إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليه مرشدا واشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ثم أم بعد لقد أجري في سويسرا يوم الأحد الموافق التاسع والعشرين من نوفمبر من السنة الميلادية استفتاء حول حذر بناء المأذن وأيد تلك المبادرة 57.4% من إجمالي المصوتين السوسريين بالحذر. وتدعو المبادرة إلى إضافة هذا إلى البند 72 من الدستور السويسري يقضي بمنع بناء المآذن. وصار كثير من الجدل في داخل سويسري أو في العالم الإسلامي . وهذا القرار يعكس مدى تخوف المجتمع السويسري من الإسلام ومن دور المسجد وبدأت الأن في مناطق اخرى من أوربا بالمنادى والتحذير من اسلامة أوربا وخطر المد الإسلامي على اوربا وظهر هذا جلى في بريطانيا والمانيا. والبقية تأتي وما هو ببعيد . ولكي نناقش هذه القضية وما هي الأسباب الداعية لذلك يجب أن نأصل هذا الموضوع من منظور الشرع. أولا: حكم المآذن من منظور شرعي: بداية لايمكن أن ننكر أهمية المئذنة كرمز تاريخي يدل على وجود المسلمين في المكان الذي به المئذنة وأن أول مئذنة بنيت كان في عام 665 ميلادية في سوريا والبعض قال بأن أول مئذنة ظهرت في مسجد دمشق سنة 705 ميلادية أما من الناحية الشرعية كما يدعو بعض العلماء بانها من المصالح المرسلة للمسلمين النافعة لهم والمرشدة للمساجد والصلاة . لكن أيًا ما يكن من أمر، فمن الناحية الشرعية لا تمثل المئذنة واجبًا إسلاميًا، أو ضرورة دينية، انما هي كما ذكرنا طراز معماري إسلامي ظهر في العهد الأموي أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ولها بعض الفوائد والمصالح للمسلمين , إذن فالقضية تختلف كثيرًا عن قضية الحجاب الذي تستحق ما يُبذل من جهد ومعارضة، لما يمثله الحجاب من فرضية إسلامية مهمة والتى قام بمحاربة الحجاب والنقاب ليس أهل أوربا ودول الكفر بل الذي قام بذلك أهل الإسلام وفي ديار الإسلام وفي بلد الألف مئذنة وليت الأمر على ذلك بل الذي قام بهذه الحملة المسعورة هو أكبر قطب من أقطاب هيئة لها اسمها في وسط الهيئات والإسلامية والمحافل الدولية وهذا الذي فتح الباب لإهل الكفر أن يتطاول على إسلامنا وديننا وشعارنا . أيهما أولى المسلم أم المئذنة؟: منذ ثلاثين سنة تقريبًا والإسلام ينتشر في سويسرا بطريقة مستمرة وبنسبة كبيرة، فقد بلغ عدد المسلمين حوالي 17 ألفًا في سنة 1970 ثم 56 ألفًا في سنة 1980، و152 ألفًا في سنة 1990، ويتجاوز عددهم 300 ألف مسلم طبقا للتعداد السكاني سنة 2000. وتتكون الجالية المسلمة في سويسرا من مهاجرين وفدوا إليها بحثًا عن العمل، وأول روافد هذه الهجرة كانوا من الأتراك ثم تلاهم العرب، وفي أول استطلاع رأي نشرته جريدة(Sonntagsblick ) الأسبوعية حول النظرة السويسرية للمسلمين في سويسرا يوم 28 نوفمبر 2004 نجد أن 76% من السكان السويسريين غير المسلمين لا يعتبرون المسلمين خطرا، و53% ليسوا ضد ارتداء الحجاب في ساحة العمل ويقول يوسف إبرام أحد أئمة المساجد في سويسرا: "في كل أسبوع تقريبًا هناك سويسري ينطق الشهادتين في مسجدنا، طبعًا هذا لا يتعلق بالإحصائيات التي تشمل المساجد الأخرى". وهو ما يعني أن هناك إقبالا كبيرًا على دخول الإسلام في سويسرا وهناك أيضًا تقبلا شعبيًا، ويجب أن تستغل مثل هذه البيئة للاهتمام بالدعوة داخل المجتمع السويسري والتركيز على كسب معتنقين للإسلام جدد، إن مسلمًا جديدًا يشهد أن لا إله إلا الله أولى من ألف مئذنة وأهم، لقد نجح البعض في جر المسلمين إلى قضية جديدة سعيًا منهم لإفساد البيئة التي كانت في مجملها غير مناهضة للمسلمين ولا للإسلام، وكانت كل يوم تكسب مسلمين جدد. الوقفة الهامة وهي الإعلام، خاصة ما يمكن أن يطلق عليه إعلام إسلامي، ففي الوقت الذي يصب الإعلام العلماني تركيزه على القضايا ذات البريق الإعلامي بصرف النظر عن أهميتها وقيمتها، فلم أجد فيما طالعت من مواقع إخبارية إسلامية أي تحليل رزين عن واقع المسلمين في سويسرا وما هي أهم مشكلاتهم وما هي تطلعاتهم واهتماماتهم وكيف يمكن أن يساهم العالم الإسلامي في إزالة تلك المعوقات؟، كل ما يمكن أن يقال: إن وسائلنا الإعلامية ستتباري في تناول القضية من وجهة نظر عاطفية لتولد ردود فعل عاطفية أيضًا لفترة من الوقت ثم يهدأ الأمر وينسى الجميع. قضية كهذه كما هم الأن يتناسوا قضية عظيمة وهي قضية القدس والأقصى وفلسطين المحتل منذ أكثر من ستون عام ونحن لا نحرك ساكن ولم نتفق على وقفه جاده لحل هذه القضية التى هي من أصل ديننا ومقدستنا . ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
عدد زيارات الموقع
285,925
ساحة النقاش