ما حصل في العراق ومصر من تفجير للكنائس واحتجاز للرهائن من الإخوة المسيحيين أمر مؤسف.
مثل هذه الأحداث لم تكن لتحصل قبل عقدين من الزمن.
مسيحيو العراق جزء من نسيجه الاجتماعي، وكذلك الأقباط في مصر.
فالأقطار العربية ليست حكراً على المسلمين، بل هناك مسيحيون ويهود وصابئة ويزيديون وغيرهم شاركونا التاريخ والجغرافيا و أسهموا في حركات التحرر العربية.
أعطوا خيرة شبابهم في حروبنا (الفاشلة) مع الصهاينة.
نشروا التعليم والمطابع ودور النشر وأسسوا الصحف.

هل بين المثقفين العرب من جادل الغرب المسيحي حول الإسلام أكثر من إدوارد سعيد؟  وهو مسيحيي من القدس.
هل ينكر أحدكم الدور الذي قام به الفنان مارسيل خليفة في مساندة الشعب الفلسطيني والمقاومة اللبنانية؟

الأسئلة أكثر من ذلك، لكن السؤال الأهم هو:
من المستفيد من تهجير وقتل المسيحيين في العراق ومصر؟

في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، كنا نلتقي في مطعم في إحدى زوايا شارع السعدون في بغداد وكان صاحب المطعم يكنى بـ«أبي علي»، وكنا لا نعرف له اسماً غير ذلك. 
في أحد أيام شهر نيسان (أبريل)، ذهبت وبعض الأصدقاء في رحلة صيد إلى محافظة ديالى وفي طريق عودتنا، بعدما قضينا، اصطاد أحد الأصدقاء خنزيراً، واتفقنا على أن نرميه، وعندما عدت إلى بغداد، رويت لأبي علي رحلتنا، ولما وصلت إلى قصة اصطياد الخنزير، بادرني أبو علي بالسؤال: أين هو؟
فقلت له: رميناه. 
فرد عليّ بلهجته البغدادية: حرامات (يعني حرام عليكم). 
وعندها وبعد صداقة أكثر من أربعة أعوام، عرفت أن أبا علي مسيحي.

هكذا كنا في السابق.
كنا نبادل المسيحيين التهاني في أعيادهم ومواسمهم الدينية، قبل أن يصبح البعض منا يرسل إليهم السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة.

أذكر أنني سكنت عند عائلة مسيحية ملتزمة، ولما حل شهر رمضان، امتنعوا عن الطبخ نهاراً  ولما سألت رب الأسرة عن السبب ؟
قال لي: حرام.. أنت مسلم.. وجيراننا مسلمون... حرام يشمون رائحة الطبخ وهم صائمون.
هكذا كانوا يتعاملون معنا.
كانوا يشترون لأبنائهم وبناتهم ملابس جديدة لزوم عيدي الفطر والأضحى أسوة بأبناء جيرانهم من المسلمين.
كانوا يبادلوننا التهاني في الأعياد كما كنا نفعل معهم.

ما يحصل الآن ضد الأشقاء المسيحيين في الوطن العربي، مؤامرة على الوجود المسيحي أولاً وخيانة للأمة العربية ثانياً، إنها محاولة لاستدعاء الغرب المسيحي لحماية المسيحيين العرب في الوقت الذي نحن أولى فيه بحمايتهم من غيرنا، لأنهم عرب... وعرب أقحاح.

أعجبتني صورة نشرتها صحيفة  أول أمس لمجموعة من الشبان المسلمين وهم يحرسون منزل جارهم المسيحي في حي الكرادة وسط بغداد. إنها صورة نموذجية للشباب المسلم المتعايش مع الآخر، بصفته مواطناً من دون النظر إلى دينه وعرقه.
أين نحن  من أسلافنا الذين استشهدوا دفاعاً عن كنيسة للأرمن في شمال شرقي سورية إبان مذابح الأرمن؟
أين نحن  من أسلافنا الذين فتحوا بيوتهم للأرمن الناجين من المذبحة، لدرجة أن البعض منهم سجلوا الأطفال الأرمن الناجين من المذبحة في سجلاتهم المدنية، ليحموا هؤلاء الأطفال وهم اليوم مسلمون!

ما يجري ضد المسيحيين العرب جريمة لا يقرها عاقل.
تداعيات ضرب المسيحيين العرب وتهجيرهم أخطر بمرات من تداعيات 11 أيلول (سبتمبر).
إنها محاولة لشق النسيج الاجتماعي العربي وإحداث فتنة ربما تقود لتقسيم بعض الأقطار العربية.
فتهجير المسيحيين العرب وضرب أماكن عبادتهم سيكونان أخطر مما يتصوره البعض.

إنها الفتنة لعن الله من أيقظها.
عذراً أيها الأصدقاء المسيحيون ...

 

المصدر: مقالات الهدف - http://www.al-hadaf.org
  • Currently 87/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
29 تصويتات / 1011 مشاهدة

ساحة النقاش

mohmedazzam

ع فـــكـرة انا من راى انهم هما اللى ممكن يكونوا عاملوا كدة فى نفسـهم يا نسيم لانهم هما بيطلبوا بقانون الكانئس وهما فعلا هينلوا اللى طلبوا ع فـكرـررة طول عمـرنا بنظلم الناس ونقول دة عمال ودة معملـشـ ع فكـرة هى دى الحقيقه اللى كل الناسـ لزم تعرفه مشـ واحد جاة كتب ع الفيسـ بوك اول عمليه ارهابيه فى 2011 يبقى هو دة مرتكب الجـريـمه ولا انته رايك ايه مشـ احنا فعلا بنظلم الناسـ معانا

nazrat

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من السخرية أن نذكر في هذا الصدد فيلم لاسماعيل يس والفانوس السحري حين ظل ينفخ عفريت الفانوس بين الناس في حفل ثم أخذوا يتشاجرون ويتقاتلون لذا أخال أن اليد الغريبة كاليهود ومن والاهم مثل عفريت الفانوس في أيامنا هذه نجانا الله برحمته

Naseem

شكرا لك أخي الكريم على مرورك الجميل
للاسف في كل الدول العربية يوجد احتقانات إما طائفية او عنصرية عرقية
وأعداؤنا متربصون بنا و نحن نيام

النسيم العليل فى 9 يناير 2011

عدد زيارات الموقع

329,512