ثورة الميكروبيوتا .. هل تجعلنا نعيد النظر في فهم وعلاج الأمراض؟؟!!

<!--<!--<!--

الحل الميكروبيومي: الطريقة الراديكالية الحديثة في علاج أجسامنا من الداخل إلى الخارج

نحن نقبل على الطعام .. بشهية الميكروبيوتا!!!

التوتر العصبي .. يسبب إجهادا للميكروبيوتا!!

<!--<!--<!--

من الحكم والأقوال المأثورة لدى العرب أن "المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء" وهذا يجعلنا نفكر مليا في ممارساتنا الغذائية، حيث أنها تؤثر إلى حد كبير في تغير بنية أجسامنا ككل. وفي أمعائنا لا توجدأنواع كثيرة من الكائنات الحية فحسب .. بل أن أعدادها تتجاوز أعداد خلايانا بالتريليونات، كما أن يبلغ وزنها حوالي 2 كجم. وقد أطلق عليها تسمية الـ"ميكروبيوتا" وعرفت بأنها المجتمع البيئي للكائنات الحية الدقيقة المتعايشة والمتكافلة وربما المتسببة في الأمراض التي تشترك في مساحة أجسامنا، كما أنه أطلق عليها أيضا" البصمة الجينية الثانية" جاء ذلك من كون كل فرد منا يتمتع بتنوع حيوي من الكائنات الدقيقة داخل جهازه الهضمي وعلى سطح الجسم تكون خاصة بكل فرد بحيث أن تنوع هذه الكائنات وفرادتها في جسم كل شخص تميز بين إنسان وآخر. ولهذه الكائنات أهمية خاصة في الصحة والمرض وتتواجد بشكل منسجم مع المضيف (الجسم) إلا في حالات المرض، وقد أظهرت العديد من الدراسات الحديثة اختلالا في توازن الكائنات الحية في أجسام المرضى في حالات عدة ابتداء من البدانة أو السمنة وصولا إلى السرطان، مما جعلها تشغل اهتمام الأوساط الطبية بشكل كبير في الآونة الأخيرة حتى أن ذهب البعض إلى إرجاع شهيتنا وأقبالنا على تناول أنواع معينة من الطعام إلى شهية هذه الكائنات واحتياجها وليس شهيتنا؟؟!!

تقوم الميكروبيوتا بعدة وظائف منها زيادة مناعة الجهاز الهضمي وهضم الكربوهيدرات المعقدة مثل المعجنات والتمثيل الغذائي والتخلص من بقايا الأدوية. هذه الكائنات الدقيقة تتكون فى أول عامين من عمر الإنسان، وتتأثر بطريقة الولادة والرضاعة وتناول الأدوية فى المراحل المبكرة من العمر، ووجد أن الولادة القيصرية والرضاعة الصناعية يؤثران بالسلب على هذه الكائنات الدقيقة. ولقد بدأ العمل في مشروع الميكروبيوم البشري العالمي عام 2007 والذي امتد على مدارخمس سنوات من أجل التعرف على المجتمعات الميكروبية في جسم الإنسان وعلاقتها بالصحة والمرض، ولقد ساعدت التقنيات الحديثة الخاصة بالمادة الوراثية على تقدم هذا المشروع. الجدير بالذكر أن مصطلح الميكروبيوم البشري يشير إلى التركيب الجيني للكائنات الحية الدقيقة البشرية إلا أن كلا المصطلحين "الميكروبيوتا والميكروبيوم" يستخدمان أحيانا بالتبادل.

توصلت الأبحاث مؤخرا إلى وجود علاقة بين التوازن البكتيري والبدانة حيث وجد أن أمعاء الأشخاص البدناء تحتوي على نسبة كبيرة من ثلاثة أنواع من الكائنات الدقيقة وهي فيرميكيوتس وبريفوتيلا والكائنات المنتجة للميثان وذلك مقارنة بالأشخاص ذوي الأوزان العادية أو الذين خضعوا لعملية تغيير مجرى المعدة ، حيث فسر العلماء أن هذه الكائنات الدقيقة هي أكثر فعالية في عملية استخلاص الكربوهيدرات من المواد الغذائية ليتم تخزينها لاحقا في الجسم على شكل دهون. كما وجد أن زيادة نسبة الـفيرميكيوتس مقارنة بنوع آخر من البكتيريا تسمى باكتيرويدز يزيد نسب البدانة ومرض السكري من النوع الثاني مما جعل الأبحاث توصي بزيادة نسب الأخيرة على حساب الأولى، يؤكد ذلك أن زرع البكتيريا من أمعاء أشخاص بدناء في فئران التجارب جعلها تصاب بالبدانة.

