التعاضد الاجتماعي

منى رفيق بولس 

لبنان

 

قد يكونُ الزّمنُ العالميّ حاليّا، ببشاعته، الفرصة المؤاتية لعيش قيمة التّضامن الإنسانيّ/الاجتماعيّ بمداها الواسع. الحروب المتنقّلة، والنّزوح والتّشرّد تعمل جميعها على خلق ضائقة اجتماعيّة لا مثيل لها تهدّد بالانفجار الكبير.

ونحن في شرقنا المنهك، المشلّع، الرّازح تحت جبال من التشرذم والحروب الدّاخلية، بأياد محلّيّة وكونيّة، نعيش أسوأ مراحل تاريخنا. 

منذ عقود والأوجاع تنهشنا، من اقتتال إلى دمار فهجرة واسعة، والظّروف المعيشيّة تزداد سوءا يومًا بعدَ يوم. البيوت تعاني من شحّ كبير في المدخول أرخى ذيوله على المستوى المعيشيّ والصّحّيّ والتّربويّ. المدارس تعاني وهجرة الأدمغة تهدّد بقاءها على قيد الحياة. المستشفيات تعاني من هجرة الأطباء والممرّضين، ومستوى الخدمات فيها يتراجع، الأدويّة إمّا منقطعة أو غالية الثمن بشكل كبير، والمرضى يعيشون أسوأ معاناة في غياب الأمل. المشاكل العائليّة تكبر لأسباب تافهة حينا، وجوهريّة غالبًا، والتّفكّك الأسريّ يستعجل المسير. الأجيال الصّاعدة في ضياع كبير، واللّجوء إلى المخدّرات والموبقات سبيل للإفلات من مواجهة الواقع. 

أيُّ دمارٍ إنسانيٍّ هذا؟!

وأين التّضامن في الشّدّة؟!

هي فرصتنا السّانحة لنعيد بناء سلّمنا القيميّ، على المستوى الفرديّ والاجتماعيّ والعالميّ. 

كفى حروبًا وحقدًا وتسلّطًا أيّها المتسلّطون.

كفى دمارًا وتقتيلًا وتهجيرًا للشّعوب.

كفى إنفاقًا على الأسلحة بجميع أشكالها.

حوّلوا الجهود والأموال لخدمة الإنسان في عيشه وعلمه وطبابته وصحتّه الجسديّة والنّفسيّة. وزّعوا خيرات الأرض بعدالة على الشّعوب لتحيا بأمان. إزرعوا الطمأنينة في النّفوس لتنتج وتبدع. تقاسموا الرّغيف مع المحتاج، والدّواء مع المريض، والمعرفة مع من يحتاجها. عمّموا الإنسانيّة، أعيدوا السّعادة والهناء إلى النّاس، احترموا الحياة، وحده من أعطاها يحقّ له باستردادها ساعة يشاء، لا ساعة تشاؤون. أعيدوا بناء أخلاقكم في ضوء القيم السّامية، وإلّا خسرنا كلّ شيء، وضاع منّا كلّ ما هو لنا.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 499 مشاهدة
نشرت فى 14 سبتمبر 2023 بواسطة Zainkamel

عدد زيارات الموقع

42,296