أبو العلا المعري ( رهين المحبسين ) في سبيل المجد .

اّلا في سبيل المجد ما أنا فاعل
= عفاف وإقدام وحزم ونائل

أعندي وقد مارست كل خفية
= يصدق واش أو يكذب سائل

تعد ذنوبي عند قوم كثيرة
= ولا ذنب لي الا العلا والفضائل

كأني إذا طلت الزمان وأهله
= رجعت وعندي للأنام طوائل

وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم
= بإخفاء شمس ضوءها متكامل

يهم الليالي بعض ما أنا مضمر
= ويثقل رضوى بعض ما أنا حامل

وإني وان كنت الاخير زمانه
= لآت بما لم تستطعه الاوائل

وأغدو ولو كان الزمان صوارم
= وأسري ولو كان الظلام جحافل

وإني جواد لم يحل لجامه
= وسيف يمان أغفلته الصياقل

فإن كان في لبس الفتى شرف له
= فما السيف إلا غمده والحمائل

ولي منطق لم يرض لي كنه منزلي
= على أنني بين السماكين نازل

لدى موطن يشتاقه كل سيد
= ويقصر عن إدركه المتناول

ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
= تجاهلت حتى ظن أني جاهل

فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص
= ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل

وكيف تنام الطير في وكناتها
= وقد نصبت للفرقدين الحبائل

ينافس يومي في أمسي تشرفا
= وتحسد أسحاري عليّ الأصائل

وطال اعترافي بالزمان وصرفه
= فلست أبالي من تغول الغوائل

اذا وصف الطائي بالبخل مادر
= وعير قسا بالفهاهة باقل

وقال السهى للشمس أنت ضئيلة
= وقال الدجى للصبح لونك حائل

وطاولت الأرض السماء سفاهة
= وفاخرت الشهب الحصى والجنادل

فيا موت زر إن الحياة ذميمة
= ويا نفس جدي ان دهرك هازل

أليس الّذي قادَ الجيادَ مُغِذّةً ،
= رَوَافِلَ في ثَوْبٍ ، من النَّقْعِ ، ذائلِ

يَكادُ يُذيبُ اللُّجْمَ تأثيرُ حِقْدِها ،
= فيمْنعُها ، من ذاكَ ، بَرْدُ المَناهل

وما وَرَدَتْها مِنْ صَدىً ، غيرَ أنّها
= تُريدُ بوِرْدِ الماء حِفْظَ المَساحِل

وعادتْ كأنّ الرُّثْمَ ، بَعْدَ وُرُودِها ،
= أُعِرْنَ احمرارَ الأفْقِ ، فوْقَ الجَحافل

ومَهما يكُن يحْسبْهُ حَثّاً على النّدى ،
= فيَغْدُو على أمْوالِه بالغَوائل

فما ناحَ قُمْريٌّ ، ولا هَبّ عاصفٌ
= من الرّيحِ ، إلاّ خالَه صَوْتَ سائِل

أطاعَكَ هذا الخَلْقُ خوْفاً وَرَغْبةً ؛
= فَوَا عَجَبا مِن تَغْلِبَ ابْنَةِ وائل

أكانَ لها ، في غير عدنانَ ، نِسْبَةٌ ،
= فتَأمُلَ أنْ تَعصيكَ دونَ القَبائل ؟

بدَوْسَرَ جاوَرْتَ الفُراتَ ، مُكَرَّماً
= كأنَّكَ نَجْمٌ في عُلوَّ المَنازِل

فزَيّنْتُماها في البلاد ، وزادَها
= أحَقُّكما بالفَضْل مِن كلّ فاضل

إذا عُدّ خَلْخالاً لها ، كنتَ تاجها ،
= ولم تَزَلِ التّيجانُ فوْقَ الخَلاخِل

لأمْرٍ أُحِلّ الزُّجُّ في عَقَبِ القَنا
= ورُفّعَتِ الخِرْصانُ فوْقَ العَوامل

تَنَازَعَ فِيكَ الشّبْهَ بَحْرٌ وديمةٌ ،
= ولسْتَ إلى ما يَزْعُمانِ بمائل

إذا قيلَ بحْرٌ ، فهْوَ مِلْحٌ مُكَدَّرٌ ؛
= وأنتَ نَميرُ الجود ، عَذْبُ الشّمائل

ولستَ بغَيْثٍ ، فوكَ للدُّرّ مَعْدِنٌ ،
= ولم نُلْفِ دُرّاً في الغُيوثِ الهوَاطل

إذا ما أخَفْتَ المَرْءَ جُنّ ، مَخافةً ،
= فأيْقَنَ أنّ الأرضَ كِفّةُ حابِل

يَرى نفْسَه ، في ظِلّ سيْفِكَ ، واقفاً ،
= وبَيْنَكُما بُعْدُ المَدى المُتطاول

يَظُنّ سَنيراً ، مِن تَفاوُتِ لَحْظِه ،
= ولُبْنَانَ ، سارَا في القَنا والقَنابل

إذا أجَأٌ وافَى يُجَدِّدُ عَهْدَهُ
= بنا ، أمْ تُراها زَوْرَةً مِن مُواسِل ؟

أتَتْنا ، من الأتْراكِ ، أعْلامُ طَيّءٍ،
= تَقُودُ من السّودانِ حَرّةَ راجِل

وجاشتْ ، من الأوْزاع ، رَملةُ عالِجٍ ،
= وما شئتَ من صُمّ الحَصى والجنادل

وهَيْهاتَ هيهاتَ ! الجِبالُ صَوامِتٌ ،
= وهذا كثِيرُ النُّطْقِ ، جَمُّ الصّواهِل

وإنْ رَكبوا الجُرْدَ العِتاقَ لغارَةٍ ،
= بَدَوْا ، في وثاقٍ ، ركْبَ نوقٍ وَجامل

فكم فارسٍ عَوّضْتَه ، مِن جَوادِه ،
= بأثْمَنَ ، إلاّ أنه غيرُ صاهِل

إذا الناسُ حَلّوْا شِعْرَهم بنشيدِهمْ ،
= فدُونَكَ مِنّي كلَّ حَسناءَ عاطِل

ومَن كان يَسْتدعي الجَمالَ بحِلْيةٍ ،
= أضَرّ به فَقْدُ البُرَى والمَراسِل

كأنّ حَرَاماً أنْ تُفارقَ صارماً ،
= يَكُونُ لِما أضْمَرْتَ أوّلَ فاعل

فمِن صارِمٍ بالكفّ ، يُحمَلُ ، كلِّها ؛
= ومِن صَارمٍ يَختَصّ بعْضَ الأنامل

فمَقْبِضُ هذا السيْفِ دونَ ذُبابهِ ؛
= ومَقْبِضُ ذاكَ السْيفِ دونَ الحمائل

فَلْتَ اللّيالي سامحَتْني بِنَاظِرٍ
= يَراكَ ، ومَن لي بالضّحى في الأصائل

فلو أنّ عَيْني مَتّعَتْها ، بنظْرةٍ ،
= إليكَ ، الأماني ، ما حَلُمْتُ بِغائل

حُسامُكَ للأعْمارِ أبْرَى من الرّدى ؛
= وعَفْوُكَ للجاني أعَزُّ المَعاقِل

المصدر: منقول
Mobily

للمزيد قم بزيارت www.kenanaonline.com/Mobily

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

210,183