ، وتمثل المحدد الرئيس لمدى التقدم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية ، إلا أن ذلك يتطلب التنسيق بين الأهداف السنوية والأهداف الاستراتيجية
وضع البرامج الزمنية : تتضمن هذه البرامج الأهداف السنوية التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها في ضوء الخطة الاستراتيجية ، والموارد اللازمة لها ، والأنشطة الواجب القيام بها والزمن الذي يجب البدء والانتهاء فيه من هذه الأنشطة ، والمسئولون عن تنفيذها .
تخصيص الموارد اللازمة : من المهم التأكيد على أن تنفيذ الاستراتيجية لا يقتصر على استغلال موارد المنظمة فحسب بل على حمايتها وتنظيمها وتوجيه استخدامها ، وكيفية توزيعها على البرامج والمشاريع باعتبارها نظماً جزئية تعمل على المساهمة في تنفيذ الاستراتيجية . فلا بد من تصنيف الموارد ؛ لمعرفة القدرة التنظيمية والممهدة لتنفيذ الاستراتيجية حيث إن التنفيذ يتأثر بالموارد المتوفرة والقدرات المتاحة الفعلية والاحتمالية للمنظمة .
تحديد الإجراءات التنفيذية : حيث تمثل الإجراءات " نظام يتكون من خطوات متتابعة تحدد طريقة أداء مهمة أو وظيفة معينة وتصف بالتفصيل الأنشطة المختلفة التي يجب أدائها لإنجاز برامج المنظمة.
أي أن وضع الاستراتيجيات موضع التنفيذ يتطلب توفر العناصر التالية :
- وجود هيكل تنظيمي ملائم (بناء هيكل جديد ، تدريب ، توفير الموارد البشرية ، تعديل الهيكل الحالي ...) .
- ملاءمة الاستراتيجيات للسياسات الحالية أو تعديل السياسات التي تتعارض مع الاستراتيجيات الموضوعة .
- وضوح في مسؤوليات الإدارات عن تنفيذ الاستراتيجية .
مرحلة تقويم الاستراتيجية :
في هذه المرحلة يتم تحديد مدى مساهمة الاستراتيجية في تحقيق الأهداف المحددة مسبقاً في مرحلة الصياغة الاستراتيجية ، والتأكد من أن الأداء الفعلي يتماشى مع الأداء المخطط له في الخطط الاستراتيجية ، ويتم تقويم الاستراتيجية من خلال اتباع الخطوات التالية :
وضع معايير للأداء : أي تحديد نقاط أساسية يتم من خلالها تقييم موقف الاستراتيجية ، وتعد هذه المعايير المقياس الذي يتم الحكم على مستوى الأداء من خلالها .
مقارنة مستويات الأداء الفعلية بالمعايير الموضوعة : حيث يتولى المديرون مسئولية تقييم مدى الانحراف عن المعايير الواردة في الخطوة رقم (1) ، وإذا ما اتضح أن مستوى الأداء عالي فقد ترى الإدارة أنها قد وضعت معايير ذات مستوى أدنى مما ينبغي ، الأمر الذي يترتب عليه النظر في رفع مستوى تلك المعايير خلال الفترات التالية ، أما إذا كانت مستويات الأداء منخفضة ، فإنه يتعين على المديرين تحديد الأسباب التي أدت إلى وجود انحراف ، ومن ثم يتخذوا قراراً يتعلق بالإجراءات التصحيحية ( هل وجونز ، 2001م : 635 ) .
اتخاذ الإجراءات التصحيحية : وتأتي هذه الخطوة بهدف تصحيح الأخطاء ، ومعالجة أسباب القصور والانحراف في أداء الأعمال التي تم اكتشافها في الخطوة رقم (2) ليتناسب الأداء الفعلي مع معايير الأداء .
فنجد أن تقويم الاستراتيجية يعتمد على قدرة المنظمة على تحديد ما ترغب في قياسه ، والمعايير التي سيتم القياس بناءً عليها ؛ لذا لابد أن تكون المعايير واضحة ومحددة لتُمكننا من تقييم الأداء ، وتحديد الانحرافات ، ومن ثم تحديد كيفية تصحيحها.
المعوقات التي تواجه الإدارة الاستراتيجية :
تتعدد المعوقات التي تحد من تطبيق الإدارة الاستراتيجية ، ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع : المعوقات التي تواجه مرحلة صياغة الاستراتيجية ، المعوقات التي تواجه مرحلة تنفيذ الاستراتيجية ، والمعوقات التي تواجه مرحلة تقويم الاستراتيجية .
