كتابة نورهان أحمد
"لماذا نصوم شهر رمضان؟".. مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، كثيرًا ما يبدأ الأطفال في توجيه مثل هذه الأسئلة لوالديهم، حيث تبدأ العائلات في التحضير للشهر الكريم سواء بتزيين المنزل أو بإحضار قائمة التسوق الرمضانية، مما يثير فضول الأطفال حول هذا الشهر ويشجعهم على طرح بعض التساؤلات حول الصيام وغيره من الفروض الدينية.
قد يتعثر بعض الأهالي في إيجاد الإجابة المناسبة على تساؤلات أطفالهم خاصًة عندما يتعلق الأمر بأمور هامة مثل الأمور الدينية ، لذا في هذا المقال سننشر لكم أهم الطرق والأفكار المناسبة للتحدث عن شهر رمضان مع الأطفال، بالإضافة إلى بعض الأنشطة التعليمية المبتكرة لتشجيع الأطفال على الصوم وتعريفهم بأهم الطاعات المحببة في شهر رمضان بطرق تناسب أعمارهم الصغيرة.
طريقة احتواء فضول الطفل وتساؤلاته حول رمضان
لابد أن نراعي كآباء أن أسئلة الطفل وفضوله هي دليل على تطور إدراكه ونموه بشكل صحي، حيث تشير الدراسات أن الطفل في مراحله العمرية الأولى يصبح أكثر فضولًا واستعدادًا للتعلم خاصًة حول الأشياء التي قد تكون غير مبررة بالنسبة له. فمثلًا الامتناع عن الطعام والشراب قد يبدو أمرًا غير مفهومًا بالنسبة للطفل. لذا يجب احتواء الطفل والتحدث معه بإيجابية حول الأمر، فإذا سأل الطفل عن الصوم يمكن أن تجيبه بأن الصيام يساعدنا أن نصبح أشخاصًا أفضل، كما أن له فوائد عديدة. دون الدخول في تفاصيل شرح التقويم القمري أو ذكر عدد ساعات الصيام بالضبط إذا كان عمر الطفل لا يسمح بالصيام بعد، فقط اكتفِ بقول أننا نصوم عن الطعام حتى غروب الشمس. ويمكنك أيضًا التحدث عن الصيام كعبادة هدفها الامتناع عن المفطرات جميعًا، ليس فقط الطعام والشراب، بل أيضًا الامتناع عن كل ما هو محرم مثل الكذب، الأذى، الخصام، وغيرهم. إضافًة إلى ذلك يمكن التحدث مع الطفل عن العبادات الأخرى التي يجب أن نلتزم بها في رمضان والتي يستطيع الطفل مشاركتنا في تنفيذها حتى لو لن يستطيع الصوم.
اختر العبادات التي يمكن مشاركتها مع الطفل في رمضان
إذا كان الطفل قادرًا على الصيام فيمكن البدء بتعويده على الصيام تدريجيًا وتهيئته نفسيًا لاستقبال رمضان إلى أن يبلغ السن الذي يصبح الصيام فيه واجبًا. أما إذا كان الطفل لا يستطيع الصوم لصغر سنه، فيمكن تشجيعه على فهم شهر رمضان بشكل أفضل من خلال التحدث عن العبادات الأخرى التي يجب أن يلتزم بها المسلم إلى جانب الصوم مثل التطوع، الكرم والعطاء، الصدق، مساعدة الآخرين، بث الفرحة في قلوب المسلمين، والابتعاد عن الشجار أو الخصام.
يمكنك أن تقوم بالتركيز على بعض العبادات وتغتنم هذا الشهر الكريم في مساعدتك لغرسها في طفلك.
كيف أغرس في طفلي حب الصيام والعبادات في رمضان بطرق تناسب عمره؟
يمكن استخدام أنشطة توينكل التعليمية من هنا في التحدث عن هذه العبادات بشكل مبسط يناسب عمر للطفل بدلًا من التلقين المباشر للمعلومات، كما يمكن مساعدة الطفل في كتابة أهدافه لرمضان هذا العام وتشجيعه على تنفيذها سويًا. فيما يلي سنعرض لكم أهم هذه الأنشطة المستخدمة لتوعية الأطفال حول عبادات رمضان المختلفة:
النشاط الأول: نشاط لتشجيع الطفل على صيام رمضان
يمكنك البدء بتعويد طفلك على الصيام من سن 7 سنوات، حتى يكون لديه فرصة كافية للتعود على الصيام بشكل تدريجي إلى أن يبلغ السن الذي يصبح الصيام فيه واجبًا. يمكن البدء بالسماح للطفل بالصيام حتى الظهر، ويمكن أيضًا أن يتم السماح له بشرب المياه والعصائر بشكل مبدئي، حتى يتعود على فكرة الامتناع عن الأكل والشرب تمامًا بالتدريج.
