الأستاذ / أحمد بلتاجى ( المحامى )

البلتاجى المحامى والاستشارات القانونية و مجال التحكم

 

(المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار)


International Centre for Settlement of Investment Disputes- ICSID، إحدى هيئات البنك الدولي، الذي أنشئ وفق اتفاقية واشنطن 1966، والغرض من إنشاء هذا المركز حسب نص الفقرة الثانية من المادة
الأولى من الاتفاقية هو تسوية منازعات الاستثمار بين المستثمر والدولة المضيفة للاستثمار عن طريق التوفيق والتحكيم .

. ما يميز هذا المركز هو أن مكانة البنك الدولي بين الدول تعطي نوعا من الضمان لتنفيد التوصيات والأحكام الصادرة عن هذا المركز، كما أن المركز لا يسمح باللجوء إلى التحكيم إلا بعد فشل عملية التوفيق بين المتخاصمين، الأمر الذي يؤدي إلى إيجاد نوع من الودية والوفاق بين أطراف المعاملات الاقتصادية .

. يهدف التوفيق إلى تسوية الخلاف وديا بين الأطراف المتنازعة وذلك بالاتفاق على اختيار طرف محايد (الموفق) للقيام بالتقريب بين المتنازعين، فمهمة الموفق هنا تكمن في تقريب وجهات النظر المتباينة بغية الوصول إلى تسوية ودية، ولهذا؛ فإن ما يصدره الموفق من توصيات لا ترقى إلى مرتبة الأحكام أو القرارات الملزمة ولا تكون ملزمة للطرفين إلا بعد قبولها والتوقيع عليها.

يتسم التوفيق في المجال الاقتصادي والتجاري بعديد من المزايا التي جعلت كثيرا من الأطراف يفضلون اللجوء إليه بدلا من اللجوء إلى التحكيم، أهم هذه المزايا هو أنه يجنب طرفي النزاع إجراءات التقاضي المعقدة وتكاليفه الباهظة، فالموفق عادة ما يصل إلى تسوية في وقت قصير مقارنة بالتحكيم والقضاء، إضافة إلى ذلك؛ فإن الحل الذي يصل إليه الموفق عادة ما يكون نهائيا، وبالتالي عند قبول الأطراف المتنازعة اقتراحات التسوية التي اقترحها الموفق، يتم توقيع اتفاق التسوية بين الأطراف المعنية، ويصبح هذا الاتفاق ملزما وواجب التنفيذ، ومن ثم لا يحق لأحد الأطراف اللجوء إلى القضاء للطعن في وثيقة التسوية.

 


و القضايا المفصولة عن طريق المر كز يتبين أن هناك أربع قضايا بأطراف عربية هي المغرب
ومصر وتونس قد فصلت بعد عرضها على المركز ، أما بالنسبة للقضايا المنظورة أمام
المركز حاليًا فإن هناك سبع قضايا بأطراف عربية ما زال المركز ينظر فيها وهذه الأطراف
هي : المغرب والإمارات ومصر .

 


وفي ظل اعتقاد سائد بأن الأجهزة القضائية في الدول النامية ليست على الدرجة الكافية من
الاستقلال في مواجهة السلطة السياسية ، وفي ظل غياب المحاكم الوطنية لدى هذه الدول التي
تتوافر لها الدراية بشؤون الاستثمارفإن التحكيم الدولي بات وسيلة مقنعة ووحيدة من وجهة
نظر المستثمر الأجنبي لتسوية وفض منازعاته مع الدول المضيفة .

 


إن وضع التحكيم الدولي وتوظيفه في خدمة العلاقات الاقتصادية الدولية لا يجب أن يقتصر
فحسب على تشجيع الاستثمار الخاص الأجنبي وإنما يجب أن يتم من منظور المصلحة
المتبادلة للطرفين المستثمرالأجنبي والدولة المضيفة وهو ما يقتضي الأخذ في الاعتبار الطبيعة
الخاصة لمنازعات الاستثمار .