المعوقات التي تواجه مرحلة صياغة الاستراتيجية : تواجه صياغة الإدارة الاستراتيجية في المنظمات الحكومية عدد من المعوقات ، والتي من أهمها :
1. تعدد أهداف المنظمات الحكومية ، بالإضافة إلى عدم تحديدها بشكل واضح ودقيق وجمودها وعدم تطويرها من وقت لآخر ، للاستجابة إلى التغيرات في البيئة الخارجية .
2. الاهتمام بالأهداف قصيرة الأجل أكثر من الاهتمام بالأهداف طويلة الأجل .
3. نقص الكفاءات الإدارية المحترفة ، التي تمتلك القدرة على التفكير الاستراتيجي ؛ مما يؤثر سلباً على تحليل البيانات التي تم جمعها عن المتغيرات في كلٍ من البيئة الخارجية المحيطة بالمنظمة والبيئة الداخلية .
4. قيام المشرع بوضع رسالة وأهداف واستراتيجيات المنظمة الحكومية ، وبالتالي انحصار دور الإدارة في عملية التنفيذ والتطبيق
المعوقات التي تواجه مرحلة تنفيذ الاستراتيجية :
تواجه مرحلة تنفيذ الاستراتيجية بعض المعوقات التي تؤثر على فاعلية التنفيذ ؛ لذا لا بد من الإشارة إلى هذه المعوقات ، لمحاولة تجنبها والتي من أهمها :
1. وجود الهيكل التنظيمي البيروقراطي ، قد يصعب انتقال المعلومات من المستويات الدنيا إلى الإدارة العليا .
2. قلة الموارد المتاحة للمنظمات لما يتطلبه تنفيذ الاستراتيجية ، كالنقص في القدرات المالية المتاحة في المنظمة ؛ مما يؤدي إلى عدم قدرتها على تنفيذ البدائل التي تم اختيارها في مرحلة الصياغة .
3. وجود الصراع أو التعارض في مصالح الأفراد أو الإدارات وتنافسها على الموارد المحدودة .
4. ثقافة المنظمة قد تصبح عدوانية تجاه الاستراتيجيات الجديدة ؛ لرغبتها الإبقاء على الوضع الحالي .
5. شيوع النمط الإداري على النمط القيادي في المنظمات الحكومية ؛ مما يؤثر سلباً على تنفيذ الاستراتيجية ، فالإداري يركز على إنجاز العمل وفق آلية محددة ، أما القائد فهو يتجه نحو التأثير على أفراد المنظمة من خلال تحفيزهم وإقناعهم بأهمية تركيز الجهود وتوجيه الموارد بما يمكن من تنفيذ الخطط الاستراتيجية التي تم إعدادها المعوقات التي تواجه مرحلة تقويم الاستراتيجية :
يواجه تقويم الاستراتيجية في المنظمات الحكومية عدد من المعوقات ، والتي من أهمها :
1. صعوبة وضع مقاييس كمية لقياس الأهداف في المنظمات الحكومية ؛ نظراً لطبيعة أهدافها النوعية .
2. تركيز العمليات الرقابية على المدخلات بدلاً من الاهتمام بنفس الاتجاه على المخرجات ؛ لسهولة قياس المدخلات مقارنةً بالمخرجات .
3. صعوبة قياس نتائج بعض السياسات نتيجة عدم إمكانية تطبيق بعض المعايير الكمية والاقتصادية على بعض الخدمات المقدمة من هذه الأجهزة .
4. صعوبة الحصول على المعلومات الصحيحة والدقيقة من مصادرها أو الأجهزة الإدارية المتوفرة لديها .
5. ضعف أو عدم وجود علاقة بين المكافآت والعقوبات وبين الأداء ؛ مما يجعل من الصعوبة بمكان تصميم نظام كفوء للتغذية العكسية يتصف بالموضوعية وبالتالي استناد التقويم إلى الحكم الشخصي .
وأخيراً فإن محاولة تجنب هذه المعوقات ، والعمل على التقليل من آثارها السلبية يساعد بلا شك على تحسين الإدارة الاستراتيجية سواءً من ناحية الممارسة _ كعملية_ أو من ناحية النواتج التي تتمثل في الاستراتيجيات بالإضافة إلى التنفيذ والتقويم .
