لليوم ما زالت الثورة المصرية متوهجة وتحقق ما تريد ولو بصعوبة نوعا ما مقلقه حيث يحاول المجلس العسكري الحاكم الفعلي أن يوازن بين ما يريد وما يراد.

هو يريد المحافظة على وحدة الجيش وتلاحمه مع الشعب وهو يعرف أن الجيش اليوم أصبح مسيس حيث عاد كل منتسب له إلى انتماءه السياسي الذي جاهد كثيراً في إخفاءه أو دخلت السياسة إلى الجيش خلال هذه الفترة الممتدة من 25 يناير 2011 إلى اليوم حيث سقط الخوف من الانتساب أو الانتماء السياسي ولو عند الأشخاص مع أنفسهم وبدأ الكثير منهم ينحاز إلى ما كان يريد أو ينتمي من أفكار وتنظيمات ولو بشكل غير رسمي أو انتساب فعلي، ويريد المجلس العسكري وحدة الوطن والشعب وحماية الأمن القومي والوطني وهو على يقين أنهما اخترقا بشكل هائل خلال هذه الفترة بعد تفسخ المنظومة الأمنية المصرية من مخابرات ومباحث أمن الدولة وحتى البوليس وتم العبث بكل أرشيف وممتلكات تلك الأجهزة من كنوز المعلومات أو السيناريوهات، وأصبح ما كان مخفي وبحكم الخطوط الحمراء متاح لكل من يدفع أو يتسلل أو يتمكن من الحصول على أصول تلك المعلومات أو فروعها أو صورها المستنسخة.
يريد الجيش أو المجلس العسكري تجاوز هذا الانهيار البنيوي المعلوماتي والتنظيمي الذي وصل فيه الأمر ربما إلى عدم تنفيذ الأوامر أو التميع في تنفيذها.

يريد المجلس العسكري الاستمرار بالاستماع لمطالب الثوار المشروعة وهو يضع جماعياً أو أشخاص سقف محدد أو فترة زمنية لم يفصح عنها سيكون الاقتراب منها أو محاولة تجاوزها محفوف بالمخاطر وسوف لن يتردد مطلقا عند الاقتراب منها أو المساس بها تحت أي الأسباب والذرائع حتى لو أدى ذللك إلى القيام بعملية عسكرية قيصرية وهي الانقلاب العسكري وسحق من يحاول التجاوز لوضح حد لمطالب الثوار وسيضطر لنحر الثورة والثوار إن اقتربت من تلك المنطقة المحرمة وسيبدأ ذلك بتصفيات وظيفية و مواقعية في صفوف قيادة المجلس والتي ستعني تركز الصلاحيات والمسئوليات برجل الجيش القوي رئيس الأركان وسيكون أو هو الحاصل الآن أن السيد حسين الطنطاوي هو نسخه أخرى من المشير محمد نجيب بعد عام1953وسيتم عزله وهو الراغب بذلك عن طريق إحالته على التقاعد لتجاوزه السن القانونية.

المشير طنطاوي اليوم رجل في مكان مضطر عليه ولا يملك أن يفعل شيء وأكثر ما يتمناه ان يحال على التقاعد مع الامتيازات التي يمتلكها والممتلكات أو ما حصل عليه من مبارك خلال فترة خدمته إليه وان لا يطاله موضوع الكسب أو الفساد وهو لم يرد اسمه لحد اليوم في أي قضية لكننا نعرف انه لو أراد أن يتصرف بعيداً عما يؤمر به ستثار عليه الكثير من الأمور سواء كانت حقيقية أو مفتعلة.

أما ما يراد من المجلس العسكري فهو الكثير وأول شيء هو وقوفه مع معاهدة السلام مع إسرائيل التي يرفضها الأغلب الأعم من الشعب المصري وكذلك تنظيم إمدادات الغاز لإسرائيل الذي ترفضه الثورة والثوار وعامة الشعب المصري معتقدين انه من أسباب الفقر الذي يعيشون وهنا نضطر لوضع علامة استفهام وتعجب لأنه لن تكون إدارة هذا الموضوع بأحسن مما كان في لأن قطع إمدادات الغاز عن إسرائيل وبشروطها يعني حالة الحرب وهذا ما يخشاه المجلس العسكري... وثالث المطلوبات من المجلس هو محاصرة غزه ومنع تهريب السلاح وهو أي المجلس يعرف وإسرائيل تعرف أنه تم خلال الثلاثة اشهر الماضية ما لم يتم خلال كل العقد الماضي كماً ونوعاً حيث نقلت معدات وأسلحة وتجهيزات وذخائر إلى الثورة الفلسطينية في غزة بعد نهب المستودعات المصرية والليبية التي ستتكشف أرقامها وكمياتها بعد تحسن الأوضاع أو عندما يراد ان يكشف عنها