 

 

 

اتفاقيات الاستثمار الثنائية      BIT’s  :

إن أهم ما يميز التحكيم في المنازعات التي تنشأ بين الدولة المضيفة والمستثمر الأجنبي عن
المفهوم التقليدي للتحكيم التجاري الدولي يتمثل في أ ن الإختصاص والسند الأساسي لهذا النوع
أم الجماعية (BIT`s) من التحكيم ينشأ عن معاهدات الإستثمار المختلفة سواء الثنائية
في حين أن مصدر التحكيم التجاري الدولي هو اتفاقيات خاصة بحتة . (MIT`s)
كانت اتفاقيات قبل إتفاقية واشنطن وتأسيس مركز تسوية منازعات الإستثمار     ( ICSID )

أي لتسوية المنازعات (Horizontal) تشتمل على بنود أفقية ( BIT`s )الإستثمار الثنائية
أي لتسوية المنازعات بين المستثمر الأجنبي (Diagonal) بين الدول ، ولم تكن البنود قطرية
والدولة المضيفة موجودة إلا في عقود الإستثمار المبرمة مباشرة بين المستثمر والدولة
المضيفة ومثال على ذلك اتفاقية الاستثمار الثنائية المبرمة بين سويسرا والأردن عام
وقد حّلت محل هذه الإتفاقية بعد (Horizontal ) 1976 والتي احتوت على بند أفقي , ذلك إتفاقية جديدة بين البلدين أبرمت عام 2001 واحتوت على بند قطري Diagonal 


الدولة كطرف في منازعات الاستثمار :

 


إن أهم خصوصية من خصوصيات التحكيم في مجال منازعات الاستثمار تتمثل في وجود
الدولة أو أحد أشخاصها الاعتباريةالعامة طرفًا في هذه المنازعات مما يضفي على هذا التحكيم
طابعًا خاصًا ، هذا الطابع الخاص يستمد أساس ه في بعض الحالات من واقعة عدم توافر القدرة
لدى الشخص الاعتباري العام على الدخول طرفًا في اتفاق تحكيمي أو نظرًا الى اعتبارات
السيادة التي قد تحيط ببعض التصرفات التي يجريها هذا الشخص الاعتباري .

 


فقد شهد العالم خلال الأعوام الماضية تطورًا ملحوظًا في دور ال دولة تمثل في قيامها وكذلك
الأشخاص الاعتبارية التابعة لها بأنشطة اقتصادية كانت تقتصرمن قبل على المبادرات
الفردية أو أشخاص القانون الخاص الاعتبارية بوجه عام . وقد واكب التدخل المتعاظم للدول
في مجال المعاملات الإقتصادية الدولية انتشار الأخذ بأسلوب التحكيم كو سيلة خاصة لفض
المنازعاتالمتعلقة بأنشطة التجارة الدولية لتتلائم مع طبيعتها وتتفق مع مقتضياتها وتلبي
احتياجاتها .

 


وفي الواقع ، فإن هناك إحساسًا لدى الكثيرين بأن التحكيم لا يمثل ضمانات حقيقية للدولة
المضيفة وأنه ليس إ ّ لا وسيلة لحماية المستثمرين تضمن لهم تطب يق نظم قانونية دولية لا تأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة بالدولة أو قوانينها الداخلية ، فقبول الدول النامية للجوء للتحكيم أساسه حاجتها الملحة للحصول على رؤوس الأموال اللازمة لتحقيق خططها التنموية وليس بالضرورة عن قناعة من جانبها بملائمة التحكيم لفض منازعات الاستثمار .

 


من خلال العرض لموضوع هذه المطالعة يصعب علينا الخوض في مشكلة تكييف قدرة
أشخاص القانون العام الاعتبارية على الدخول طرفًا في اتفاق تحكيمي وما قد يترتب على ذلك
من اعتبار لجوء الدول للتحكيم تناز ً لا ضمنيًا عن الحصانة القضائية .ما يهمنا في هذا الصدد
التأكيد على أن وجود الدولة أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة طرفًا في التحكيم في
منازعات الاستثمار يضفي على هذا النوع من التحكيم طابعًا خاصًا يستلزم المعالجة المتأنية
حتى لا يفقد التحكيم فاعليته في هذا المجال وتنهار إحدى الضمانات الهامة التي يعّول عليها
المستثمر فتدفعه إما إلى الإحجام عن الاستثمار أو طلب نقل عبء مخاطر هذا الاستثمار إلى
إحدى وكالات أو مؤسسات الضمان المتخصصة كالوكالة العربية لضمان الاستثمار أو غيرها
لذا فقد كان طبيعيًا اعتبار النصوص القانونية المانعة للأشخاص الاعتبارية العامة من اللجوء
للتحك يم غير مبررة وتسير ضد التيار . وتجدر الاشارة هنا إلى أن مفهوم الحصانة القضائية
التي أرست دعائمها مبادىء القانون الدولي العام أصبح مح ً لا للجدل عند الحديث عن
منازعات الإستثمار خاصة أن الاتجاه الفقهي والقضائي والذي تبنته العديد من أحكام التحكيم
يرى في اتفاقات التحكيم التي تبرمها الدول في احدى هذه المجالات تناز ً لا عن هذه الحصانة
القضائية .

