محمد أحمد اخميرة

يد بيد نبني ليبيا الغد

 

قال الواقدي وهو يصف تحركات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيشه نحو حنين :

ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا فارس يحرسنا الليلة ؟ " إذ أقبل أنيس بن أبي مرثد الغنوي على فرسه , فقال : أنا ذا يا رسول الله , فقال - صلى الله عليه وسلم - " انطلق حتى تقف على جبل كذا وكذا فلا تنزلن إلا مصلياً أو قاضي حاجة , ولا تغرن من خلفك " .

قال : فبتنا حتى أضاء الفجر وحضرنا الصلاة , فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أأحسستم فارسكم الليلة ؟ " قلنا : لا والله , فأقيمت الصلاة فصلى بنا , فلما سلم رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ينظر خلال الشجر , فقال : " أبشروا جاء فارسكم " وعندئذ جاء أي الفارس وقال : يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إلا مصلياً أو قاضي حاجة حتى أصبحت , فلم أحس أحدا , قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انطلق فانزل عن فرسك , وأقبل علينا " , فقال " ما عليه أن يعمل بعد هذا عملاً "

كان من منهج النبي - صلى الله عليه وسلم – في الأداء أنه كان دائماً ما يعمد إلى التخيير وبث روح المنافسة بين فريق عمله .. " ألا فارس يحرسنا الليلة ؟ " .

كما أنه استقبل حديث " أنيس " وهو يتحدث عن دوره وإجادته في تنفيذه بنفس طيبة " قال يا رسول إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إلا مصلياً أو قاضي حاجة حتى أصبحت فلم أحس أحداً " .

فلم يتهمه النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو يعرض موقفه بنقص في إخلاصه , لاسيما وأنه يدلي بهذا الحديث أمام جمع من صحابته – رضوان الله عليهم - .

ثم يبادر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتشجيعه وتحفيزه : " ما عليه أن يعمل بعد هذا عملاً " .

وفي هذا الثناء والتشجيع والإشادة بالموقف .. ما يدعو كل مشرف أو مدير إلى استنفاذ طاقة فريقه وتفانيهم في العمل .

كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أتقن فن التحفيز والتشجيع من خلال الأوصاف المتميزة على صحابته :

فأبو بكر - رضي الله عنه - " الصديق " .

وعمر " الفاروق " الذي فرَّق الله به بين الحق والباطل .

وحمزة بن عبد المطلب " أسد الله " .

وأبو عبيدة " أمين هذه الأمة " .

وخالد بن الوليد " سيف الله المسلول " .

وزيد بن حارثة " حِبُّ رسول الله " .

ويقول لجعفر - رضي الله عنه - : " أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي " .

ولعثمان - رضي الله عنه بعد أن جهز ثلث الجيش في غزوة تبوك : " ما يضر عثمان ما فعل بعد اليوم " .

ولأبي ذر - رضي الله عنه - : " ما أظلت الخضراء , ولا أقلت الغبراء , من ذي لهجة , ولا أوفى من أبي ذر " .

ويقول مادحا أصحابه صبيحة أحد المعارك : " خير فرساننا أبو قتادة .. وخير رجالتنا سلمة " .

حتى في أحرج اللحظات بث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأمل والتشجيع في نفوس أصحابه " بل هم الكرار إن شاء الله " .

كما كان لهذا التشجيع أكبر الأثر على فعالية الأداء .. وهذا ما نلمحه من خلال هذين الموقفين:

 

الموقف الأول:

يروى أنه في فتح حصن ناعم ( أحد حصون خيبر ) أن أبا بكر أخذ راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً , ثم رجع فأخذها عمر , فقاتل قتالا أشد من القتال الأول , ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لأعطينها غداً رجلا يحب الله ورسوله .. ويحبه الله ورسوله " .

فتطاولت لها قريش ورجي كل منهم أن يكون صاحب ذلك .. فأصبحوا وجاء علي بن أبي طالب ثم أعطاه الراية ونهض بها فأتى خيبر وتمَّ على يديه فتح الحصن .

 

الموقف الثاني:

أخرج الإمام أحمد عن أنس - رضي الله عنه - : " ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس فحرضهم وقال : " والذي نفس محمد بيده , لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً , غير مدبرٍ إلا أدخله الله الجنة " .

وفي رواية " قوموا إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض " قال : يقول عمير بن الحمام – رضي الله عنه - : يا رسول الله جنةٍ عرضها السماوات والأرض ؟ ! قال " نعم " , قال : بخٍ .. بخٍ !! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : " ما يحملك على قول بخٍ .. بخٍ ؟ " .

قال " لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها , قال : فإنك من أهلها ... " .

فأخرج عمير تمرات من قرنه ( جعبة السهم ) فجعل يأكل منهن ثم قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه ، إنها لحياة طويلة ثم رمى ما كان معه من التمر وقاتلهم حتى قتل - رحمه الله - وقد ذكر ابن جرير أن عميراً قام وهو يقول :

ركضاً إلى الله بغير زاد    ***    إلا التقى وعمل المعاد

والصبر في الله على الجهاد    ***    وكل زاد عرضة النفاد

غير التقى والبر والرشاد

فالتحفيز أيها المشرف يخلق في نفوس أفراد فريقك مواصلة النجاح والبحث عن أسبابه .. وهو من الأساليب الإدارية والتربوية الناجحة في تصريف الطاقات والمواهب ..كما أنه يربي في النفس الثقة التي هي أساس أي عملٍ ناجحٍ .

فالمح أيها المشرف في أفراد فريقك مَن كانت الإيجابية والتلقائية طابعاً فيه .. وشجعه على ما يقوم به ..

وقد أثبتت الإحصاءات والدراسات الميدانية كم نحن في حاجةٍ إلى تحفيزٍ وتشجيعٍ :

* 88% يريدون أن " يعملوا ويبذلوا قصارى جهدهم في وظائفهم " .

* 55% قالوا إن لديهم " رغبةً داخلية في أن يبذلوا قصارى جهدهم بغض النظر عن العائد المادي " .

* 50% قالوا أنهم " يعملون بالقدر الذي يجنبهم الطرد من الوظيفة " .

* 75% قالوا " كان يمكن أن نصبح أكثر فعالية في وظائفنا .. وعندما سئلوا : لِمَ لَمْ يعملوا بجد أكبر ؟ قالوا " رؤساؤنا في العمل لا يعرفون كيف يجعلوننا نعمل بِجِدٍ أكبر !! " .

المصدر: المهارات الادارية في حياة الرسول أ- محمد احمد عبدالجواد
Libya-future

يد بيد لبناء ليبيا المؤسسات

  • Currently 243/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
73 تصويتات / 1340 مشاهدة

ساحة النقاش

محمد أحمد اخميرة

Libya-future
ماجستير نظم معلومات إدارية مدرب مادة إدارة المشروعات الصغيرة بالمعهد التقني الفني / لبدة البريد الالكتروني [email protected] [email protected] 00218944050540 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

36,041