ان المجلس العسكري يعلم علم اليقين أنه لا يسيطر على كل الحدود المصرية سواء مع ليبيا أو غزة أو السودان أو اسرائيل وهو يعرف ويتصور حجم الخطر الذي يتربص بمصر الآن و للمستقبل لكنه مكبل ويوازن بين الأهم وهو حماية النسيج الاجتماعي المصري وحماية الداخل المصري لأن التشرذم سياسياً أو طائفياً سيلغي مصر وسيثير التناحر وانعدام الأمن الذي يجعل المتربصين بمصر ينفذون أهدافهم بمحاربتها مائياً واقتصادياً وترابيا (وحدة التراب)ونحن نعرف ان مبارك ونظامه أكثرَ من صناعة الأعداء في سبيل إرضاء الكبار نزولاً عند رغبة أو بتشجيع زوجته أو ابنه جمال وتأييد الزمرة العفنة التي أوجدها حوله في الحكومة والحزب والبرلمان والمخابرات وعمر سليمان المجرم الأول في مصر أو المتستر الأول عن كل الفساد المالي والسياسي والإداري لأنه كان يمتلك كل المعلومات بخصوص ذلك بحكم موقعه الوظيفي ومشاركاته الطرزانية فيما يخصه و ما لا يخصه.. فهو مسئول عن العلاقة مع السودان وانفصال جنوبه وهو المسئول عن العلاقة مع اسرائيل وهو المسئول عن الانشقاق الفلسطيني بصفته الماسك بالملف الفلسطيني وهو المسئول عن كل الاضطهاد السياسي الداخلي وهو المسئول عن الملف اللبناني والعراقي وهو الحاكم الفعلي لمصر.

يريد المجلس العسكري ان يسلم السلطة السياسية التي تلهيه عن واجباته إلى من يتم انتخابه لكنه سيبقي على انتباهه الى ما يجري لأنه سيبقى حافظ التوازن بالحدود التي سيحددها رئيس الأركان وعندما تشكل حكومة جديدة بعد الانتخابات سيختفي المشير طنطاوي بصفته وزير للدفاع ويبقى رئيس الأركان الرجل القوي اليوم وللمستقبل والذي يتمتع بصلاحيات فائقة لم يقم بممارستها لحد الآن لأنه يحتفظ بها للقادمات المرعبات.

في تلك الفترة أي بعد الانتخابات التي ستأتي برئيس (خردة) من سيكون سواء البرادعي أو عمرو موسى أو من الإخوان لأنه سيأتي وهو مكبل بمطالب الشارع التي ستتحول من السياسي السهل إلى الاقتصادي الحياتي المرعب ليكتشف أن مصر من أفقر الدول وان كل المساعدات أو الاستثمارات مرهونة بشروط لا يرتضيها الشعب . وستتفاقم البطالة وبالذات بعد عودة العمال المصريين من ليبيا ومن الخليج والعائدين الآخرين من أماكن أخرى مع تحديد أو تناقص فرص الهروب أو اللجوء إلى أوربا وأمريكا لأن الحكم الذي سيكون ناتج عن ممارسة ديمقراطية وليس هناك اضطهاد ديني وستتوجس دول الخليج من العمالة المصرية بعد دروس ليبيا.
وسيصطدم الشارع المصري بعدم تنفيذ وعود دول الخليج في المساعدات الاقتصادية التي سترفقها بشروط قاسية بعد ان تخلصوا من تأثير مبارك ووزن مصر الدولي والإقليمي بعد تحولها إلى اهتماماتها الداخلية