 


من أجل استقرار المعاملات فإنه يجب على الدولة المضيفة أن تفي بما قطعته على نفسها من
التزامات وما وعدت به المستثمر من ضمانات ، فالمسألة لا تتعلق باستدراج المستثمر
للإستثمار وإنما يجب أن ينصب اهتمام الدول على توفير الثقة لدى هذا المستثمر ، فما الذي
يضير الدولة من اللجوء الى التحكيم اذا كانت حقوقها واضحة وحجج خصم ها داحضة، أما
اذا كانت غاية الدولة الإلتفاف حول تعهداتها فقد تكسب دعواها ا ّ لا أن مردود مواقفها تلك
على مناخ الاستثماريجعلها هي الخاسرة في النهاية وفاقدة لمصداقيتها .
إن روابط الاستثمار بطبيعتها ذات آجال طويلة ، كما أنها ذات صلة وثيقة بكيان الدولة
المضيفة سواء بطريق مباشر ، عندما يتعلق الأمر باستغلال الثروات الطبيعية للبلاد أو
بطريق غير مباشر ، من ناحية تأثيرها في خطط التنمية الاقتصادية للبلاد ، مما جعل للدولة
كطرف في هذه الروابط امتيازات وصلاحيات تضفي على المنازعات التي تثور بمناسبة
استخدامها طابعًا خاصًا .

 


لذا كان من الطبيعي أن تدور منازعات الاستثمار حول ت ّ غير الظروف السياسية والاجتماعية
والاقتصادية التي صاحبت نشأة عقد الاستثمار مما قد يدعو الى ضرورة مراجعة أو إعادة
التفاوض بشأن إلتزامات أطرافه ، وقد تدفع مثل هذه المتغيرات بالدولة الى اتخاذ بعض
الاجراءات أو اللجوء لبعض الأعمال النابعة من سلطاتها السيادية .

 


إن التوازن الاقتصادي يعد من العناصر الهامة في العقود ب صفة عامة وخصوصًا في مجال
الاستثمارهذا التوازن الاقتصادي يتأثر بلا شك بفعل الت ّ غير في الظروف التي عاصرت إبرام
العقد ، تلك الظروف قد تعرض هذا التوازن للإنهيار التام كما في حالات القوة القاهرة ، وقد
تصيب هذا التوازن بالخلل مما يدعو الأطراف الى مراجعة العقد وإعادة التفاوض بشأن
شروطه ، ولهذا فقد جرى العمل على إدراج شرط القوة القاهرة في عقود الاستثمار . إلا أن
ذلك لم يحل دون حدوث كثير من المنازعات الناتجة عن اعمال هذا الشرط والتي أكدت في
الوقت نفسه على أن التحكيم هو الوسيلة المثلى لفض منازعات الإستثمار بصفة عامة.

 


القوة القاهرة كسبب من أسباب منازعات الاستثمار

 


إن المنازعات التي تدور حول حالة القوة القاهرة يغلب عليها الطابع الفني ومن ثم فإن الفصل
فيها يحتاج إلى آلية خاصة يتوافر للقائمين عليها الخبرة والدراية العلمية الكافية . هنا تب رز
أهمية التحكيم لفض مثل هذه المنازعات وذلك لأن الأطراف لا يودون في الغالب إنهاء
رابطتهم العقدية بسبب هذا الحدث الذي أوجد حالة من القوة القاهرة ، وإنما قد يجدون من
المناسب أكثر من ذلك أن يعيدوا النظر في هذه الرابطة لتصبح أكثر توافقًا مع الظروف
الجديدة ولين طلق تعاونهم من جديد على أساسها في مثل هذا المناخ الذي لا يتسم بالّندية التي
تسود الخصومات عادً ة ، وذلك على عكس القواعد العامة المستقرة في معظم الأنظمة القانونية
حيث قد يفضل الأطراف انهاء الروابط فيما بينهم .

