منذ  ليلة الجمعة التي احتفلنا فيها برحيل مبارك إيذانا ببدء نجاحات الثورة  ؛ سمعنا الكثير من مطالبات المساءلة و المحاكمة  ؛ بل و تقديم أي معلومات تساعد في إدانة جهة أو شخص أو تورطه في فساد .. كنت أتابع عن كثب الأخبار و الحوارات بفارغ صبر لأتسمع نبأ من هنا أو خبر من هناك عن محاكمة فاسد أو مفسد للتعليم المصري ؛ عن مساءلة مسئول  وحيد في هذه الوزارة العصماء التي يبدو أنها لا تشوبها شائبة أو أنها  تحيطها الكثير من وسائل الحماية و التعمية ؛ أو أنها بعيدة كل البعد من وجهة نظر العامة و الخاصة عن الفساد اللاحق بنا منذ سنين و الذي يستشري في أوصالنا منذ ولدنا و حتى هذا الحين !

لا أدري أنحتاج لأن نبرهن على فساد تعليم ساد و طغى  لمدة لا تقل أبدا عن ثلاثين عام ؟؟

أنحتاج لأن نبرهن على تسبب فساد هذا الملف الأساسي في فساد و إفساد غيره من الملفات ؟

أنحتاج أن نبرهن أنه فرض العين و الكفاية أن نطهر الوزارة المنوط بها التعليم و التربية قبل غيرها – ربما – من الوزارات ؟

و لا أدري أين أصوات المتخصصين و الباحثين الشرفاء .. ألم يلحظوا أي فساد أو يشموا رائحته الكريهة طيلة سنوات طوال عجاف لم نر فيها أي تربية أو تعليم أو ثمرة لهذه الوزارة التي يفترض فيها أنها تؤهل لثمار بقية الوزارات ؟

أين أصوات الشرفاء الذين أعلم تمام العلم تعرضهم للعديد من المشكلات  حال محاولة أحدهم برفع صوت و لو خفيض برفض لظلم أو مفسدة ؟؟ ..

لا أدري أين هم و هو أقدر الناس على فتح ملفات الفساد المذهلة التي كانوا يستنشقون تفاصيلها ليل نهار في مكاتبهم أو بين دفاتر أبحاثهم أو حتى في مضاجعهم حين يستدعون لحياكة سبب مفصل تفصيلا لتأييد صحة قرار - طبعا بعد القرار - ؟!

و إن لم تعلو أصواتهم فلنا الله ؛ و علينا نحن الشعب أن تعلو و تعلو أصواتنا بما نعايشه و لا تخطئه العيون أو العقول أو القلوب ؛ و إليكم قائمة ملاحظاتي البسيطة جدا و التي أتمنى أن أعرف لها ردا أو أتلقى لها سببا أو أسمع بناء عليها محاكمة أو استبعادا أو حتى مساءلة التي تشعرني  و لو مرة واحدة  أن عقول الناس محل اعتبار و لو بسييييييييييييييط ...

فكروا معي في هذه التفصيلات الصغيرة :

هل تريدون أن تقولوا أن مافيا الدروس الخصوصية لم تكن فسادا ؟

هل الإنفاق المذهل على ما سمي بمحو الأمية لسنوات و سنوات تزداد فيها الأمية بين أميين بل و" المتعلمين " على حد سواء يكن فسادا ؟

هل تخريج دفعات و دفعات من كليات التربية دون تربية و قدرة على التربية لم يكن فسادا ؟

هل تعاملات بعض أستاذة كليات التربية مع الطلاب بكل ما هو بعيد تماما عن رائحة التربية لم يكن فسادا و إفسادا ؟

هل لجوء طلاب الجامعة لشراء الكتاب من الأستاذ الفلاني أو الدكتور العلاني و إلا ااااااااا .. لم تكن فسادا ؟

هل تعليم الطب تعليما نظريا سماعيا  في كليات الطب ؛ واستبدال قاعات الدرس بقاعات مراكز الدروس الخصوصية أمام الكلية ليست فسادا ؟

هل تقاعص أعداد غير قليلة من المعلمين عن القيام بدورهم في التعليم و الشرح و التوضيح دون أي قدر من المساءلة  لم يكن منتهى الفساد ؟

هل تكدس أطنان من الدراسات و الأبحاث على رفوف كليات التربية دون أن يمضي منها حرفا واحدا ليصبح نورا  ينير ظلام المدارس و ممارساتها  .. لم يكن فسادا ؟

هل حالات الغش الجماعي لم تكن فسادا ؟

هل حالات استبعاد الأسرة تماما من كل سلطة و لو " صورية " في المدارس لم تكن فسادا ؟

هل تغيير المناهج مرات و مرات دون جدوى ؛ بل دون فهم لسبب التغيير أو معاقبة واضع المنهج الأول الذي ثبت خلله لم يكن فسادا ؟

هل تقلص عدد أيام الدراسة لم يكن فسادا ؟

هل تدني المستوى العام للكثير من أبنائنا في أغلب المواد الدراسية لم يكن فسادا ؟

هل حالات الانفلات العام الأخلاقي و الأكاديمي و التربوي في المدارس لم تكن فسادا  ؟؟

هل حالات المدارس الخاصة و اللغات العديدة التي تمص دماء آباء يحلمون ببعض المستقبل لأبنائهم دون أن يحصدوا إلا خسارا .. لم تكن فسادا ؟

هل تدني الأداء العام في مدارس الدولة ؛ و المدارس الخاصة و المدارس القومية ؛ و المدارس التجريبية و المدارس الدولية ليس فسادا ؟؟

هل الزيادة المبهمة في مصروفات مدارس لا تدرس و لا تعلم و لا تربي – بشكل مجنون مستعر دون أي زيادة و لو شكلية في الأداء لم تكن فسادا ؟

هل طباعة كم لا أعلم عدده من كتب الوزارة التي لا يفتحها الطلاب مطلقا طيلة العام و تراها آخره في صناديق القامة لم تكن فسادا ؟

أطالب كل صاحب ضمير يعلم الحق و يعلم أن السكوت عن هذا الحق جريمة يسأل الله عنها في الآخره ؛ كما  يسأل الشعب عنها  في الدنيا – أطالبه بأن يتقدم بما يعرف و بما في يديه من خيوط تعقب الفساد ..

شاركونا بما تعلمون و قد لا نعلمه ؛ شاركونا بما نعلمه و لا نعلم براهين له .. شاركونا فأنت صوت هام لهذا الشعب فهل تقومون بواجبكم الآن ؛ و قبل أن نندم جميعا بعد فوات الأوان ؟؟؟