كان بيبرس الجاشنكير أحد مماليك المنصور قلاون اشتراه صغيرا ورفعه إلى مرتبة الأمراء وجعله جاشنكيرا - أمينا على سلامة الطعام قبل تقديمه للملك - ثم صار فيما بعد استادارا - ناظر الخاصة - فى أيام الناصر محمد بن قلاون وظل كذلك إلى أن ولى الملك بعد خلع الناصر محمد سنة 708 هجرية = 1309م وتلقب بالملك المظفر ولم يدم ملكه طويلا حيث قتل فى سنة 709 هجرية = 1310م. يكون المسجد جزء من الخانقاه التى شرع بيبرس فى إنشائها سنة 706 هجرية = 1306/ 7م قبل أن يلى الملك وأتمها فى سنة 709 هجرية = 1309 /10م وبنى بجانبها رباطا كبيرا يتوصل إليه من داخلها وألحق بها قبة أعد فيها قبرا له وقد قام الخانقاه على جزء من أرض دار الوزارة الكبرى التى أنشأها الوزير الفاطمى الأفضل شاهنشاه. ويؤدى المدخل الواقع على شارع الجمالية إلى ردهة على يسار الداخل إليها بابان يؤدى أحدهما إلى طرقة توصل إلى القبة ويؤدى الثانى إلى ممر يوصل إلى صحن المسجد المكشوف الذى يشرف عليه إيوانان متقابلان أكبرهما إيوان القبلة الذى تغطيه قبوات معقودة ويحف به من الجانبين منوارن مكشوفان للتهوية. ويغطى الإيوان الآخر قبو بنهايتة الغربية منور للتهوية كذلك أما الجانبان الآخران من الصحن فيشغلهما خلاو وأبنية مرتفعة تطل نوافذها على الصحن ويتوسط كل منهما مصلى. أما القبة فقد فرشت أرضيتها بالرخام الأبيض والأسود كما غشيت جدرانها بوزرة من الرخام الملون يعلوها طراز خشبى محفور به آيات قرآنية ، وبالقبة محراب شاهق يحاكى فى حجمه محراب قبة قلاون إلا أنه أقل منه شأنا، ويتخلل الوزرة الرخام دواليب حائطية يفتح بعضها على ممر مسحور فى جدار القبة للإضاءة والتهوية. وبأركان القبة مقرنصات من أربع حطات بينها أربع مجموعات من الشبابيك الجصية المفرغة المحلاه بالزجاج الملون والقبة مفتوحة من الجهة الغربية على إيوان مسقوف بوسطه شخشيخة ويفصله عنها
حاجز من الخشب الخرط كتب بأعلى بابه اسم المنشئ وتاريخ الفراغ من بناء الخانقاه سنة 709 هجرية ، ومع أنه قد عنى بزخرفة القبة من الداخل فإنها قد تركت من الخارج بسيطة خالية من كل زخرف محاكية فى ذلك قبة الصالح نجم الدين. وتشمل الوجهة على المدخل ووجهة القبة أما المدخل فيغطيه عقد نصف دائرى صنجه على شكل كعوب كتب متراصة بداخله الباب المفتوح فى صفة مكسوة جدرانها بالرخام الأبيض وتغطيها طاقية بركنيها مقرنصات مكونه من خمس حطات ويكتنف الباب محاريب يعلوها طراز مكتوب عليه آيات قرآنية. وللباب مصراعان مكسوان بصفائح من النحاس على هيئة أشكال هندسية بداخلها حشوات محفورة ومفرغة بزخارف جميلة بأعلاها وبأسفلها طراز مكتوب عليه اسم المنشئ أما ظهر الباب فمقسم إلى حشوات مزدانة بزخارف جميلة محفورة فى الخشب. والجزء البارز من الواجهة يكون وجهة القبة وهى مقسمة إلى صفة كبيرة فى الوسط تنتهى بأربع حطات من المقرنص وبأسفلها شباك كبير من النحاس حل محل الشباك الذى يقال إنه نقل إلى مصر من دار الخلافة العباسية ببغداد فى زمن الفاطميين ، وعلى يمين ويسار هذه الصفة صفتان أقل منها اتساعا. ويمتد بطول الواجهة جميعها طراز من الكتابة المحفورة فى الحجر بها آيات قرآنية واسم المنشئ دون لفظ الملك الذى محى بامر الناصر محمد بعد عودته إلى ملكه وقتل بيبرس هذا ويتوج الواجهة شرفات مسننة. وتقوم المنارة أعلى المدخل وهى على طراز المآذن التى بنيت فى أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الهجرى والتى كانت تسمى بالمباخر ، الطبقة الأولى منها مربعة وتنتهى بمقرنصات متعددة الحطات تكون دورة المنارة والطبقة الثانية أسطوانية تنتهى بكرنيش من المقرنص كذلك ، والطبقة الثالثة أسطوانية أيضا تغطيها قبة مضلعة كانت مكسوة بالقاشانى الذى كشف عن جزء منه أخيرا وتعتبر أول مثل لكسوة قمم المنارات بالقاشانى
أعداد وصياغة د. زينب نصر الدين حسين
ساحة النقاش