القيادة المبدئية

قسم: القيادة, مقالات تنموية
أضيف بتاريخ: 24 أغسطس 2013 - 398 زيارة


نظربات القيادة

القيادة المبدئية Leadership Theories – Principled Leadership

“أيها الناس: قد وليت أمركم ولست بخيركم، وإنّ أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ بحقّه، وإنّ أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق…” .
بهذه الكلمات صدر خليفة رسول الله ابى بكر الصديق خطابه لامة الاسلام

نظرية القيادة المرتكزة على المبادئ،” القيادة التفاعلية التحويلية “أو القيادة المركزية المبادئ (Principle centered leadership theory).
انّ القيادة التحويلية هي تلك القيادة التي يرفع فيها كل من القائد والأتباع بعضهم بعضاً إلى مستويات أعلى من الأخلاق والتحفيز، ويفترض في الأتباع أن يتجاوزوا الاهتمام بالمصالح الشخصية إلى الاهتمام بمصالح المجموعة، وأن يفكروا بالأهداف البعيدة، وأن يكون لديهم وعي بالأمور المهمة.
ووفقاً لبينيس (1992) فإنّ القادة الفعّالين يقومون بثلاث وظائف، وهي التوفيق والابتكار والتمكين.
إنّ القادة يغيرون المؤسسات بالتوفيق بين الناس والمصادر الأخرى، وابتكار ثقافة مؤسساتية تعزز التعبير الحر عن الأفكار، وبتمكين الآخرين من المساهمة في المؤسسة.
ويفرق بينيس بين الإدارة والقيادة بقوله:”القادة هم الناس الذين يفعلون الأمور الصحيحة، والمديرون هم الذين يفعلون الأمور بشكل صحيح”.
إنّ القائد المبدئي يعمل لتحقيق العدالة والرفق والكفاءة والفاعلية، وهو يتعامل مع الأتباع بكليتهم ككائنات روحية، وهو يعمق الإحساس بالمعاني والمقاصد السامية وراء العمل، ويعتقد بوجود طاقات كامنة إبداعية في الأفراد، ويجمع بين أهداف المؤسسة وأهداف الأفراد .
ومن أهم سمات القادة المرتكزين على المبادئ:
1.    الاتزان في الحياة:
يحرص القادة المبدئيون عادة على مطالعة الصحف والمجلات، وأفضل ما تصدره دور النشر من كتابات ومطبوعات، كما أنهم يتابعون بشغف الأحداث الجارية والقضايا العامة والعالمية، وهم كذلك يتميزون بعلاقاتهم الاجتماعية الواسعة، حيث يحظون بصداقات واسعة، لكنهم لا يضعون ثقتهم إلا في شخصيات محدودة.
إنهم يتمتعون بفكر متدفق، واهتمامات واسعة، وهم يقرؤون بوعي، ويراقبون بحرص، ويتعلمون مما يشاهدون، وهم -في الوقت ذاته- أناس رياضيون، لكنهم يمارسون الرياضة في الحدود التي تسمح لهم بها ظروفهم الصحية والعمرية، وهم يعرفون كيف يستمتعون بحياتهم؟ فهم –عموماً- أناس سعداء، يتمتعون بروح الدعابة خاصة وأنهم يضحكون في أنفسهم دون أن يسخروا من الآخرين، وتستطيع أن تلحظ فيهم أنهم صادقون تماماً مع أنفسهم، وأنهم يحترمونها ويترفعون بها عما ينقص قدرها.
ولا يغالي القادة في تقدير الأمور، ولا يرون الأشياء باللونين الأبيض والأسود فقط، فلا يوجد خير مطلق وشر مطلق، بل ينظرون إلى من حولهم على أنهم متدرجون في الخير والشر، ويفكرون في الأمور حسب أولوياتها، الأهم ثم المهم. ويتمتع هؤلاء بالقدرة على التمييز بين الأمور، وتحديد الفروق وأوجه التشابه بين المواقف والأشياء، وهذا لا يعني أنهم يتعاملون في كل موقف بمبادئ وأخلاقيات متباينة.
2.    ينظرون للحياة كمغامرة:
يعيش القادة المرتكزون على المبادئ كل لحظة من حياتهم ويستمتعون بها، إنّ إحساسهم بالاستقرار والأمان إنّما ينبع من داخلهم ولا يعتمد على أي مؤثر خارجي، فهم قادرون على التثبت من كل خطوة يقدمون عليها، والتنبؤ بما يمكن أن يحدث دون الحاجة إلى السير على درب السابقين وتقليدهم. إنهم ينظرون إلى ما حولهم نظرة متجددة بعيدة عن التقليد الباعث على السأم والضجر، ومثلهم في ذلك مثل المغامرين الشجعان، يخرجون في حملات لاستكشاف الأقاليم البعيدة التي لم تطأها قدم إنسان، رغم أنهم لا يدركون حقيقة ما قد ينتهي إليه أمرهم، إلا أنهم واثقون تمام الثقة أن الرحلة ستعود عليهم بالمتعة والإثارة والمعرفة التي ينشدونها، وأنهم بمغامراتهم تلك سيقدمون إلى البشرية إسهامات جديدة تضاف إلى رصيد خبراتهم، ويأتي شعورهم بالأمان والاستقرار من قدرتهم على المبادرة وسعة حيلتهم وقدرتهم على الإبداع، وقوة إرادتهم وشجاعتهم، وقوة تحمّلهم وذكائهم الفطري، وليس على حالة الأمن والحماية وسعة العيش التي يرفلون فيها.
ويعينهم منظورهم المتجدد لما هو لهم على إعادة اكتشاف نواح جديدة كانت غائبة عنهم في شخصيات من حولهم، وهم عندما يتعاملون معهم يبدون اهتماماً بهم، ويحاولون فهم شخصياتهم، ويطرحون عليهم الأسئلة التي تمكنهم من الغوص في شخصياتهم، وعندما يصغون إليهم يصغون بوعي تام وذهن حاضر، وهم يتعلمون منهم ويستفيدون من خبراتهم، لكنهم لا يصدرون عليهم أحكاماً تركن إلى تجارب سابقة سواءاً أكانت ناجحة أم فاشلة، فالإنسان دائماً في صراع مع الحياة، قد يصادفه الفوز في جولة ثم يجد الخسارة تنتظره في أخرى، ولا يوجد من هو أكبر من الحياة.
3.    التكاتف:
التكاتف هو الحالة التي يكون فيها الكل أكبر من مجموع الأجزاء، والقادة المرتكزون على المبادئ يتسمون بتلك الميزة – التكاتف- وهم عناصر باحثة عن التغيير، ما يستقرون في موقع ولا ينغمسون في موقف حتى يطوروه نحو الأفضل، ويتسم أداؤهم في العمل بالذكاء وحسن التصرف والجدية، وهم أناس يثيرون الدهشة فيمن حولهم بشخصيتهم البناءة والمثمرة والمنتجة، والتي تنتهج دائماً طرقاً وأساليب جديدة ومبتكرة.
فعندما ننظر إلى الجهود الجماعية التي يبذلها فريق عمل من أجل إنجاز مهمة تسند إليه كفريق واحد، تجدهم يبنون ويعلون بالبناء معتمدين على طاقاتهم وقدراتهم الجماعية، وتجدهم يبذلون قصارى جهدهم في تغطية نقاط الضعف التي قد تظهر في بعض أعضاء الفريق كي يظهر العمل ككل في أتم صورة. في مثل تلك الأحوال تجد أن عملاً كهذا لا يكتمل إلا بإتمام الآخر عمله، بالتالي يكون هناك نوع من تفويض الآخر للانتهاء من الجزء المسند إليه، هذا التفويض يأتي بصورة طبيعية مسلسلة، لأن كلاً منهم يؤمن بكفاءة الآخر ومقدرته على إنجاز مهمته على خير وجه، وهم لا يعنون بمراقبة أداء الآخرين في إنجاز مهامهم، لأن تفوّق الآخرين في عملهم وظهورهم في صورة أفضل منهم مسألة لا تؤرقهم أبداً.