من أهم الطرق المتبعة في تدريج الأمر للطفل هي استخدام الفيديوهات التعليمية المناسبة للأطفال التي تتحدث عن أهمية الصيام وتحتوي في طياتها على دروس مستفادة، حيث يستطيع الطفل الربط بينه وبين بطل القصة التي يراها، مما يضمن وصول المعلومات إليه بشكل أوضح. يمكن للآباء استخدام هذا الفيديو التعليمي للأطفال عن رمضان لتعريف الطفل بأهم مبادئ الصيام ولتهيئة الطفل نفسيًا لاستقبال هذا الشهر الكريم.
يمكن أيضًا استخدام المُفكرة أو دفتر اليوميات لتسجيل أهداف الطفل لهذا العام في رمضان وتحفيزه على ملء الدفتر بشكل يومي بما تم إنجازه خلال اليوم. فمثلًا، يمكن للطفل أن يضع نجمة أمام كل يوم قام بالصيام فيه، مع وضع هدف لزيادة مدة الصيام خمس دقائق يوميًا حتى نهاية الشهر.
النشاط الثاني: نشاط لتشجيع الطفل على التصدق بالمال
أحد الأنشطة التعليمية المتبعة بكثرة هي مشاركة الأبناء في صنع حصالات للنقود في شهر رمضان، بحيث يُطلب من الطفل أن يقسم مصروفه إلى جزئين، جزءًا منهما يذهب إلى الحصالة الخاصة به، بينما يذهب الجزء الأخر إلى الحصالة الأخرى المُخصصة للصدقة ومساعدة المحتاجين. يمكن صنع الحصالات بطريقة بسيطة من الورق المقوى يمكنكم الاستعانة بهذه الطريقة. تعمل هذه الطريقة التعليمية على تشجيع الطفل على الإلتزام والمداومة على العادات السليمة وتمرنه على الاستمرار في عمل شئ ما من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من هذا العمل، حيث يقوم الطفل بحفظ المال يوميًا طوال الشهر حتي يقوم بالتبرع به في العشر الأواخر من رمضان. فيصبح هذا التصرف عادة ملازمة له طوال الشهر مما يشجع الطفل على أن يصبح معطاءًا ومحبًا لمساعدة غيره.
النشاط الثالث: مشاركة الطفل عملية تتزيين المنزل لاستقبال رمضان
إذا كنت أبًا لطفل دون الخامسة فبالتأكيد أنك ستحب هذا النشاط، حيث أنه من الصعب الحفاظ على تركيز الطفل الصغير لمدة طويلة، لذا تعد الأنشطة الفنية هي الحل المثالي لهذا الأمر، فبدلًا من تلقين الطفل معلومات عن رمضان أو العبادات بشكل مباشر، يمكن استخدام نشاط فني يتطلب تلوين وقص ولصق من الطفل أثناء الحديث معه عن شهر رمضان.
على سبيل المثال، تعتبر عملية التزيين من الأنشطة التي يحبها الأطفال بشدة، فهي من أحب الأعمال لقلوبهم، لذا يمكن استغلال هذه الطاقة لديهم في صنع فانوس رمضان بسيط من الورق أثناء التحدث معهم عن الشهر الكريم. حيث أن لهذه الأنشطة أهمية كبيرة في ربط هذا الحدث الجليل بعموم الفرحة والخير والتفاؤل في أذهانهم. كما يمكن أيضًا قص أوراق الأنشطة لصنع زينة رمضان وتعليقها معًا في المنزل.
النشاط الرابع: قراءة القصص التي تحتوي على دروس أخلاقية مهمة
إذا كان طفلك يستطيع القراءة، يمكن أن تشاركه قراءة القصص التي تتحدث عن رمضان أو التي تحتوي على دروس أخلاقية حميدة، مثل تلك التي تتحدث عن فضل العطاء والمساعدة، أو قصص عن التحلي بالصدق المتوفرة من هنا، بالإضافة إلى امكانية استخدام الكتب المُسجلة صوتيًا لخلق المزيد من التفاعل للأطفال الأصغر سنًا الذين لا يستطيعون القراءة بأنفسهم. من أهم مميزات القراءة أنها تعمل على إيصال المعلومة للطفل بشكل غير مباشر وتدفع الطفل إلى استيعاب الموضوع وترسيخه بداخله، والتعامل معه في إطار قصصي مسلٍ.
رمضان فرصة للمشاركة
إضافة لما سبق، يمكن أيضًا للآباء اتاحة الفرصة لأبنائهم لتعلم قيمة المشاركة والتعاون عن طريق السماح لهم بالمشاركة في اعداد الطعام وتحضير الطاولة، نظرًا لأن هذه الأمور لها قيمة كبيرة ومكانة خاصة في قلوب الصغار، حيث يشجعهم هذا الأمرعلى حب شهر رمضان وترسيخ حب الصوم بداخلهم.
وختامًا، رمضان فرصة عظيمة للطفل لتعلم الطاعات والفروض، وحفظ أسس الوضوء والصلاه والمشاركة بهما، وتعويده على الصوم حتى لو لن يستطع الصوم يومًا كاملًا. فلم لا نغتنم هذه الفرصة ونشجع أطفالنا منذ سن صغيرة على تعلم أسس دينهم؟