 


في الواقع إن الغرض من إدراج شرط القوة القاهرة في مجال العقود بصفة عامة هو تحديد
المقصود بها ، وذلك إما بالإحالة في مثل هذا الصدد لنظام قانوني معين وغالبًا ما يكون
القانون الواجب التطبيق على العقد نفسه ، أو إجراء تحديد حصري يتضمن بيانًا جامعًا
بالأحداث التي تندرج تحت هذا المصطلح ، وهنا تكون لعقود الاست ثمار خصوصيتها لارتباط
هذه الأحداث عادة بالحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية أو لصلتها بطبيعة النشاط
الإقتصادي نفسه .

 


إذا كانت القواعد العامة تقضي بأن القوة القاهرة من شأنها انقضاء الالتزام وعدم تحمل المدين
تبعة عدم تنفيذه خصوصًا في العقود ذات الإلتزا مات المتقابلة ، فإن الأمر يختلف في عقود
الاستثمار حيث أن هناك حرص على مواجهة الأحداث المستقبلية عند وقوعها لضمان
استمرار هذه العلاقة الاستثمارية بين الأطراف المعنية .

 


كما سبق أن أوضحت ، فإنه لا شك أن مهمة الفصل في المنازعات التي تدور حول تحقق
شرط القوة ال قاهرة والنتائج المترتبة على ثبوته ، هي مهمة فنية في المقام الأول . فالمنازعة
قد تتعلق بتنفيذ غير مطابق للمواصفات في ظل القوة القاهرة التي حالت دون التنفيذ الأمثل
المتفق عليه في العقد ، وقد تتعلق المنازعة بتحديد درجة الخطر الذي لحق بالمتعاقد الآخر
وما اذا ك ان مبررًا كافيًا لايقاف العقد أو أنه قد وصل الى درجة يتعين معها إنهاؤه ،
كما قد تدور المنازعة حول اقرار مبدأ التعويض ، إن كان له محل طبقًا لشروط العقد ومداه .
هذه المسائل ذات الطبيعة الفنية تضاعف من صعوبة المهام الملقاة على عاتق هيئات التحكيم ،
فحتى ع لى فرض تعيين هذه الهيئات التحكيمية لخبراء على مستوى عالٍ من التخصص في
هذا المجال فإن مرور الوقت بين وقوع أحداث القوة القاهرة واحالة النزاع للتحكيم ثم
تعيين خبراء يجعل من المتعذر الوصول الى نتائج تتفق وظروف النزاع خاص ً ة اذا ما أخذنا
بعين الإعتبار من أن ال لجوء للتحكيم غالبًا ما لا يحدث ا ّ لا بعد مناقشات ومفاوضات بين
أطرافه محاولة للوصول الى تسوية سلمية للنزاع .

 


بشكل عام فإنه في حالة غياب شرط صريح خاص بالقوة القاهرة يحدد نتائجها، أو في حالة
عدم وجود اتفاق أص ً لا بين الأطراف حول ه ذه النتائج فإن تحديد أثر هذه القوة القاهرة على
استمرارية العقد يدخل في الاختصاص الأص يل لهيئة التحكيم فتختص هذه الهيئة بإعادة
ضبط العلاقة القانونية بين أطرافها وإعادة التوازن للعقد مرة ثانية .

 


محاذير الشركات الأجنبية المستثمرة

 


إن معظم النزاعات التي تقوم بين حك ومات الدول المضيفة ، والنامية منها بصفة خاصة ،
والشركات الأجنبية ، مبعثها تمسّك هذه الحكومات بضرورة ت وفر المزيد من المرونة في
النظام العقدي الذي يربطهما حتى يتسنى له استيعاب المتغيرات الجذرية في الظروف السياسية
أو الإقتصادية أو الإجتماعية للبلاد في حين أن الشركات تتمسك عادة باستقرار هذه العلاقات
العقدية واستمرارها دونما تعديل أو تبديل في نصوصها .

 


فهذه الشركات تحرص قبل دخولها في اتفاقات ذات آجال طويلة كعقود الامتياز والمشروعات
المشتركة وعقود الخدمات ، أن تجري دراسات مستفي ضة تتعلق بالتخطيط المالي Cash .

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 94 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2019 بواسطة ahmedbiltgy

ساحة النقاش

ahmedbiltgy
01116631321 /01007779464 /01223844307 /فاكس 033091922 /033088699 »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

105,881