وعندما يتناقش القادة المرتكزون على المبادئ مع الآخرين ويشاركونهم في تناول بعض المواقف المثيرة للجدل والخلاف – فإنّهم يعرفون كيف يفصلون بين المسائل الشخصية والمشكلة التي يتناولونها- فهم لا يعنيهم سوى اهتمامات الآخرين والقضايا التي تشغلهم، ولا يلتفتون إلى الصراع مع الآخرين حول المواقف التي يتبنونها، وتدريجياً يكتشف الآخرون صدق هؤلاء وإخلاصهم، وسرعان ما يصبحون جزءاً من عملية إبداعية رامية إلى إيجاد حل للمشكلة المتناولة، وهكذا يتوصلون جميعاً إلى حلول مشتركة أتت كثمار للجهود المتكاتفة التي بذلها جميع الأطراف، والتي تفوق كثيرا سائر الاقتراحات الأخرى المبدئية التي تقدم بها أعضاء الفريق، كل بصورة فردية، وذلك أن تلك الحلول جاءت لتراعي مصالح جميع الأطراف، بعد أن قدم كل طرف بعض التنازلات في سبيل حصوله على جزء من الفائدة المشتركة التي تعمّ على الجميع.
4.    إنهم ينشدون تجديد طاقاتهم من خلال التروّيض والتدريب:
وأخيراً، فإنهم يروّضون أنفسهم من خلال إجراء تدريبات ذاتية على المستويات الأربعة للشخصية الإنسانية، وهي المستوى البدني والعقلي والعاطفي والروحي. فهم يخضعون لبرامج تدريبية رياضية متزنة ومعتدلة ومستمرة، تهدف إلى تقوية عضلات القلب والأطراف وتنشيط الرئتين. هذا التدريب يرفع درجة تحملهم- حيث يرفع من قدراتهم البدنية الذهنية بتنشيط وصول الدم محملاً بالأكسجين إلى المخ وأطراف الجسم- إضافة إلى فوائد أخرى عديدة بدنية وذهنية تعود على ممارس الرياضة البدنية، كذلك من المفيد القيام بتمارين الإطالة التي تمنح الجسم المرونة، وتمارين التحمّل التي تزيد من القوة البدنية.
كما أنهم يقومون بتدريب عقولهم من خلال القراءة والكتابة والقدرة على التخيّل، وإيجاد حلول مبتكرة للمشاكل والصعاب التي تواجههم، كما يدربون عواطفهم ومشاعرهم من خلال بذل مجهود في سبيل اكتساب صفات الصبر والتجلّد والإصغاء إلى مشاكل الآخرين، والتعاطف معها تعاطفاً صادقاً، وإظهار الحب الخالص للآخرين المنزّه عن الغرض، وتحمّل مسؤولية أنفسهم ومسؤولية قراراتهم وردود أفعالهم، ويتدربون على الجانب الروحي من خلال الإخلاص في صلاتهم ودعائهم، ودراسة الكتب الدينية، ولاسيما الكتب السماوية والتأمل في الكون وما حوله، والصوم التطوعي.
إنني على يقين أنه ما من أحد يقضي ساعة من ساعات يومه في ترويض نفسه على تلك الرياضات الذهنية والبدنية والشعورية والروحية، إلا وأثمر ذلك عن تجويد أدائه في كل ساعة من ساعات يومه، وزاد من إنتاجه فيها ورضائه عن نفسه وعن أدائه، بل وأثمر في استمتاعه بساعات نوم عميق خال من القلق والتوتر.
وفي الختام، فإنّ القيادة المرتكزة على المبادئ تركز أولاً وأخيراً على التنمية المستدامة للأتباع، والخلاصة في القول المأثور والذي ابتدأ الدكتور ستيفن كوفي به كتابه القيادة المرتكزة على المبادئ (1990):
“ Give a man a fish, and you feed him for a day. Teach him how to fish, and you feed him for a lifetime” .
“إذا قدمت إلى شخص سمكة، فقد تطعمه ليوم واحد، أما إن علمته الصيد فسوف تطعمه طوال عمره” .
إنّ تقييم المرء لنفسه وإخضاعها لتحقيق أهداف عليا ومبادئ هو جوهر الإنسانية، وهو أساس القيادة الفعّالة.

Dr. Alaa Alazmeh

دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي

القيادة الإلهامية

تحميل كتاب القيادة المرتكزة على المبادىء

abdoucom

الكاتب الاجتماعي والاديب والشاعر : نزار عبد الرزاق .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 209 مشاهدة
نشرت فى 24 أكتوبر 2014 بواسطة abdoucom

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

68,495