سيعاني الوضع السياسي المصري من شعب امتلك حريته وهو أو الكثير منه لا يقدرون قيمة ذلك تحت ضغط الحاجة لأن التصفيق والهتاف والتزمير كان ينصب على رؤوس الفساد التي علقت عليها أسباب الفقر والحاجة حتى إن الأعلام الغربي اعلن ان ثروة مبارك بحدود ثمانين مليار دولار وديون مصر تقارب ذلك وظهرت هتافات وشعارات تقول ان ثروة مبارك تسد ديون مصر...وسيفاجئ الشعب المصري ان تلك الأرقام خيالية وهي غير معقولة لأن ثروة أكبر سارق لأموال شعبه هو ملك اغني دولة عربية هو ملك السعودية لا تصل إلى تلك الأرقام وحسب المعلومات فأن ما اشيع عن دكتاتور الفلبين ماركوس وزوجته لم يحصل منها الشعب الفلبيني حتى اليوم على دولار واحد كلها سرقت من قبل تلك الدول التي تلاعبت بها بعد غياب من كانت مسجله باسمة أو تخوفهم من المطالبة بها

شعب امتلك حريته وأسقط الخوف الذي سيتحول عند الكثيرين الى استهتار بالقانون والنظام سوف لن تتمكن من لجم تحركاته سلطة قادمة وهو المغيب عن حقائق ما تعانيه مصر من تهديدات اقتصادية وعسكرية وسياسية وتم إلصاق كل مشاكل مصر بنظام مبارك

ستتحول المطالب السياسية إلى مطالب حياتية وسوف يتم نبذ كل من يطالب بمطالب سياسية أمام تراكم الحاجات الحياتية لشعب جائع بكل المقاييس
شعب من أكثر من ثمانين مليون إنسان يعيشون في دولة مواردها لا تزيد عن عشرة مليارات دولار في العام من قناة السويس بين 3الى 4مليار والسياحة بنفس القدر ومن تحويلات المصريين في الخارج بنفس المقدار تقريباً
شعب يعيش على شريط محدود من الأراضي الصالحة للزراعة تنهش فيه الأمية والتخلف الديني...شعب يعاني من الأمراض التي لا تكفي كل موارد مصر لتنظيم تأمين صحي له...مثل هكذا شعب يحمل كل ذلك الإرث الإنساني الذي تم سحبه للخلف خارج منظومة التطور سوف لن تكون تحركاته اقل مما فعله وقام به وسوف لن يرضى على اي حكومة قادمة إذا لم يشعر بنتائج حياتيه ملموسة وسريعة لأن الجوع لا ينتظر والمرض لا يمهل.

لذلك ستتساقط الحكومات بأسرع مما كانت تتساقط فيه الحكومات الإيطالية في القرن الماضي وسينتقل الوضع من انتخابات الى أخرى وبفترات زمنية قياسية لأن الشارع موجود وتعود عليه الشعب واستسهل ما يرافق ذلك من فوضى وتحدي وأعمال مخلة بالأمن من تدمير ونهب
هذا سيؤدي إلى عدم استقرار سياسي وانفلات امني في منطقة حساسة ومهمة وخطيرة ومؤثرة في ما حولها عندها سيضطر العسكر لوضع حد لذلك وبالذات لو كانت التحولات أو مجريات الأحداث تتحرك باتجاه مناهض لما يسمى السلم العالمي واستقرار المنطقة ومعاهدة السلام مع إسرائيل..وفي لحظة توقعوا سماع البيان رقم واحد صادر عن مجلس قيادة الثورة.

المصدر: عبد الرضا حمد جاسم/ الحوار المتمدن- العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11
  • Currently 130/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
41 تصويتات / 722 مشاهدة

ساحة النقاش

maherer

تحياتي لكاتب المقال وعمل الحوار وبين ما كان وما يمكن سيكون وهنا امرين امر ماكان وهو معروف لدي تقريبا لعدد مائه مليون شخص علي الاقل وما هو سسيكون فهو تخيل الاشخاص والمواقع عليمزاجه الشحصي ونسي ان المجلس العسكري مكون من عدد كبير لابأس به من انه كافي لأن يحل في قراراته مكان مجلس الشعب ورئيس الجمهوريه وتقريبا انت لم تتجند في القوات المسلحه لانك لاتعرف عنها الا القليل ولن احكي لك ماهي القوات المسلحه ولكن اسأل من قضي بها علي الاقل فتره تجنيد او اي ضابط بها فهيه م}سسه لاتعرف الا الجديه والحزم ومعروف عنها في كل بلاد العالم وهم خير جند الارض
ارجو ان تتقل الرأى الآخر
ماهر الرشيدي

WafaaFarag
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

458,802