أثبت الباحثون أيضا علاقة أخرى بين ميكروبيوتا الأمعاء وضغط الدم المرتفع، مما يدعم دور محتمل للبروبيوتيك (الكائنات الدقيقة المفيدة الموجودة في الأمعاء) بعدما خلصت الدراسات إلى أن استكمال النظام الغذائي مع البروبيوتيك يمكن أن يكون له تأثيرات متواضعة على ضغط الدم.

لذا فأنه يرى العديد من العلماء أن الحل الميكروبيومي قد يكون الطريقة الراديكالية الحديثة في علاج أجسامنا من الداخل إلى الخارج بعدما أثبت أن عدم التوازن في الميكروبيوم يكون مرتبطا بالعديد من المشاكل الصحية بما في ذلك أنواع معينة من السرطان، أمراض المناعة الذاتية مثل اضطرابات الغدة الدرقية، ومرض التصلب المتعدد ومرض السكري فضلا عن اضطرابات الجهاز الهضمي مثل مرض كرون ومرض القولون العصبي ، كما وجدت الأبحاث تغيرا في ميكروبيوم الأطفال المصابين بالتوحد.

ومما لاشك فيه الآن أن التنظيف الفائق لبيئتنا من منظفات ومعقمات، ولا سيما استعمال المضادات الحيوية والتي تساهم وحدها بقتل حوالي ثلث الكائنات الحية الموجودة داخلنا، كما أن أدوية أخرى مثل المنشطات والهرمونات ومضادات الحموضة والأدوية المضادة للالتهاب ومسكنات الآلام يمكن أن تلحق الضرر بالـميكروبيوم مما قد يؤدي إلى تلف بطانة الأمعاء وأجهزة الجسم الأخرى، وتشمل أعراض هذا الخلل أو عدم التوازن في الميكروبيوم: النفخة، وعدم تحمل الطعام، والطفح الجلدي، الضباب الدماغي ومقاومة إنقاص الوزن.

لذا فأنه يوصى في مثل هذه الحالات بالنقاط التالية:

1. استبدال النظام الغذائي السريع بنظام يحتوي على البروبيوتك والبريبيوتك وهناك العديد من المكملات الغذائية تحتوي على حبوب البكتيريا المفيدة، كما أن تناول العديد من الأطعمة الطبيعية مثل منتجات الحليب المخمرة كلبن الزبادى والثوم والكراث والبصل والشوفان والبقوليات والخرشوف، وكذلك الأطعمة المخمرة مثل المخللات يساهم في إعادة التوازن في الميكروبيوم.
2. يشكل ازدياد استعمال الصابون المضاد للميكروبات والمطهرات مشكلة كبيرة لأنها تقتل البكتيريا الجيدة وكذلك السيئة.

3. إن الملوثات البيئية سامة للبكتيريا الجيدة تماما كما هي سامة بالنسبة لنا.

4. إن التوتر العصبي يسبب إجهادا للبكتيريا وقد يبدو هذا الأمر غريبا للوهلة الأولى .. فكيف يشكل الإجهاد والتوتر العصبي الذي نعاني منه تأثيرا على البكتيريا؟ إن الإجهاد يتسبب في إفراز هرمونات الإجهاد من الغدة الكظرية مثل الكورتيزول والأدرينالين، وهرمونات التوتر والاجهاد هذه تعمل على الدماغ، وتحفز العصب المبهم، هذا العصب هو صلة الاتصال بين الدماغ والأمعاء، وهو العصب المشترك بجميع حالات التوتر، مما يجعل التوتر يعمل على تقليل تدفق كمية الدم اللازمة لعملية هضم الأطعمة واحداث توازن الميكروبيوتا إلا أن هذا التوازن بين الدماغ والأمعاء هو طريق ذو اتجاهين، فكما يضر التوتر بعملية الهضم، يؤدي سوء الهضم إلى الشعور بتوتر أكبر، وعندما تحدث هذه الحلقة المفرغة تقل كمية البكتيريا الجيدة "باكتيرويدز،" فتحدث زيادة أسرع في الوزن.

أخيرا علينا أن نعلم أن الطعام نصفه يقيت ونصفه يميت،،،
ادام الله عليكم الصحة والعافية
د/ منال محمد االسيد

المصدر: د/ منال محمد االسيد