عوامل نجاح تطبيق الإدارة الاستراتيجية :
لتطبيق الإدارة الاستراتيجية في الأجهزة الحكومية بنجاح ، يستوجب توفر عدد من العوامل ، والتي من أهمها :
2-7-1 توافر التفكير الاستراتيجي :
حيث يشير التفكير الاستراتيجي إلى توافر القدرات والمهارات اللازمة لممارسة الفرد مهام الإدارة الاستراتيجية بحيث يمد صاحبه بالقدرة على فحص وتحليل عناصر البيئة المختلفة ، والقيام بإعداد التنبؤات المستقبلية الدقيقة ، مع إمكانية صياغة الاستراتيجيات واتخاذ القرارات المتكيفة مع ظروف التطبيق . فالتفكير الاستراتيجي لا يقتصر على مهارة اكتشاف ما الذي سيحدث ، وإنما هو استخدام مناظرات نوعية لغرض تطوير أفكار خلاقة جديدة . وقد ذكر المغربي (1999م) أن من أهم خصائص الأفراد ذوي التفكير الاستراتيجي توافر المهارات التالية لديهم :
- القدرة على تحليل البيئة الخارجية بما توفره من فرص أو ما ينتج عنها من مخاطر . حيث تمثل الفرص ميزة متاحة يمكن الاستفادة منها ، بينما تمثل المخاطر محددات أو معوقات تواجه المنظمة ، ونظراً لإحساسه بأهمية استشراف المستقبل فنجده يحاول التنبؤ بالفرص والمخاطر المستقبلية وكيفية التعامل معها .
- القدرة على اختيار الاستراتيجية المناسبة ، فالمدير الاستراتيجي يقوم بحصر الاستراتيجيات البديلة لمواجهة الموقف التنظيمي ، ويقيم كل استراتيجية من خلال تناوله لمزايا وعيوب ومبررات تطبيق كلٍ منها بما يساهم في حسن اختياره لأفضلها.
- القدرة على تخصيص الموارد والإمكانات المتاحة واستخدامها بكفاءة ، فالمدير الاستراتيجي يجب أن تكون لديه القدرة على تخصيص موارد المنظمة ، بالإضافة إلى تحديد الموارد والإمكانات التي ينبغي توافرها مستقبلاً لتحقيق أهداف التنظيم .
- القدرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية ، فالقرار الاستراتيجي يتميز عن غيره من القرارات بالشمول وطول المدى الذي يجب تغطيته .
2-7-2 توفر نظم المعلومات الاستراتيجية :
فالمعلومات لها دور أساسي في كافة مراحل الإدارة الاستراتيجية ، فالمعلومات المرتبطة بنتائج تحليل المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية مثلاً تدعم جهود المديرين الاستراتيجيين في وضع الأهداف وصياغة الاستراتيجيات ، كما أنها تساهم في تنفيذ الاستراتيجية ومراجعتها والرقابة عليها . ولتحقيق الاستفادة المثلى من تلك المعلومات لابد أن يتسم نظام المعلومات الاستراتيجي بدقة المعلومات وشموليتها وتوافرها في الوقت المناسب . وهذا يتطلب توفر الحاسب الآلي والاعتماد عليه في تخزين أكبر كم من البيانات المتشابكة والمعقدة وحفظها وإجراء كافة عمليات التحليل والبرمجة لتلك البيانات بما يتيح الاستفادة منها في أي وقت لاتخاذ القرارات الاستراتيجية .
2-7-3 توفر نظام للحوافز :
يهدف نظام الحوافز عادةً إلى التأكد من وجود توافق بين ما يتطلبه التنفيذ الفعال للخطط الاستراتيجية والحاجات والمطالب المشروعة للعاملين في المنظمة الذين يقومون بالتنفيذ ، فلابد أن يرتبط نظام الحوافز بصورة مناسبة وفعالة مع استراتيجية المنظمة على المستويات الإدارية المختلفة ؛ ولتحقيق ذلك لابد من تصميم نظام محكم وعادل للمكافآت والحوافز بحيث يؤدي دوراً محفزاً ومشجعاً لمكافأة الأداء المرغوب فيه .
2-7-4 توفر نظام مالي :
يجب أن يكون لدى المنظمة نظام جيد للإدارة المالية ، فإذا لم يكن متوفر فيفضل أن يعالج ذلك قبل أن يتم تطبيق الإدارة الاستراتيجية ، حيث أنها تتطلب موارد مالية وبشرية وفنية كبيرة .
2-7-5 توفر التنظيم الإداري السليم :
ينبغي توفر تنظيم إداري دقيق ومرن قادر على التكيف مع متغيرات الاستراتيجية واستيعاب الأهداف الاستراتيجية وتوفير المعلومات اللازمة لذلك ، بالإضافة إلى وجود النظم والإجراءات السليمة التي تسهل أسباب العمل بدل تعقيده أو تعطيله .