إن المدرسة تعتبر البيئة الثانية التي يواصل الطالب فيها نموه ويتم إعداده خلال مراحل تعليمه للحياة المستقبلية، لأن هذا الإنسان سوف يواجه مشكلات لا وجود لها الآن، لذلك نحن في أمس الحاجة إلى حدوث ثورة في النظام التعليمي في وطننا العربي، لإعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل يملك إستقلالية الفكر والرأي يتسلح بالفكر الإبداعي والمعرفة الصحيحة التي ُنمي روح المبادأة والإبداع.
وينبغي أن يتحول التعليم من مجرد الحفظ والتلقين إلى نوع جديد وهو التعليم الإيجابي الذي يُشارك فيه الطالب من خلاله في عملية التعليم ولتحقيق ذلك يجب أن يكون المناخ التعليمي مناخ ديمقراطي يهدف إلى تعود الطالب على أعمال الفهم والتحليل والنقاش الحر وإبداء الرأي بشجاعة وتقبل آراء الآخرين وكيفية التعامل مع المختلفين معهم في الرأي والاعتقاد بسماحة وقبول الرأي الآخر، والتعود على الإخلاص في العمل والسعي على تجاوز المصلحة الخاصة وتفضيل المصلحة العامة .
تنطلق أهمية دور المعلم في العناية بالموهوبين على إعتبار أنه الركيزة الأساسية في العملية التعليمية في تحقيق الأهداف التعليمية، ولاسيما أن على عاتقه مسئولية عظيمة في تربية النشء، وتوجيههم التوجيه الإسلامي الصحيح ، والعمل الجاد على تنمية مواهبهم وكشف استعداداتهم، والاستفادة من جوانب تميزهم، ولا يمكن أن تتحقق هذه المسؤوليات دون توافر المدرس المبدع الذي يدرك أهمية الإبداع، ويحرص على تنمية التفكير الإبداعي عند الطلاب الموهوبين.
******
ولعل من أبرز مسؤوليات المدرسة للتعرف على الموهوبين واكتشافهم باعتبارهم أهم مصادر الثروة والقوة في مجتمعنا ومن ثم وجب علينا حمايتهم وتقديم ألوان الرعاية التربوية المتكاملة لهم ويتم ذلك في المدرسة من خلال الآتي:
- استخدام أدوات وطرق أساليب علمية في الكشف عن الموهوبين.
- إعداد المعلمين وتطوير المناهج التي تحقق إشباع حاجات الموهوبين مع تدريب المدرسين على الأساليب المختلفة للكشف عن الموهوبين والطرق التربوية السليمة للتعامل معهم.
- إتاحة الفرصة أمام المبدعين وتشجيعهم على الإنتاج الإبداعي ووضع الاستراتيجيات والبرامج التي تساعد على رعايتهم وتوفير البيئة التي تثري هذه الموهبة مع تشكيل فريق عمل من الخبراء والباحثين للعمل على اكتشاف هذه المواهب لتبدأ الرعاية والصقل والدعم الأدبي والمادي.
- إقامة الندوات واللقاءات المفتوحة للتلاميذ مع العلماء والمفكرين بهدف توسيع دائرة المعرفة لديهم.
- الاستفادة من أنظمة التعليم للدول المتقدمة، في رعاية المبدعين مثل التجربة اليابانية والأمريكية والتي تطبق أساليب مختلفة في رعاية المتفوقين.
- ضرورة توفير المناخ القادر على إظهار الطلاب المُبدعين مع ضرورة إدراج الأنشطة المختلفة الخاصة بتنمية التفكير الإبداعي، ويفضل أن تنطبق عليهم المقاييس المطبقة بواسطة المؤسسة القومية للمنح الدراسية في أمريكا.
- تنمية روح الفريق بين الطلاب وتوضيح أهمية العمل الجماعي في كافة المجالات خاصة في مجالات الإبداع الفكري والعلمي لأن العمل الجماعي ينمي ويشجع الإبداع نظراً لتبادل الأفكار والتجارب في ظل مناخ نفسي مناسب بين الأفراد يفتح قدراتهم الإبداعية ويؤكد ذلك.
- ضرورة تطوير مناهج التعليم والمقررات من الحشو الزائد التي تتسم بها وأن تتواءم المقررات في جميع المراحل للمراجعة المستمرة لحذف كل ما جاء بها من تكرار، والعمل على تنمية الفكر في جميع مراحل التعليم وذلك بتدريس مادتين وهما (المهارات الحياتية، وإدارة المعارف) وهي مواد جديدة أدخلتها الدول المتقدمة ضمن مناهجها.
- ضرورة إدراج الأنشطة المختلفة بتنمية القدرات الإبداعية لدى التلاميذ أثناء اليوم الدراسي الكامل ولعل الأنشطة الثقافية مثل مكتبة المدرسة والصحافة والإذاعة المدرسية والمسابقات والبحوث الثقافية، وعقد ندوات مع العلماء المبدعين.
- محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية لأنها تحد وتعيق الإبداع الفكري لدى الطلاب لأنها تدريهم على فن الإجابة للحصول على أعلى الدرجات أي تعلمهن أنماط الأسئلة والإجابة وبالتالي سيتوقف العقل على التفكير في إيجاد حلول أخرى.
- تطوير أساليب التقويم والامتحانات، ويكون من الأفضل لو تخلينا عن تلك الأساليب التي تختبر قدرة الطالب على الحفظ ويتم استبدالها بأسئلة تستثير التفكير والقدرات النقدية وأداءه الإبداعي أي تساعده على التحول من ثقافة الذاكرة إلى ثقافة الإبداع.
كما أن على أولياء الأمور أن يعرفوا أن واجبهم ومسؤوليتهم تجاه أبنائهم لا تتوقف عند دور الرعاية بما تشمله من العناية الجسدية، والدور التربوي الذي يعني بالناحية الأخلاقية والفكرية، وإنما عليهم أيضاً استغلال علاقة الحب والود الموجودة بينهم وبين أبنائهم في تلقينهم المعلومة لأن هذا من شأنه أن يجعل الطفل يتقبل منهم ما يعلمونه بسرعة ويستوعبه بحب.
الدكتور / رمضان حسين الشيخ
خبير التطوير التنظيمي والموارد البشرية
ساحة النقاش